سفير العراق لدى الصين في مقابلة خاصة مع ((الصين اليوم))

في مقابلة خاصة مع مجلة ((الصين اليوم))، ألقى سفير العراق لدى الصين أحمد تحسين برواري، الضوء على العلاقات الصينية- العراقية بمختلف جوانبها ومستقبل هذه العلاقات على خلفية مبادرة الحزام والطريق التي أطلقتها الصين. وإلى تفاصيل هذه المقابلة:

((الصين اليوم)): تكتسب مبادرة "الحزام والطريق"، التي طرحتها الصين، زخما عالميا متزايدا، فكيف ترون هذه المبادرة؟ وما هي آفاق التعاون بين الصين والعراق في إطارها؟

السفير: قبل كل شيء، العراق، كان يقع تاريخيا على طريق الحرير، ولذلك، نعتبر أنفسنا جزءا من المبادرة منذ أن طرحها فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ. أثناء زيارة رئيس الوزراء العراقي للصين في أواخر عام 2015، تم توقيع مذكرة تفاهم بين البلدين الصديقين للتشاور والعمل لدفع ودعم هذه المبادرة. نحن نعتقد في العراق بأن هذه المبادرة ستكون لها أهمية كبيرة بالنسبة لنا من الناحية الاقتصادية وناحية التنمية، خاصة أن العراق مر في الثلاثين سنة الماضية بحروب وحصار اقتصادي كبير، والآن في حربه الشعواء ضد التنظيمات الإرهابية، ولذلك، تكمن أهمية هذه المبادرة في دعم العراق حتى يتمكن من إعادة بناء البنية التحتية ومساعدته من الناحية الاقتصادية والتنموية ليكون فاعلا في المنطقة، هذا من ناحية.

ومن ناحية ثانية، كما تعرفون بأن هذه المبادرة هي ليست فقط مبادرة اقتصادية، إنما مبادرة إعطاء فرص للدول التي تقع ضمن إطارها للتواصل الثقافي. نحن في العراق، كما الصين، لدينا حضارة عريقة وتنوع ثقافي. ولذلك، سوف نقدم لهذه المبادرة الدعم الثقافي عبر هذا العمق الثقافي والتراثي والتاريخي الذي لدى العراق. نحن نعتقد أن هذه المبادرة سوف تساعد دولا مختلفة، خاصة في الشرق الأوسط، بأن تتفاهم مع بعضها البعض، خاصة الدول التي تقع ضمن هذه المبادرة. وبسبب المنافع المتبادلة، يجب أن تتفاهم، ويجب أن تحل مشكلاتها بصورة سلمية وبالحوار. وبمعنى آخر، هذه المبادرة بالنسبة لنا في العراق، وفي الشرق الأوسط، توفر لنا دعما اقتصاديا تنمويا كبيرا. وإضافة إلى ذلك، هي ساحة أو منصة للتبادل الثقافي، وأخيرا، توفر بيئة سلمية تحفز الدول التي تقع على طول طريق هذه المبادرة، ولديها خلافات، بأن تتفاهم مع بعضها البعض وتحل خلافاتها وديا. ونحن في العراق متحمسون جدا لهذه المبادرة وندعمها بقوة ونعمل على الاستفادة منها ليس فقط كبلد، وإنما كما تعرفون فهذه المبادرة تضم إلى جانب العراق والصين، دولا عديدة ضمن هذا الإطار، ولذلك نستطيع أن نستفيد من هذه المنصة، لدعم مصالحنا المشتركة، والتفاعل مع الدول في منطقتنا والعالم.

