تشنغده
المنتجع الامبراطوري الصيفي

تشنغده، مدينة تابعة لمقاطعة خبي تقع على مسافة مائتين وثلاثين كيلومترا من شمال شرقي بكين، تجاورها من الجنوب مدينة تيانجين ومن الشرق مدينة تشينهوانغداو ومن الغرب مدينة تشانغجياكو. وتعد تشنغده عقدة مواصلات هامة تربط بين بكين وتيانجين وخبي ولياونينغ ومنغوليا الداخلية.

تشنغده غنية بالموارد وتنعم ببيئة إيكولوجية جيدة وبغطاء نباتي كثيف، فضلا عن أنها مصدر هام للماء في منطقة بكين وتيانجين، ولهذا تحمل لقب "رئة شمالي الصين". الموقع الجغرافي والبيئة الطبيعية سببان رئيسيان لازدهار تشنغده، التي اتخذتها الأسرة الإمبراطورية منتجعا صيفيا لها. وقد أصبح المنتجع الصيفي ومروج باشانغ من المناطق السياحية الهامة في الصيف، وخاصة المنتجع والمعابد المحيطة بها قد أُدرجت في قائمة التراث الثقافي العالمي لليونسكو في عام 1994.

 

حديقة إمبراطورية كلاسيكية

منطقة تشنغده لها تاريخ طويل، وقد أنشأت فيها الحكومات المركزية لمختلف الأسر الإمبراطورية هيئات إدارية، وشهدت تطورا اقتصاديا وثقافيا لأبناء قوميات هان وشيونغنو وتشيدان وتوجيويه ومنغوليا وغيرها.

في القرن السابع عشر، سيطرت حكومة أسرة تشينغ على السهول الوسطى، وأنشأت ساحة مولان للقنص التي تبعد عن بكين أكثر من ثلاثمائة وخمسين كيلومترا، بهدف تعزيز الإدارة المحلية لمنطقة منغوليا وتقوية الدفاع عن الحدود في شمالي الصين. في خريف كل عام، كان الإمبراطور يتقدم الأمراء والوزراء وقوات الألوية الثمانية (اللواء تنظيم سياسي- عسكري في أسرة تشينغ) ومحظيات الإمبراطور وأبناء وأحفاد لأسرة الإمبراطورية، وعشرات الآلاف غيرهم للصيد في ساحة مولان للقنص. كان الهدف هو تدريب القوات وتعزيز الدفاع عن الحدود. ولمعالجة مشكلة مأكل ومسكن الإمبراطور أثناء السفر، بنيت استراحة إمبراطورية حملت اسم مصيف تشنغده في الطريق من بكين إلى ساحة القنص.

بدأ بناء المنتجع في عام 1703، واستغرقت عملية البناء تسعا وثمانين سنة، غطت عهود الأباطرة كانغ شي ويونغ تشنغ وتشيان لونغ لأسرة تشينغ. بفضل الموقع الجغرافي، تتمتع تشنغده بالمناخ الموسمي القاري المعتدل للمنطقة الجبلية، ويكون صيفها منعشا، فأصبح مصيفها مقر إقامة هاما لكل أباطرة أسرة تشينغ بعد الإمبراطور كانغ شي. لفترة طويلة، كان المصيف منتجعا للاصطياف ومعالجة شؤون البلاط واستقبال الأمراء والأعيان من الأقليات القومية والمبعوثين الأجانب، فصار مركزا سياسيا هاما آخر بعد بكين في ذلك الوقت.

يقع المنتجع في شمال مركز مدينة تشنغده، وهو مشيد على طراز القرى الجبلية البسيطة الأنيقة، يجمع بين مناظر الجبال والأنهار الطبيعية ومناظر جنوبي الصين ومناظر الحصون الحدودية في شمالي الصين. ويعتبر هذا المنتجع الجبلي أكبر حديقة إمبراطورية موجودة في الصين حاليا. تتكون منطقة الحديقة من أربعة أجزاء، وهي جزء القصور وجزء البحيرات وجزء السهول وجزء الجبال. في جنوبها الشرقي أنهار وبحيرات، وفي شمالها الغربي جبال، فتبدو الحديقة مثل صورة مصغرة للملامح الطوبوغرافية الطبيعية للصين، فضلا عن كونها عمل رائع لفن الحديقة الكلاسيكية الصينية القديمة.

لمعلوماتك

المنتجع الصيفي الجبلي في تشنغده

أروع نموذج للحدائق الكلاسيكية الصينية، تم إدراجه في قائمة اليونسكو للتراث الثقافي العالمي. يعتبر هذا المنتجع والقصر الإمبراطوري في بكين ومعبد كونفوشيوس في مدينة تشيويفو، ثلاث مجموعات من البنايات القديمة في الصين. أبرز ميزة لهذا المنتجع هي أن داخله جبالا، وهو يقع داخل الجبال. فيه أكثر من 120 منظرا معماريا كبيرا وصغيرا، منها 36 منظرا منحها الإمبراطور كانغ شي بنفسه أسماءها، و36 منظرا أخرى منحها الإمبراطور تشيان لونغ بنفسه أسماءها، وتمثل معا الاثنين وسبعين منظرا مشهورا للمصيف.

