عيد رش الماء
رأس السنة الجديدة لقومية داي

عيد رش الماء هو أهم أعياد قومية داي، ويشارك في الاحتفال به عدد كبير من الناس من أماكن مختلفة.

عيد رش الماء الذي يقع غالبا في منتصف شهر إبريل الميلادي هو رأس السنة الجديدة لقومية داي، ويستمر الاحتفال به من ثلاثة إلى سبعة أيام. في عيد رش الماء، يرتدي الكبار والصغار من رجال ونساء قومية داي أفخر ثيابهم، ويغسلون تمثال بوذا بالماء، ويرشون الماء احتفالا بهذا العيد. في النهار، يرش كل منهم الآخرين بالماء، وفي الليل، يشاهدون أوبرا قومية داي ويرقصون الرقصات المحلية ويرفعون "فوانيس كونغمينغ".

يعكس عيد رش الماء ثقافة الموسيقى والرقص والأطعمة والملابس والماء لأبناء داي وعاداتهم. لذا، يعتبر هذا العيد نافذة هامة لدراسة تاريخ قومية داي. يُحتفل بهذا العيد أيضا في تايلاند ولاوس وميانمار وكمبوديا وغيرها من الدول في جنوب شرقي آسيا. في عام 2006، تم إدراج عيد رش الماء ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي على المستوى الوطني في الصين.

عيد غسل تمثال بوذاح

عيد رش الماء هو عيد غسل تمثال بوذا أيضا ويرجع تاريخه إلى مئات السنين. يقال إن هذا العيد كان طقسا دينيا لعقيدة البراهمانية في الهند، قبل أن يتحول إلى طقس بوذي. في نهاية القرن الثاني عشر وبداية القرن الثالث عشر الميلادي، انتقل هذا الطقس إلى منطقة قومية داي في مقاطعة يوننان الصينية عبر ميانمار، وبات جزءا من تقاليد قومية داي مع توسع تأثير البوذية في يوننان.

في منطقتي شيشوانغباننا ودهونغ في يوننان، يُسمى عيد رش الماء بعيد "شانغهان" وعيد "شانغجيان" بمعنى الدورة أو التحول في اللغة السنسكريتية، أي الجولة الجديدة لدوران الشمس. اليوم الأول لعيد رش الماء هو "يوم مايري". في هذا اليوم، يكنس الناس بيوتهم ويُعِّدون الأطعمة اللذيذة ويستعدون لفعاليات العيد، مثل تجديف قوارب التنين وإطلاق قاوشنغ (الألعاب النارية) والنشاطات الفنية. اليوم الثاني للعيد هو "يوم كونغري" أي اليوم الفارغ، إذ يعتقد الناس أن هذا اليوم لا ينتمي للسنة القديمة أو السنة الجديدة. يقوم الناس برش بعضهم بعضا بالماء تخليدا لذكرى الآلهة التي أنقذت البشرية. أما اليوم الثالث، فهو عيد رأس السنة الجديدة لقومية داي، اليوم الأروع والأكثر بركة. يعتقد الناس هنا أن الماء يصفي النفوس ويجعل السنة الجديدة أفضل.

الماء أهم عنصر في عيد رش الماء، فهو يغذي كل شيء بدون أي مقابل. في ثقافة قومية داي، الماء رمز للقدسية والحسن والنور. بفضل الماء، تنبت النباتات ويعيش الإنسان، ومن ثم فإنه إله الحياة. في الصباح الباكر، يستخرجون الماء النقي من الآبار ويغمرون الزهور في الماء ثم يحملون ماء الزهور إلى المعابد. بعد انتهاء طقوس القرابين، يغسل الناس تمثال بوذا بالماء لنيل بركة الإله، وهذا هو الطقس الذي يسمى بـ"غسل بوذا". بعد غسل تمثال بوذا، يرشون بعضهم بعضا بالماء، اعتقادا بأن هذا الماء يغسل الأمراض والأزمات ويجلب السعادة.

حسب عاداتهم، يضعون الماء في أوعية خشبية ويرشون أولا كبار السن وأصحاب الأخلاق السامية بالماء المختلط بالزهور، قبل أن يرش كل منهم الآخر بهذا الماء، تعبيرا عن تمنياتهم الطيبة في السنة الجديدة.

شباب قومية داي هذه الأيام لا يتقيدون تماما بهذه العادة، فهم يحملون الماء في أوعية مختلفة ويرشون به كل من يرونه في الشوارع. يؤمن أبناء قومية داي أن الماء المتناثر في الهواء رمز للسعادة والبركة والصحة العافية. من يبتل أكثر يكون نصيبه من البركات أكبر.

بعد رش الماء، يشرع أبناء القرية في الغناء والرقص بملابسهم الزاهية في ساحة القرية. يشكلون معا دائرة كبيرة ويغنون ويرقصون مبتهجين. أحيانا، يبدع بعضهم أغنيات ورقصات جديدة بمصاحبة الصاجات والطبول التي تشبه قدم الفيل. ومنهم من يرقص وهو يحتسي الخمر.

