مسيرة سونغ تشينغ لينغ لا تتوقف

آ باو يينغ

تصادف سنة 2013، الذكرى المئوية لميلاد السيدة سونغ تشينغ لينغ.

تولت السيد سونغ تشينغ لينغ رئاسة جمعية الإغاثة الصينية وجمعية الصليب الأحمر الصينية وجمعية الرعاية الاجتماعية الصينية لمدة طويلة، وقدمت مساهمات بارزة لأعمال الخير والإغاثة في الصين، لدرجة أن رئيس مجلس الدولة الصيني الراحل تشو آن لاي قال إن قضية الأعمال الإدارة الاجتماعية في الصين هي "قضية السيدة سونغ تشينغ لينغ". حظيت قضية السيدة سونغ تشينغ لينغ بدعم واسع من أصدقاء في دول عديدة، وتركت تأثيرا واسعا في العالم.

 دور نموذجي

ولدت سونغ تشينغ لينغ في السابع والعشرين من يناير عام 1893 في مدينة شانغهاي، لأسرة قس مسيحي، تلقت سونغ تشينغ لينغ التعليم الأمريكي منذ صغرها، وتزوجت من رائد الثورة الديمقراطية الصينية السيد صون يات صن، ودعمت قضيته الثورية بأعمال واقعية وعزيمة ثابتة.

في عام 1937، شنت اليابان حربا عدوانية شاملة ضد الصين، وفي يونيو من السنة التالية، أسست السيدة سونغ تشينغ لينغ اتحاد الدفاع عن الوطن في هونغ كونغ من أجل دعم الصين لمكافحة الغزاة ومساعدة الأطفال في أيام الحرب. بعد انتصار الصين في الحرب، تغير اسم الاتحاد إلى الصندوق الصيني للإدارة الاجتماعية، وأسست محطات خيرية وفرقا مسرحية للأطفال للقيام بالأعمال الثقافية والتعليمية والصحية للنساء والأطفال.

في أغسطس عام 1950، تغير اسم الصندوق الصيني للإدارة الاجتماعية إلى جمعية الإدارة الاجتماعية الصينية.

تقوم جمعية الرعاية الاجتماعية الصينية بأعمال نموذجية في مجال رعاية وصحة النساء والأطفال، والتعليم الثقافي للأطفال وغيرها، وتقوية الدراسة العلمية، وتعزيز التعاون والتبادل الدولي. وأسست الجمعية على التوالي مستشفى، ودار حضانة، وروضة أطفال، وقصر ثقافة للأطفال، ومسرح فني للأطفال وغيرها من المؤسسات، كما أسست مجلة "عصر الأطفال" ومجلة "بناء الصين" (الصين اليوم حاليا).

وبعد أن تبنت الصين سياسة الإصلاح والانفتاح، قامت جمعية الرعاية الاجتماعية الصينية بإنشاء مركز التلفزيون التعليمي للأطفال، وروضة سونغ تشينغ لينغ للأطفال، ومركز المعلومات والدراسة، كما أسست صندوق سونغ تشينغ لينغ في شانغهاي، وأنشأت جائزة "شجرة الكافور" لسونغ تشينغ لينغ ومنحة سونغ تشينغ لينغ الدراسية.

في السنوات الأخيرة، وسعت جمعية الرعاية الاجتماعية الصينية أعمالها، حيث تشارك في التعليم الإلزامي، فأنشأت مدرسة سونغ تشينغ لينغ للتعليم الإلزامي تحت الإدارة المحلية، وخاصة التعليم من أجل تنمية المواهب والقدرات. كما تسعى الجمعية إلى إقامة مؤسسة لرعاية المسنين ذات طبيعة دراسية في شانغهاي، بهدف المشاركة في رعاية المسنين وتوفير المزيد من الاختيارات أمامهم.

