سياسة "دولة واحدة ذات نظامين": طريق جديد لتنمية الاقتصاد في هونغ كونغ

خلال عقدين من الزمان، منذ عودتها إلى الوطن الأم، واجهت هونغ كونغ تحديات مختلفة، بما فيها الأزمة المالية الآسيوية والأزمة الاقتصادية العالمية. وبدعم كامل من الحكومة المركزية الصينية ومناطق الصين الداخلية، فإن حكومة وأبناء هونغ كونغ التي تنتهج سياسة "دولة واحدة ذات نظامين"، اكتشفت طريقا جديدا للحفاظ على الاستقرار والازدهار على المدى الطويل، فيما يسمى بـ"نمط هونغ كونغ".

إطلاق العنان لمزايا هونغ كونغ

من خبرات النجاح في بناء اقتصاد هونغ كونغ الجديد في ظل انتهاج سياسة "دولة واحدة ذات نظامين"، إطلاق العنان لمزايا هونغ كونغ الفريدة.  

بعد خمس سنوات من العودة إلى الوطن الأم، وفي تقريره عن فترة خدمته الأولى في منصبه، أشار تونغ تشي هوا، أول رئيس تنفيذي لمنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة، إلى مزايا هونغ كونغ الفريدة. قال: "في ظل سياسة دولة واحدة ذات نظامين، تحافظ هونغ كونغ على مجتمع فيه تعددية ودرجة عالية من الحرية. تتمتع هونغ كونغ بنظام اقتصاد السوق الناضج ومنشآت تحتية على المستوى العالمي. الحكومة تتسم بالشرف والنزاهة، وموظفو الحكومة مهنيون ومخلصون. النظام الضريبي سهل، معدل الضريبة منخفض. النظام الاجتماعي جيد، والأمن الاجتماعي جيد، فضلا عن أنها مدعومة بسوق كبيرة سريعة النمو. لا يتمتع بهذه المزايا في آسيا غير هونغ كونغ. خلال سنوات من التطور، صارت هذه المزايا تفوقات للصناعات المحلية.

منذ تولي ليونغ تشون- يينغ منصبه كالرئيس التنفيذي الرابع لهونغ كونغ، شرح مرات خبرة هونغ كونغ في بناء الاقتصاد تحت سياسة "دولة واحدة ذات نظامين": في ترتيب "دولة واحدة ذات  نظامين"، نستفيد من "الدولة الواحدة" و"النظامين". بالاستفادة من تطور بر الصين الرئيسي والسياسات التفضيلية المخصصة لهونغ كونغ، يمكن لحكومة ومجتمع هونغ كونغ دفع تنمية الاقتصاد وتحسين معيشة الشعب وتقديم مساهمات لبناء الصين عن طريق استخدام مزاياها التي جلبتها سياسة "دولة واحدة ذات نظامين". أصبح دور الصين في دفع نمو الاقتصاد العالمي ومكانتها الرائدة أكثر وضوحا، لذلك، فازدادت تفوقاتها المزدوجة، بفضل "الدولة الواحدة" و"النظامين"، ودورها كرابط هام... من خلال الربط بين حاجة البلاد ومزايا هونغ كونغ، تتاح فرص لا تحصى لهونغ كونغ."

اليوم، أصبح تطوير "التكنولوجيا المبتكرة" و"إعادة التصنيع" إجراءان استراتيجيان لحكومة هونغ كونغ من أجل مساعدة هونغ هونغ في التخلص من حالة الركود وتحقيق الانتعاش على نحو شامل، وقد أصبحا مدخلين لتحقيق التحول الاقتصادي ونقطة جديدة للنمو الاقتصادي في هونغ كونغ.

