ووشي
درة لامعة على بحيرة تايهو

مدينة ووشي محور للتجارة والمواصلات في جنوبي مقاطعة جيانغسو، وتعد المنطقة الأكثر حيوية في الصين. يجاورها من الشرق مدينة شانغهاي، ومن الغرب مدينة نانجينغ، ومن الشمال نهر اليانغتسي، ومن الجنوب بحيرة تايهو، كما تمر بها قناة بكين- هانغتشو الكبرى.

ووشي أحد منابع حضارة منطقة جنوبي نهر اليانغتسي، ويرجع تاريخها المدون في السجلات إلى ما قبل أكثر من ثلاثة آلاف سنة. منذ العصور القديمة، تحمل ووشي اسم "أرض السمك والأرز"، فهي واحدة من أربعة أسواق رئيسية للأرز في تاريخ الصين، كما أنها مهد الصناعة والتجارة الوطنية الصينية وموطن مؤسسات القرى والبلدات في العصر الحديث. في أوائل القرن العشرين، ظهرت في ووشي مجموعة من "الرأسماليين الوطنيين"، مثل رونغ يي رن وعائلته، ومع تنفيذ الإصلاح والانفتاح في الصين في أواخر سبعينات القرن الماضي، بدأت الصناعات الريفيةتنهض فيها، وكانت متقدمة في هذا المجال على المستوى الوطني.

ووشي غنية بالتراث التاريخي، وتعد ثقافة "وو يويه" وثقافة الماء وثقافة الصناعة والتجارة شريان ثقافة ووشي، الذي يعكس روح هذه المدينة.

توارث ثقافة "وو يويه"

إذا كانت ووشي قد ذُكرت لأول مرة في السجلات التاريخية قبل حوالي ثلاثة آلاف سنة، فالحقيقة أن الإنسان سكنها قبل ستة آلاف أو سبعة آلاف سنة. في أواخر القرن الحادي عشر قبل الميلاد، قاد تايبوه، مؤسس مملكة وو، شعبه من منطقة السهول الوسطى إلى ميلي (قرية ميتسون في ووشي حاليا). هنا، أقاموا الأسوار لحماية مستوطنتهم، ثم أنشأوا مملكة وو، التي ظلت قائمة حتى استوعبتها مملكة يويه في سنة 473 قبل الميلاد.

كان المحليون في ووشي متميزين بالشجاعة والبسالة، يدعمون الأعمال العسكرية في البداية. هذا الوضع تغير في القرن الرابع الميلادي، حيث انتقلت مجموعة من نبلاء شمالي الصين إلى الجنوب هربا من الفوضى الناجمة عن الحروب المتتالية في الشمال. جلب هؤلاء النبلاء لهذه المنطقة الرقة واللطف والذوق الرفيع، فيما صار في نهاية المطاف الوجه الجمالي لثقافة "وو يويه"، التي أصبحت رمزا لثقافة الأناقة والذوق الرفيع بين ثقافات الصين.

المحاصيل الوافرة والبيئة الطبيعية المريحة جعلت منطقة جنوبي نهر اليانغتسي أغنى منطقة صينية اقتصاديا. في القرن السابع، تجاوز اقتصاد هذه المنطقة اقتصاد شمالي الصين وأصبحت مركزا اقتصاديا للبلاد، كما شهدت تطورا ثقافيا، وبرز فيها عدد كبير من مشاهير المثقفين ورجال القلم، ونشأت وتطورت خلال هذه الفترة بذور الصناعة والتجارة، ما جعل الاستهلاك الباذخ سمة لووشي.

الآن، تسعى ووشي لتحويل تراثها الثقافي الغني إلى محرك للتنمية الثقافية، وجعل التراث الثقافي جزءا من حياة عامة المحليين. من أبرز معالم التراث الثقافي في ووشي، قناة بكين- هانغتشو الكبرى وأطلال هونغشان وأطلال بلدة خهلو، التي تعظم مزايا ووشي الثقافية وتدعم صناعة السينما والتلفزيون والسياحة فيها. بالإضافة إلى ذلك، أصبحت بعض المناطق التاريخية، مثل بلدة هويشان القديمة وأزقة شياولو وغيرها من الشوارع والمناطق التاريخية، فضلا عن معرضي ثقافة وويويه والثقافة البوذية وغيرها من ثمانية معارض ثقافية، أماكن ترفيهية للسكان المحليين في ووشي، كما أن قرية قانلو وهوانغتانغ وغيرهما من عشر قرى قديمة قد أصبحت مقاصد سياحية ثقافية تترك انطباعات عميقة لدى زوارها.