((الصين اليوم)): شاركتم سعادتكم بنشاط في قمة "منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي"، التي استضافتها بكين في مايو 2017. فما هو تقييمكم لمخرجات هذه القمة وتأثيرها على التعاون الثنائي بين الصين والعراق؟

السفير: قبل كل شيء، نحن سعداء جدا، بهذه الفرصة للمشاركة في هذه القمة المهمة جدا، التي كانت ناجحة بكل المقاييس، إذا نظرنا إلى عدد المشاركين ومستوياتهم، إضافة إلى القرارات والاتفاقيات ومذكرات التفاهم والتعاون التي وقعت بين الدول الأعضاء في هذا المنتدى في هذه المبادرة. طبعا، بصورة عامة، نجاح المبادرة وتقدمها وتطورها يعني منفعة أيضا للعراق، كعضو وطرف في هذه المبادرة. لذلك، نحن نعتبرها ناجحة جدا، ونبارك للصين وللقيادة الصينية والشعب الصيني على احتضان هذه المبادرة هنا في الصين ونجاحها أيضا. طبعا، كدولة من الشرق الأوسط، كان اهتمامنا كبيرا، وناقشنا موضوعات لها أهمية أيضا بالنسبة لنا، والشيء الأهم بالنسبة لنا، هو الإصرار والتأكيد على مواصلة دعم التنمية في العالم، ومن ضمنه الشرق الأوسط. وجمهورية الصين الشعبية تكرمت أيضا برصد مبلغ مالي كبير ما يعادل 120 مليار دولار أمريكي لدعم هذه المبادرة. وكما قلت، نحن في منطقتنا وبالرغم من الموارد الكبيرة التي لدينا، ولا أعني العراق فقط، ولكن الكثير من الدول في المنطقة، نعاني من مشكلات اقتصادية واجتماعية، وبما أن هذه المبادرة تقوم على دعم هذه الدول ومساعدتها على رفع مستواها الاقتصادي والاجتماعي، فقد تم التأكيد على هذه النقاط. وكما هو معروف، كانت هناك محاور للنقاش واتفاقات كلها لصالحنا. لذلك، نعتبر مخرجات هذه القمة لصالحنا في المنطقة عموما وشعرنا بالاطمئنان لتأكيد القمة على أهمية الموضوعات التي تخص منطقتنا، من الاقتصاد والتنمية والسلام أيضا.

((الصين اليوم)): تتمتع الصين بتفوق في مجالات عديدة، وكذلك العراق. ما هو، في تقديركم، المجال الذي يمكن أن يكون الاتجاه الرئيسي للتعاون الثنائي في إطار الحزام والطريق؟

السفير: إن بلدينا، العراق والصين، يتمتعان بعلاقات استراتيجية. بمعنى أن العلاقات وصلت إلى مرحلة قامت بها الدولتان بتقديم الدعم والاستعداد للتعاون بأرفع المستويات. بالطبع، نحن في العراق، دولة نفطية مصدرة للنفط، والصين كأكبر شريك نفطي لنا، شريك رئيسي لشراء النفط الخام العراقي. في نفس الوقت، الشركات الصينية الحكومية هي أكبر المستثمرين في مجال النفط في العراق. استثمار هذه الشركات يخصص لتحديث وتطوير البنية التحتية النفطية في العراق. كما تعلمون أن تسعين بالمائة من واردات العراق تأتي من بيع النفط، لذلك، يعتبر هذا المجال أو هذا الحقل حياتيا ومصيريا بالنسبة لنا في العراق. دعم الصين لنا كبلد مشتر لبضاعتنا، النفط الخام، وفي نفس الوقت، هي مستثمر كبير في مجال التطوير، الأمر الذي يعتبر دعما كبيرا بالنسبة للعراق.

