وارث لعب السيف العريض ينشر روح التضامن

السيف العريض الكبير (دا دو) من الأسلحة التقليدية الصينية العريقة، إذ يرجع تاريخه إلى أكثر من ألف ومائتي سنة. حسب السجلات التارخية، ظهر هذا السلاح في زمن أسرة تانغ (618- 907)، إذ كان الجنرال لي كه يقاتل بسيف عريض وزنه ستون كيلوغراما!

تساو شي جيه هو متوارث اللعب بالسيف العريض في مدينة تيانجين. كان جده تساو جين تساو من أشهر لاعبي الووشو الصيني التقليدي. في أواخر أسرة تشينغ (1664- 1912)، أسس تساو جين تساو أول مدرسة لتعليم اللعب بالسيف العريض وغيره من أساليب الووشو. ورث ابنه تساو كه مينغ هذه المهارة، بل وأبدع فيها المزيد من الحركات، ما شكل سلسلة كاملة من حركات اللعب بالسيف العريض. في سنة 2006، تم إدراج أسلوب اللعب بالسيف العريض لقومية هوي ضمن قائمة التراث غير المادي على مستوى الدولة. وفي سنة 2007، تم اعتماد تساو شي جيه، وهو من الجيل السادس لهذا الأسلوب، وريثا للسيف العريض لقومية هوي في مدينة تيانجين.

المهارة ابنة التدريبات المتواصلة

بدأ تساو شي جيه التدرب على لعب السيف العريض وهو في السادسة من عمره. يحتفظ في بيته بأكثر من عشرة سيوف عريضة، أثقلها وزنه ثمانون كيلوغراما. في مقابلة خاصة مع ((الصين اليوم))، قال السيد تساو: "يقال إنه في أوائل أسرة مينغ (1368- 1644)، اشتهر جنرال من قومية هوي بجرأته وشجاعته في القتال. كان هذا الجنرال يستخدم سيفا عريضا ثقيلا ، ويقاتل تحت قيادة الإمبراطور تشو لي. بعد الحرب، انتقل هذا الجنرال إلى مدينة تيانجين، وأخذ معه أسلوب اللعب بالسيف العريض. اسم عائلة هذا الجنرال "تساو"، فهو جدنا."

قال تساو شي جيه إن اللعب بالسيف العريض يحتاج إلى بنية قوية ولياقة عالية، موضحا أنه إذا لم تكن التدربات الأساسية كافية، ولا يتمتع الشخص بأساس متين، فمن المستحيل أن يلعب بالسيف العريض. قال: "التدربات الأساسية تستغرق وقتا طويلا. في غابر الزمان، كان أسلافنا يطلبون من تلاميذهم التدرب على رفع الأحجار الثقيلة لمدة ثلاث سنوات على الأقل. بعد ارتفاع قدرة التلميذ على الرفع، يبدأ في التدرب على رفع السيف الثقيل. هذه المسيرة كانت تستغرق غالبا سبع سنين." بعد التدريبات المضنية، أجاد تساو شي جيه كل حركات وأساليب السيف العريض، وكان في الخامسة والعشرين من عمره. في عام 1991، مثل تساو شي جيه مدينة تيانجين في دورة الألعاب التقليدية الوطنية للأقليات القومية وفاز بميدالية ذهبية، وكان الوحيد من لاعبي تيانجين الذي فاز بميدالية ذهبية.

بعد ذلك، فاز تسو شي جيه بالعديد من الجوائز الكبيرة في مجال الرياضة والووشو. شارك في الدورات الرابعة والخامسة والسادسة والسابعة للألعاب الرياضية التقليدية الوطنية للأقليات القومية، وفاز بميداليتين ذهبيتين وميداليتين فضيتين. كما شارك في الدورتين الثانية والثالثة  لدروة الألعاب الرياضية التقليدية للأقليات القومية لمدينة تيانجين، وفاز بالجائزة الأولى مرتين.

نقل مهارة اللعب بالسيف العريض

ذاعت شهرة تساو شي جيه بعد فوزه بالميدالية الذهبية، فأقبل عليه تلاميذ ومتدربون للتعلم على يديه اللعب بالسيف العريض. على مدى عشرين عاما ونيفا، قبل تساو شي جيه سبع دفعات من التلاميذ والمتدربين، الذين تعلموا على يده لعب الووشو ولعب السيف العريض، وشاركوا في مسابقات ومناسبات كبيرة.

