التراث العالمي في الصين
جسر يربط الماضي بالمستقبل

في السادس من يونيو 2017، افتتحت الدورة الأولى لمعرض "منجزات التراث العالمي في الصين" بمتحف الحدائق وهندسة المناظر الطبيعية الصينية في بكين، تحت رعاية وزارة الإسكان والتنمية الحضرية والريفية الصينية، وبتنظيم مركز حماية التراث الطبيعي العالمي التابع للوزارة ومتحف الحدائق وهندسة المناظر الطبيعية الصينية. سوف يستمر المعرض لمدة شهرين، ويختتم في نهاية أغسطس.

يتضمن المعرض صورا وقطعا أثرية لأكثر من أربعين موقع تراث طبيعي عالمي وتراث ثقافي وتراث مختلط وتراث مرشح لقائمة مواقع التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو). من بين مواقع التراث المعروضة، جبل هوانغلونغشان في ولاية آبا الذاتية الحكم لقوميتي التبت وتشيانغ في مقاطعة سيتشوان، جبل تايشان في مدينة تايآن بمقاطعة شاندونغ، جبل ووتاي في محافظة ووتاي بمدينة شينتشو في مقاطعة شانشي، سور الصين العظيم في حي يانتشينغ ببكين، ومنطقة المناظر في مدينة ووداليانتشي بمقاطعة هيلونغجيانغ، مما يجذب كثيرا من الزوار.

 

تحمل المسؤولية التاريخية

يجسد التراث العالمي تطور الحضارات الإنسانية في كل المراحل ويسجلها بصورة كاملة، ما يجعله أفضل مصدر معلومات لاستكشاف التاريخ الإنساني. الصين دولة عريقة، يرجع تاريخها إلى أكثر من خمسة آلاف سنة، تتجاوز مساحتها 6ر9 ملايين كيلومتر مربع، بها وفرة من التراث الطبيعي والثقافي تسجل كل التغيرات التي شهدتها الأمة الصينية.

 

من أجل حماية البيئة والحفاظ على التاريخ، وبفضل الجهود المشتركة لأربعة من أعضاء المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني؛ هو رن تشي ويانغ هان تشي ولو تشه ون وتشنغ شياو شيه، انضمت الصين في ديسمبر 1985 إلى "اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي". فأُدرج سور الصين العظيم وكهوف موقاو بمدينة دونهوانغ وضريح الإمبراطور تشين شي هوانغ ضمن "قائمة مواقع التراث العالمي" في عام 1987، كأول مجموعة للتراث العالمي في الصين.

منذ ثلاثين سنة وأكثر، وبفضل الجهود المبذولة من قبل العاملين في مجال حماية التراث جيلا بعد جيل، حققت الصين إنجازات غير مسبوقة في حماية التراث العالمي.

 في الاجتماع الحادي والأربعين للجنة التراث العالمي لليونسكو يوم 9 يوليو عام 2017، وافقت اللجنة على انضمام "منطقة هوشيل" في مقاطعة تشينغهاي و"حي قولانغيوي" في مقاطعة فوجيان إلى قائمة مواقع التراث العالمي، الأمر الذي يجعل الصين واحدة من أكبر دولتين من حيث عدد مواقع التراث العالمي بجانب إيطاليا. فضلا عن ذلك، تتمتع الصين بكافة أنواع التراث العالمي. قالت ني هونغ، نائبة وزير الإسكان والتنمية الحضرية والريفية الصينية، إن التراث العالمي يجسد تاريخ الطبيعة وهو متحف طبيعي للتاريخ والطبيعة والثقافة. مواقع التراث العالمي هذه هي مناطق نموذجية للتعايش المنسجم بين البشرية والطبيعة والتراث المشترك للأمة الصينية.

لإحياء التاريخ والثقافة وتحمل المسؤولية العظيمة لحماية التراث العالمي، تسلك الصين طريقا جديدا ذا خصائص صينية. من ناحية القانون، تم إنشاء منظومة قانونية شاملة على المستوى الوطني وعلى مستوى المقاطعات والمدن ومواقع التراث العالمي؛ من ناحية الإدارة، تشكل الأجهزة المسؤولية المعنية في الإسكان والتنمية الحضرية والريفية والحكومات المحلية والأجهزة المعنية بها وأجهزة الإدارة في موقع التراث العالمي نظام الإدارة على ثلاث درجات؛ من ناحة الاقتصاد، تعزز الدولة الدعم المالي لحماية التراث العالمي وفي نفس الوقت، تشجع الحكومة تطوير الموارد السياحية للتراث العالمي، مما يحقق إنجازات في حماية التراث العالمي وتطويره.