تتمتع ووشي بموارد غنية للتراث الثقافي غير المادي، التي تلعب دورا ثقافيا هاما في حياة سكانها اليومية. يرجع تاريخ المهرجان السنوي لمعبد هويشان إلى أسرة مينغ (1368-1644)، تقدم خلاله عروض التراث الثقافي غير المادي لمدة شهر، ويصل عدد زواره إلى مئات الآلاف. في شارع نانتشانغ التاريخي والثقافي، تم تحويل معبد نانشويشيان إلى متحف للموسيقى الطاوية؛ في متحف الحرير، الذي أقيم في مكان مصنع يونغتاي للحرير القديم، يعاد عرض العمليات القديمة لنسج وصباغة الحرير؛ كما أصبح مسرح خبينغ مكانا لعرض أوبرا شي وأوبرا بينغتان وغيرهما من أعمال الغناء القصصي باللهجة المحلية.

لمعلوماتك

أكاديمية دونغلين

أكاديمية دونغلين، التي تأسست في عام 1111، أكاديمية مشهورة ومركز نشر للفلسفة الكونفوشية المثالية في منطقة جنوبي نهر اليانغتسي. كانت هذه الأكاديمية ملتقى جمع كبير من الأكاديميين الذين استهجنوا التراخي الأخلاقي ودعوا إلى النزاهة السياسية وشاركوا بنشاط في مناقشة شؤون الدولة وتعاطفوا مع مصير الأمة. حمل هؤلاء الأكاديميون اسم أعضاء "حزب دونغلين"، الذين كان لهم تأثير كبير على تطور الأفكار الثقافية التقليدية الصينية على مدى عقود.

في عام 2002، افتتحت أكاديمية دونغلين للجمهور بعد عملية تجديد كاملة، وتشمل المنشآت الأكثر إثارة للإعجاب داخل الأكاديمية، القوس التذكاري الحجري ومعبد دونغلين البوذي وقاعة ليتسه وقاعة ييونغ ومعبد يانجيوي ومعبد داونان للأسلاف.

المواصلات: الحافلات العامة رقم 15، 57، 701 (الخط الدائري)، والحافلة رقم 55، و712 إلى محطة أكاديمية دونغلين.

متحف ييشينغ للخزف

يقع متحف ييشينغ للخزف في بلدة دينغشو بمدينة ييشينغ، التي تبعد نحو سبعين كيلومترا عن جنوب غربي ووشي. يعرض في المتحف أكثر من ثمانية آلاف عمل خزفي من فترات تاريخية مختلفة، كلها ذات قيمة تاريخية ثقافية فنية بارزة. هذا المتحف له شهرة كبيرة داخل الصين وخارجها.

من أبرز مقتنيات المتحف، أعمال الأواني المصنوعة يدويا من الصلصال الأرجواني، وهي تجذب الزوار بفنها الرائع وطبيعتها العملية.

المواصلات: الحافلة العامة رقم 201 من محطة ييشينغ للسكك الحديدية العالية السرعة إلى محطة متحف ييشينغ للخزف.

 

المدينة المائية

تمنح شبكة الأنهار والبحيرات الداخلية مدينة ووشي مناظر طبيعية جميلة وشبكة نقل مائي متطورة. تقع ووشي شمال شرقي بحيرة تايهو، التي تعد ثاني أكبر بحيرة مياه عذبة في الصين. يمتد جبل ماشان وشبه جزيرة يوانتوتشو إلى داخل البحيرة مثل قرنين. أفضل منظر للبحيرة يظهر في الأيام المشرقة عندما تضئ أشعة الشمس سطح البحيرة المتموج. أصبح شاطئ البحيرة الآن، الذي يتراوح طوله بين ثلاثين وأربعين كيلومترا، منطقة مفتوحة للتمتع بالمناظر الخلابة لبحيرة تايهو.

قناة بكين- هانغتشو الكبرى، التي يصل طولها إلى 1797 كيلومترا وتمر ببكين وتيانجين ومقاطعة خبي وشاندونغ وجيانغسو وتشجيانغ، يبلغ طولها داخل ووشي نحو أربعين كيلومترا، وهي تربط نهر اليانغتسي شمالا وبحيرة تايهو جنوبا.

يرجع تاريخ بناء هذه القناة القديمة داخل ووشي إلى القرن الحادي عشر قبل الميلاد في بداية إقامة مملكة وو. تم حفر القناة الأولى، التي حملت اسم "نهر بوهدو" وكانت أول نهر اصطناعي في تاريخ الإنسان، لغرض المواصلات والري الزراعي خلال فترة كانت ظروف النقل فيها بالغة السوء، كما لعبت دورا هاما في الإمدادات العسكرية.

نهر "بوهدو"، الذي شهد نهوض وانحطاط مدينة ووشي على مدى الثلاثة آلاف سنة الماضية، أصبح جزءا من حياة السكان المحليين. يمكن أن نتمتع بأروع منظرلووشي خلال رحلة على متن قارب من جزيرة هوانغبودون إلى معبد نانتشان، وصولا إلى جسر تشينغمينغ. تم بناء العديد من الجسور على النهر خلال فترات زمنية مختلفة، كل جسر منها له قصة خاصة تتعلق بأحداث وشخصيات معينة في التاريخ.

