تعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب والحفاظ على سلام واستقرار العالم
مقابلة مع مفوض الأمن الوطني الصيني لمكافحة الإرهاب

شهد عام 2016، زيادة كبيرة في عدد الهجمات الإرهابية في العالم، منها هجمات إرهابية كبيرة متكررة راح ضحيتها أكثر من مائةفرد في كل مرة. في عام 2017، أُدرجت مهمة "الحفاظ على الاستقرار ومكافحة الإرهاب" ضمن مهام وأهداف الدفاع الوطني في تقرير عمل الحكومة، الذي قدمه رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ أمام  الدورة السنوية للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني في الخامس من مارس عام 2017. الأمر الذي أظهر أهمية مكافحة الإرهاب.

على هامش "الدورتين (دورة المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني ودورة المجلس الوطني لمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني) السنويتين، أجرت ((الصين اليوم)) مقابلة مع تشنغ قوه بينغ، مفوض الأمن الوطني الصيني لمكافحة الإرهاب، حول الوضع الصيني والعالمي لمكافحة الإرهاب والتعاون الدولي لمكافحة الإرهاب وموقف الصين تجاه مكافحة الارهاب وغيرها من القضايا. السيد تشنغ تولى من قبل منصب مدير عام إدارة شؤون آسيا ووسط أوروبا بوزارة الخارجية الصينية، وعمل سفيرا للصين لدى كازاخستان ونائبا لوزير خارجية الصين، فلديه خبرة في العمل الدبلوماسي لأكثر من ثلاثين عاما، وهو أيضا خبير في مكافحة الإرهاب وأحد المفوضين الاثنين للأمن الوطني لمكافحة الإرهاب في الصين .

الوضع الخطير لمكافحة الإرهاب العالمي

في عام 2016، وقع عدد كبير من الأعمال الإرهابية في العالم، منها الهجمات الإرهابية التي قام بها تنظيم داعش  في نيس بفرنسا وبروكسل في بلجيكا، واغتيال سفير روسيا لدى تركيا، والتفجيرات الانتحارية في حي الكرادة بجنوبي بغداد. ومنذ بداية عام 2017، دخلت الحرب على الإرهاب في سوريا والعراق مرحلة جديدة، ووقعت في باكستان وأفغانستان أيضا هجمات إرهابية متفرقة على نطاق واسع.

يرى تشنغ قوه بينغ أن الوضع السياسي والاقتصادي في أنحاء العالم يشهد حاليا فترة انتقالية، وأن وضع مكافحة الإرهاب لا يزال خطيرا. ويعتقد أن التنظيمات الإرهابية المتطرفة ستغتنم فرصة الفوضى في الشرق الأوسط لتوسيع نفوذها. السبب الرئيسي يرجع إلى اللعبة السياسية التي تقوم بها الدول الكبرى والقوى السياسية المختلفة، فضلا عن قيام التنظيمات الإرهابية بنشر أفكار التطرف الديني والتحريض لتوسيع حجمها وشن التفجيرات الإرهابية.

وضع مكافحة الإرهاب في الصين لا يبعث على التفاؤل، والتهديدات الإرهابية التي تواجهها الصين تتزايد. تعد "الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية"، التي دبرت سلسلة من أحداث الإرهاب والعنف، تهديدا إرهابيا رئيسيا للصين منذ فترة طويلة. هذه الحركة لا تدعو إلى الانفصال العرقي وإسقاط السلطة السياسية الصينية وتدبير التفجيرات الإرهابية لتهديد استقرار البلاد وسلامة حياة وممتلكات الشعب فحسب، وإنما أيضا تخضع لتوجيه قوى أجنبية معادية للصين وتدبر سلسلة من الأنشطة الإرهابية داخل الصين، وخاصة في منطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم. يرى تشنغ أن ضرب "الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية" الإرهابية أولوية قصوى لأعمال مكافحة الإرهاب في الصين.

قال تشنغ: "بالإضافة إلى القضاء على الأنشطة الإرهابية لـ"الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية" من الداخل، علينا أيضا تعزيز التعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب مع البلدان المعنية لضرب "الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية". إذ أنها قد أصبحت جزءاً من التنظيمات الإرهابية المتطرفة الدولية، وعدد كبير من أعضائها شاركوا في الحرب بسوريا عبر قنوات غير شرعية، الأمر الذي لا يضر بمصالح الأمن السوري بطريقة مباشرة فحسب، وإنما أيضا يهدد أمن الصين بطريقة غير مباشرة."

وقال تشنغ: "حققت الصين، حتى الآن، نتائج ملحوظة في مكافحة الأنشطة الإرهابية لـ"الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية". لكن، علينا أن نحافظ على اليقظة ونرفع الوعي بالأزمة تجاه الإرهاب دائما." وأشار تشنغ إلى أن الرئيس شي جين بينغ يولي أهمية كبيرة لأعمال مكافحة الإرهاب، إذ وجّه  مرارا بتسديد الضربات الى الأنشطة الإرهابية لـ"الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية". بالإضافة إلى ذلك، أصدرت الصين لأول مرة "قانون مكافحة الإرهاب"، الذي دخل حيز التنفيذ في الأول من يناير 2016.

وقد ذكرت تقارير أن بعض التنظيمات الإرهابية المتطرفة تحاول الانتقال والتسلل من الشرق الأوسط إلى المناطق المجاورة للصين، مثل آسيا الوسطى وجنوبي .

