ألعاب الثلج والجليد.. موضة الصينيين الجديدة

أعلن رئيس اللجنة الأولمبية الدولية توماس باخ في الحادي والثلاثين من يوليو 2015 في كوالالمبور، فوز بكين باستضافة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2022، وبذلك تصبح العاصمة الصينية أول مدينة في العالم تستضيف الألعاب الأولمبية الصيفية والشتوية. كانت الصين قد طرحت في طلبها لاستضافة أولمبياد 2022 الشتوية خطتها بجذب ثلاثمائة مليون فرد لممارسة ألعاب الجليد والثلج، ما جعل ألعاب الثلج والجليد تحظى بإقبال متزايد من الصينيين.

ستقام كافة مسابقات الجليد لأولمبياد 2022 الشتوية في المنطقة الحضرية ببكين، بينما ستقام مسابقات الثلج في حي يانتشينغ ببكين، ومدينة تشانغجياكو. حاليا، وبفضل الدعم الحكومي ورغبة الصينيين المتزايدة في ألعاب الثلج والجليد، تشهد تلك الألعاب تطورا ملحوظا، بل صارت موضة عند الصينيين.

الرياضات الشتوية في بكين وتشانغجياكو

ظلت بكين، على مدى عشرات السنين بعد تأسيس الصين الجديدة عام 1949، مركز الرياضات الشتوية في الصين. ومازالت العاصمة الصينية تقود البلاد في رياضات شتوية؛ مثل التزلج على الثلج والتزلج على الجليد وهوكي الجليد.

حماسة أبناء بكين لممارسة التزلج بلغت ذروتها في أواخر سبعينات وأوائل ثمانينات القرن الماضي. مع الإصلاح والانفتاح في الصين، اكتشف الصينيون المزيد من الاختيارات لممارسة هواياتهم الرياضية. ونتيجة لذلك، فقد زاد التزلج شعبيته على مر السنين. خلال الثمانينات، وعلى الرغم من تراجع الرياضات الشتوية في بكين، لم تفقد المدينة موقعها كقائدة للبلاد في تطوير الرياضات الشتوية.

في مطلع القرن الحادي والعشرين، اكتسبت ألعاب الجليد والثلج مرة أخرى شعبيتها بين الجماهير. بدأت ألعاب الجليد تزدهر، خاصة بعد عام 2005. ياو ناي فنغ، ومنذ أن استقال من عمله كمدرب لفريق هوكي الجليد النسائي الصيني في عام 2002، كرس نفسه للترويج لرياضة هوكي الجليد بين عامة الناس.

بالإضافة إلى التزلج على الثلج، يزدهر التزلج على الجليد أيضا في بكين. استفادة من تنميتها الاقتصادية السريعة والظروف المناخية المواتية، زاد عدد منتجعات التزلج على الجليد في ضواحي بكين في العقد الماضي.

أما تشانغجياكو التي تستضيف جميع مسابقات الثلوج، فقد شهدت أيضا طفرة في الرياضات الشتوية، كونها مدينة مشاركة في استضافة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2022.

تتمتع تشانغجياكو بظروف طبيعية مواتية لتطوير الرياضات الشتوية. ويمتد موسم الثلوج بها لأكثر من 150 يوما، من أواخر أكتوبر وحتى أوائل أبريل. ولهذا السبب، أنشئت أعداد متزايدة من منتجعات التزلج على الجليد من الطراز العالمي في المدينة في السنوات الأخيرة. وشهدت ألعاب الثلوج تطورا سريعا هناك.

في عام 1996، أقامت محافظة تشونغلي بمدينة تشانغجياكو أول منتجع للتزلج على الثلج بها. وقد أصبح اليوم مقصدا مشهورا للتزلج. منذ عام 2000، ومع تعاظم شعبية سياحة التزلج والترفيه، يزور المزيد من السياح تشونغلي للتزلج. في السنوات الأخيرة، نظمت تشانغجياكو سلسلة من الفعاليات الرياضية الشتوية مثل ألعاب ثلوج الممتعة ومسابقة تزلج الهواة، لنشر حماسة التزلج بين السكان المحليين.

تطور التزلج على الثلج

التزلج على الثلج، وهو أكثر الرياضات تطورا وانتشارا في الصين، رياضة شبابية ظهرت لأول مرة في الولايات المتحدة الأمريكية، وبعد أربعين سنة دخلت إلى الصين وصارت تحتل مرتبة متقدمة في اهتمامات الشباب الصيني.