في عام 2016، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين ثمانية عشر مليار دولار أمريكي، وهذه السنة، حسب إحصائيات الجهاز الرسمي الصيني، في النصف الأول من 2017، وصل إلى أحد عشر مليار دولار أمريكي. الصين أكبر شريك اقتصادي للعراق. وفي نفس الوقت، حجم التبادل التجاري بالرغم من انخفاض سعر النفط، لم تنخفض كمية النفط العراقي المصدر إلى الصين، إنما ارتفعت. لكن بسبب انخفاض السعر، ترى بأن المبلغ مقارنة بعامي 2013 و2014 انخفض قليلا، لكن السعر هو الذي انخفض وليست كمية التصدير. الشيء الجاذب للانتباه في العلاقات التجارية بين البلدين، هو أنها نسبيا متوازنة. حجم الصادرات والواردات بين البلدين متوازن نسبيا، وهذه إشارة لعلاقات اقتصادية وتجارية صحية بين البلدين. إضافة إلى التجارة، طبعا، كما ذكرت بسبب الحروب والحصار والمشكلات التي كنا نعاني منها في العراق، لم تسنح لنا الفرصة لتطوير وتحديث البنية التحتية في مجالات مختلفة، بعد أن تهدمت في تلك الحروب، وكما تعرفون بسبب احتلال تنظيم داعش الإرهابي لمدن في العراق، وبعد تحريرها، استلمنا مدنا مدمرة بالكامل، وتحتاج إلى إعادة تأهيل وإعادة إعمار بشكل كامل. الحكومة الصينية والشركات الصينية فعالة جدا في العراق، في مجالات، كما ذكرت إضافة إلى التجارة والنفط، تعمل في حقل الطاقة، نعني بالطاقة هو إنتاج الطاقة الكهربائية، لدينا نقص كبير في هذا المجال، والشركات الصينية نشيطة وفعالة جدا في هذا الحقل. على سبيل المثال، تقريبا 60% من الطاقة الكهربائية لمدينة بغداد العاصمة، يتم إنتاجها من قبل الشركات الصينية في العراق. وكما تعلمون فإن الصين رائدة في مجال النقل والمواصلات ومجال الاتصالات، هذه المجالات فيها تعاون كبير. نحن نطمح أن نستفيد من الخبرات الصينية في المستقبل أيضا، وخاصة في مجالات، ربما أنا بدوري يجب أن أستكشفها، ومنها على سبيل المثال، التطور في المجال الزراعي في الصين ربما نستفيد منه في العراق، نحن دولة زراعية، لكن بسبب الظروف السياسية، لم نستطع أن نستثمر هذه الثروات الكبيرة التي لدينا. وإضافة إلى ذلك، الصين دولة عظمى، نحن نقول هذا، وأنتم بتواضعكم لا تريدون أن تسموا أنفسكم دولة عظمى، لكن هذه هي الحقيقة. علاقاتنا الاستراتيجية مع الصين، لها أهمية كبيرة. ونحن نعلم أن أصدقاءنا الصينيين يدعموننا في المحافل الدولية، ولهم تفهم كبير لوضعنا في العراق، ويقدمون الدعم المادي والمعنوي لنا، بشكل لا نعتبره دينا علينا، وإنما يتم تقديم هذا الدعم بشكل أخوي. وبالتأكيد هناك التعاون في المجال العسكري، وخاصة في الفترة الأخيرة، المجال العسكري نعني به، أننا نخوض حربا ليست تقليدية مع جماعات إرهابية في مدن تسكنها مجموعات كبيرة من الناس. الحرب التي نخوضها ضد تنظيم داعش الإرهابي حرب غير تقليدية، كما ذكرت؛ ولذلك، استفدنا كثيرا من الشركات العسكرية الصينية الكبيرة في مجال الدفاع، والتي ساعدتنا في تزويد قواتنا العسكرية والأمنية باحتياجاتها العسكرية التي تمكنها من خوض هذا الصنف الجديد من حرب المدن. وبالتأكيد، كلا البلدين مهتم جدا بمكافحة الإرهاب بشتى أنواعه، وكلا البلدين لديه تعاون في هذا المجال أيضا. الصين تقدم لنا دعما كبيرا في مجال التكنولوجيا والتقنيات المتطورة، ونحن ربما أصبحنا خبراء في طريقة محاربة التنظيمات الإرهابية، بسبب التجربة التي خضناها في السنوات السابقة. أيضا لدينا خبرات في هذا المجال يمكن أن نقدمها للصين، رغم أننا لا نتوقع أن الصين تحتاج لمثل هذه الخبرات داخل الصين، لكن هذا هو جزء من التعاون الموجود بين الطرفين.

