الرياح الصينية في "هايتاو"

أصبح التسوق من خارج البلاد "هايتاو باللغة الصنية"، تيارا شائعا لدى شعوب العالم في السنوات الأخيرة. لقد صار  بإمكان أي شخص شراء أي شيء من أي مكان في العالم عبر الإنترنت؛ من الوجبات الخفيفة ومعجون الأسنان والأحذية وغيرها من الضروريات اليومية، إلى الأثاث والأجهزة المنزلية والملابس الفاخرة الثمينة. وفي هذا التيار الساخن، تلعب الصين دورا هاما؛ فقد أصبحت دولة "هايتاو" الأكثر شعبية في العالم، ويشارك المزيد من الصينيين في "هايتاو" أيضا.

دولة "هايتاو"

في مهرجان التسوق "11\11" لعام 2016، حققت مجموعة علي بابا أرباحا  كبيرة، جاء جزء كبير منها من خارج الصين. بالإضافة إلى علي بابا، هناك العديد من مواقع التسوق الصينية عبر الإنترنت التي تجذب الكثير من مستخدمي الإنترنت الأجانب في أنحاء العالم.

منذ أن طرحت سلسلة متاجر تسكو "TESCO"الصلصة الصينية "لاوقان ما" في أسواق الولايات المتحدة الأمريكية، حتى نالت هذه الصلصة إقبالا كبيرا هناك، بل أشادت بها صحيفة ((نيويورك تايمز)) الأمريكية. حظيت "لاوقان ما" بإعجاب المغتربين الصينيين والأجانب أيضا. بالإضافة إلى "لاوقان ما"، أصبحت جبنة فول الصويا المجففة بعلامة "لاتياو" من المنتجات المشهورة والمحببة للأجانب.

وقد جاء في  تقرير صحفي أن ربة بيت أمريكية اسمها ديبي، قالت إنها تقضي ثلث وقت فراغها في تسوق البضائع الصينية على شبكات التسوق الصينية. وذكرت أن المنتجات التي اشترتها من الصين جيدة وأسعارها معقولة وتنال اهتمام جيرانها دائما، وتقول دائما بسرور: "اشتريت هذه السلع من الصين".

في روسيا، حوالي 15 مليون شخص يشترون سلعا من خلال شبكات التسوق الصينية. وفقا لتحقيقات ودراسات عن عادات تسوق المستهلكين في دول مختلفة، منها الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وروسيا ودول الاتحاد الأوروبي، شبكات التسوق الصينية مثل "تاوباو" هي شبكة التسوق الأكثر تفضيلا لديهم. 

يفضل كثير من اليابانيين شراء مستحضرات التجميل بماركة "داباو" من خلال شبكات التسوق الصينية، لأن سعر منتجات التجميل ذات الفعالية المماثلة لداباو تباع في متاجر مستحضرات التجميل اليابانية أكثر من عشرة أضعاف سعر "داباو"!

بجانب ارتفاع جودة السلع الصينية باستمرار، تزداد شهرتها يوما بعد يوم مع تطور الإنترنت. في استطلاع أجري عام 2012، كان 3% فقط ممن شملهم الاستطلاع يعرفون اسم علامة تجارية صينية. هذه النسبة ارتفعت في عام 2015 إلى 23%.

حسب ((التقرير الثالث للتجارة العالمية العابرة للحدود)) الصادر عن شركتي PayPal وIpsos، أصبحت الصين الدولة الأكثر شعبية بالنسبة للمستهلكين في العالم. وفقا لهذا التقرير الذي يتناول العادات الاستهلاكية لمائتين وثمانين مليون مستهلك في اثنتين وثلاثين دولة، 21% منهم اشتروا السلع عبر شبكات التسوق الصينية في سنة 2015، بمعدل 17% في الولايات المتحدة الأمريكية و 13% في بريطانيا. 76% منهم يفضلون "هايتاو" بسبب السعر التفضيلي و65% منهم يعتقدون أنهم يستطيعون شراء السلع التي لا تباع في بلادهم عن طريق "هايتاو"، و46% يحبون توزيع السلع مجانا، و44% يحبون طريقة الدفع الآمنة.

