"لياونينغ" حاملة طائرات تحمي مصالح الصين الوطنية

دانغ شياو في

بعد نحو مائة سنة من اختراع أول حاملة طائرات في العالم، تدخل الصين قائمة الدول صاحبة حاملات الطائرات، بدخول حاملة الطائرات الصينية الصنع "لياونينغ"  الخدمة في سلاح البحرية بجيش التحرير الشعبي الصيني.

حاملة الطائرات الصينية الجديدة كان يتم تصنيعها لحساب الاتحاد السوفيتي السابق، ولم يتم تزويدها بأنظمة التسليح والملاحة والمحركات. تم سحب هذه الحاملة إلى ترسانة داليان حيث تم تجديدها واستكمال بنائها، قبل تسلميها لجيش التحرير في الخامس والعشرين منسبتمبر سنة 2012، لتنهي تاريخ عدم امتلاك الصين لحاملة طائرات، ولتصبح الصين عاشر دولة في العالم، وآخر دولة من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي تمتلك حاملة طائرات.

لقد قال روبرت لويس، وهو ضابط أمريكي ومتقاعد ومستشار لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) حاليا: "من المدهش أن تكون الصين من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وليس لديها حاملة طائرات."

الأهم من ذلك أن الصين تحتاج حاليا إلى حاملة طائرات تتناسب مع مكانتها الدولية في العالم واستراتيجيتها للتنمية. قال مدير مركز التحكم العسكري ومنع الانتشار النووي في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، هونغ يوان: "الصين لها مصالح ضخمة في البحر، وعدم امتلاكها حاملة طائرات أو استعدادها لتدشين حاملة طائرات، لا يتفق مع قوتها الاقتصادية ومكانتها الدولية."وقال جياو ليان جيو، الباحث في الأكاديمية العسكرية الصينية: "الصين في حاجة إلى حاملة الطائرات سواء من منظور التنمية الاستراتيجية أو من منظور بناء القوات في سبيل رفع مكانتها الدولية وتحقيق النهضة السلمية."

البحرية الأمريكية لديها إحدى عشرة حاملة طائرات تجوب بحار العالم، منها ست حاملات في المحيط الهادئ. وروسيا لديها حاملة طائرات قدرتها 5ر67 ألف طن وتتحرك حاملات الطائرات الفرنسية والبريطانية بشكل دائم في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

 وحتى في آسيا، بعض الدول المجاورة امتلكت حاملة الطائرات قبل الصين، فهند امتلكت أول حاملة طائرات في آسيا عام 1957، ولدى تايلاند حاملة طائرات هليكوبتر خفيفة. كما أن اليابان وكوريا الجنوبية لديهما سفن عسكرية قادرة على القيام بمهام حاملة الطائرات.

حاجة واقعية لحماية سيادة الصين

يبلغ طول الحدود الساحلية للصين 18 ألف كيلومتر، وتبلغ مساحة مياهها الإقليمية حوالي ثلاثة ملايين كيلومتر مربع. قال فانغ بينغ، من جامعة الدفاع الوطني الصينية: "حماية السيادة على المياه الإقليمية وضمان أمن الدولة في البحار هدف أساسي للقوات البحرية الصينية. ينبغي أن يكون لدى الصين حاملة طائرات لتحقيق هذا الهدف."

عانت الصين، قديما، من عدوان البوارج البحرية للقوى الكبرى، فخلال الفترة من حرب الأفيون عام 1840 حتى تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949، تعرضت الصين لأكثر من 470 عدوانا بحريا. ولهذا فإن دخول حاملة الطائرات إلى الخدمة له أهمية كبيرة في رفع القدرة القتالية لسلاح البحرية الصينية.

مع نموها الاقتصادي المتواصل، ترتبط الصين ارتباطا وثيقا مع دول العالم، ويزداد اعتمادها على المواد الخام المستوردة والأسواق الخارجية. ولهذا فإن قطع خطوط النقل البحري يعرض الاقتصاد الصيني لضرر كبير، خاصة مع وجود النزاعات الإقليمية والكوارث الطبيعية والتهديدات الإرهابية وغيرها من المخاطر. حاملة الطائرات، كونها قاعدة عسكرية شاملة على البحر، ضرورة حقيقة لحماية المصالح الوطنية الصينية.

وردا على المخاوف من أن يشكل امتلاك الصين حاملة طائرات تهديدا للدول المجاورة، فقال يانغ يي، المدير السابق لمكتب البحوث الاستراتيجية في جامعة الدفاع الوطني: "ليست القوة العسكرية للدولة هي العامل الوحيد الذي يحدد ما إذا كانت تشكل تهديدا للدول الأخرى، وإنما يرتبط الأمر بالاستراتيجية التي تنتهجها الدولة وكيفية استخدامها للقوة العسكرية." حاملة الطائرات يمكن أن تستخدم لأسلحة دفاعية أو هجومية، كما يمكن أن تستخدم لحماية السلام العالمي وعمليات الإغاثة في الكوارث. وقد اكد قنغ ين شنغ، المتحدث باسم وزارة الدفاع الوطني الصينية، أن سياسة الدفاع الصينية تهدف إلى الدفاع الوطني، ولن يتغير ذلك نتيجة تطوير أسلحة متقدمة.

مرحلة الاختبار

دخول أول حاملة طائرات صينية الخدمة معلم جديد في مسيرة التنمية الصينية، ومجرد خطوة أولية لتعزيز القوة الصينية.

من المعروف أن حاملة الطائرات مشروع كبير ذو نظم معقدة. والحقيقة أن "لياونينغ" مازالت تحتاج إلى تعديل واختبار أجهزتها، بالإضافة إلى القيام بالتدريبات مع السفن الأخرى في الأسطول الصيني. وهناك الحاجة إلى تجهيز حاملة الطائرات لاستيعاب الطائرات وتجهيزها للعمل بكامل طاقتها،  وقد يحتاج إنجاز كل ذلك إلى سنوات طويلة. كما أن الفجوة مازالت شاسعة بين حاملة الطائرات الصينية وحاملات الطائرات الأمريكية، من حيث مستوى البناء والتجهيز. ولا تبلغ حاملة الطائرات الصينية مستوى حاملات الطائرات الفرنسية والروسية من حيث القدرة العسكرية.

قال خبير حاملات الطائرات، تشنانغ فان: "الطريق أمام لياونينغ ما زال طويلا." وفي السابع والعشرين من سبتمبر 2012 قال يانغ يوي جيون، المتحدث باسم وزارة الدفاع الوطني: "حاملة الطائرات الصينية سوف تجري تدريبات عسكرية واختبارات علمية."