حقبة جديدة واختيار أوسع

عقد في بكين المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني في الفترة من الثامن عشر إلى الرابع والعشرين من أكتوبر 2017. كان المؤتمر اجتماعا هاما للصين ذات المليار وثلاثمائة مليون نسمة وصاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وكذلك بالنسبة لحزبها الحاكم في المرحلة الحاسمة المؤدية إلى إنجاز هدف بناء مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل، وتحديد مسار التنمية المستقبلية للبلاد.

حظي المؤتمر باهتمام محلي وعالمي بالنظر إلى استعراضه لتاريخ الحزب الشيوعي الصيني وتلخيصه لتجربة الحزب، كما جاء في تقرير المؤتمر الذي يؤكد على التزام الحزب تجاه الشعب، وإعلانه أن الاشتراكية ذات الخصائص الصينية قد دخلت مرحلة جديدة تتميز بأهداف واضحة وخطة سياسات إستراتيجية حتى منتصف القرن الحادي والعشرين.

لقد قاد الحزب الشيوعي الصيني، منذ تأسيسه، الشعب في مسيرته الجريئة في طليعة النهوض الوطني والتحول من دولة فقيرة متخلفة في السابق إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم. إن اللجنة المركزية للحزب ونواتها شي جين بينغ، قد أظهرت خلال السنوات الخمس الماضية شجاعة سياسية عظيمة ومسؤولية قوية في طرح أفكار وإستراتيجيات جديدة، إذ أدخلت مبادئ وسياسات توجيهية رئيسية، وأطلقت مبادرات كبيرة، وحلت عددا من المشكلات المزمنة، ومن ثم حققت إنجازات عظيمة.

في عام 2016، وصل الناتج المحلي الإجمالي للصين إلى 2ر11 تريليون دولار أمريكي، ما يعادل 8ر14% من الإجمالي العالمي، ووصل متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى 123ر8 آلاف دولار أمريكي. واحتلت الصين صدارة العالم في حجم تجارة السلع واحتياطي النقد الأجنبي والقيمة المضافة للتصنيع. وفقا لمؤشر مؤسسة ديلويت للتنافسية الصناعية العالمية في 2016، احتلت القدرة التنافسية الصناعية للصين المرتبة الأولى في العالم، وكذلك بالنسبة للقيمة المضافة لصناعة التكنولوجيا العالية والقيمة المضافة للصادرات. وتحولت الصين أيضا من دولة زراعية إلى أكبر دولة صناعية في العالم.

إن الأمة الصينية، وبعد معاناة شديدة في العصر الحديث، حققت تحت قيادة الحزب الشيوعي القفزة الكبرى من الاستقلال إلى الوفرة والازدهار. استنادا إلى الواقع وتغيرات الوضع الراهن، وصل تقرير المؤتمر الوطني التاسع عشر إلى خلاصة هامة بأن التناقض الرئيسي داخل المجتمع الصيني هو التناقض بين الحاجة المتزايدة إلى حياة أفضل للشعب والتنمية غير الكافية وغير المتوازنة. إن هذا الاستنتاج يمثل قاعدة هامة لخط السياسات في المستقبل. لقد حدد الرئيس شي جين بينغ في التقرير الخطة الطويلة المدى للصين حتى منتصف القرن الحادي والعشرين: من عام 2020 حتى عام 2035، وعلى أساس بناء مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل، ستصبح الصين مجتمعا اشتراكيا حديثا مزدهرا وديمقراطيا ومتقدما ثقافيا ومتناغما وجميلا. التقرير يعرض أيضا القضايا الأساسية في الحقبة الجديدة، شاملة الأهداف والمهام والخطة والإستراتيجية العامة؛ مثل اتجاه التنمية، والنموذج، والقوة الدافعة للتنمية، فضلا عن الظروف الخارجية والضمانات السياسية، وبالتالي توفير تحليلات نظرية وتوجيه سياسي فيما يتعلق بقضية الحزب والدولة. التقرير يوضح تماما أن الصين، وعلى أساس تعزيز التنمية، ستكرس قدرا كبيرا من الطاقة لمعالجة اختلالات التنمية وأوجه القصور فيها، وتعزز بقوة جودة التنمية وتأثيرها، وتلبية احتياجات الناس المتزايدة على نحو أفضل فيما يتعلق باقتصاد البلاد وسياساتها وثقافتها ومجتمعها وبيئتها الإيكولوجية، وذلك لتعزيز التنمية البشرية الشاملة والتقدم الاجتماعي الشامل على نحو أفضل.

المؤتمر له أهمية عالمية واسعة النطاق. فعلى العكس من الدول التي تلجأ إلى استخدام القوة لحل النزاعات، موقف الصين هي التوصل إلى توافق وحل النزاعات من خلال التفاوض والحوار. وبينما تسود الحمائية، يدافع الحزب الشيوعي الصيني عن الانفتاح إلى الحد الأقصى في التجارة. وكما قال شي جين بينغ في التقرير: "لن تغلق الصين أبوابها أمام العالم، وإنما ستفتحها أكثر." وبينما تسعى دول معينة وراء مصالحها الذاتية بشكل صارخ في الشؤون الدولية، تسعى الصين من دون تحفظ إلى المنفعة المتبادلة وتحقيق المكاسب المشتركة. تدافع الصين عن مفهوم وحكمة التنمية السلمية والتعاون المربح للجميع كنموذج جديد للعلاقات الدولية، ومن ثم تعزيز التبادلات المتبادلة من خلال التناغم والتعايش والشمول والمسؤولية، من أجل إرساء أساس متين للتنمية السلمية.

المؤتمر يعرض للعالم فرص التعاون لمشاطرة فوائد التنمية في الصين. والأهم من ذلك، وفقا لمراقبين دوليين، أن نجاح الحزب الشيوعي الصيني في تعزيز التنمية الاقتصادية في الصين يظهر للعالم جودة وقوة نموذج القيادة الصينية. إن الممارسة الناجحة للاشتراكية ذات الخصائص الصينية توفر خيارا جديدا لدول وأمم العالم التي تسعى إلى تسريع التنمية مع الحفاظ على استقلالها.