لو يوي (733-804)، الذي يحمل لقب "حكيم الشاي"، ذكر كل الينابيع الصينية في مؤلفه "كتاب الشاي"، وقد اعتبر ينبوع هويشان الواقع عند سفح جبل هويشان، "الينبوع الثاني في الدنيا"، لذا أصبح ينبوع هويشان مشهورا في جميع أنحاء البلاد. مياه هذا الينبوع، التي تتم تصفيتها عبر طبقات من الصخور، نظيفة جدا ولها طعم حلو وهي الأنسب لإعداد الشاي. جذب ينبوع هويشان عددا كبيرا من الأدباء والشعراء لاحتساء الشاي المعد بمياه هذا الينبوع وكتبوا الشعر تمجيدا للينبوع.

بفضل بحيرة تايهو، أصبحت ووشي مدينة مائية حقيقية ومحور النقل المائي في المنطقة، وازدهر اقتصادها وزاد عدد سكانها. وقد شكل كل ذلك ظروفا متميزة لتطور ثقافة ووشي التي تحمل سمات منطقة الأنهار والبحيرات في منطقة جنوبي نهر اليانغتسي.

لمعلوماتك

منطقة يوانتوتشو

يوانتوتشو شبه جزيرة على الضفة الشمالية الغربية لبحيرة تايهو في ووشي، أخذت اسمها من صخرة في قلب البحيرة تشبه السلحفاة. يشتهر الموقع بالمناظر الطبيعية الرائعة ببحيرة تايهو، خاصة بعد أن تم زرعها بأكثر من ثلاثة آلاف شجرة لزهور الكرز، فصارت أكبر قاعدة لزهور الكرز من حيث الحجم والأنواع. تقام بها في الفترة من السادس عشر من مارس حتى الخامس عشر من إبريل 2017، فعاليات مهرجان زهور.

المواصلات: حافلة مشاهدة المعالم من محطة السكك الحديدية في ووشي إلى محطة منطقة يوانتوتشو.

المسكن السابق للفنان "آه بينغ"

الفنان الشعبي الصيني هوا يان جيون (1893-1950)، حامل لقب "آه بينغ"، موسيقي شعبي مشهور في العصر الحديث. هذا الفنان الذي فقد بصره وهو في منتصف عمره، أجاد العزف على الطبل والمزمار وأرهو وبيبا وغيرها من الآلات الموسيقية التقليدية الصينية، فضلا عن موهبته في تأليف الألحان. أشهر مقطوعة موسيقية ألفها "آه بينغ" تحمل عنوان "القمر ينعكس علىالينبوع الثاني". حيث وصفت هذه المقطوعة المناظر الجميلة لـ"ثاني الينابيع العالمية" الموجود في سفح جبل هويشان في مدينة ووشي، وهو لحن يعبر عن مشاعر الفنان تجاه حياته الشاقة واستيائه من المجتمع آنذاك.

المواصلات: الحافلات العامة رقم 12، 81، 87 إلى محطة متجر دادونغفانغ.

 

منبع الصناعة والتجارة الوطنية

بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949، دخلت ووشي مسارا سريعا للتنمية الصناعية والتجارية. عندما تبنت الصين سياسة الإصلاح والانفتاح في أواخر سبعينات القرن الماضي، حققت ووشي مع مدينة سوتشو وتشانغتشو وغيرها من المدن المجاورة بجنوبي مقاطعة جيانغسو، أسلوب التنمية الخاص بها، الذي يسمى بـ"نمط سونان". من أبرز خصائص "نمط سونان" تحقيق عملية التصنيع من خلال تطوير مؤسسات البلدات والمناطق الريفية، ثم التوجه إلى مسار التنمية السوقية.

التنمية الصناعية والتجارية في ووشي ترجع إلى أوائل القرن الماضي. حيث خرج عدد كثير من تجار ووشي وذهبوا إلى مدينة شانغهاي لممارسة التجارة هناك، حيث تبعد ووشي 128 كيلومترا فقط عن شانغهاي. تجار ووشي يختلفون عن التجار العاديين، فهم يعملون غالبا في إنتاج السلع، مثل القطن والطحين. وقد كانت عائلة رونغ الأكثر شهرة في هذا المجال.

لمعلوماتك

حديقة شيهوي

تقع حديقة شيهوي بجانب قناة بكين- هانغتشو الكبرى بغربي مدينة ووشي. هذه الحديقة الحضرية الواسعة النطاق، تضم العديد من المواقع التاريخية والمعارض الشعبية، كما أنها معروفة بلقب "متحف الهواء الطلق". تضم الحديقة ثلاث مناطق سياحية: منطقة شيشان للتنزه والاستجمام؛ ومنطقة هويشان الأثرية لسياحة ينبوع هويشان؛ ومنطقة مهرجان المعبد الثقافي لجبل هويشان. تعد هذه الحديقة من أفضل الأماكن لقضاء أوقات الفراغ في منطقة شرقي الصين.

المواصلات: الحافلات العامة رقم 15، 83، 75، 27، 56 إلى محطة حديقة شيهوي.