متعة العين واللسان الزراعة والسياحة البيئية في نانتشانغ

فيرنا مِنْزل

في أغسطس عام 2008، كانت مدينة نانتشانغ واحدة من ثماني مدن اختارتها الحكومة الصينية المركزية لتطبيق إجراءات تجريبية لتقليل الانبعاثات الكربونية. بعد ذلك، وضعت حكومة نانتشانغ تنمية الزراعة البيئية هدفا محوريا لها، ذلك سيساعد نانتشانغ في تحقيق حلمها بأن تصبح "مدينة منخفضة الكربون" نموذجية في الصين، وقد دفع تطور قطاع السياحة فيها بقوة.

يبلغ عدد سكان مدينة نانتشانغ، حاضرة مقاطعة جيانغتشي في جنوب شرقي الصين، خمسة ملايين نسمة. يقع حي جينشيان في جنوب شرقي نانتشانغ، ويبعد عن وسط المدينة أربعين كيلومترا تقريبا.

بستان تشينغلان الإيكولوجي التابع لشركة تشينغلان للزراعة العضوية يقع في حي جينشيان. في مزرعة الكمثرى (الإجاص) بهذا البستان، لا ترى ثمرة واحدة. قالت تو لي هوا، أمينة لجنة الحزب الشيوعي لتجمع تشيانفانغ بحي جينشيان: "يقوم العاملون بتغليف الثمار بأكياس نظيفة لحمايتها من الحشرات والطيور. كما أن ذلك يجعل الثمرة ذات قشرة أرق ومذاق ألذ. أكبر ميزة لهذا الأسلوب هي عدم استخدام المبيدات الكيماوية. الكيس الصغير يجعل كمثرى تشنغلان فاكهة عضوية مائة في المائة." هكذا يمكن أن تكون الزراعة البيئية بسيطة إلى هذا الحد أحيانا.

مساحة البستان أكثر من 530 هكتارا، زرعت فيه شركة تشينغلان أشجار الفواكه العضوية، خاصة الكمثرى والليمون الهندي. تحمل كل منتجات البستان علامة التصديق للمنتجات الغذائية العضوية. قالت تو لي هوا: "نلتزم بمعايير إنتاج الأغذية العضوية التزاما صارما في كل خطوات أعمال الزراعة والإدارة. لا نستخدم إلا السماد العضوي، ولهذا فإن منتجاتنا عضوية مائة في المائة."

شركة تشنغلان واحدة من شركات حي جينشيان التي تتخذ الزراعة البيئية سبيلا للتنمية. بعد أن قررت لجنة الدولة للتنمية والإصلاح الصينية اختيار نانتشانغ لتطبيق إجراءات تجريبية لتقليل الانبعاثات الكربونية، قررت حكومة نانتشانغ في أغسطس عام 2010، إقامة منطقة نموذجية للزراعة المنخفضة الابنعاثات الكربونية والسياحة البيئية في حي جينشيان. والقيام باختبار التقنيات الزراعية الصديقة للبيئة في هذا الحي ثم تعميمها في أرجاء المقاطعة وفي أنحاء الصين.

قال الخبير الزراعي وو يونغ مينغ، رئيس قسم التقنية بمصلحة الزراعة لمدينة نانتشانغ: "لتطوير الزراعة الصديقة للبيئة، نتخذ نقطتي ارتكاز، الأولى الاعتماد على السماد العضوي، والثانية هي استخدام غاز المستنقعات كطاقة جديدة. عندما ننثر السماد العضوي، نطبق أسلوبا جديدا بحيث تناسب كمية السماد وتركيبته خصائص التربة." وتعمل حكومة مدينة نانتشانغ على نشر مزايا الزراعة البيئية وتقوم بدورات كثيرة لتدريب الفلاحين على استيعاب تقنية السماد العضوي.