لا يتقاضى تساو شي جيه أجرا على تدريب تلاميذه. قال: "منذ الجيل الأول لأسرتنا، نحن نعلم مهارة اللعب بالسيف العريض مجانا. لا يجوز لي أن أقطع هذه العادة." بسبب التدريبات الشاقة، يتعرض تلاميذ تساو شي جيه دائما لجروح بسيطة وإصابات صغيرة، فيتحمل تساو شي جيه نفقات علاجهم. يعمل تساو شي جيه سائق سيارة أجرة لكسب الرزق، وينفق كل دخله على تلاميذه. استأجر شقة في التجمع السكني الذي يقيم فيه وحولها إلى قاعة تدريبات لتلاميذه. تبلغ نفقات هذه الشقة شهريا أكثر من عشرة آلاف يوان (الدولار الأمريكي يساوي 8ر6 يوانات)، وعندما ياتي تلاميذه يدعوهم لتناول الوجبات مجانا. والأكثر من ذلك، أن تساو شي جيه يقدم بعض لوازم الحياة أحيانا للمتدربين الفقراء.

قال تساو شي جيه: "أرى أن أسلوب هذا اللعب حيوي، وأن سره وسحره يكمن  في توارثه جيلا بعد جيل. الذين يمارسون هذا الأسلوب التقليدي هم الأكثر قيمة. إذا استطعت نشر أسلوب اللعب بالسيف العريض بين مزيد من الناس، فيمكن أن أقول إنني أحمل حقا المسؤولية على عاتقي، وإنني متوارث لهذا الأسلوب بمعنى الكلمة."

روح السيف العريض

قال تساو شي جيه، وهو مسلم مؤمن، إن في تقوية البدن وممارسة الرياضة ولعب السيف العريض فوائد صحية عديدة: فهي تزيل عن الجسم المخلفات الضارة، كما تعمل على تقوية العضلات وتنشيط الدورة الدموية. الفوائد الصحية للعب بالسيف العريض يظهر أثرها على ممارسها، فضلا عن أن هذا اللعب ليس فقط تهذيبا للبدن، وإنما أيضا تهذيب للروح. قال تساو شي جيه: "خلال مسيرة التدريب الطويلة الشاقة، يتم شحذ روح المثابرة والعزم عند المتدرب. التدرب يفرغ الشحنات العصبية الزائدة باستمرار، ما يجعل المرء هادئا ومستقر المزاج وطيب النفس. لذلك، يكون أصحاب السيف العريض دائما ذوي هيبة ووقار."

بالإضافة إلى إبداع حركات وأساليب جديدة للعب السيف العريض، نقل تساو شي جيه هذه المهارات إلى ابنته تساو نينغ. حسب العادات التقليدية للوشو الصيني، لا تُنقل مهارات الووشو إلى النساء في الأسرة، وإنما إلى الرجال فقط. لكن تساو شي جيه خرق هذه العادة الاجتماعية التقليدية. قال: "من المستحيل أن تنتهي مهارة اللعب بالسيف العريض على يدي! أنا سأنشرها إلى أنحاء الدولة بل والعالم." بدأت الابنة تتعلم اللعب بالسيف العريض وهي في الثالثة من عمرها. ومع أن هذه اللعبة الرياضية شاقة بالنسبة للفتيات، ثابرت هذه الفتاة عليها ولم تبد ضجرا أو شكوى. عمرها حاليا اثنتان وعشرون سنة، وشاركت في ثلاث دورات للألعاب الرياضية التقليدية الوطنية للأقليات القومية، حيث فازت بميدالية ذهبية وميداليتين فضيتين. قالت تساو نينغ: "أنا من الجيل السابع لأسلوب اللعب بالسيف العريض لأسرة تساو، فلدي مسؤولية توارثه ونشره. كان أبي يشعر بالألم عندما كنت أتدرب في صغري على مهارات اللعب بالسيف العريض، وحاول أن يقنعني بترك هذه اللعبة، ولكنني ثابرت عليها، وأشعر بالفخر بأن هذا نوع من الووشو التقليدي يتدفق بحيوية جديدة في جيلي."

ذاعت شهرة أسرة تساو في اللعب بالسيف العريض لقومية هوي في أنحاء الدولة، وتأتي الدعوات دائما لأسرته للظهور على شاشات التلفزة أو تقديم العروض في المناسبات الكبيرة. في السنة الماضية وجه برنامج "الوريث الكبير" الذي تقدمه محطة تلفزيون بكين، دعوة لتساو شي جيه وابنته وتلاميذه لتقديم عرض بالسيف العريض. وقال النجم الصيني الكبير تشن داو مينغ إن هذه المهارة تذكرنا بحكمة وشجاعة أسلافنا الصينيين.

من أجل تعزيز حماية هذه المهارة القديمة للوشو التقليدي وتطويرها، خصصت حكومة منطقة هونغتشياو المحلية في مدينة تيانجين مكانا ليكون قاعدة تدريب للسيد تساو شي جيه. كما أدرجت مصلحة الثقافة ومصلحة الرياضة لمنطقة هونغتشياو أسلوب اللعب بالسيف العريض ضمن المشروعات الرياضية الخاصة للمنطقة. بالنسبة لأسرة تساو، فإن الهدف من ممارسة اللعب بالسيف العريض هو تقوية الجسم ونشر روح الووشو التقليدي، وتعزيز تضامن القوميات، ولهذا تحظى جهودهم بإقبال من الصينيين والأجانب.