رياضة التزلج على الثلج مشهورة في البلاد الباردة. في عام 2001، افتتحت أول مدرسة تدريب لرياضة التزلج على الثلج في الصين، وذلك في منتجع نانشان للتزلج على الثلج في بكين. وسرعان ما انتشرت هذه الرياضة بين الشباب الصينيين في بكين وشانغهاي وقوانغتشو وشنتشن وغيرها. وعلى الرغم من أن هذه الرياضة ظهرت في الصين بعد أربعين سنة من ظهورها في الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنها حققت تطورا سريعا وانتشارا واسعا في أنحاء البلاد.

تعاظم حب الصينيين لممارسة هذه الرياضة الجديدة نسبيا، وارتفع عدد حلبات التزلج والهواة ارتفاعا كبيرا. يعتبر عدد حلبات التزلج رمزا لمدى انتشار هذه الهواية في أي بلد. وحسب ((الكتاب الأبيض حول قطاع التزلج على الثلج في الصين لعام 2016)) الصادر في فبراير عام 2017، بلغ عدد ممارسي التزلج على الثلج في الصين 33ر11 مليون فرد، ووصل عدد حلبات التزلج على الثلج في الصين إلى 646 حلبة عام 2016 بزيادة 78 حلبة بالمقارنة مع عام 2015. وقال آن لين بين نائب الأمين العام للجمعية الصينية للتزلج على الثلج: "في منتصف تسعينات القرن الماضي كان في الصين عدة حلبات تزلج تستخدم لتدريب الرياضيين فقط. في السنوات القليلة الماضية، شهد قطاع التزلج على الثلج في الصين تطورا سريعا. ووفقا للأرقام الواردة من ((الكتاب الأبيض حول قطاع التزلج على الثلج في الصين عام 2016)) تنتشر حلبات التزلج الكبيرة والصغيرة في 27 مقاطعة ومنطقة ذاتية الحكم وبلدية مركزية.

الآن، ينضم كل عام عدد كبير من الطلاب إلى صفوف لاعبي التزلج على الثلج، الذين تراهم في منتجعات التزلج على الثلج المغطاة والمفتوحة، ومن المتوقع أن يكون لهذه الرياضة مستقبل واعد في الصين خلال السنوات المقبلة.

التقنيات قوة دافعة

كانت حلبات التزلج على الثلج بالصين تنتشر بشكل رئيسي بمنطقة الشمال الشرقي، الأكثر بردا في الصين. حاليا، واعتمادا على تقنيات تصنيع الثلج، ازداد عدد حلبات التزلج في مناطق شمالي البلاد المعتدلة نسبيا مثل منغوليا الداخلية ومقاطعة خبي ومدينة بكين. على سبيل المثال، في عام 1999 كان في بكين حلبة تزلج واحدة فقط، أما الآن ففيها أكثر من عشرين حلبة استقبلت 71ر1 مليون فرد في عام 2016.

في بكين وشانغهاي وغيرهما من المدن غير الباردة جدا، ظهرت حلبات التزلج داخل القاعات تسهيلا على هواة ومحبي هذه الرياضة لممارستها طوال العام. ومع زيادة عدد حلبات التزلج، ارتفع عدد هواة التزلج على الثلج بصورة سريعة أيضا.

في عام 1999، كان عدد هواة التزلج نحو عشرة آلاف فقط في الصين، وفي عام 2004 ارتفع الرقم إلى أكثر من ثلاثة ملايين. أصبح التزلج رياضة شعبية للجميع وليست حكرا على فئة معينة من الرياضيين المحترفين. قال آن لين بين، إن ازدياد شعبية هذه الرياضة هو نتيجة للتقدم الاجتماعي في الصين.

التزلج على الثلج رياضة مكلفة، فإنشاء حلبة تزلج يحتاج إلى استثمارات هائلة، كما أن تكلفة الزلاقة والأجهزة الأخرى غير قليلة بالنسبة للهواة. أما سبب عدم انتشار هذه اللعبة بالصين في الماضي، فيعود بشكل رئيسي إلى نقص حلبات التزلج وانخفاض دخل المواطنين. ومع تعاظم القوة الوطنية الشاملة في الصين، ازداد معها عدد ممارسي كافة الرياضات، ومنهم هواة التزلج على الثلج، الذين إما يرغبون في ممارسة هذه الرياضة فقط، وإما يعشقونها لمتعتها.