عندما تأسست جمعية الإدارة الاجتماعية الصينية، أشارت سونغ تشينغ لينغ إلى أن الجمعية ليست بديلا للحكومة، وإنما تكمل عملها وتساهم في حل قضايا لا يتسع وقت الحكومة لمعالجتها. فالجمعية تلعب دورا نموذجيا وتسد النقص في أعمال الحكومة. ومع بداية تأسيس الصين الجديدة، جاءت كثير من أفكار جمعية الرعاية الاجتماعية الصينية حول إعداد المدرسين للأطفال وتعليم الأطفال، من دول غربية، وكان رئيس روضة الأطفال التابعة للجمعية أستاذ متخصص في علم نفس الأطفال، وافد من الولايات المتحدة الأمريكية. وفي مرحلة الإصلاح والانفتاح، قام كثير من قادة أحزاب وحكومات دول أجنبية بزيارات لهيئات الجمعية الإدارة الاجتماعية الصينية، حيث كانت رقصات الأطفال تمثل طريقة نموذجية لاستقبال الضيوف الأجانب في ذلك الوقت.

من أجل الأطفال

الاعتناء بالأطفال من أهم الأعمال التي تبنتها السيدة سونغ تشينغ لينغ.

أثناء التربية في مرحلة رياض الأطفال والتعليم المدرسي، تدعو جمعية الرعاية الاجتماعية الصينية إلى الاهتمام بحاجة كل طفل، واعتبار كل طفل محورا أساسيا في عملية التربية والتعليم، لإعطاء جميع الأطفال فرص النشأة المتساوية. وفي الممارسة التعليمية الملموسة، تدعو الجمعية إلى تحقيق التعليم الممتع وتحديد خطة التعليم التي تتوافق مع حالة كل طفل. كما تشجع الجمعية كل طفل على صنع لعبته بنفسه كي يصبح صاحب اللعبة ومبدعها، وتشجع الأطفال على لعب دور في المسرح الموسيقي لتحويل الأداء المسرحي إلى عملية يستقبل من خلالها الطفل التعليم، وترتفع ثقته بنفسه ويكتشف قوته الكامنة فيها.

عدد هيئات الأطفال للسيدة سونغ تشينغ لينغ ليس كبيرا، لكنها تتمتع بمكانة خاصة في قضية التعليم والثقافة في الصين الجديدة.

في عام 1947، أسست السيدة سونغ تشينغ لينغ أول فرقة مسرحية فنية للأطفال- الفرقة المسرحية الفنية للأطفال للجمعية الإدارة الاجتماعية الصينية؛ وفي عام 1949، أسست السيدة سونغ تشينغ لينغ أول دار حضانة داخلية في شانغهاي- دار الحضانة التابعة للجمعية الإدارة الاجتماعية الصينية؛ وفي عام 1950 أسست السيدة سونغ تشينغ لينغ أول مجلة للأطفال (عصر الأطفال)؛ وفي عام 1952، أسست السيدة سونغ تشينغ لينغ مستشفى خاصا للنساء والأطفال بقيمة لـ "جائزة تعزيز السلام الدولي" التي حصلت عليها، وأطلق عليه اسم مستشفى السلام الدولي للنساء والأطفال التابع للجمعية الإدارة الاجتماعية الصينية؛ وفي عام 1953، أسست السيدة سونغ تشينغ لينغ أول قصر الأطفال في الصين الجديدة- قصر أطفال الجمعية الإدارة الاجتماعية الصينية، واختارت موقع الفرقة بنفسها.

تضطلع جمعية الرعاية الاجتماعية الصينية بتدريب المدرسية في رياض الأطفال. وتشمل هذه التدريبات ثلاثة أنواع: الأول، هو التدريب الأساسي المجاني، وتم فيه تدريب أكثر من 8700 معلم؛ النوع الثاني هو التدريب من أجل الارتقاء بالقدرات التعليمية، وتم من خلاله تدريب حوالي ألف معلم؛ أما النوع الثالث، فهو التدريب على مستوى الدولة تحت رعاية وزارة التربية والتعليم، وتم فيه تدريب 400 معلم ممتاز تم اختيارهم من أنحاء البلاد، ممّن يمكنهم العودة إلى مواطنهم والقيام بتدريب زملائهم، لكي يتشكل التأثير التدريجي ويعمم التدريب إلى كل المعلمين في الصين.