لعبة الحب

عيد رش الماء فرصة جيدة لكل شاب وفتاة من قومية داي للبحث عن نصفه الآخر.

يقيم أبناء قومية داي فعاليات مختلفة، منها لعبة رمي الكيس الصغير وهي لعبة خاصة للعزّاب والعازبات.

الكيس الصغير يرمز للحب بين الشاب والفتاة. تصنع الفتاة الكيس بقماش ملون وتملؤه ببذور القطن. عندما يحل يوم رمي الكيس، ترتدي أجمل ملابسها، وتقصد إلى الملعب حاملة الكيس الصغير ومظلة. يقف الشباب في جانب وتقف الفتيات في جانب آخر من الملعب، وتكون المسافة بينهما 15 مترا. تلقي الفتيات بأكياسهن نحو الشباب، ويعيدها الشباب إلى الفتيات. إذا فشل الشاب في الإمساك بالكيس الذي ألقته إليه الفتاة، يكون عليه أن يضع في كعكة شعر الفتاة زهرة طبيعية أعدها مسبقا، بينما إذا فشلت الفتاة في الإمساك بالكيس الذي يلقيه الشاب إليها، يكون عليها أن تشبك زهرة بملابس الشاب أمام صدره. هكذا، تتعمق المشاعر بينهما، وإذا شعر الشاب والفتاة بأن كلا منهما يمكن أن يكون نصفه الآخر، يذهبان إلى مكان هادئ تبدأ فيه قصة عشقهما.

فعاليات ثقافية متنوعة

في عيد رش الماء، يُعِّد أبناء داي كثيرا من الأطعمة اللذيذة مثل كعك رأس السنة وكعك الأرز اللزج، ويقدمون أطعمتهم للأقرباء والضيوف والأصدقاء. خلال العيد، يجتمع أبناء قومية داي من كافة القرى، يدقون الصاجات وطبول "قدم الفيل" ويرقصون الرقصات المحلية. في هذا العيد، يتزاورون ويقيمون فعاليات ثقافية جماهيرية، مثل سباق قوارب التنين وإنشاد أغنية  تشانغها وأداء رقصة الطاووس ورقصة الفيل الأبيض.

سباق قوارب التنين من النشاطات الرائعة خلال عيد رش الماء، ويقام في اليوم الثالث للعيد عادة. يصطف الناس بأزهى ملابسهم على جوانب نهري لانتسانغ ورويلي، يشاهدون قوارب التنين المزخرفة الراسية على صفحة الماء وفيها رجال أشداء. بعد انطلاق أمر التحرك شفويا، ينطلق كل قارب سريعا مثل السهم. تصدح في أرجاء النهر أصوات التشجيع وأصوات الطبول والصاجات.

إطلاق الألعاب النارية (قاوتشنغ) من النشاطات التقليدية لعيد رش الماء أيضا. في الحقيقة، قاوشنغ نوع من الألعاب النارية يصنعها أبناء قومية داي بأنفسهم. يضعون البارود وغيره من المواد المعنية في قاع أنبوب خيزراني، ثم يجعلون قاوشنغ في مكان مرتفع ويربطونه بفتيل التفجير. يطلق الناس الألعاب النارية في الليل عادة. يدفع البارود أنبوب الخيزران الذي ينفث اللهب الملون في السماء.

رفع فوانيس كونغمينغ إلى السماء هو النشاطالأخير الرائع خلال العيد. يجتمع الناس في الميدان ويوقدون شعلات الفوانيس ثم يرفعونها إلى السماء، لإحياء ذكرى الحكيم المشهور في تاريخ الصين كونغ مينغ.

 

لمعلوماتك:

يشارك في مهرجان عيد رش الماء المحليون وزوار من أماكن مختلفة. يقام عيد رش الماء في الفترة من الثالث عشر إلى السادس عشر من إبريل عام 2017.

1-    تختلف عادات وتقاليد عيد رش الماء من مكان إلى آخر في يوننان. على سبيل المثال، في ولاية دهونغ الذاتية الحكم لقومية داي وقومية جينغبو، يكون وقت رش الماء بين الساعة الثانية عشرة ظهرا حتى السادسة مساء فقط؛

2-    لا يُرش المسنون والأطفال والحوامل بالماء؛

3-    يُنصح الزوار بارتداء ملابس مناسبة، لا تكون ثقيلة كثيرا كما لا تكون خفيفة كثيرا أيضا؛

4-    يجب الاهتمام بالسلامة وعدم إلحاق ضرر بالآخرين عند استخدام بالونة الماء أو بندقية الماء؛

5-    يُنصح بعدم أخذ متعلقات ثمينة، ووضع الهواتف النقالة والكاميرات في أكياس بلاستيكية؛

6-     يُنصح بالوقاية من الشمس في عيد رش الماء، حيث يصادف الأيام الأشد حرارة في المنطقة.