آفاق ثقافية جديدة بين الصين والكويت
l مبادرة "الحزام والطريق" لها فائدة على الصعيد الثقافي
l الشعب الكويتي يتطلع لمعرفة المزيد عن الصين
l التعاون بين الصين والكويت في مجال الثقافة سيتواصل ويكون تعاونا بناء ونموذجا
على هامش الدورة الرابعة والعشرون لمعرض بكين الدولي للكتاب، المنعقدة في الفترة من اليوم الـ23 إلى اليوم الـ27 من أغسطس الماضي، أقيم منتدى بكين للنشر الدولي. وقد شارك في المعرض والمنتدى مدير إدارة معارض الكتب بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدولة الكويت ومدير معرض الكويت الدولي للكتاب سعد نقيمش العنزي، الذي أجرت معه ((الصين اليوم)) مقابلة خاصة تحدث فيها عن الآفاق الجديدة للتعاون الثقافي بين الكويت والصين.
((الصين اليوم)): هل هذه أول مرة تزور الصين؟ وما هو انطباعكم حول بكين والصين عموما من خلال مشاركتكم في هذه الدورة لمعرض بكين الدولي للكتاب؟
سعد العنزي: نعم، إنها المرة الأولى التي أتشرف فيها بزيارة جمهورية الصين الشعبية. الجميع يعرف أن الصين بلد جميل ومشهور، وكما يقال فإن سُمعتها تسبقها في كل أرجاء العالم. والشعب الصيني شعب جميل ومضياف وودود وخلوق، وبكين عاصمة الصين والمركز الثقافي للصين، وقد دهشت للطفرة العمرانية الرائعة والتقدم والتخطيط المدني الهندسي الحديث في بكين، وهي مدينة جميلة ونظيفة ومنظمة جدا. إن إقامة معرض بكين الدولي للكتاب لا تفيد في تعميم القراءة فقط، وإنما أيضا تفتح نافذة للعالم لمعرفة الصين.
ما جذب انتباهي هو الاهتمام في المجال الثقافي، والتركيز على الثقافة الصينية لاطلاع جميع الشعوب الأخرى على هذه الثقافة المميزة وتعريفهم بها، وهذه جهود مميزة تشكر عليها الحكومة الصينية.
((الصين اليوم)): كيف رأيتم هذه الدورة لمعرض بكين الدولي للكتاب؟ وما هي النقاط اللامعة الجديدة للتعاون بين الدول الواقعة على طول طريق الحرير في مجال النشر الدولي؟ وهل هناك بعض التجارب الناجحة في مجال النشر الدولي التي يمكن للبلدين أن يستفيدا منها؟
سعد العنزي: معرض بكين الدولي للكتاب لبنة من لبنات الثقافة العالمية. وهو معرض هام على مستوى شرقي آسيا، وخصوصا أنه معرض دولي يشارك به العديد من الدول من مختلف أرجاء العالم. ونحن حرصنا على زيارة هذا المعرض للتعرف على إمكانية الاستفادة من تجارب هذا المعرض، فهو معرض ليس قائما على مبدأ البيع المباشر، بل على عقد الصفقات وتبادل الخبرات والاجتماعات مع مسؤولي دور النشر الهامة في الصين ودول العالم. أما بالنسبة لما هي الاستفادة من الخبرات التي تمت بالنسبة للدول الواقعة على الحزام والطريق، فإن الكويت من أولى بلدان العالم الموقعة على مبادرة الحزام والطريق، ونحن ندعم هذه المبادرة العظيمة التي طرحها الرئيس الصيني. لذلك، نحن هنا لفتح آفاق ثقافية جديدة بين الكويت والصين، وإن شاء الله ستكون هذه الأفق والخطوط العريضة واضحة للعيان في معرض الكويت للكتاب القادم. وسنقوم نحن والأصدقاء والإخوة الصينيون المشاركون في المعرض بوضع اللبنات الأساسية النهائية لمشروع التعاون المشترك بين البلدين.
((الصين اليوم)):الكويت، كما أشرتم، من أولى الدول التي وقعت مع الصين اتفاقية بشأن البناء المشترك لـ"الحزام والطريق". ما هي الانعكاسات الإيجابية لهذه المبادرة في مجال النشر في البلدين؟ وما هي الفرص التي ستوفرها هذه المبادرة لقطاع النشر الدولي؟
سعد العنزي: المبادرة لها عدة فروع ولا تقتصر على جانب واحد أو مجال معين، فهي تشمل جوانب اقتصادية وثقافية وصناعية ووسائل النقل والمواصلات، فهي مبادرة عظيمة رُصِدَت لها مبالغ ضخمة من قبل الصين تقدر بحوالي 150 مليار دولار أمريكي، ومن المؤكد أن لها فائدة على الصعيد الثقافي، فالثقافة جزء لا يتجزأ من أي حراك مجتمعي موجود، ومن الصعب أن نتكلم بالسياسة أو الاقتصاد دون أن يكون لنا خلفية ثقافية عن المجتمع الذي نعيش فيه أو نزوره. من المؤكد أنها مبادرة لا تهمش الجانب الثقافي بل تركز عليه تركيزا بناء، وليس بالنسبة للكويت والصين فحسب، وإنما لجميع الدول الواقعة على طول الحزام والطريق. وكلنا نعلم أن الحكومة الصينية تشجع المبادرات الثقافية وتدعمها بالمال وتسخر لها جميع الإمكانيات، فبالتالي، من المؤكد أنها ستكون مبادرة ناجحة للنشر المتبادل بين بلدان الحزام والطريق والصين. ونحن نتمنى لها الازدهار والاستمرار، وبإذن الله ستكون لبنة من لبنات الثقافة العالمية المتطورة والنموذجية.
