الآثار السعودية تعرض في الصين

بدأت في العشرين من ديسمبر 2016، فعاليات معرض "طرق التجارة في الجزيرة العربية.. روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور" بمتحف الصين الوطني في بكين، برعاية الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني السعودي ووزارة الثقافة الصينية، وتستمر حتى مارس عام 2017. تقام هذه الفعاليات في إطار الجولة الآسيوية للمعرض، الذي سيواصل جولته لتشمل كلاً من جمهورية كوريا واليابان. تحظى جولة المعرض بالدعم من شركة أرامكو السعودية ممثلة بذراعها الثقافي، ومركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي، والهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني السعودية. وتأتي هذه الجولة الآسيوية، مواكبة لجهود المملكة لتوطيد العلاقات وتعزيز التواصل الثقافي مع الشرق الأقصى، والتي مهدت لها زيارة ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان آل سعود إلى الصين.

يضم المعرض أكثر من أربعمائة قطعة أثرية من التحف المعروضة في المتحف الوطني السعودي في الرياض، ومتحف جامعة الملك سعود، وغيرها من المتاحف المشهورة في السعودية. يعود تاريخ هذه القطع إلى الفترة الممتدة من العصر الحجري القديم إلى العصور القديمة السابقة للإسلام، ثم حضارات الممالك العربية المبكرة والوسيطة والمتأخرة، مرورا بالفترة الإسلامية والفترة الإسلامية الوسيطة، حتى نشأة الدولة السعودية بأطوارها الثلاثة إلى عهد الملك عبد العزيز مؤسس الدولة السعودية الحديثة. تعد المعروضات في هذا المعرض من أروع التحف والآثار التاريخية في السعودية، وتجسد عمق الحضارة السعودية العربية وامتدادها التاريخي.

معرض عالي المستوى

هذا المعرض العالي المستوى، زاره كبار المسؤولين الحكوميين الصينيين والسعوديين. وقال لو شو قانغ وزير الثقافية الصيني، في كلمته بافتتاح المعرض، إن مبادرة "الحزام والطريق" الصينية و"رؤية 2030" السعودية متوافقتان للغاية. والزيارة التي قام بها الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى المملكة العربية السعودية في بداية 2016، توجت بتوقيع علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، كما اتفق الجانبان على تعزيز الحوار بين الحضارات وتعزيز التسامح والتعلم المتبادل بين الأديان والثقافات المختلفة، لتحقيق التعايش المتناغم بين الحضارات البشرية المختلفة."وأكد لو شو قانغ أن تنظيم المملكة العربية السعودية، بمشاركة المتحف الوطني الصيني، معرض "طرق التجارة في الجزيرة العربية.. روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور" إنجاز هام حققه البلدان في مجال التبادل الثقافي.

كما قال الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، إن المعرض يعد من أهم المعارض الخارجية التي نظمتها السعودية في العالم. حيث تعرض المملكة العربية السعودية من خلال هذا المعرض نحو466 قطعة أثرية نادرة من مقتنيات المتاحف السعودية. هذه الكنوز الأثرية تعكس الحضارة العربية المجيدة والرائعة. وقد حقق المعرض نجاحا كبيرا في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وجذب أكثر من ثلاثة ملايين زائر. كما قال إن نجاح هذا المعرض يعكس المكانة الخاصة للصين في المملكة العربية السعودية.

وقال ليويتشانغ شن مدير المتحف الوطني ببكين، إن معرض "طرق التجارة في الجزيرة العربية.. روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور " من أهم المعارض الأجنبية التي احتضنها المتحف الوطني الصيني. وأضاف: "التحف المعروضة توضح مراحل تطور الحضارة في الجزيرة العربية في طرق الحج وطرق التجارة وطريق الحرير، وتعد دليلا هاما على التواصل والتفاعل بين الثقافتين الشرقية والغربية." وأكد أن إقامة معرض الآثار السعودية للمرة الأولى في الصين من شأنه تعزيز مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، وله أهمية كبيرة في تعزيز الحوار والتبادلات بين الحضارة الصينية والحضارة العربية.

إنجاز ثقافي لمبادرة "الحزام والطريق"

المعرض مقسم إلى أربعة أقسام، حسب الفترات التاريخية، وهي: "العصر الحجري"، "طريق البخور"، "طريق الحج" و"إقامة المملكة السعودية العربية". في قسم "العصر الحجري"، تعرض الأدوات الحجرية التي كان العرب يستخدمونها في الجزيرة العربية. ومن بين هذه القطع الحجرية، تمثال حصان مرسوم على عنقه خط رشيق، ويرى الخبراء أنه قد يكون دليلا على ترويض الإنسان للخيل منذ زمان. وفي قسم "طريق البخور"، هناك بعض القطع من الآثار القديمة تجسد تاريخ طريق الحرير والتبادل والصداقة العريقة بين الصين والسعودية. على سبيل المثال، هناك منضدة خاصة تعرض عليها شظايا خزفية صينية مكتشفة في السعودية. كانت تنقل هذه الأدوات الخزفية في فترة أسرة يوان (1386- 1644) من الصين إلى السعودية عبر طريق الحرير البحري. تثبت هذه الشظايا أن الخزف الصيني كان محل إعجاب من العرب في ذلك الوقت، وأن الصينيين والعرب تواصلوا عبر التبادل التجاري على الرغم من بعد المسافة بينهما.

في قسم "طريق الحج"، كثير من الآثار التي تشهد على قيام المسلمين المؤمنين بالحج إلى المكة المكرمة بعد ظهور الإسلام، وهي دليل على تاريخ الإسلام وانتشاره. القسم الأخير، يشرح تاريخ إقامة المملكة العربية السعودية بالصور والوسائط المتعددة.

يعتبر المعرض إنجازا ثقافيا هاما لمبادرة "الحزام والطريق"، بعد إقامة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين والمملكة العربية السعودية، ومن أهم المعارض الدولية التي نظمها المتحف الوطني الصيني. قالت شيو خه، وهي موظفة من المصلحة الصينية للآثار شاركت في تنظيم وإقامة المعرض، إن الخبراء من مصلحة الآثار قاموا بدراسة هذه القطع الأثرية بدقة بالغة، ووضعوا شروحا مفصلة لها حسب المعلومات التي زودهم بها الجانب السعودي ونتائج دراستهم.