دعم شامل من الحكومة المركزية والبر الرئيسي

الأزمة المالية الآسيوية في عام 1997، أزمة الالتهاب الرئوي الحاد اللانمطي (سارس) في عام 2003، الأزمة الاقتصادية العالمية في عام 2008، ثلاث هجمات خارجية خطيرة تعرضت لها هونغ كونغ منذ تأسيس منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة. عندما اندلعت الأزمة المالية الآسيوية، مدت الحكومة المركزية وبر الصين الرئيسي يد العون إلى هونغ كونغ في أسرع وقت ممكن، من أجل المحافظة على ازدهار واستقرار المنطقة. دعمت الحكومة المركزية بحزم حكومة هونغ كونغ في تنفيذ نظام ربط سعر الصرف، متمسكة بعدم تخفيض سعر الصرف للرنمينبي. وتحت دعم الحكومة المركزية، اتخذت حكومة هونغ كونغ إجراءات حاسمة ضمنت الاستقرار المالي والاجتماعي.  أزمة سارس (SARS) التي اندلعت في عام 2003، لم تهدد صحة أبناء هونغ كونغ فحسب، وإنما أيضا زادت صعوبات اقتصادها الذي لم يكن قد تعافى تماما من تداعيات الأزمة المالية الآسيوية، مما أدى إلى الانكماش وركود السوق، وارتفاع معدل البطالة إلى 7ر8%. وبينما كان بر الصين الرئيسي في حاجة ماسة للأدوية ومواد مكافحة الفيروس، قدمت  الحكومة المركزية كثيرا من أدوية ومعدات مكافحة الفيروس لهونغ كونغ مجانا. وفي التاسع والعشرين من يونيو 2003، وقع بر الصين الرئيسي ((خطة تعزيز توثيق العلاقات الاقتصادية والتجارية بين بر الصين الرئيسي وهونغ كونغ)) (CEPA) مع حكومة هونغ كونغ، التي حددت الإجراءات والأهداف في مجالات التجارة في السلع والخدمات، وتسهيل الاستثمار التجاري. وبعد ذلك، نفذ بر الصين الرئيسي سياسة "الزيارة الشخصية" التي تمكن الأبناء البر الرئيسي من زيارات شخصية لهونغ كونغ. كل هذه الإجراءات ضخت حيوية لقلب هونغ كونغ لمساعدتها على التخلص من هجوم سارس وتحقيق الانتعاش الاقتصادي. في عام 2008، انتشرت أزمة الرهن العقاري الأمريكي الى هونغ كونغ، فاتخذت الحكومة المركزية في ديسمبر ذات العام 14 سياسة وإجراء في سبعة مجالات من أجل دعم التنمية الاقتصادية والمالية المستقرة لهونغ كونغ... وبعد ذلك، خلال زيارة قادة الصين لهونغ كونغ، أعلنوا العديد من السياسات والإجراءات التي تهدف إلى دفع تنمية الاقتصاد ورفع مستوى معيشة أبناء هونغ كونغ، وتعزيز التعاون بين البر الرئيسي وهونغ كونغ. لعب كل ذلك دورا إيجابيا في زيادة ثقة أبناء هونغ كونغ وزيادة قدرتها على الوقاية من المخاطر وتعزيز انتعاش اقتصادها.

تدعم الحكومة المركزية وبر الصين الرئيسي هونغ كونغ في توطيد ورفع مكانتها التقليدية وقدرتها التنافسية العالمية باعبارها "مركزا اقتصاديا عالميا"، وخاصة تدعم مكانتها باعتبترها "مركزا ماليا عالميا" و"مركزا تجاريا عالميا" و"مركز شحن عالميا"،  بجانب دعم هونغ كونغ في القيام بالأعمال التجارية الشخصية بالعملة الصينية (الرنمينبي)، وإصدار سندات بالرنمينبي، وإقامة نقاط تجريبية لحسابات التجارة العابرة للحدود بالرنمينبي، وغيرها. وضع كل ذلك أساسا ثابتا لجعل هونغ كونغ سوقا خارجية للرنمينبي. بالإضافة إلى ذلك، تشجع الحكومة المركزية شركات بر الصين الرئيسي على الاكتتاب في سوق هونغ كونغ، وتطرح إجراءات أخرى لدعم تطور صناعة المال بها، وتهتم بصناعة السياحة وصناعة البيع بالتجزئة وتطور شركات هونغ كونغ في البر الرئيسي. استجابة لطلب حكومة هونغ كونغ، زادت الحكومة المركزية عدد المدن التجريبية لسياسة "الزيارة الشخصية" في عام 2016، فوصل عدد المدن التجريبية إلى تسع وأربعين مدينة يبلغ عدد سكانها ثلاثمائة مليون نسمة. حتى نهاية سبتمبر عام 2016، بلغ عدد أبناء بر الصين الرئيسي الذين قاموا بزيارات شخصية غلى هونغ كونغ مائتين وستة ملايين و280 ألفا.

خلال عشرين سنة من عودة هونغ كونغ، كان وما زال بر الصين الرئيسي أكبر شريك تجاري لهونغ كونغ، وهونغ كونغ من أكبر الشركاء التجاريين للبر الرئيسي.