((الصين اليوم)): استضافت الصين في سبتمبر 2017، القمة التاسعة لقادة دول "بريكس"، بمدينة شيامن في مقاطعة فوجيان. كيف ترون تطور مجموعة بريكس ودورها وآفاقها المستقبلية، ورؤيتكم لقمة شيامن؟

الدول الأعضاء في بريكس كلها دول هامة جدا وتشكل 40% من مجموع سكان الأرض وتتمتع باقتصادات سريعة النمو، ونحن في العراق نتمتع بعلاقات جيدة جدا مع كافة الدول الأعضاء في بريكس الخمس، ومن ضمنها جمهورية الصين الشعبية. لذلك، تطور عمل هذه المجموعة ونجاحها في تنفيذ قراراتها والخطط التي تضعها سوف تصب لصالح العراق لعدة أسباب. عندما تكون هذه الدول مزدهرة وتتطور باستمرار فإن هذا الازدهار والتطور ينعكس إيجابيا على علاقات العراق مع هذه الدول. نحن نرى بمجموعة بريكس نمطا جديدا من الحوكمة العالمية، وأنها نشأت في فترة ما بعد الحرب الباردة والتغيرات الكبيرة التي حصلت في العالم، خاصة في أوروبا. لقد كنا نتجه نحو عالم أحادي القطبية، ولكن إنشاء مجموعة بريكس مكّن العالم من التحول مرة أخرى نحو عالم متعدد الأطراف، ولا أود استخدام كلمة الأقطاب، وهذا هام جدا للسلام العالمي، عندما يكون هناك قوى توازن بعضها في العالم كمجموعة بريكس أمام الولايات المتحدة الأمريكية بكل إمكانياتها العسكرية والاقتصادية الكبيرة، فإن هذا التوازن سوف يجلب بالتأكيد الاستقرار للعالم، والعراق جزء من هذا العالم.

كما تعرفون، أهداف بريكس الكبيرة هي اقتصادية ومالية بالدرجة الأولى، وعلى سبيل المثال، إنشاء بنك التنمية الجديد الذي له أهمية كبيرة، سوف يوازن عمل المؤسسات المالية الكبيرة التي يتعامل معها العراق أيضا، ولكن في نفس الوقت، سيكون لها أهمية كبيرة إذا تواجدت مؤسسات كبيرة مثل بنك التنمية الجديد.

بمعنى آخر، نحن نعتبر مشروعات وأهداف بريكس لصالح العراق ونتوقع لعمل هذه المجموعة النجاح بالمستقبل، لأنها تتضمن مجموعة الدول ذات الاقتصادات الناشئة والأسرع نموا في العالم والتي لها نوع من الربط والتواصل مع الدول النامية.

نحن نتوقع أن يكون هناك تركيز ليس فقط على الدول ذات الاقتصادات الناشئة السريعة النمو وإنما أيضا على الدول النامية، وهذا بالتأكيد سوف يؤدي إلى دعم دول نامية قد تكون خرجت من حروب وأزمات أو من أوضاع سياسية معقدة جدا وتحتاج إلى مساعدة وعون دول أخرى لتستطيع النهوض والوقوف على أقدامها. وفي نفس الوقت، مجموعة بريكس لا تريد استعمار دول، بل تريد أن تدعم الدول النامية عن طريق التبادل الاقتصادي والتجاري والتنموي. لذا، نعتبر تعاون الجنوب- الجنوب نوعا من الموضوعات التي تهتم بها مجموعة بريكس وهو أمر ذو أهمية كبيرة في العراق.

