رحلة الصين الجديدة أمل جديد لآسيا والمحيط الهادئ



كان حضور الرئيس الصيني شي جين بينغ لاجتماع منتدى التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ (أبيك) وزيارته لكل من فيتنام ولاوس في الفترة من العاشر إلى الرابع عشر من نوفمبر، في أول جولة خارجيه له بعد المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني، هامة للغاية، حيث رسم مسارا جديدا للدبلوماسية الصينية بخصائصها الفريدة في العصر الجديد.

وقد بيّن وزير خارجية الصين وانغ يي، أهمية محادثات الرئيس شي خلال هذه الزيارة الهامة في ثلاثة جوانب: أولا، أنها أوضحت مسار التنمية في الصين ووسعت نطاق تفهم المجتمع الدولي واعترافه بها. ثانيا، أنها حددت مسار التعاون في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وعمقت المنفعة المتبادلة والثقة المتبادلة بين مختلف الأطراف في المنطقة. ثالثا، أنها عززت التقليد الصيني بتطوير علاقات حسن الجوار، ووثقت العلاقات بين الصين وفيتنام وبين الصين ولاوس.

حكمة الصين والشعور بالمسؤولية

حدد الخطاب الرئيسي الذي ألقاه الرئيس شي خلال الاجتماع الخامس والعشرين للقادة الاقتصاديين لأبيك في فيتنام، أساليب عملية يمكن من خلالها تحسين البيئة الاقتصادية في آسيا والمحيط الهادئ، من خلال تعزيز العولمة الاقتصادية وتعزيز انفتاح الاقتصاد وتعزيز تحرير التجارة والاستثمار.

إن تأكيد شي وتشديده على أهمية انفتاح الاقتصاد والتنمية القائمة على الابتكار والتواصل والتنمية الشاملة، تظهر رؤية الصين للحوكمة الاقتصادية العالمية والالتزام بالتنمية المشتركة. كما تبرز الدور المسؤول الذي تضطلع به الصين في الشؤون الدولية، وإسهام الحكمة الصينية في التنمية العالمية.

وفي الوقت الذي تتراجع فيه بعض البلدان عن العولمة الاقتصادية، تحافظ الصين على مستوى مسؤولياتها من خلال انتهاج الطريق الذي لا مناص منه. في فيتنام، قال الرئيس شي: "يجب أن ندعم تعددية الأطراف، وأن نسعى لتحقيق النمو المشترك من خلال التشاور والتعاون، وبناء شراكات أقوى، وبناء مجتمع مشترك من أجل مستقبل مشترك للبشرية." وحث على إقامة اقتصاد مفتوح في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وتعزيز تحرير وتيسير التجارة والاستثمارات، وجعل العولمة الاقتصادية أكثر انفتاحا وشمولا وتوازنا لصالح مختلف الدول والشعوب. وقد عززت الصين أيضا مسؤوليتها عن طريق التكيف مع الأوضاع الجديدة بمبادرة وتعزيز الإصلاح الهيكلي من أجل إحراز التقدم.

وباعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، اتخذت الصين خلال السنوات الخمس الماضية، خطوات استباقية للتكيف مع الوضع الطبيعي الجديد لاقتصادها وتعميق الإصلاح الهيكلي في جانب العرض. ونتيجة لذلك، حافظ الاقتصاد الصيني على أداء ثابت، وتوجه نحو تحقيق تنمية أفضل وأكثر كفاءة وأكثر إنصافا واستدامة. وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، نما اقتصاد الصين بنسبة 2ر7% سنويا في المتوسط، وساهم بما يزيد عن 30% من النمو العالمي.

كما أن الصين قد أوفت بمسؤوليتها، عن طريق تقديم حلول ناجعة وفعالة للمشكلات الشائكة التي تواجه الاقتصاد العالمي. ويواجه الاقتصاد العالمي تغيرات عميقة في محركات النمو ونموذج النمو والعولمة الاقتصادية ونظام الإدارة الاقتصادية العالمية. إن بناء البنية التحتية والترابط والتواصل هما عاملان رئيسيان للحفاظ على النمو.

ولتحسين التواصل والترابط، اقترحت الصين مبادرة الحزام والطريق (الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين). وستعمل الصين على تعزيز بناء البنية التحتية والتواصل بين الدول على طول الحزام الطريق وتعزيز التنسيق بينها. هذه المبادرة هي أيضا نقطة التقاء لإستراتيجيات التنمية المختلفة، وتعزيز التنمية المترابطة لتحقيق الرخاء المشترك. وعلى الرغم من أنها مبادرة صينية، فإنها تنتمي إلى العالم كله. وعلى الرغم من جذورها الممتدة في التاريخ، فهي موجهة نحو المستقبل.

