رومانسية وحيوية في بينهاي الجديدة بمدينة تيانجين

تيانجين، حارسة العاصمة بكين وبوابة الدولة على البحر، كانت تاريخيا حديقة الاسترخاء والراحة للأسرة الإمبراطورية وكبار الموظفين والأعيان، فقد شهدت تطورا عظيما في السنوات الأخيرة مع نهوض منطقة بينهاي الجديدة فيها.

أرض مستنقعات الملح

الطبيعة هنا مفعمة بقوة ساحرة. قبل أكثر من أربعة آلاف سنة، عندما تم تحول مسار مجرى النهر الأصفر بعد الفيضانات التي غمرت سهل شمالي الصين، ظهرت منطقة بينهاي هذه فوق سطح الماء.

هذه الأرض التي غمرها الفيضان، وفد الناس إليها لصيد الأسماك واستخراج الملح، وبنوا فيها بيوتا من قش القصب والطين، فصارت موطنا جديدا لهم.

قديما، كانت تيانجين شريان النقل النهري للحبوب إلى بكين. يقع ميناء داقو عند مصب نهر هايخه العريق. منطقة بينهاي الجديدة جزء لا يتجزأ من ثقافة تيانجين القديمة. وبعد انتقال عاصمة الصين إلى بكين منذ فترة أسرة مينغ (1368- 1644م)، أصبحت هذه المنطقة بوابة لبكين، لتصل منها  بحريا الى مناطق جنوبي الصين. الآن، تشهد منطقة التجارة الحرة بمدينة تيانجين تطورا مزدهرا، فصارت جسرا بين تيانجين والعالم.

مشتريات عالمية

يقع المركز التجريبي لجناح الدول والمناطق التابع لموقع "Tmall" للتجارة الإلكترونية في منطقة يوجيابو المالية في شمالي منطقة بينهاي، وتُباع فيه منتجات من بضع عشرة دولة. هذا المركز لا يلبي رغبة المستهلكين في شراء المنتجات الأجنبية عبر شبكة الإنترنت فحسب، وإنما أيضا يتيح نمطا جديدا للتسوق عبر الإنترنت وخارج الإنترنت.

جناح منتجات الماركات الأوروبية المشهورة يساعد الناس على مواكبة الموضة في العالم. عندما تتجول فيه، ترى الفواكه الاستوائية من جنوب شرقي آسيا وتايوان وأستراليا وأمريكا الجنوبية، ومنها الأناناس من جزيرة بوكيت والأفوكادو الأسترالي والجوافة الأمريكية الجنوبية، ومنتجات أخرى كثيرة.

من الصعب أن تخطئ عيناك حديقة البازار، التي استُلهم تصميمها من البازار الكبير في اسطنبول. تغطي الحديقة نحو 2500 متر مربع، وتجسد ثقافة وعادات تركيا والأعمال الفنية المميزة والأطعمة المحلية والعروض الخاصة. القهوة المصنوعة باليد و"الآيس كريم الطائر" وقراءة فنجان القهوة لمعرفة الطالع، تجذب عددا كبيرا من الناس.

بالإضافة إلى هذه المنتجات الصغيرة، تحتضن منطقة يوجيابو المالية مركز عرض وتجارة السيارات المستوردة، حيث توجد داخل قاعة العرض التي تبلغ مساحتها أربعة آلاف متر مربع، سيارات بماركات مرسيدس-بنز وبي إم دبليو وبورشه، وغيرها.

أطلال حصن ميناء داقو

ميناء داقو مقصد لا بد منه لزوار منطقة بينهاي الجديدة، لأنه يلامس الذكريات القديمة. في نهاية القرن الخامس عشر، فتح الطريق البحري الجديد الذي اكتشفه البرتغاليون والأسبان عصرا جديدا للبحرية العالمية. في ذلك الوقت، اكتشف الإمبراطور الصيني جيا تشينغ المكانة الاستراتيجية لميناء داقو في حراسة بكين والوصول إلى خارج الصين، فبدأت حكومة أسرة تشينغ بناء حصن على الضفتين الجنوبية والشمالية لميناء داقو، ونشرت القوات البحرية في هذه المنطقة.

ولكن حرب الأفيون الثانية، أثرت بشدة على مسيرة تاريخ الصين الحديث. شهد حصن ميناء داقو ثلاث معارك في الميناء، في الفترة من عام 1858 إلى عام 1860، فترسخت المكانة الاستراتيجية لهذا الحصن، باعتباره البوابة البحرية للعاصمة. حاليا، عندما تقف على أطلال حصن ميناء داقو، وبرغم أن الريح الشريرة وسيول الدماء صارت أثرا بعيدا، يظل الميناء محفورا في الذاكرة، وتشجعنا الذكريات والأطلال على تحمل المسؤولية والكفاح.

ثقافة ماتسو

اكتسبت منطقة بينهاي سماتها الخاصة من النهر والبحر. لقد أثرى النقل النهري المزدهر عبر نهري هايخه وجييون الثقافة المحلية، فيما جلب بحر بوهاي الواسع الثقافة الأجنبية.

ماتسو، إلهة السلام على البحر، المعروفة داخل الصين وخارجها، وفدت إلى تيانجين من جزيرة ميتشو بمقاطعة فوجيان في جنوب شرقي الصين، بفضل النقل النهري في فترة أسرة يوان (1271- 1368 م). حلت "ثقافة ماتسو" بضفة النهر في تيانجين مع الملاحين الذين جاءوا من جنوبي الصين، ويرجع تاريخ بناء أول معبد لماتسو في تيانجين إلى أكثر من سبعمائة سنة مضت.