((الصين اليوم)): في شهر أكتوبر هذا العام، سيعقد المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني. كيف تنظرون إلى هذا المؤتمر الهام؟

السفير: الحزب الشيوعي الصيني هو الحزب الحاكم لدولة عظمى كبيرة مؤثرة في العالم، ولذلك حسب تصوري كل دول العالم الآن، تتابع وتوجه أنظارها لهذا المؤتمر القادم، لأن في هذا المؤتمر سوف يتم تحديد خط الحزب وغاياته في السنوات القادمة، ويعني هذا خط الدولة، وسوف يتم اتخاذ القرارات، وربما تتم مناقشة أفكار تنعكس على الحياة العامة وسياسات الصين في المستقبل. وكل دول العالم الصديقة مثل العراق، وحتى المنافسة للصين أيضا، مهتمة جدا بمتابعة هذا المؤتمر ونتائجه. نحن في العراق مهتمون جدا، ليس فقط لأننا نرتبط مع الصين بعلاقات تاريخية وودية وصداقة عميقة، وإنما أيضا لأن الصين كما ذكرت شريك اقتصادي كبير، أكبر مشتر للنفط العراقي، وأكبر مستثمر في مجال النفط العراقي. لذلك، نحن مهتمون جدا للاطلاع على الأفكار والقرارات التي سوف تطرح وتتخذ في المؤتمر القادم للحزب الشيوعي الصيني. نشعر بالاطمئنان بأنه سيتكلل بالنجاح التام. وسوف يكون لنا أيضا الشرف إذا تمت دعوتنا كحضور، وإضافة إلى علاقات الدولتين، هناك علاقات صداقة بين أحزاب سياسية عراقية مع الحزب الشيوعي الصيني. وخاصة مع حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي أنتمي إليه، والذي كان رئيس جمهورية العراق السابق وحتى رئيس الجمهورية الحالي من أعضائه. الاتحاد الوطني الكردستاني، إضافة إلى الحزب الشيوعي العراقي، كانا من أوائل الأحزاب السياسية العراقية التي طورت علاقاتها الحزبية مع الحزب الشيوعي الصيني.

((الصين اليوم)): العلاقات الصينية- العراقية علاقات تاريخية عريقة. كيف يسير التعاون بين البلدين في الفترة الأخيرة، وما هي أبرز مجالاته وآفاقه المستقبلية؟

السفير: كما وصفت علاقاتنا سابقا بأنها وصلت لمرحلة علاقات استراتيجية ووقعنا وثيقة عليها، وعندما نصف علاقة دولية بالعلاقة الاستراتيجية، فهذا يعني أنها وصلت لمرحلة متقدمة جدا. هذا النوع من العلاقات تتمتع به الدولتان. وكما أشرت، فمجالات التعاون بين البلدين كثيرة. وإحدى المهام هنا هي اكتشاف مجالات جديدة للتعاون، ربما لم نفكر بها سابقا، ولاسيما في مجالات التنمية والاقتصاد والنفط والطاقة الكهربائية والمواصلات والبنية التحتية والإنشاءات السكنية، وغيرها. هناك حاليا تعاون كبير في هذه المجالات، لكننا نتطلع للدخول في مجالات جديدة، ومنها الزراعة على سبيل المثال، وربما نحتاج في مجال الأمن والدفاع، أن نطور علاقاتنا بشكل أكثر، لأننا نرغب أن يكون للصين دورا أكثر فعالية في منطقتنا، لا ينحسر هذا الدور في الدعم الاقتصادي والتنموي، رغم أهميته البالغة. تتمتع الصين بعلاقات ودية وجيدة ومؤثرة مع معظم دول المنطقة لأسباب كثيرة، لذلك، تتوقع معظم الدول من الصين أن يكون لها دور سياسي أمني أكثر فعالية في الشرق الأوسط، وهذا ما نتطلع إليه. والشعبان العراقي والصيني من أصحاب الحضارات العريقة، لذلك، نرى التعاون الثقافي بين البلدين له أهمية كبيرة. والتعاون السياحي هام أيضا؛ فالعراق، متحف، ولا توجد مدينة ليس فيها آثار ترجع إلى آلاف السنين. كانت هناك دول تتمتع بحضارة واحدة في العراق، تبدأ من السومرية إلى الأكدية إلى البابلية إلى الآشورية، والعصر الذهبي للحضارة الإسلامية كان في العراق في العصر العباسي. والتبادل التجاري والثقافي بين الصين والعراق وصل إلى ذروته في ذلك الوقت، خاصة في العصر العباسي الثاني بين القرن الثامن والقرن العاشر الميلادي. لذلك، نتطلع ونعمل معا لتطوير علاقاتنا الثقافية. نحن والصين نتمتع بأقدم الحضارات في العالم، لذلك، أرى أننا لدينا مسؤولية كبيرة أمام العالم، ورؤيتنا وطريقة تفكيرنا في معالجة مشكلات العالم. وهذا جانب من الجوانب الهامة جدا، التي نرغب أن نطورها ونستكشف طرقا جديدة للتعاون فيها. وفي المجال الاقتصادي، الصين لا تبخل بدعم العراق بأشكال مختلفة، وحاليا نناقش ونبحث طريقة جديدة للحصول على قرض كبير من الصين لكي تستطيع دعمنا في إعادة بناء البنية التحتية في العراق. نحن في طور الحصول على قرض كبير جدا، لأننا في العراق نعاني بالرغم من أن العراق بلد غني جدا، فنحن رابع أكبر دولة لديها احتياطي نفطي في العالم، ولكن بسبب انخفاض سعر النفط منذ عام 2014 ، إلى النصف تقريبا، والنفقات الحربية الكبيرة بسبب حربنا ضد تنظيم داعش الإرهابي، أدت إلى ظهور بعض المشكلات الاقتصادية، ولذلك نحتاج إلى دول تدعمنا لإعادة بناء البنية التحتية بصورة عامة، وخاصة تأهيل وإعادة تعمير المناطق المحررة من تنظيم داعش الإرهابي.