كثير من هواة "هايتاو" يحبون التسوق عن طريق الهاتف النقال وغيره من الأجهزة المحمولة. لقد أصبحت دول آسيا والمحيط الهادئ، مثل الصين، قوة رئيسية للتسوق عبر الإنترنت العابر للحدود عن طريق الأجهزة المحمولة. حسب التقرير، في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، 37% من هواة "هايتاو" يدفعون ثمن السلع على الإنترنت عن طريق الهاتف النقال. خلال عام 2016، في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، حوالي 68% من هواة "هايتاو" كانوا أو ما زالوا يتسوقون عبر الإنترنت باستخدام الهاتف النقال. وفي الصين، بلغ معدل دفع  حساب"هايتاو" عن طريق الهاتف النقال 35% في عام 2016 مقارنة مع 27% في عام 2015.

خريطة "هايتاو" الصينيين تتوسع عاما بعد عام

بجانب اهتمام المستهلكين الأجانب بشبكات التسوق الصينية، يحب الصينيون تسوق السلع العالمية أيضا، بما فيها معجون الأسنان من إيطاليا، والوسائد من تايلاند، والملابس من الولايات المتحدة الأمريكية، والأدوية من اليابان، ومنتجات الرعاية الصحية من أستراليا، ومستحضرات التجميل من جمهورية كوريا، والأزياء من فرنسا، والمعجنات من بريطانيا والشاي من سريلانكا وغيرها من السلع العالمية المختلفة. وكلها يتم شراؤها عن طريق "هايتاو".

وفي الآونة الأخيرة، صارت مهرجانات التسوق تحقق فوائد كبيرة لشبكات "هايتاو": أولا، مهرجان التسوق "11\11". حسب الإحصاءات، من الساعة 00:00 إلى 00:10 لليوم الحادي عشر من نوفمبر عام 2016، زاد عدد الطلب على الأرز المستورد في شبكة (JD.com) 100 ضعف مقارنة مع عام 2015، وزاد عدد الطلب على السلع العالمية 170% مقارنة مع عام 2015؛ وفي شبكة (Tmall.com)، شاركت 13 ألف علامة تجارية عالمية في مهرجان التسوق هذا، وخلال تسع ساعات ونصف ساعة تجاوز حجم مبيعات شبكة (Tmall.com) حجم المبيعات لكل مهرجان "11\11" في عام 2015؛ بينما كان عدد الطلبات لشبكة "يوآ" خمسة أضعاف ونصف مقارنة مع عام 2015. مهرجان التسوق الآخر هو "الجمعة السوداء"، وهو مهرجان أجنبي مشابه لمهرجان "11\11"، وقد نظمت كل من (JD.com) و(Amazon) و(Netease) أنشطة ترويجية وحصلت على فوائد وأرباح مميزة، بجاب دعم (alipay) في مجال الدفع الذي يستخدم في مائتي دولة ومنطقة.

مع ارتفاع الطلب على السلع الاستهلاكية والأذواق الشرائية، أصبح الصينيون قوة رئيسية في "هايتاو" في العالم. ووفقا لـ((التقرير الثاني للتجارة العالمية العابرة الحدود))، عام 2015 هو عام هام لتطور "هايتاو"، فقد اختار 35% من الصينيين التسوق على الإنترنت "هايتاو"، مقابل 26% فقط في عام 2014.

حسب الإحصاءات، خريطة "هايتاو"  للصينيين تتوسع سنة بعد سنة، وتتجاوز مائة دولة ومنطقة في العالم، ونوع السلع يتجاوز  مليوني نوع. ذكر ((تقرير التجارة العالمية العابرة للحدود)) أن 22% من الصينيين الذين يحبون "هايتاو" تسوقوا من خلال شبكات التسوق الأمريكية في عام 2015، مقابل 14% فقط في عام 2014. ومقارنة مع عام 2014، فإن تسوق الصينيين على شبكات التسوق لجمهورية كوريا واليابان ازداد 10% على الأقل. وذكر مستهلكون صينيون شاركوا في الاستطلاع أن "هايتاو" يساعدهم في شراء منتجات حقيقية منخفضة السعر نسبيا ومنتجات جديدة لا تباع داخل الصين، بجانب وسيلة الدفع الآمنة وسياسات ضمان المستهلكين.

