الفرصة لمن يستعد لها! حكاية وريس رشيد

وو بنغ

بعد انتهاء موسم التخرج الجامعي، سيدخل الخريجون مجال العمل ويفتحون صفحة جديدة في حياتهم. يتمنى معظم الخريجين العمل في الحكومة أو في الشركات، ومنهم من يحاول أن يشق طريقه بنفسه ويقيم شركة يكون هو مديرها. إلى هؤلاء الخريجين وغيرهم، نقدم قصة شاب مسلم من قومية الويغور، ولد في ثمانينات القرن الماضي، وبدأ مشروعه من الصفر فشق طريقه بالعرق والجهد.

وريس رشيد، الذي يبلغ عمره تسعا وعشرين سنة، نجح مجالات في عديدة؛ تسويق المبيدات الزراعية والأسمدة الكيماوية، وإدارة مخازن تبريد، وتنظيف أدوات المائدة، وأقام معملا لتصنيع العنب والزبيب. يرجع الفضل في نجاح هذا الشاب إلى جهوده ومثابرته.

العلم مفتاح الكنوز

تأثر وريس رشيد بأمه، التاجرة الحكيمة، وأحب التجارة منذ نعومة أظفاره. وعندما كان طالبا في المرحلة الثانوية، نزل لأول مرة إلى نهر التجارة برعاية أمه. في سنة 2003، التحق وريس رشيد بجامعة الصين للزراعة وتخصص في البستنة وتخزين الفواكه. وعندما سمع من أحد أساتذته أن هناك تاجرا أجنبيا يحقق ربحا كبيرا من عمله كوكيل لأوراق التغليف الشفافة، ثارت حماسته التجارية وبرقت في ذهنة فكرة أن يشق طريقا جديدا لنفسه، مستفيدا من رغبته التجارية وعلومه التخصصية.

بعد تخرجه في الجامعة سنة 2007، كانت أمامه فرص عمل في شركات كبيرة وفي الحكومة، ولكنه اختار أن يعود إلى مسقط رأسه، حيث بدأ هناك أولى خطواته على درب التجارة، مؤمناً بأن المعارف التي حصل عليها في الجامعة سيكون لها دور في رفعة موطنه الذي يحتاج إلى الأكفاء والمتخصصين.

أثناء دراسته في الجامعة، مارس وريس رشيد بعض أعمال تسويق  المبيدات الزراعية، وأجرى اختبارات وتجارب لتخزين الفواكه. وقد وظف الخبرات التي تراكمت لديه فانتقل من طالب علم إلى عامل بالعلوم، حتى وإن بدأ من الصفر.

النجاح مع الصابرين

استأجر وريس رشيد دفيئة زراعية على مساحة مو واحد (الهكتار يساوي 15 مو)، وزرع فيها الشمام مستفيدا من علومه التخصصية. وبعد أن حقق حصادا وافرا في نهاية سنة 2007، خزن حصاده لمدة شهرين بتقنية التخزين، ثم طرحه في الأسواق في فترة عيد الربيع سنة 2008، فحصل على أول وعائه من الذهب.

في صيف سنة 2008، قام وريس رشيد بأعمال وكيل شراء عنب وزبيب لتجار من داخل الصين، ونال ثقة هؤلاء التجار بأمانته ودقته في العمل. وفي نفس السنة،اشترى وريس رشيد، بمدخراته وقرض من البنك، قطعة أرض خالية بالقرب من سوق الجملة للعنب بمدينة توربان بتسعين ألف يوان (الدولار الأمريكي يساوي 4ر6 يوانات)، لبناء مخزن تبريد فيها.

بعد شراء الأرض فكر رشيد في كيفية تمويل مشروع مخزن التبريد، فأقام محطة لتنظيف السيارات، ومركزا لتعقيم أدوات المائدة، والمطاعم، وعمل بكل قوته فكان من لا يعرفه يظن أنه عامل وليس صاحب عمل. لم يشك من صعوبات ولم يتراجع، مؤمنا بأن طريق النجاح لا يخلو من المشقات والأشواك، وأن الزهور والثمار تنتظره في نهاية الطريق.

الشباب خير صحبة

منذ البداية، استعان وريس رشيد ببعض الشباب لشراء العنب والزبيب من المناطق القريبة من بلدته، والقيام بالتصنيع والتخزين في مخزن التبريد، ثم بيع العنب ومنتجاته في منطقة شينجيانغ كلها. بعد تصفية حسابات السنة الأولى لعمله في تجارة العنب، وجد أن حجم المبيعات فاق توقعه، وحقق ربحا وفيرا فسدد قرض البنك ووضع حجر الأساس الاقتصادي لمشروعاته اللاحقة.

يولي وريس رشيد اهتماما بالغا لتغيرات السوق ووسائل التسويق، مقتنعا بأن زيادة الربح تأتي من توسيع السوق وحجم البيع، وأن عدد الزبائن يرتبط بقدرة التاجر على تلبية طلباتهم. في السنتين التاليتين، بنى وريس رشيد مخزن تبريد جديدا، وزوده بأربعين مبردة. زاد عدد العاملين في مشروعه، وأتى معظم العاملين الإداريين والفنيين من الريف. وبذلك وفر فرص عمل لأهل الريف من ناحية ورفع فاعلية وكفاءة العمل بحيوية الشباب من ناحية أخرى. توسعت مبيعات وريس رشيد من العنب من شينجيانغ إلى أنحاء الصين.