بالنسبة إلى رياض الأطفال في المناطق الفقيرة، مثل منطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم ومنطقة نينغشيا الذاتية الحكم لقومية هوي ومنطقة التبت الذاتية الحكم، يقدم المعلمون في رياض الأطفال التابعة للجمعية الإدارة الاجتماعية الصينية مساعدات بمختلف الأشكال لها، وينزلون في هذه المناطق ليعملوا في ضيف كل سنة منذ عشر السنوات الأخيرة.

مكافحة الفقر ومساعدة الضعفاء

تتعاون جمعية الرعاية الاجتماعية الصينية مع صندوق سونغ تشينغ لينغ في شانغهاي لتدبير حوالي 20 مليون يوان (الدولار أمريكي يساوي 3ر6 يوانات) سنويا لمساعدة الفقراء. عل سبيل المثال، في المناطق الغربية الفقيرة، لا تتجاوز نسبة النساء الحوامل اللاتي يلدن في المستشفيات 10%، وذلك بسبب صعوبة المواصلات، والاقتصاد المتخلف نسبيا، وأفكار وتقاليد الإنجاب التقليدية المتوارثة، مما يؤدي إلى ارتفاع نسب الوفيات أثناء الولادة. لذا، طرحت جمعية الرعاية الاجتماعية الصينية خطة "سلامة الأم والطفل" لتشجيع النساء الحوامل على الإنجاب في المستشفيات، وبناء محطات الرعاية للنساء والأطفال، وتدريب الأطباء ذوي المهارة العالية.

من أقوال سونغ تشينغ لينغ: "أينما تكن الحاجة تكن الخدمة." وفي العصر الحالي، يشهد مجتمع الصين توسعا متزايدا لمجتمع الشيخوخة وثمة حاجة ملحة لإعالتهم. لكن الخزينة الوطنية والنظام الاجتماعي والنفسية الاجتماعية، لم تستعد بشكل كافٍ لهذه الظاهرة، فقررت جمعية الرعاية الاجتماعية الصينية إنشاء دار المسنين.

لا تهدف دار المسنين للجمعية الإدارة الاجتماعية الصينية حل مسألة إعالة الشيخوخة بصورة تامة، بل تهدف إلى القيام بدور نموذجي وإظهار دورها وتأثيرها الخيري والدراسي والنموذجي. في دار المسنين يوجد مركز دراسي يعمل فيه باحثون ودارسون من جامعة فودان وجامعة شانغهاي للعلوم والهندسة وغيرهما من الجامعات.

تتمتع دار المسنين للجمعية الإدارة الاجتماعية الصينية بظروف معيشية جيدة ومستوى خدمة عال، وتتمسك بفكرة الخدمة المتمثلة في "تقديم الخدمة الأفضل للمسنين"، كل ذلك أهّلها لاكتساب شهرة واسعة منذ تأسيسها قبل أربع سنوات.

ولمواجهة الواقع الاجتماعي، ما زالت أمام دار المسنين أعمال شاقة لتعميم خبرتها إلى أنحاء البلاد، وتقديم معايير علمية أكثر دقة على أساس البحث العلمي لإعالة الشيخوخة، وتدريب دفعة من الأكفاء ذوي المهارة العالية لرعاية المسنين وإدارة قضية الشيخوخة، وتشكيل قاعدة نموذجية لهذه الرعاية. بالإضافة إلى ذلك، أقامت دار المسنين علاقات مع الاتحاد العالمي لإعالة المسنين وهيئات إعالة المسنين الأوروبية، وتشارك في التعاون الدولي لدفع تطور قضية إعالة المسنين.

 

*آ باو يينغ، نائب رئيس وأمين جمعية الرعاية الاجتماعية الصينية.