بطولة الصين المفتوحة للتنس وتاريخ تطور التنس في الصين


في التاسع من أكتوبر عام 2017، اختتمت بطولة الصين المفتوحة للتنس 2017 . وقد توج باللقب المصنف الأول عالميا الإسباني ​رافاييل نادال​، وهو لقبه الثاني في هذه البطولة خلال مسيرته الرياضية. في حين توجت اللاعبة الفرنسية كارولين غارسيا بلقبها الأول في بطولة الصين المفتوحة لتنس للسيدات.

بطولة الصين المفتوحة للتنس

تأسست بطولة الصين المفتوحة للتنس في عام 2004، وتقام في بكين سنويا. وتتمتع بحق التنظيم لسلسلة من السباقات التي تنظمها رابطة محترفي التنس ورابطة محترفات التنس والاتحاد الدولي للتنس. وهي بطولة تنس دولية شاملة ويشارك فيها معظم اللاعبين وتمنح أعلى مكافأة إجمالية في آسيا. منذ عام 2009، ارتقت البطولة إلى مستوى أعلى على نحو شامل، ارتقت منافسات النساء إلى مستوى البطولات الرئيسية لرابطة محترفات التنس، وارتقت منافسات الرجال إلى سلسلة بطولات فئة 500 نقطة. تبلغ مكافأة رابطة محترفي التنس للرجال ( WTA ) 521ر289ر6 دولار أمريكي، ومكافأة رابطة محترفات التنس (ATP) 550ر916ر2 دولار أمريكي. وتقام البطولة على ملاعب مفتوحة ذات أرضية صلبة.

خلال الفترة ما بين عام 2004 وعام 2008، أقيمت بطولة الصين المفتوحة للتنس في مركز بكين للتنس الذي يقع في رقم 1 بشارع قوانغتساي في حي فنغتاي في بكين، الذي تأسس في أغسطس عام 2004، وتبلغ مساحته الإجمالية أكثر من 80 ألف متر مربع، و تبلغ مساحة الملعب المركزي 7230 مترا مربعا. وهناك 15 ملعبا للمنافسات: الملعب الرئيسي الأول وملعبان رئيسيان خارجيان و12 ملعبا للتدريب. تبلغ سعة الملعب الرئيسي الأول 13520 مقعدا، ويضم كل ملعب رئيسي خارجي 1500 مقعد.

منذ عام 2009، نقل موقع إقامة بطولة الصين المفتوحة للتنس إلى المركز الوطني للتنس، الذي تبلغ مساحته الإنشائية 26514 مترا مربعا، وفيه 12 ملعبا للمنافسات و6 ملاعب للتدريب، بما فيها "الملعب الماسي" الذي يتسع لـ13520 شخصا، وحصل على تقدير عال من قبل رئيس رابطة محترفات التنس الأسبق لاري سكوت. مع إكمال بنائه، أصبح لبطولة الصين المفتوحة للتنس ملعبان رئيسيان يتسعان لعشرة آلاف مشاهد، وهو رقم يقترب من ملاعب البطولات الأربع الكبرى- "غراند سلام". وهو الملعب الوحيد المفتوح الذي يضم مقصورات في آسيا، ويحتوي على سقف متحرك يمكن فتحه وإغلاقه خلال 12 دقيقة لإقامة المباريات في جميع الأحوال الجوية. يتكون الهيكل التكاملي للمبنى من ثمانية طوابق فوق الأرض وطابق تحت الأرض. يتضمن الملعب منشآت على مساحة 1500 متر مربع لاستقبال اللاعبين من جميع أنحاء العالم، حيث يمكنهم الاسترخاء والاستراحة في نفس الوقت. بجانب الملعب الماسي، هناك ملعب اللوتس وهو ملعب آخر يتسع لعشرة آلاف متفرج. المركز الوطني للتنس يطبق تكنولوجيا الجمع بين التهوية الميكانيكية والتهوية الطبيعية، وتكنولوجيا الربط بين الاتصال السلكي والاتصال اللاسلكي، وفيه نظام أمن يربط بين شبكة الكيبل التلفزيوني في اتجاهين والشبكة الرقمية، ونظام توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، ونظام التحكم الذكي في الإضاءة، وغيرها من التقنيات العالية.