المواصلات: الحافلات العامة رقم 5 و10 و15 إلى محطة مصيف تشنغده.

 

مجموعة المعابد "وايبامياو"

وايبامياو، معناها في اللغة الصينية "الثمانية معابد خارج بكين"، ولكن الحقيقة أن عدد المعابد أكبر. في فترة أسرة تشينغ، كانت تشنغده تقع في الحدود بين المناطق المأهولة بأبناء قوميات مان ومنغوليا وهان وغيرها. ومن أجل التضامن مع الأقليات القومية في مناطق منغوليا والتبت وشينجيانغ وغيرها وتيسير مقابلة الإمبراطور مع زعماء هذه القوميات، بنت حكومة أسرة تشينغ في محيط المنتجع الصيفي 12 معبدا على طراز معبد البوذية التبتية، منها ثمانية معابد خاضعة مباشرة لإدارة حكومة أسرة تشينغ، ومع مرور الزمن، أصبح مصطلح "وايبامياو" يشير إلى مجموعة المعابد المحيطة بمصيف تشنغده.

في عام 1713، قدم أمراء قومية منغوليا التماسا للإمبراطور طلبوا فيه السماح لهم ببناء معبد خارج منتجع تشنغده ليكون مكان الاحتفال بعيد الميلاد الستين للإمبراطور كانغ شي. وافق الإمبراطور مسرورا، فتم بناء معبد بورن ومعبد بوشان اللذين يعتبران أقدم معبدين خارج المنتجع. خلال عشرات السنين بعد ذلك، ومع قدوم أعداد كبيرة من زعماء الأقليات القومية، مثل منغوليا والتبت، والمبعوثين الأجانب إلى تشنغده لمقابلة الإمبراطور وحضور الاحتفالات، قامت حكومة أسرة تشينغ بحركة البناء على نطاق واسع في تشنغده، فأنشأت عشرة معابد كبيرة على التوالي، لتكون مكان الطقوس البوذية للشخصيات السياسية والدينية. تحيط هذه المعابد بالمنتجع تشنغده، كأنها نجوم حول القمر. ولأن المنتجع رمز للسلطة الإمبراطورية والمعابد المحيطة به تمثل مختلف القوميات، فإنها جميعا ترمز لوحدة البلاد وتضامن القوميات.

تتقسم أساليب هذه المعابد إلى ثلاثة أنواع، وهي أسلوب قومية التبت وأسلوب قومية هان والأسلوب الذي يجمع بين أسلوب قومية التبت وأسلوب قومية هان، وتمتزج فيها روائع فنون العمارة لقومية هان وقومية التبت وغيرها من القوميات، فيكون شكلها مهيبا يتمتع بعظمة الأسرة الإمبراطورية، وتعتبر نموذجا للاندماج بين ثقافات قوميات هان ومنغوليا والتبت. في ديسمبر عام 1994، أُدرجت وايبامياو ومنتجع تشنغده في قائمة التراث الثقافي العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو).

لمعلوماتك

المعابد المفتوحة للزوار حاليا هي: معبد بونينغ ومعبد بوتو تسونغتشنغ ومعبد شيويمي فوشو ومعبد بوله ومعبد آنيوان.

معبد بونينغ مكان مشهور للنشاطات البوذية في شمالي الصين، كما أنه المكان المثالي لدراسة الثقافة البوذية.

بُني معبد بوتو تسونغتشنغ تقليدا لقصر بوتالا، ولهذا يسمى محليا بـ"قصر بوتالا الصغير"، وهو معبد كبير وفخم، فهو أكبر المعابد المحيطة بالمصيف. تم بناء هذا المعبد من أجل الاحتفال بعيد الميلاد الستين للإمبراطور تشيان لونغ، وكانت أجيال من الدالاي لاما لمنطقة التبت يقيمون في هذا المعبد خلال زيارتهم لإمبراطور أسرة تشينغ في تشنغده.

بُني معبد شيويمي فوشو كاستراحة للبانتشن لاما السادس عندما قدم إلى تشنغده لتهنئة الإمبراطور تشيان لونغ بعيد ميلاده.

الاسم الآخر لمعبد بوله هو يوانتينغتسي، وقد بُني من أجل إحياء ذكرى عودة قبائل منغولية من روسيا إلى وطنها الأم. البناية الرئيسية في المعبد تسمى بجناح شيويقوانغ، ولها طنف مزدوج وقبة، وشكلها يشبه قاعة الصلاة من أجل الحصاد الجيد بالمعبد السماوي في بكين.

الاسم الشعبي لمعبد آنيوان هو معبد إيلي، بُني المعبد ليكون مكان النشاطات الدينية في تشنغده لأكثر من ألفي مهاجر من قبيلة منغولية جاءوا من شينجيانغ.

المواصلات: الحافلة العامة رقم 6 إلى معبد بونينغ ومعبد بوتو تسونغتشنغ ومعبد شيويمي فوشو وغيرها من المعابد؛ والحافلة العامة رقم 10 إلى معبد بوله ومعبد آنيوان.