مع توسع طاقة التخزين، يسعى وريس رشيد إلى زيادة مبيعاته من منتجات العنب في السنة الحالية، فوقع اتفاقا مع شركة أهلية لتخزين وتصنيع الفواكه الجافة في منطقة ختيان، وفي ذات الوقت تقدم بطلب للحكومة المحلية لإنشاء علامة تجارية لمنتجاته، حتى يتم تسويقها إلى العالم كله بتلك العلامة التجارية.

بعد نجاحه في مشروع مخزن التبريد ووكالة بيع المبيدات الزراعية، أنشأ وريس رشيد محطة حديثة لتنظيف السيارات ومركزا لتعقيم أدوات المائدة، ونجح في ذلك فارتفع مستوى معيشة الناس وزاد الوعي العام بنظافة الطعام وأدواته. وقد استثمر وريس رشيد نجاحه في مجال تعقيم أدوات المائدة لدخول سوق الأطعمة.

في شهر أكتوبر عام 2011، شارك وريس رشيد في برنامج للقناة الاقتصادية لمحطة التلفزيون المركزية الصينية حول تبادل خبرات الإنتاج الزراعي بين المتخصصين، فتحدث عن تجربته في تطوير مشروعاته المتعددة، وفي نفس الوقت استفاد من معلومات ومعارف ومقترحات الخبراء المشاركين في البرنامج حول بيع المنتجات الزراعية.

يدير وريس رشيد حاليا تسعة مخازن لتبريد العنب وتصنيع منتجاته. ويخطط لإنشاء سلسلة صناعية في المستقبل، والقيام بالتصنيع العميق للعنب ومنتجاته لزيادة قيمتها المضافة، وإنشاء ماركة مشهورة لمنتجاته، حتى يدخل عنب توربان إلى السوق الدولية.

ورث وريس رشيد عن أمه أيضا حبها لعمل الخير، حيث يساعد المحتاجين على قدر استطاعته.

اعمل ولا تنتظر

كل شيء في أوله صعب، خاصة بالنسبة للخريج الجديد الذي يريد شق طريقه بنفسه دون أن تكون لديه خبرة كافية.

في بداية طريقه، واجه وريس رشيد كثيرا من الصعوبات والمشقات، ومنها المشكلات الفنية في استخدام الآلات والأجهزة بسبب نقص العمال المتخصصين، وكيفية شراء المواد الخام  بجودة عالية وسعر معقول. برغم ذلك، لم يتراجع أمام الصعوبات، بل حلها بالصبر والحكمة. تعلم من الخبراء بتواضع أنظمة الإنتاج، إضافة إلى أنه يدرس التقنيات الجديدة عبر الإنترنت، ويراقب تغيرات السوق باهتمام. لا نبالغ في القول إنه طبق كل علومه في المكان الصحيح.

بعد جهود كبيرة، لم يحقق وريس رشيد النجاح في أعماله فحسب، بل كسب كنزا من التجارب الوافرة، وحقق قيمة حياته في استكشاف طريقة تطوير الاقتصاد الريفي الدوري. قال وريس رشيد إن معيار نجاح الشخص ليس ثرواته وأمواله، وإنما قيمته في الحياة. وقال إن قيمة الشركة أو المؤسسة تكون بقدر ما توفره من خدمات للشعب، وليس الربح إلا الضمانة اللازمة لاستمرار هذه الخدمات. ولهذا، ينبغي للمؤسسة الناجحة أن تسعى إلى تحقيق قيمتها الاجتماعية، بالتوازي مع مكاسبها المادية.

الثقة من الدراسة المستمرة

قال رشيد: "أكبر استثمار هو إثراء النفس بالعلوم الجديدة، والاحتياطي العلمي المتزايد ثروة روحية لا تقدر بثمن. الفكرة الجديدة تدفعك إلى الإبداع وتجعلك شجاعا لا تهاب الصعوبات، فيكون الفشل بداية النجاح. عليك ألا تبالغ في الاهتمام بما لا يستحق من صغائر الأمور ولا تخاف الفشل، مهما كنت وفي أي بيئة اجتماعية ومهما كانت الصعوبات. أهم شيء هو الحالة النفسية." بهذه الفكرة، يسير وريس رشيد في طريقه وينجح في التغلب على الصعوبات مرة بعد مرة.

أصبح رشيد مثالا وقدوة للشباب في نفس عمره، وهو ينصح من يسعى إلى النجاح مثله، قائلا :" لا تطمع في متع الدنيا الفانية، ولا تضيع شبابك في ما يضر نفسك بدون أي فائدة. الشباب إذا مضي لا يعود أبدا، علينا أن نحرص عليه جميعا."

إننا نواجه مع كل شروق شمس فرصا وتحديات، ولكن الفرص تكون من نصيب من يستعد لها. العمل بداية النجاح، والانتظار قرين الفشل. من شاء التقرب إلى النجاح، فعليه أن يحدد هدفه ثم يثابر على بذل الجهود حتى يحققه.