تقوم هونغ كونغ بالتعاون الاقتصادي والتجاري مع شنتشن ومقاطعة قوانغدونغ ودلتا نهر تشوجيانغ والمناطق المحيطة المرتبطة بالدلتا، وتتعاون مع داخل الصين في مجالات تنسيق التخليص الجمركي، تنسيق مراقبة الحركة الجوية، تنسيق بناء المنشآت التحتية الكبيرة، تنسيق الإدارة البيئية المتكاملة وغيرها. تطبق مناطق الصين الداخلية نظام التعريفة المخفضة أو الصفر على بضائع هونغ كونغ، والأعمال التجارية الشخصية بالرنمينبي، وأعمال السندات بالرنمينبي، و"الزيارة الحرة" و"الزيارة الشخصية" لسكان البر الرئيسي، وتدفق الأكفاء وغيرها من أوجه التعاون الأخرى، بجانب تعاون السوق المفتوح حول CEPA، الأمر الذي يدفع التفاعل الإيجابي والفوز المشترك في التعاون الاقتصادي، ويزيل العوائق الثنائية في تدفق الأكفاء والنقل والأموال والمعلومات يوما بعد يوم.

في القرن الجديد، بسبب التدهور المستمر للبيئة الداخلية والخارجية، ما زالت حالة اقتصاد هونغ كونغ غير جيدة. وقد طلبت حكومة هونغ كونغ المساعدة من الحكومة المركزية، فتقدم الحكومة المركزية والبر الرئيسي المواد اليومية ووسائل الإنتاج الكافية لهونغ كونغ، التي تعتمد على البر الرئيسي في إمدادات المستلزمات اليومية الأساسية، بما فيها المياه العذبة والخضروات واللحوم والدواجن. منذ بداية ستينات القرن العشرين، قام البر الرئيسي بتشغيل "ثلاث قطارات سريعة" من أجل تزويد هونغ كونغ بالسلع الطازجة والمجمدة، وتنفيذ مشروع توفير المياه. تبذل الحكومة المركزية والمناطق المعنية جهودها في ضمان استقرار إمدادات المؤن لهونغ كونغ من حيث المياه العذبة والأغذية والمنتجات الزراعية والمنتجات الحيوانية والكهرباء والغاز الطبيعي، على قدر استطاعتها.

خلال عشرين سنة من العودة، أصبح دور "عناصر بر الصين الرئيسي" في دعم وضمان تنمية اقتصاد هونغ كونغ وازدهارها أكثر بروزا، ما يعتبر أحد التفوقات النظامية لسياسة "دولة واحدة ذات نظامين". كما قال الرئيس الصيني شي جين بينغ: "منذ لحظة عودة هونغ كونغ إلى وطنها في غرة يوليو عام 1997، أصبح مستقبل هونغ كونغ راسخا في أيدي أبناء هونغ كونغ، وصار مصير هونغ كونغ يرتبط بوطنها بشكل وثيق. وإننا على ثقة بأنه بدعم وطنها، واعتمادا على جهود حكومة هونغ كونغ وشخصيات الأوساط المختلفة، سوف تتغلب هونغ كونغ على أي مخاطر وصعوبات وتحديات في طريق التقدم، وسيكون غدها أجمل، وسيعيش أبناء هونغ كونغ حياة أكثر سعادة. لقد أصبحت هونغ كونغ لؤلؤة الشرق الأكثر تألقا."

"هونغ كونغ الجديدة"

خلال عشرين سنة من العودة، حقق بناء "هونغ كونغ الجديدة" في ظل سياسة "دولة واحدة ذات نظامين" إنجازات ملموسة، حافظ الاقتصاد على نمو مستقر، وواصل الاقتصاد الكلي النمو، وانخفضت نسبة البطالة. حافظت هونغ كونغ، بل ورفعت، مكانتها كمركز مالي عالمي ومركز تجاري عالمي ومركز شحن عالمي. هونغ كونغ مركز مصرفي عالمي هام، وتعتبر سادس أكبر سوق للأوراق المالية وخامس أكبر سوق للصرف الأجنبي في العالم، هونغ كونغ تحتل مكانة متقدمة في التصنيف العالمي بين المراكز المالية المختلفة ، فهي تاسع أكبر اقتصاد تجاري في العالم، ولها علاقات تجارية مع معظم الدول والمناطق. هونغ كونغ هي إحدى أكبر موانئ الحاويات في العالم ورابع أكبر مركز لتسجيل السفن الدولية. هونغ كونغ من أكثر الموانئ الجوية إشغالا في العالم، تحتل المركز الخامس عالميا من حيث عدد الركاب، والأول من حيث حجم شحن البضائع على مدى سنوات. تتطور الصناعات المتفوقة التقليدية باستمرار. تلعب صناعات التجارة والنقل والسياحة والمال وغيرها دورا هاما باستمرار. تهتم هونغ كونغ بتطوير صناعات الإبداع الثقافي والتكنولوجيا المبتكرة والاختبار وإصدار الشهادات وحماية البيئة وغيرها.

