يانغ دا وو ده.. وارث "نِيِوَاوو"

"نِيِوَاوو" آلة نفخ موسيقية مشهورة في الصين منذ آلاف السنين، تنتشر رئيسيا في منطقة نينغشيا الذاتية الحكم لقومية هوي. هذه الآلة، التي تصنع من الصلصال، أخذت اسمها من الصوت الذي تصدره " نِيِوَاوو ". يانغ دا وو ده، يعتبر أشهر وارث لإنتاج وعزف هذه الآلة التقليدية.

تراث ثقافي عبر أجيال

في عام 2002، أسس يانغ دا وو ده ورشة لصنع الآلات الموسيقية في منطقة شاهو (بحيرة الرمال) السياحية في محافظة بينغلوه بمدينة شيتسويشان في نينغشيا، حيث يصنع ويبيع "نِيِوَاوو"والمزمار الفخاري.

يقال إن "نِيِوَاوو"تطورت من آلة قنص قديمة. كان الناس، قديما، يربطون كرة حجرية أو طينية بحبل ويلقونها على الحيوانات لقنصها. أحيانا كانت الكرة مجوفة، وتصدر صوتا موسيقيا عند قذفها، فأحب الناس الصوت الذي تصدره، وراحوا ينفخون في الكرة المجوفة، التي تحولت إلى آلة موسيقية. قال يانغ دا وو ده إن الكبار والصغار من أبناء بلدته يحبون هذه الآلة، بيد أن نفرا قليلا من الناس يمتلكون مهارة صنعها. وحسب السيد يانغ، لا يوجد في منطقة نينغشيا كلها إلا أربعة أو خمسة حرفيين يمتلكون مهارة صنع "نِيِوَاوو". ولأسباب تتعلق بالسوق، يثابر يانغ دا وو ده فقط على إنتاج هذه الآلة الموسيقية.

في البداية كانت "نِيِوَاوو" تصنع بالحجر أو عظام الحيوان، وفيما بعد صارت تُصنع بالفخار. "نِيِوَاوو"لها أشكال مختلفة، فمنها الأسطواني والكروي وقد تكون على شكل السمك أو رأس البقر، وفي قمتها فتحات للنفخ.

أربعة أجيال

تعمل أسرة يانغ دا وو ده في صنع "نِيِوَاوو"منذ ثلاثمائة سنة تقريبا، ويعتبر السيد يانغ الجيل الرابع الذي يجيد هذه المهارة التقليدية في أسرته. قال يانغ دا وو ده إن جده أحب صنع وعزف هذه الآلة الموسيقية، لكنه توفي مريضا وعمره ثمانية وثلاثون عاما. تخليدا لذكرى الجد وتعبيرا عن الشوق له، بدأت جدته صنع "نِيِوَاوو" وتعليم أبيه مهارة صنعها. أبدعت جدته في صنع "نِيِوَاوو" على شكل السمك. هذا النوع من "نِيِوَاوو"يشبه السمك والطير في نفس الوقت، وتُنقش عليه خطوط مثل قشر السمك أو ريش الطير. في جيل أبيه، صنعت الأسرة تنورا خاصا لصنع "نِيِوَاوو"، لإنتاج أكثر من عشرين آلة في المرة الواحدة. يانغ دا وو ده، وهو الابن الأكبر بين خمسة أبناء لوالديه، عمل في مصنع للمنتجات الخزفية، وكأن القدر ربط بينه وبين "نِيِوَاوو".

قال يانغ دا وو ده إنه يركز على ثلاثة أمور لنشر "نِيِوَاوو"في هذه السنوات. أولا، قام بأعمال تنظيم وإبداع الأنواع التقليدية من "نِيِوَاوو"،لجعلها أكثر دقة وأجمل شكلا. بالإضافة إلى استخدامها في العزف، يمكن أن تكون تحفة يدوية للزينة. ثانيا، وسع يانغ دا وو ده ألحان الآلة من أربعة ألحان إلى 14 لحنا. فهذه الآلة الموسيقية التقليدية يمكن أن تُعَزف بها الموسيقى الحديثة. كما أن عزف "نِيِوَاوو" صار أسهل بعد التحسين. في السابق، لم يكن أحد يستطيع عزف هذه الآلة غير المتخصص الذي يتلقي تدريبات لوقت طويل، أما الآن فيمكن للشخص العادي عزف ألحان جميلة بها بعد تعليم بسيط. ثالثا، حقق يانغ دا وو ده إنتاج "نِيِوَاوو"بحجم كبير. نجح يانغ دا وو ده في تصميم قالب ممتاز لآلة "نِيِوَاوو"، يصنع نفس الشكل من "نِيِوَاوو"مرات عديدة، بينما يحافظ على خصائص الأعمال اليدوية. هذا الأمر يساعد في رفع فعالية إنتاج "نِيِوَاوو"بكثير. وحتى الآن، صنع يانغ دا وو ده أكثر من ثلاثين نوعا من قوالب "نِيِوَاوو".

توريث التقنية

يبيع يانغ دا وو ده "نِيِوَاوو" لزوار المنطقة السياحية كهدية تذكارية، كما يبيعها لمتاجر الآلات الموسيقية. قال إنه يعتقد أن استخدام "نِيِوَاوو" في عزف الموسيقى يظل أهم وظيفة لها، ويتمنى أن ينتشر فن عزفها إلى مناطق أوسع. ويحاول يانغ دا وو ده، باعتباره مسلما مؤمنا،  رسم خطوط ذات خصائص إسلامية على "نِيِوَاوو"، ليجعلها ذات طابع إسلامي. قال: "تغلبت على كثير من الصعوبات لإنتاج "نِيِوَاوو"التي تحظى بإقبال من الناس. في البداية، لم أستطع تحسين شكل "نِيِوَاوو"مع الاحتفاظ بالألحان الدقيقة، ثم حاولت تحسينها وتعديلها خطوة بعد خطوة، واستمعت إلى اقتراحات الزبائن لصنع الأشكال التي يحبونها."

يواجه يانغ دا وو ده مشكلة توريث مهارة صنع "نِيِوَاوو"، وهذه مشكلة عامة لوارثي التقنيات التقليدية. قال يانغ دا وو ده إن ورشته تصنع حوالي ستين أو سبعين آلف آلة "نِيِوَاوو"  في السنة لبيعها في السوق. ويمكن الحصول عليها في أسواق المدن الكبيرة مثل بكين وشانغهاي، بل وفي الأسواق الخارجية مثل جمهورية كوريا واليابان. لكن هذا الإنتاج لا يسد طلب المستهلكين، ولا يوجد كثير من الشباب يمكنهم تصنيعها والعزف عليها. قال يانغ دا وو ده: "أتمنى أن يأتي اليوم الذي تدخل فيه "نِيِوَاوو"الحياة اليومية للناس، وأن تكون الآلة الموسيقية أو اللعبة أو التحفة المحببة لديهم."