بداية جديدة لعلاقات الصين مع العالم

أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ في السابع عشر من يناير 2017، بالمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، أن الصين سوف تقيم منتدى الحزام والطريق من أجل التعاون الدولي في بكين خلال شهر مايو هذا العام، وسوف تتم دعوة قادة الدول المعنية إلى المائدة المستديرة للزعماء، أهم حدث في المنتدى، لمناقشة موضوعين: تعاضد السياسات من أجل شراكة أوثق، والتعاون المترابط من أجل تنمية مترابطة.

في سبتمبر 2013، عندما زار الرئيس شي بعض دول آسيا الوسطى، طرح مبادرة بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، وبعد أسابيع عندما زار دول جنوب شرقي آسيا، طرح البناء المشترك لطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين، فيما يسمى بمبادرة "الحزام والطريق". تهدف المبادرة إلى دمج استراتيجيات التنمية في الدول على طول "الحزام والطريق"، بحيث تكمل كل منها قوة الأخرى، ولتعزيز التنمية المشتركة.

هذه المبادرة تجلب فرصا جديدة لكل من الصين والعالم، من خلال مساعدة العديد من الدول الآسيوية في تحسين بنيتها التحتية غير الملائمة، ومن ثم تمكينها من المشاركة المتساوية والشاملة في السوق العالمية. هذه المبادرة لا تتوارث وتنقل وتثري روح طريق الحرير القديم فحسب، وإنما أيضا تعزز تنسيق السياسات وترابط المرافق والتجارة بدون عوائق والتكامل المالي والتواصل الإنساني، مؤكدة على التعاون المربح للجميع والشمول والإنصاف وتحقيق النفع لكافة الأطراف.

خلال السنوات الثلاث المنصرمة، شهدت تلك المبادرة التي تتبنى اتجاه العولمة، تقدما ملحوظا وإنجازات فاقت التوقعات. يشارك في المبادرة حتى الآن أكثر من مائة دولة ومنظمة دولية، من بينها أربعون وقعت اتفاقات تعاون مع الصين. القرارات المعنية والوثائق للجمعية العامة ومجلس الأمن للأمم المتحدة، اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادئ التابعة للأمم المتحدة، الاجتماع الآسيوي- الأوروبي، وبرنامج التعاون الاقتصادي لمنطقة الميكونغ الكبرى، كلها تضمنت مبادرة "الحزام والطريق". حاليا، يجري تنفيذ وإكمال برامج بنية أساسية باستثمارات تتجاوز عشرة تريليونات دولار أمريكي. تم تدشين سكك حديدية تربط آسيا وأوروبا، وتعمق التبادلات بين شعوب البلدان على طول "الحزام والطريق".

في ظل الوضع الراهن الذي يشهد تنامي الحمائية التجارية ومناهضة العولمة، طرحت الصين مبادرة "الحزام والطريق"، مساهمة منها في تحسين الحوكمة العالمية. ينبغي أن يتم بناء هذا المشروع بجهود مشتركة ومن خلال التشاور، لتلبية احتياجات كافة الأطراف المعنية. إنها تدعم العولمة وتحث المجتمع الدولي على التخلي عن عقلية الحرب الباردة وعقلية اللعبة الصفرية. من خلال تعزيز الترابط، تدفع المبادرة بناء مجتمع المصالح المشتركة والمصير المشترك، وترفد العولمة بقوة وحيوية جديدتين.

ومن ثم، يمثل الاقتراح الصيني في الواقع نمط ومفهوم نمو جديدين. بهذا المعنى، تسجل مبادرة "الحزام والطريق" بداية جديدة لعلاقات الصين مع العالم، وللتنمية المشتركة للمجتمع البشري. إنها تفتح عصرا جديدا للسلام الدائم والتعاون المربح للجميع، والتقاسم، والرخاء المشترك.

إن الحكومة الصينية، بإقامتها لمنتدى الطريق والحزام في هذه المرحلة الحاسمة لمبادرة "الحزام والطريق"، تريد بوضوح أن تجعلها فرصة لمراجعة ما مضى والتخطيط للمستقبل. إنها ترغب في إجراء مناقشات مشتركة مع البلدان المعنية حول بناء منصات جديدة للتعاون ومشاطرة ثمارها. والأكثر من ذلك، أنها تسعى إلى حلول للمشكلات التي تواجه الاقتصاد العالمي والاقتصادات الإقليمية لضخ طاقة جديدة في التنمية المترابطة.

من قمة بكين لقادة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (أبيك)، إلى قمة هانغتشو لمجموعة العشرين، إلى منتدى الحزام والطريق هذا العام، وبرغم اختلاف الموضوعات، تتمسك الصين بمفاهيم الانفتاح والشمول والتعاون المربح للجميع، وبالتزامها بمشاطرة ثمار التنمية مع بقية العالم.

إن منتدى الحزام والطريق وسيط نقل لجهودنا المشتركة، بروح الوحدة والتعاون المربح للجميع والمنفعة المتبادلة والتنمية المشتركة، لتعزيز مبادرة الحزام والطريق وبناء أسس متينة لنمو الاقتصاد العالمي وتعميق التعاون الإقليمي وإقامة نظام دولي جديد منصف وشامل، من أجل تحقيق مصلحة شعوب العالم وخلق مستقبل أفضل.