آسيا، بل وجنوب شرقي آسيا. قال تشنغ: "تولي الصين اهتماما بالغا لهذه التوجهات، لأنها ترتبط بشكل مباشر بأمن حدودها الشمالية الغربية والاستقرار والتنمية في منطقة شينجيانغ، وبالفرص الاستراتيجية لتنمية الصين."

تعزيز التعاون الدولي ضد الإرهاب

الصين، كدولة كبيرة مسؤولة، لا تهتم فقط بمكافحة الإرهاب داخليا، ولكنها أيضا تعلق أهمية كبيرة على التعاون الدولي ضد الإرهاب. تتعاون الصين حاليا مع أكثر من عشر دول لإنشاء آلية تعاون في مجال مكافحة الإرهاب، وبدأت تنفيذ التعاون الفعلي معها، الأمر الذي يساعد في الحفاظ على سلام واستقرار العالم، ويلعب دورا حاسما في مجال تعزيز التعاون الاقتصادي الصيني مع دول الجوار والتعاون الأمني الإقليمي، كما شاركت الصين في آليات التعاون المتعدد الأطراف لللأمم المتحدة ومنظمة شانغهاي للتعاون والمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب.

في إطار الأمم المتحدة، تشارك الصين بنشاط في عملية التفاوض لحل القضية السورية. قال تشنغ إن الصين تدعو لدفع تسوية القضية السورية عن طريق المشاورات السياسية على أساس مكافحة الإرهاب.

 كما أن الصين قدمت مساعدات إنسانية قيمتها أربعمائة وثمانون مليون يوان (الدولار الأمريكي يساوي 9ر6 يوانات) للاجئين في سوريا والدول المجاورة.

في إطار منظمة شانغهاي للتعاون، ظلت الصين تعزز أيضا بنشاط وفعالية التعاون الأمني لمكافحة الإرهاب مع الدول المعنية الأعضاء في المنظمة، على سبيل المثال، من خلال المناورات العسكرية وتوفير المساعدة الأمنية للدول المعنية، ساعدت الصين تلك البلدان على تعزيز القدرات الدفاعية لمكافحة الإرهاب.

في الإطار الثنائي، تعزز الصين مع الدول المعنية، لا سيما البلدان المجاورة، التعاون الدولي ضد الإرهاب. في أفغانستان، على سبيل المثال، تساعد الصين الحكومة الأفغانية في رفع قدراتها في الدفاع الأمني ودفع مكافحة الإرهاب والحفاظ على الاستقرار. كما حثت الصين طاجيكستان وباكستان للتعاون معها وأفغانستان لعقد أول مؤتمر لكبار المسؤولين العسكريين من الصين وطاجيكستان وباكستان وأفغانستان للتعاون في مكافحة الإرهاب، بل وحولت المؤتمر الى آلية.

وحول التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب في المستقبل، قال تشنغ: "بالإضافة إلى إطلاق دور آليات التعاون القائمة بشكل كاف، ستقيم الصين شبكة للتعاون الأمني الشامل مع الدول المجاورة. سيكون دفع التعاون الإقليمي في كافة المجالات على المستوى الوطني، وخاصة في مجال التعاون في مكافحة الإرهاب، عملا مهما لنا في المستقبل."

لا "المعايير المزدوجة"

لمواجهة التهديدات الإرهابية في أنحاء العالم، سيكون تعاون جميع الدول لمكافحة الإرهاب على مختلف المستويات بدرجات مختلفة، اتجاها لا مفر منه. قال تشنغ: "ستواصل الحكومة الصينية العمل بنشاط في التعاون الدولي ضد الإرهاب."

على الرغم من أن جميع دول العالم في حاجة إلى تعاون قوي ضد الإرهاب، فإن "المعايير المزدوجة" في التعامل مع الإرهاب تعيق إلى حد ما التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب.

الصين أيضا ضحية الإرهاب. ولكن الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية تحاول تسييس قضية الإرهاب، وغالبا ما ترتدي "نظارات ملونة"  وتنظر لقضية مكافحة الإرهاب في الصين بـ"معايير مزدوجة". قال تشنغ: "نحن نضرب أنشطة الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية الإرهابية، ولكنهم ينتقدون الصين بأنها لا تحمي حقوق الإنسان."

أكد تشنغ أن الصين، "في قضية مكافحة الإرهاب، تتمسك بموقف موضوعي وعادل، وليس "المعايير المزدوجة". في مطلع عام 2017، اتهمت الهند الصين بانتهاج "معايير مزدوجة" في قضية مكافحة الإرهاب. قال تشنغ حول ذلك إنقضايا الخلاف في العلاقات الثنائية لا يجب إدخالها على التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب. ويجب حل المشكلات بين الهند وباكستان عن طريق المشاورات الودية. ودعا تشنغ إلى نبذ "العناصر المسيّسة والأيديولوجية" في التعاون الدولي ضد الإرهاب.

أضاف تشنغ: "بالإضافة إلى ذلك، فإن مبادرة الحزام والطريق (الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين) لا تضمن إقامة نظام سياسي واقتصادي دولي عادل فحسب، وإنما أيضا تعزز التعاون الدولي ضد الإرهاب، إذ إن تنفيذ مبادرة "الحزام والطريق" بشكل سليم يحتاج الى الأعمال الأمنية اللازمة."