تواصل الصين تحقيق فوائد التنمية المشتركة في جميع أنحاء العالم. الدعوة إلى تعميق التكامل الاقتصادي الإقليمي، وتطوير سوق مفتوحة وشاملة، وتعزيز رابطة المصالح المشتركة، هي أدلة شاهدة على ذلك.

الجيران المترابطون

يعد تطوير العلاقات مع دول الجوار من أولويات الدبلوماسية الصينية. مع وجود مسارات مماثلة للتنمية في الصين، فإن فيتنام ولاوس قريبتان من الصين جغرافيا. وتعتبر زيارة شي لهما ذات أهمية خاصة، لأن علاقات الصين مع البلدين ذات أهمية خاصة في دبلوماسية الجوار.

تتمتع الصين وفيتنام بعلاقات طويلة طيبة. وقبل زيارته، أكد شي على علاقات "الصداقة والأخوة" بين البلدين في مقال موقع نشر في وسائل الإعلام الفيتنامية. وخلال الزيارة، قام الرئيس شي بزيارة المقر السابق للزعيم الثوري الشيوعي الفيتنامي الراحل هو تشي منه. وقال الزعماء الفيتناميون إن البلاد سترث وتفسح المجال كاملا للصداقة التقليدية بين الصين وفيتنام وتدعم مبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين.

وأكد الزعماء من الجانبين على الدور النشيط للعوامل التاريخية في تشكيل العلاقات الصينية- الفيتنامية، التي أكدها أيضا بيان مشترك صدر في الثالث عشر من نوفمبر. ومن الإنصاف القول إن استذكار التاريخ يعد ضمانة هامة للتنمية الإيجابية والصحية للعلاقات الصينية- الفيتنامية.

كما شهد زعيما البلدين توقيع سلسلة من الوثائق، من بينها مذكرة تفاهم حول بناء الحزام والطريق وممرين ودائرة اقتصادية واحدة. كما اتفقا على التعامل بشكل ملائم مع القضايا البحرية وتعزيز التعاون البحري والتنمية المشتركة، في محاولة للحفاظ على السلام والاستقرار في بحر الصين الجنوبي. إن توقيع الاتفاقيات يعكس شجاعة الصين في مواجهة القضايا الحساسة ومبدأها الدبلوماسي المتمثل في بناء صداقات وشراكات مع الدول المجاورة.

وقد وضعت الصين ولاوس مثالا نموذجيا لحسن الجوار والتعاون الشامل بين الصين وجيرانها. وقال الرئيس شي: "عندما يكون الإخوة لديهم نفس العقلية والتفكير، فسيكون بإمكانهم قطع حتى المعادن الصلبة"، مستخدما المثل الصيني لوصف الصداقة بين الصين ولاوس. وهو ثناء كبير للعلاقة بين البلدين. واتفق زعماء البلدين على تسريع المواءمة الإستراتيجية لمبادرة الحزام والطريق الصينية وإستراتيجية لاوس لتحويل نفسها من بلد غير ساحلي منغلق إلى بلد منفتح. كما اتفقا على إقامة ممر اقتصادي بين الصين ولاوس معا، والمضي قدما في تنفيذ مشروعات كبرى؛ مثل خط سكة حديد الصين- لاوس، في مسعى لخدمة شعبي البلدين بشكل أفضل.

وفي السنوات الأخيرة، دعمت لاوس بشكل فعال الصين في الشؤون الإقليمية، واضطلعت بدور قيادي في تآزر إستراتيجيات التنمية مع الصين. يعد خط سكة حديد الصين- لاوس، الذي دشن رسميا في بداية عام 2017، إنجازا ملموسا للتعاون في الربط بين الصين ودول جنوب شرقي آسيا.

وفي عام 2018، ستشارك لاوس في رئاسة منتدى لانتسانغ- ميكونغ؛ وهو آلية حوار وتعاون بدأتها الصين وشاركت في تأسيسها خمس دول في شبه جزيرة الهند الصينية بما فيها لاوس وفيتنام. ومن المتوقع أن تقدم هذه الآلية المزيد من المساعدة لهذه البلدان. وكممارسة رئيسية للصين لفائدة دول الجوار مع إنجازاتها الخاصة، ستعمل هذه الآلية على بناء هادئ ومزدهر لمناطق الجوار.

سوف تتقدم الصين مع الدول المجاورة لها نحو تحقيق أهداف مشتركة وبسرعة أكثر تنسيقا، وسيحقق تعاونها نتائج مثمرة.

(المصدر: موقع الشعب أونلاين)