((الصين اليوم)): الكتب والمطبوعات عموما عامل هام لدفع التعارف والتفاهم والتواصل بين قلوب الشعوب، فكيف ينظر الشعب الكويتي إلى الصين؟ وهل الشعب الكويتي لديه الرغبة في معرفة أحوال الصين وحياة الصينيين؟
سعد العنزي: نعم بالتأكيد. وكما هو معروف، إذا أردنا معرفة أي شعب وتفاصيل حياته، يجب علينا قراءة الكتب التي تتحدث عنه ونقرأ أدبهم ورواياتهم وقصصهم. ونحن الآن نركز على الصين، لأهميتها فهي بلد اقتصادي عظيم ومن الطراز الأول فهي ثاني اقتصاد على مستوى العالم، ومن المتوقع أن تصبح الأولى اقتصاديا في فترة من العشر إلى الخمس عشرة سنة القادمة؛ لهذا فإن الشباب الطموح خاصة يركزون على الكتب الاقتصادية الصينية للاطلاع على السبل التي ساهمت في إخراج المارد أو التنين الصيني العملاق. وأيضا هناك إقبال على الأدب الصيني ولديه العديد من القراء وهناك أيضا إقبال على متابعة قناة CGTN العربية التي يشاهدها العديد من جمهور الكويت. كذلك هناك الكثير من قراء مجلة ((الصين اليوم)). ولكن للأمانة، هذه المتابعات ومعرفة الصين لا تزال في مراحلها الأولى، ومعرفة الكويتيين بالصين ليست قوية جدا، ونحن نرغب ونأمل أن تزداد هذه المعرفة بالصين وشعب الصين أكثر وأكثر.
نحن مع الإخوة في الصين نقوم بتعاون مشترك في عدة جوانب، منها جانب النشر، وكما قلت نحن الآن نضع اللبنات الأساسية الأولى لمشروعات ثقافية ضخمة في المستقبل بإذن الله. نحن منفتحون على الإخوة في الصين لأبعد الحدود، لذلك، بإذن الله سيكون هناك تعاون مثمر ملموس على أرض الواقع وسيكون نموذجا جيدا للتعاون في المنطقة العربية.
((الصين اليوم)): أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين الصين والكويت قبل ستة وأربعين عاما، وتشهد التبادلات بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية تطورا متواصلا، فهل يمكن أن تحدثنا عن مستقبل التعاون بين الكويت والصين في مجال النشر؟ وكما تعلمون فإن ((دار إنتركونتننتال للنشر)) قد فتحت موقعا إلكترونيا باسم ((تلك الكتب))، لتوفير خدمة القراءة الإلكترونية للجماهير، فما هو تقييمكم لهذا النمط من التعاون؟
سعد العنزي: نعم بكل ترحيب. هناك مبادرة بيننا وبين ((دار إنتركونتننتال للنشر)) الصينية، وستكون هناك أعمال مشتركة لتبادل الكتب. وقبل ذلك، نحن أقمنا العديد من الأمسيات والأسابيع الثقافية الكويتية في الصين، وأيضا قامت الصين بعدة أمسيات وأسابيع ثقافية صينية في الكويت، في تعاون ثقافي سابق بين البلدين، بالإضافة إلى ترجمة العديد من الروايات والقصص والكتب الأدبية الصينية إلى اللغة العربية في مجلات المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب التي يصدرها المجلس الوطني للثقافة، وإن شاء الله سيتواصل هذا التعاون ويكون تعاونا بناء ونموذجا للتعاون بين الصين والكويت والمنطقة ككل.
لقد سررنا جدا عند سماعنا بمشروع "تلك الكتب". لذلك، دعونا الزملاء والإخوة الصينيين لزيارة الكويت والتعاون معهم ودعمهم بالكتب المجانية لإنجاح هذا المشروع، فهو مشروع رائع ومميز وجميل ومبادرة جيدة جدا من الصين. وإن شاء الله، نترقب خلال شهر نوفمبر هذه السنة في معرض الكويت الدولي للكتاب تعاونا وثيقا بين ((دار إنتركونتننتال للنشر)) الصينية والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في مجال النشر.
((الصين اليوم)): نرجو إلقاء الضوء على معرض الكويت الدولي للكتاب بشكل عام.
سعد العنزي: معرض الكويت الدولي للكتاب من أقدم المعارض في الوطن العربي، إذ يأتي في المرتبة الثانية من القِدم بعد معرض القاهرة. وستكون هذه الدورة التي ستقام من 15 إلى 25 نوفمبر 2017، الدورة الثانية والأربعين، على مساحة 16500 متر مربع، ويشارك فيها أكثر من 30 بلدا، وأكثر من 560 دار نشر عربية وأجنبية. ونحن حرصنا على توفير كافة سبل الراحة للإخوة الناشرين ليعرضوا مؤلفاتهم وأعمالهم الثقافية لجمهور الكويت. ومعرض الكويت من المعارض التي تحرص على تواجد جميع الناشرين من العرب والأجانب، وهذا من حسن حظنا، وإن شاء الله تكون دورة ناجحة ومكملة لنجاحات الدورات السابقة. في الدورة الماضية للمعرض، كان الحضور أكثر من 330 ألف زائر، وأيضا كان من بين الزوار طلاب المدارس، حيث زار المعرض أكثر من 560 مدرسة، ونتوقع إقبالا جيدا هذا العام، وسيكون معرضا ناجحا بإذن الله كما عهدتموه دائما.