 

زخم جديد لدفع تعليم الأجيال اللاحقة

تتفق فترة معرض منجزات التراث العالمي في الصين مع العطلة الدراسية الصيفية، مما يجذب كثيرا من الطلاب. يزور المعرض طلاب كثيرون برفقة أولياء أمورهم. يقرأ آباء وأمهات بعض الأطفال الصغار شروح مواقع التراث المعلقة على الجدران، ويقصون عليهم حكايات ذلك التراث العالمي، ليساعدوا الأطفال الصغار على معرفة التراث العالمي وأهمية حمايته. بعض الأطفال الكبار نسبيا، في السنة الخامسة أو السادسة للمرحلة الابتدائية، عندما رأوا التماثيل الصلصالية للجنود والخيول بضريح الإمبراطور تشين شي هوانغ، حكوا لأصدقائهم قصصا مثيرة حولها.

قالت السيدة تشو، أثناء تجولها في المعرض، إنها معلمة جغرافيا في المرحلة الثانوية، وإن محتويات كثيرة في دروسها متعلقة بالتراث العالمي وخاصة التراث الطبيعي مثل المناطق المحمية للثلاثة أنهار المتوازية في مقاطعة يوننان والمناطق ذات الطبوغرافيا الكارستية في جنوبي الصين ومنطقة هوشيل في مقاطعة تشينغهاي. في الأيام الأولى للمعرض، اقترحت على طلابها زيارة هذا المعرض. المعلومات في الكتاب محدودة للغاية. الحل الوحيد هو إغلاق الكتاب والدخول إلى الطبيعة والتمتع بالمناظر الساحرة. هكذا، تتوسع آفاقهم وتزيد معلوماتهم. زارت السيدة تشو مع ابنها المعرض هذه المرة بغرض زيادة معلوماته حول التراث العالمي في الصين من خلال التمتع به.

التراث العالمي، ظهر في قديم الزمان وشاهد على تطور عصرنا وسيبقى في المستقبل. لذا، هو تراث لأسلافنا وجيلنا، وللأجيال اللاحقة التي تعد مستقبل الوطن، ولها الحق في معرفة هذا التراث وعليها واجب حمايته وإحيائه.

 

حزام ثقافي يربط "الحزام والطريق"

 

التراث العالمي ملك  لأبناء الشعب في الدولة التي يوجد بها، ولكنه ملك أولا للعالم بأسره. طريق الحرير القديم ممر مواصلات هام في القارة الأوراسية لتعزيز التبادلات التجارية والثقافية، يربط الصين وآسيا الوسطى وغربي آسيا. منذ عام 2003، تقوم الصين بالتشاور والتنسيق مع دول آسيا الوسطى لتقديم طلب إدراج "طريق الحرير" ضمن قائمة مواقع التراث العالمي. بفضل الجهود المشركة، نجحت الصين وكازاخستان وقيرغيزستان في إدراج "طريق الحرير: شبكة الممرات بين تشانغآن وجبل تياشان" ضمن قائمة مواقع التراث العالمي رسميا. هذا ليس إنجازا للتراث العالمي فحسب، وإنما أيضا إنجاز لتعزيز الثقة المتبادلة بين الجيران. التراث عالمي يجب على كل دولة اتخاذ الإجراءات لحمايته.

مع طرح الصين مبادرة "الحزام والطريق"، صارت حماية التراث العالمي مسؤولية مشتركة للدول على طول الحزام والطريق. بعد انعقاد قمة "منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي" في مايو 2017 ببكين، تشهد شعوب العالم مفهوم الثقافة الصينية المتميزة بالانفتاح في إطار مبادرة الحزام والطريق، وهذا سيدفع التبادلات الحضارية وسيعزز أعمال حماية التراث العالمي عبر الحدود.

مع التطور التدريجي لأعمال حماية التراث العالمي في الصين، سيدخل مزيد من المناظر الطبيعية والثقافية المتميزة إلى قائمة مواقع التراث العالمي، وسيبني هذا التراث جسرا طويلا يربط الماضي بالمستقبل. من خلال دراسة التراث العالمي، ستتعزز معرفتنا بالماضي والحاضر وخلق المستقبل.