((الصين اليوم): هل تود أن توجه كلمة خاصة للشعب الصيني والشركات الصينية؟

السفير: أولا، نحن في العراق بسبب العمق الحضاري المشترك، لدينا شعور صداقة وأخوة تجاه الشعب الصيني. سمعة الشركات الصينية في العراق ممتازة جدا، لأنها، أولا، تنفذ ما تتعهد به، وتقوم بتنفيذ المشروعات بشكل مفيد لنا ويرضينا في العراق. ثانيا، وهذا أيضا أمر هام في فترة احتلال تنظيم داعش الإرهابي لمناطق معينة في العراق، كثير من الشركات من الدول الأخرى سحبت مشروعاتها وعمالها، لكن الصين كانت من الدول القليلة، رغم المشاكل الأمنية التي مررنا بها، أبقت على عمالها وشركاتها، وهذا كان له دور كبير في مواصلة الحياة العمرانية والاقتصادية في العراق. لذا، نقول للشركات الصينية والشعب الصيني أنتم مرحب بكم في العراق، ونود أن نقدم لكم الشكر لدعمكم لنا في الفترة التي مررنا بها في السنوات الثلاث الماضية، أثناء حربنا ضد داعش، والأزمة الاقتصادية التي مررنا بها. وأعتقد أن العراق يوفر فرصة ذهبية كبيرة بسبب موارده المالية الضخمة، والموارد الطبيعية الضخمة والموارد البشرية أيضا، هذا يعني أن العراق بلد ليس لديه نفط وغاز فحسب، وإنما أيضا في مجال الزراعة لدينا ثروات طبيعية كبيرة، ولدينا ثروات بشرية كبيرة، متعلمة ومتقدمة في مجالات كثيرة. أنا أحث الصينيين للتوجه إلى العراق كمستثمرين أو كرجال أعمال أو كسياح، ربما لتطوير العلاقات الثقافية بين البلدين. فأهلا وسهلا بكم، ونحن في سفارة جمهورية العراق في بكين، حسب صلاحياتنا، نقدم لكم أي شيء نستطيع، سواء في تسهيلات في سمات الدخول أو إعطاء المعلومات أو كوسطاء بينكم أو بين أي جهة عراقية تعتقدون أنكم تستطيعون التعاون معها أو توفير المعلومات التي تستفيدون منها.