 

ساحة مولان للقنص

هي ساحة الصيد البري الإمبراطورية في فترة أسرة تشينغ. تقع في محافظة ويتشانغ الذاتية الحكم لقوميتي مان ومنغوليا التابعة لمدينة تشنغده، وتبعد عن المدينة حوالي 135 كيلومترا.

وهي جزء من مروج باشانغ، تتميز بغزارة المياه ووفرة الكلأ منذ قديم الزمان، فتكثر فيها الحيوانات. في عام 1681، أصدر الامبراطور كانغ شي مرسوما بتخصيص ساحة للقنص على مساحة أكثر من أربعة عشر ألف كيلومتر مربع، من أجل تدريب الجيش. وهكذا، ظهرت ساحة القنص الإمبراطورية في فترة أسرة تشينغ، وهي أكبر بقعة إمبراطورية للقنص في تاريخ الصين. في النصف الأول لفترة أسرة تشينغ، كان الإمبراطور يقود الأمراء والوزراء وقطعة عسكرية مختارة لقوات الألوية الثمانية إلى هنا سنويا، للقنص بالسهام، كان ذلك يُسمى في التاريخ بـ"القنص الخريفي في مولان". وخلال أكثر من مائة وأربعين سنة، من عهد الإمبراطور كانغ شي إلى عهد الإمبراطور جيا تشينغ لأسرة تشينغ، جرت نشاطات القنص البري في ساحة مولان مائة وخمسين مرة.

كان لاختيار كانغ شي ساحة مولان كساحة القنص امبراطورية، مغزى سياسي واستراتيجي، إذ إن هذه المنطقة تواجه منغوليا شمالا، وتطل على بكين وتيانجين جنوبا، فهي منطقة استراتيجية هامة. بعد أن أقامت حكومة أسرة تشينغ ساحة مولان للقنص، اتخذتها موقعا للتدريبات العسكرية عن طريق القنص كل سنة، بهدف السيطرة على منغوليا وترهيب روسيا القيصرية وتعزيز تضامن القوميات وتقوية الدفاع عن الحدود في الشمال. الحقيقة أن ساحة مولان للقنص صارت المكان الرئيسي للنشاطات السياسية والعسكرية لحكومة أسرة تشينغ.

بعد إقامة ساحة مولان للقنص، تم حظر قطع الأشجار والقنص بالسهام على عامة الشعب، وأصبحت نشاطات القنص السنوية فيها تقام بطريقة مخططة وفي مناطق مختلفة بالتناوب، مع تجنب القنص الجائر، لضمان استعادة وتجدد الحيوانات البرية داخل ساحة القنص. في نهاية أسرة تشينغ، فُتحت ساحة مولان للقنص أمام العامة، وسُمح بدخولها لاستصلاح الأرض فيها، فبدأ تدهور هذه الساحة الإمبراطورية للقنص.

ساحة مولان للقنص حاليا هي أكبر غابة اصطناعية في الصين، وتم إدراجها كمنطقة مناظر ومعالم مشهورة على المستوى الوطني. يبلغ ارتفاعها عن سطح البحر أكثر من ألف متر، وتتكون من ثلاث مناطق سياحية، هي: حديقة سايهانبا الوطنية للغابات ومنطقة يويداوكو السياحية للمروج والغابات ومحمية هونغسونغوا الوطنية الطبيعة. الجبال هنا متلاحقة متموجة والمروج على امتداد البصر. بالإضافة إلى التمتع بالمناظر الطبيعية، يمكن للزوار أن يجربوا القنص ويذوقوا أطعمة قوميتي مان ومنغوليا ويشاركوا في النشاطات الشعبية لقوميتي مان ومنغوليا وغيرهما من القوميات.

لمعلوماتك

تتكون مروج باشانغ من ويتشانغ باشانغ وفنغنينغ باشانغ وتشانغبي باشانغ و"الطريق السماوي على المروج" وغيرها من المناطق، وهي جزء هام من هضبة منغوليا الداخلية. فنغنينغ باشانغ هي الأقرب لمدينة بكين، والأجمل منظرا، تعد مكانا مثاليا للتصوير بالنسبة لهواة التصوير. ويتشانغ باشانغ هي تقع في منطقة الملتقى بين هضبة منغوليا الداخلية والمنطقة الجبلية لشمالي مقاطعة خبي، تتميز بالجو المعتدل في الصيف والمنظر الثلجي الجذاب في الشتاء .

أفضل وقت لزيارة المروج هو الفترة من يوليو إلى أكتوبر كل سنة، وبسبب ارتفاع الأرض وفرق الحرارة الكبير بين الليل والنهار في الصيف، يُنصح بارتداء ملابس ثقيلة نسبيا خلال الزيارة.

المواصلات: الانطلاق من مدينة بكين أو مدينة تشنغده إلى ساحة مولان للقنص بالقطار أو الباص للمسافات البعيدة أو بالسيارة الخاصة.