خلال عشرين سنة من العودة، حافظت هونغ كونغ على اتجاه جيد من حيث البيئة التجارية. في تصنيف البيئات التجارية الذي قام بها البنك العالمي بين 185 اقتصادا، احتلت هونغ كونغ مرتبا متقدما خلال عدة السنوات. حسب ((تقرير الاستثمار العالمي 2013)) الذي أصدره مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD)، احتلت هونغ كونغ المرتبة الثالثة في العالم، من حيث جذب الاستثمار الأجنبي المباشر. وفي ((الكتاب السنوي للتنافسية العالمية)) الذي يصدره المعهد الدولي للتنمية الإدارية في لوزان بسويسرا، تعد هونغ كونغ من الاقتصادات الأكثر قدرة تنافسية. مؤسسة التراث الأمريكية تعتبر هونغ كونغ الاقتصاد الأكثر حرية في العالم لمدة 22 سنة مستمرة. معهد كاتو الأمريكي أصدر ((مؤشر حرية الإنسان 2016))، حسب سيادة القانون وحرية التنقل والحرية المدنية والحرية الاقتصادية وغيرها من 79 مؤشرا أخرى، واحتلت هونغ كونغ المرتبة الأولى من بين 159 دولة ومنطقة، لمدة ست سنوات متواصلة.

خلال عشرين سنة من العودة، نال بناء "هونغ كونغ الجديدة" في ظل انتهاج سياسة "دولة واحدة ذات نظامين"، تقدير المجتمع الدولي، بما في ذلك شخصيات متحيزة سياسيا، في مجال تنمية الاقتصاد. يمكننا أن نجد شيئا من ذلك من خلال كل من "تقرير هونغ كونغ النصف السنوي" الذي تصدره الحكومة البريطانية كل سنة، و"تقرير سياسات هونغ كونغ" الذي تصدره حكومة الولايات المتحدة الأمريكية. قبل عودة هونغ كونغ، طرحت مجلة ((فورتشن)) الأمريكية رؤية متشائمة شديدة، فنشرت مقالة بعنوان "موت هونغ كونغ". أما بعد عشر سنوات، فنشرت المجلة ذاتها مقالة بعنوان ((هونغ كونغ لن تموت!))، وتعترف ب"أننا مخطئون".  بعد أن رأى تطور هونغ كونغ منذ عودتها إلى الصين، اعترف كريستوفر باتن، آخر حاكم بريطاني لهونغ كونغ، بأن سياسة "دولة واحد ذات نظامين" مفيدة وفعالة جدا! قالت وزارة الخارجية البريطانية بوضوح: تهتم بريطانيا بتعهد "البيان مشترك"، وتعتقد أن سياسة "دولة واحدة ذات نظامين" هي أفضل اختيار للمحافظة على استقرار وازدهار هونغ كونغ على المدى الطويل، ومن الامول أن تواصل هذه السياسة تحقيق النجاح ونيل الاحترام.

أشار ليونغ تشون- يينغ إلى أن هونغ كونغ هي المدينة الدولية الأكثر انفتاحا في الصين، وتلعب دور "الرابط الفائق"، وهي نقطة دعم هامة لسياسة "الاستيراد من الخارج" و"الذهاب إلى الخارج". حاليا، ترتبط هونغ كونغ بمبادرة "الحزام والطريق" بشكل إيجابي، وتساهم في بنائها اعتمادا على تفوقاتها. نجاح سياسة "دولة واحدة ذات نظامين" في هونغ كونغ يأتي بأفق مشرق لهونغ كونغ.

تشي بنغ في: نائب رئيس الجمعية الصينية لدراسات هونغ كونغ وماكاو