يلعب إنتاج واستخدام غاز المستنقعات دورا هاما في تعميم استخدام الطاقة الجديدة. قال وو يونغ مينغ: "حتى نهاية عام 2011، كان هناك 43 ألف أسرة تستخدم غاز المستنقعات. والآن تنتج نانتشانغ 14 مليون متر مكعب من غاز المستنقعات سنويا، تسد حاجة 180 ألف فرد من الغاز." إضافة إلى أن الحكومة تسعى إلى تعميم استخدام مصادر الطاقة الجديدة الأخرى، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

لا تتوقف جهود نانتشانغ عند خلق بيئة للإنتاج الزراعي فحسب، بل وتعمل لخلق بيئة "تسر العين" أيضا، أي تطوير السياحة البيئية مع تطوير الزراعة البيئية. تستثمر نانتشانغ حاليا عشرة ملايين يوان (الدولار الأمريكي يساوي 3ر6 يوانات) في تطوير السياحة البيئية. يبلغ عدد السائحين الذين يزورون نانتشانغ الخضراء سنويا أكثر من ستة ملايين فرد/ مرة ويبلغ دخلها من السياحة البيئية نحو مليار يوان.

يعلق حي جينشيان آمالا كبيرة على السياحة، ويتطلع إلى عشاق مناظر الطبيعة والسائمين من حياة المدن الصاخبة، حيث توفر جينشيان مكانا لقضاء العطلات، وتتوقع أن يبلغ عدد هؤلاء أكثر من مائة ألف.

بستان الشاي التابع لشركة جينفونغ للشاي في حي جينشيان له سمعة طيبة بين السائحين. مساحته أكثر من 530 هكتاراً، والمناظر الجميلة فيه تدهش الأنظار. فيه بضعة عشر نوعا من أشجار الشاي، غرس كل منها بتقنية عضوية، وتتوفر في منتجاته من الشاي كل المواصفات المطلوبة للمنتجات الغذائية العضوية. هذا البستان واحد من أربعين موقعا ريفيا سياحيا في أنحاء مدينة نانتشانغ، وسوف يصل عدد مثل هذه المواقع إلى مائتين قريبا.

حي وانلي الواقع في غربي نانتشانغ مقصد سياحي آخر للسائحين المحليين والأجانب، فهو موقع حديقة ميلين الوطنية للغابات، التي تجري من تحتها الأنهار وتغطيها الغابات فتمنحها حلة خضراء تؤسر العيون.

استأجر ليو شياو قن، وهو فلاح عمره سبع وثلاثون سنة، بستان عنب مساحته 3ر1 هتكار، وأنشأ فيه فندقا صغيرا، يعمل فيه حاليا عشرة أفراد. قال ليو:"على الرغم من أن كمية الإنتاج بالتقنيات العضوية أقل من الإنتاج بالتقنيات العادية بمقدار الثلث، والنصف أحيانا، إلا أن إنتاجنا من العنب أفضل مذاقا وجودة من العنب العادي بشكل واضح. الآن يهتم الزبائن بجودة المنتجات أكثر من ذي قبل، وكثير من الناس يأتون إلى البستان بسياراتهم لشراء العنب." يقدم الفندق أطباقا محلية شهية للزبائن الذين يأتونه تباعا.

قال تشو يونغ، رئيس مكتب الإعلام بحكومة حي جينشيان: "خلال هذه الأعمال التجريبية، عرضنا أمام الفلاحين مزايا تقنيات الزراعة العضوية، مما شجعهم على الإقبال على الزراعة العضوية. بهذا الأسلوب، طورنا الاقتصاد ورفعنا مستوى معيشة الشعب في نفس الوقت." قال وو يونغ مينغ :"تذوق كثير من الفلاحين حلاوة الزراعة العضوية، إذ إن سعر المنتجات الزراعية التي تحمل علامة التصديق للمنتجات الغذائية العضوية أعلى من سعر المنتجات الزراعية العادية." ستواصل نانتشانغ إبداع العلامة العضوية، وإكمال النظام في هذا المجال حتى تكون مدينة نموذجية لتقليل الانبعاثات الكربونية.

قال وو يونغ مينغ: "يجري تطوير الاقتصاد وحماية البيئة وتنمية المجتمع جنبا إلى جنب، بنظرة بعيدة، علينا بذل الجهود لتقوية قدراتنا التنافسية على المستويين الوطني والعالمي" تنمية الزراعة العضوية هي السبيل الهام لتحقيق هدف نانتشانغ العظيم.