حديقة ثقافة ماتسو، التي تغطي تسعة وثلاثين ألف متر مربع، بمنطقة بينهاي الجديدة، أقيمت على أرض مستصلحة من البحر. تحتضن الحديقة تمثالا للإلهة ماتسو ارتفاعه 3ر42 مترا، أي ما يعادل ارتفاع بناية من أربعة عشر طابقا. هذا التمثال، وهو أعلى تمثال لماتسو في العالم، شيد بثمانمائة وثماني وخمسين قطعة من الصخور.

يبلغ عدد معابد ماتسو في العالم نحو خمسة آلاف معبد، تمثل وشاجا لإيمان الصينيين في الدول التي يمر بها طريق الحرير البحري. منذ فترة الازدهار والرخاء في زمن الإمبراطور كانغ شي والإمبراطور تشيان لونغ لأسرة تشينغ، ظلت تيانجين تولي اهتماما بالغا لتعظيم وتوارث ثقافة ماتسو. حديقة ثقافة ماتسو مقصد للسياحة والتجارة والترفيه، ومنصة جديدة للتعاون والتبادل الاقتصادي والتجاري والثقافي مع الدول والمناطق التي يمر بها طريق الحرير البحري.

أجواء روسية في حاملة طائرات

حاملة الطائرات "كييف" داخل حديقة "حاملة الطائرات" بمنطقة بينهاي عملاق بحري لا ينبغي أن تفوتك زيارتها. في مايو عام 2000، غادرت "كييف" أحد الموانئ الروسية ووصلت إلى ميناء نانجيانغ بمدينة تيانجين في التاسع والعشرين من أغسطس نفس العام، بعد أن قطعت 16850 ميلا بحريا في مائة يوم ويومين، لتحقق إنجازا عظيما في تاريخ الشحن البحري.

داخل العنبر الواسع لحاملة الطائرات "كييف"، البزة العسكرية للقوات البحرية والأسلحة والأوسمة القديمة التي تساعد الزوار على معرفة أمور وتفاصيل الناس في تلك السنوات.

"كييف" هي أبرز محتويات حديقة حاملات الطائرات بمنطقة بينهاي، تلك الحديقة الضخمة ذات المحتوى العسكري. تجمع الحديقة بين زيارة حاملة الطائرات وعرض الأسلحة والتجهيزات وإلقاء المحاضرات والتدريب وإقامة المؤتمرات والمعارض الدولية، والترفيه والتسلية وتصوير الأفلام والمسلسلات التلفزيونية وغيرها.

في شارع الثقافة الروسية تتنسم أجواء روسية خاصة ينبعث عبقها من البنايات ذات الطراز الروسي، والمنتجات الروسية المحلية التي تمثل جوهر الثقافة الروسية الأصلية.

 صعود السياحة الصناعية

بفضل تطور المشروعات العالية التقنية، مثل الصواريخ والطائرات والقاطرات وبناء السفن وتكرير النفط، تدفع منطقة بينهاي الجديدة تنميتها التجارية وتستقبل السياح .

داخل ورشة التجميع لشركة إيرباص- تيانجين المحدودة للتجميع النهائي خمس طائرات إيرباص من طراز "A320" على أرفف التجميع في انتظار تجميعها. يقال إن خط التجميع هنا أنتج أكثر من ثلاثمائة طائرة منذ بدء التشغيل رسميا في عام 2008.

منذ تدشين مشروعات السياحة الصناعية لمنطقة بينهاي الجديدة في عام 2011، شهدت السياحة تطورات سريعة، ونظمت المنطقة مهرجان السياحة الصناعية وغيرها من النشاطات.

بواخر عابرة المحيطات

في الثالث عشر من يوليو عام 2016، انطلقت أول باخرة صينية عابرة للمحيطات بموضوع الشعراء والأشعار من ميناء البواخر العابرة المحيطات الدولية في منطقة بينهاي الجديدة، متجهة إلى شمال شرقي آسيا، تحمل الباخرة عديدا من الشعراء للرحلة في حلم البحر باللون الأزرق.

في ميناء البواخر العابرة المحيطات بمدينة تيانجين أربعة مراس، صالحة لرسو أكبر باخرة عابر للمحيطات في العالم.

شركة رويال كاريبيان الأمريكية المحدودة للبواخر العابرة المحيطات وشركة كوستا للرحلات البحرية الإيطالية، وغيرهما من شركات البواخر العابرة المحيطات فتحت خطوطا ملاحية سياحية تنطلق من ميناء تيانجين لزيارة اليابان وجمهورية كوريا. وفي نفس الوقت، فتحت شركة برنسيس للرحلات البحرية الأمريكية وشركة كريستال اليابانية للرحلات البحرية وشركة نيبون يوشن كايشا اليابانية للنقل البحري، وغيرها من الشركات الدولية المشهورة للرحلات البحرية خطوطا ملاحية لزيارة ميناء تيانجين.

شاطئ خليج دونغجيانغ

شاطئ خليج دونغجيانغ هو الشاطئ الرملي الوحيد في منطقة تيانجين وبكين، وفيه بنايات تطل على البحر وشارع للأطعمة البحرية وشارع للثقافة الترفيهية، وغيرها.

في هذا الشارع، يتمتع الزائر بالمناظر البحرية ويحتسي المشروبات ويتناول الأطعمة البحرية في المطاعم الفاخرة أو المطاعم الصغيرة في شارع الأطعمة البحرية. وبعد تناول الأطعمة اللذيذة، يمكن أن يشارك في العديد من النشاطات الممتعة، مثل ركوب الزورق السريع والسفينة الشراعية والدراجة النارية على الشاطئ الرملي. يوفر شاطئ خليج دونغجيانغ للزوار سعادة بلون المياه الزرقاء.