حسب الإحصاءات، قام صينيون بالتسوق من خارج البلاد بمتوسط 18 مرة للفرد في عام 2016، مقابل سبع مرات فقط في 2015. وبلغ متوسط إنفاق الفرد عشرة آلاف يوان، ومنهم أشخاص أنفق الواحد منهم أكثر من تسعمائة ألف يوان (الدولار الأمريكي يساوي 9ر6 يوانات). يتوقع المركز الصيني لدراسات التجارة الإلكترونية أن يصل عدد الصينيين الذين يتسوقون من خارج البلاد إلى 6ر35 مليون شخص، وأن يبلغ إنفاقهم تريليون يوان في عام 2018.

خدمات على الإنترنت وخارج الإنترنت

مع تطور التجارة الإلكترونية، يصبح نمط "على الإنترنت+ خارج الإنترنت" أكثر نضوجا، ومن المتوقع أنه سيكون اتجاه التيار في المستقبل. فقد فتحت مجموعة علي بابا مليون متجر إلكتروني على شبكاتها في عام 2016؛ وتعاون موقع (JD.com) مع سلسلة متاجر وول مارت قبل مهرجان "11\11". وفي "الجمعة السوداء"، فتحت مجموعة "يوآ" نمط "على الإنترنت+ خارج الإنترنت"، وفتحت بضعة عشر متجرا تجريبا للمستهلكين، وتقدم خدمات تجريبية للمستهلكين.

 تعتقد شركة IDC للاستشارات والبحوث أن تخطيط الشركات في "11\11" في عام 2016 حصل على إنجازات مثمرة، حيث تحقق الربط بين عناصر سلسلة التوريد على الإنترنت وخارج الإنترنت، والنقل، والزبائن بشكل أكبر، ويمكن القول إنه ليس هناك تعارض بين التجارة الحقيقية والتجارة الإلكترونية.

نمط "على الإنترنت+ خارج الإنترنت" ينتشر في أنحاء الصين. وفي منطقة الإعفاء من الرسوم الجمركية للتجارة العابرة للحدود في مدينة هانغتشو، توجد مخازن لعشرة آلاف سلعة رائجة من أنحاء العالم، بما فيها مستحضرات التجميل والمنتجات الصحية، والغذائية، منتجات الأطفال، والأجهزة المنزلية والملابس وغيرها. يمكن للمستهلكين أن يروا سلعا حقيقية أجنبية من الخارج ويجربونها، ثم يشترون السلع في جناح التجربة مباشرة أو على الإنترنت عن طريق المسح الضوئي لرمز ثنائي الأبعاد، ثم يسلم المتجر السلع إلى المستهلكين من مخازن معفاة من الرسوم الجمركية، الأمر الذي يحقق عملية متكاملة من التجربة خارج الإنترنت إلى التسوق عبر الإنترنت.

أشار الخبراء إلى أن نمط "على الإنترنت+ خارج الإنترنت" سوف يدفع التكامل بين الحضر والريف والمناطق المختلفة، ويلبي طلبات المستهلكين بخدمات أفضل وتكلفة منخفضة وفعالية أعلى، ويخفف عدم التوازن في قطاع التجارة الإلكترونية بالصين. قال مسؤول حكومي إن الصين سوف تدفع التجارة الإلكترونية لدخول المناطق الريفية والبلدات والمدن الصغيرة والمدن المتوسطة، وستحث تطور نمط "على الإنترنت+ خارج الإنترنت".

لو لان: صحفي في الطبعة الخارجية لصحيفة ((الشعب اليومية)) الصينية