خلال خمسة آلاف سنة من الحضارة، أبدعت الأمة الصينية ثقافة تقليدية ذات تاريخ طويل وسمات متميزة ومفاهيم عميقة. باعتبار بكين مدينة ثقافية تاريخية مشهورة في العالم وإحدى العواصم الكبرى القديمة في الصين ومركزا سياسيا وثقافيا ونقطة تواصل دولية في الصين، تجسد هذه المدينة جوهر الثقافة الصينية. فميزات الصين وميزات بكين هي العلامة الثقافية لبطولة الصين المفتوحة للتنس، لذلك، كؤوس البطولة تجسد حماسة الشعب الصيني وتهتم بتوارث الثقافة الصينية التقليدية، بجانب إبراز توافق شعوب العالم على روعة وجمال الرياضة.

كأس بطولة فردي الرجال هو كأس جينأويونغقو. الكأس مصمم على شكل الكنز الوطني- كأس جينأويونغقو المحفوظ في المدينة المحرمة في بكين. يرمز هذا التصميم للسلامة والاستقرار. كأس تسيلونغدينغ هو كأس فردي النساء، وهو على هيئة دينغ (وعاء قديم له ثلاثة قوائم وأذنان). كأس تسيلونغدينغ محفوظ في المدينة المحرمة أيضا. جدير بالذكر، أن وعاء دينغ له مكانة وأهمية كبيرة جدا في تاريخ حضارة الصين، وله مغزى ثقافي وافر وتأثير عميق في الصين، ويعتبر علامة ثقافية مميزة في حضارة الصين. اختيار دينغ كشكل أصلي للكأس له مغزى إيجابي: الازدهار والانسجام. ويرمز إلى انسجام لاعبي العالم وتحقيقهم لمنجزات ممتازة. أما كأس منافسات الزوجي، فهو على شكل جيويه (وعاء قديم للخمر). وفي العصر الصيني القديم، كان ضباط الحكومة يحبون استخدام جيويه في المناسبات والحفلات، لذا، فإن جيويه يرمز إلى احتفال اللاعب بالفوز.

تاريخ تطور رياضة التنس في الصين

انتشرت رياضة التنس إلى الصين عام 1885. في البداية، كان المبشرون والتجار الأجانب يمارسون رياضة التنس في شانغهاي وقوانغتشو وغيرهما من المدن الكبيرة في الصين، قبل أن تبدأ بعض  المدارس التبشيرية في تطوير هذه الرياضة. في عام 1898، أقام معهد سانت جون بشانغهاي مباراة كأس ستانهاوس، وهي أقدم بطولة للتنس داخل المدارس في تاريخ رياضة التنس بالصين. في عام 1906، أقيمت مباريات تنس بين المدارس والجامعات في بكين وشانغهاي وقوانغتشو ونانجينغ وغيرها من المدن الصينية الكبيرة. وفي نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، تم تجهيز كثير من الجامعات الصينية بملاعب التنس، بما فيها جامعة يانجينغ في بكين وجامعة شِيخِهْ الطبية ومعهد شانت جونز بشانغهاي وجامعة شنغهاي للعلوم والتكنولوجيا ومعهد قتشي بمقاطعة قوانغدونغ وجامعة سوتشو بسوتشو وجامعة تشجيانغ. في عشرينات القرن العشرين، بدأت ممارسة رياضة التنس في أنحاء الصين، وفي كثير من ملاعب الرياضة البدنية العامة ومرافق التنس. وفي عام 1929، صدر ((قانون الرياضة البدنية للمواطن))، الذي ألزم البلدات والمدن بإنشاء ملاعب للرياضة البدنية العامة، وبناء ملاعب للتنس بجانب بناء ملاعب الكرة. وطالبت مقاطعة آنهوي ببناء مساحتي تنس على الأقل في كل ملعب للرياضة البدنية العامة في المحافظات. كل ذلك لعب دورا جيدا في دفع تطوير رياضة التنس في الصين.

بعد انتشار رياضة التنس في الصين، ظهرت تدريجيا أنواع من روابط وأندية التنس التي ضمت فئات اجتماعية وهواة في المدن الكبيرة، مثل بكين وشانغهاي وتيانجين وتشينغداو ونانجينغ وووهان وقوانغتشو وتشونغتشينغ وكونمينغ وتشنغدو. في عام 1931، تأسست الرابطة الوطنية الصينية للتنس (رابطة الصين للتنس)، من أجل تعزيز الرياضة، وبدأت في إقامة النشاطات وتنظيم المشاركة في المباريات. تشيو في هاي ولين باو هوا لاعبان مشهوران في رابطة الصين للتنس، وقد فازا على لاعبين أجانب عدة مرات بمنافسات الفردي ومنافسات الزوجي.

بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية، انطلقت رياضة التنس من نقطة منخفضة على أساس غير جيد. وفي عام 1953، أقيمت بطولات لألعاب الكرات الأربع؛ بما فيها كرة التنس في تيانجين. وفي عام 1956 أقيمت البطولة الوطنية للتنس، وبعد ذلك، أقيمت منافسات دوري كرة التنس ومنافسات الفردي بانتظام، بجانب البطولة الوطنية للتنس على الأراضي الصلبة، ومنافسات التنس الوطنية للشباب والناشئين. لعبت هذه المنافسات دورا إيجابيا في الارتقاء بمستوى مهارة التنس.

منذ ثمانينات القرن العشرين، ارتفع مستوى رياضة التنس في الصين بشكل سريع. في الدورة العاشرة للألعاب الآسيوية بمدينة سول في عام 1986، فازت اللاعبة الصينية لي شين يي بلقب بطولة فردي النساء. وفي الدورة الحادية عشرة للألعاب الآسيوية ببكين في عام 1990، حصل اللاعبون الصينيون على ثلاث ميداليات ذهبية وثلاث ميداليات فضية وميدالية برونزية: بطولة الفرق للرجال ولقب فردي الرجال ولقب زوجي الرجال. في عام 1991، شارك فريق النساء الصيني في منافسات الفرق لكأس الاتحاد (Fed Cup)، وأصبح من أفضل ستة عشر فريقا من بين 58 فريقا من العالم، وتقدمت اللاعبة لي فانغ في التصنيف العالمي من المركز 200 إلى 155، وبجانب ذلك، حصل شيا جيا بينغ على لقب منافسات الفردي في منافسات التنس للألعاب الجامعية العالمية. استمر تقدم مستوى رياضة التنس الصينية، ولكن ظلت هناك فجوة كبيرة بالمقارنة مع المستوى العالمي، في عام 1991، كان أعلى تصنيف عالمي للاعب صيني هو المركز 300، وأعلى تصنيف عالمي للاعبة صينية هو المركز 155.

في عام 2004، وصلت اللاعبتان الصينيتان لي تينغ وسون تيان تيان لنصف نهائي زوجي بطولة ميامي للأساتذة، وهو إنجاز بارز في تاريخ رياضة التنس الصينية. وفي السابع والعشرين من يناير عام 2006، توجت اللاعبتان الصينيتان تشنغ جيا ويان تسي بعد فوزهما على اللاعبتين سامانثا ستوسور وليزا ريموند، صاحبتي التصنيف المتقدم، في بطولة أستراليا المفتوحة للتنس. كانت هذه المرة الأولى التي تحصل فيها لاعبات صينيات على لقب في البطولات الأربع الكبرى للتنس. وفي التاسع من يوليو عام 2017، حصلت تشنغ جيا ويان تسي على لقبهما الثاني في مسيرتهما الرياضية، بعد أن توجتا بلقب بطولة ويمبلدون، وهو إنجاز بارز حاز على إعجاب العالم والصينيين كثيرا. وفي دورة بكين للألعاب الأولمبية 2008، حصلت لاعبة التنس الصينية الشهيرة لي نا على المرتبة الرابعة في منافسات التنس الفردي. وفي عام 2011، وصلت لي إلى نهائي بطولة أستراليا المفتوحة للتنس وكانت وصيفة البطولة، وفي نفس السنة، حصلت هذه البطلة الشهيرة على لقب بطولة فرنسا المفتوحة للتنس، وكانت لحظة تاريخية بارزة وفتحت عهدا جديدا في تاريخ رياضة التنس الصينية، كما أصبحت أول لاعبة آسيوية تحصل على لقب إحدى البطولات الأربع الكبرى، وهو إنجاز تاريخي نال إعجاب العالم والصينيين مرة أخرى. وفي عام 2013، حصلت لي نا على المرتبة الثانية في المنافسات النهائيات السنوية لرابطة محترفات التنس. وفي الخامس والعشرين من يناير عام 2014، وصلت لي نا إلى نهائي بطولة أستراليا المفتوحة للتنس للمرة الثالثة في مسيرتها، وتوجت باللقب.

رغم أن رياضة التنس الصينية تتطور بسرعة في هذه السنوات، لا تزال متخلفة عن الدول المتقدمة، من حيث عدد الملاعب وعدد لاعبي التنس ومستوى التنافس وتفاصيل ثقافة التنس. لقد استغرق تطور رياضة التنس في الدول المتقدمة مئات السنين، بينما تتطور سريعا في الصين خلال بضع وعشرين سنة فقط. مع تعميم رياضة التنس ودعم الحكومة على مستويات مختلفة، لا شك أن رياضة التنس في الصين سوف تتطور بشكل جيد في المستقبل.