المؤتمر الوطني العاشر للجمعية الإسلامية الصينية

عُقد في بكين يومي السادس والعشرين من نوفمبر 2016، المؤتمر الوطني العاشر للجمعية الإسلامية الصينية، بمشاركة نحو أربعمائة من ممثلي وأعضاء الجمعية في إحدى وثلاثين مقاطعة ومنطقة ذاتية الحكم وبلدية، بالإضافة إلى فيلق شينجيانغ للإنتاج والبناء.

اهتمام بالغ من الحكومة الصينية

أولت الحكومة الصينية اهتماماً بالغاً بهذا المؤتمر، ففي الثامن والعشرين من نوفمبر التقى مع الأعضاء الجدد في الجمعية الاسلامية الصينية، كل من يو جينغ شينغ رئيس المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني الصيني، والسيدة ليو يان دونغ نائبة رئيس مجلس الدولة، وسون تشون لان رئيسة إدارة أعمالالجبهة المتحدة باللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني.

ونيابةً عن اللجنة المركزية للحزب الشيوعى الصيني ومجلس الدولة الصيني، أعرب يو تشنغ شنغ عن بالغ التهاني بانعقاد المؤتمر، وقال: "على مدى السنوات الخمس الماضية، رفعت الجمعية الإسلامية الصينية راية الوطنية وحب الوطن عالياً، وساهمت بشكل كبير في خدمة الاقتصاد الوطني، وقدمت الكثير من الإسهامات الإيجابية في الحفاظ على استقرار المجتمع وتضامن القوميات ووحدة الوطن الأم."

ونيابة عن إدارة أعمالالجبهة المتحدة ومصلحة الدولة الصينية للشؤون الدينية، ألقى وانغ تسوان كلمة، أشاد فيها بعمل الجمعية الإسلامية الصينية خلال السنوات الخمس الماضية، وقال: "منذ عام 2011، قامت الجمعية بالكثير من الأعمال في مجال التفسير، الحج ، الخدمات التعليمية، نشر الوعي الثقافي، الأعمال الخيرية، التواصل مع الخارج، التعليم الديني، البناء الذاتي، وغيرها من المجالات التي حققت نتائج إيجابية لا بأس بها."

قيادة جديدة للجمعية الإسلامية الصينية

أسفرت الانتخابات التي أُجريت لتشكيل القيادة الجديدة للجمعية الإسلامية الصينية، عن اختيار يانغ فا مينغ رئيساً للجمعية في دورتها الجديدة، وكل من عبد الشكور رحمة الله، ليو باو تشي، ما كاي شيان، ما ون يون، عادل الحاج كريم، وانغ شو لي، ليو كه جيه وغيرهم من عشرين عضوا لمنصب نائب رئيس الجمعية الإسلامية الصينية، كما اُنتخب ما تشونغ بينغ أميناً عاماً للجمعية. واستحدث المؤتمر هيئتين جديديتين للجمعية هما: مجلس الشؤؤن والمجلس التنفيذي.  ومن ناحية التكوين العرقي للجمعية، تمت إضافة قومية سالار إلى القوميات الممثلة بالفعل في الجمعية، وهي: قوميات الويغور، هوي، القازاق، القرغيز ودونغشيانغ .

ومن ناحية الهيكل العمري، أصبح متوسط أعمار أعضاء الجمعية 55 عاماً مقارنة 62 عاماً في الدورة السابقة. ومن ناحية المستوى الثقافي للأعضاء، أصبحت نسبة الأعضاء الحاصلين على درجات جامعية أو أعلى 27ر77%، بزيادة قدرها 38ر19%عن الدورة السابقة. إن أكثر ما يميز القيادة الجديدة لتلك الدورة هو اتساع نطاق التمثيل والمستوى الثقافي الأكثر تميزاً، بالإضافة إلى خبراتهم الغنية.

رئيس الجمعية الإسلامية الصينية الجديد، السيد يانغ فا مينغ، من مواليد منطقة نينغشياالذاتية الحكم لقومية هوي، عام 1965، وهو حالياً عضو اللجنة الوطنية الثانية عشرة للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، ورئيس الجمعية الإسلامية في منطقة نينغشيا، وإمام مسجد تشونغدا (الوسط الكبير) بمدينة ينتشوان.

أعمال الجمعية الإسلامية الصينية خلال السنوات الخمس الماضية

أولا: تعزيز الوسطية ضد التطرف

  لخص المؤتمر الوطني العاشر للجمعية الإسلامية الصينية أعمال الجمعية منذ مؤتمرها الوطني التاسع، حيث عقدت العديد من ندوات التفسير والتعريف بالفكر الإسلامي الوسطي. في مايو عام 2014، استضافت منطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم، أكثر من مائة باحث وعالم وخبير في العلوم الإسلامية في ندوة أُقيمت تحت عنوان "حوار حول الفكر الإسلامي الوسطي"، تم خلالها التعريف بمبدأ الاعتدال وحب الوطن والسلام والوحدة، وغيرها من القيم التي يدعو إليها الإسلام، ونبذ التطرف الديني والمغالطات الدينية. وفي يونيو 2016، أقيمت في شينجيانغ ندوة بعنوان "الدعوة للاعتدال والبعد عن التطرف". وفي يوليو من نفس العام، أقامت الجمعية بالتعاون مع الجمعية الصينية للتبادلات الدينية الثقافية بمنطقة شينجيانغ ندوة "الحوار الدولي حول الإسلام الوسطي المعتدل"، والتي حضرها أكثر من مائة عالم وشخصية دينية وممثل حكومي من الصين وروسيا وكازاخستان وطاجيكستان وقرغيزستان وأوزبكستان، وغيرها من الدول. شهدت تلك الندوة مناقشات عميقة حول آلية وكفية الترويج للفكر الإسلامي الوسطي، والحفاظ على، وتوارث، المذهب الحنفي والمدرسة الماتريدية، ونبذ ومعارضة التطرف، وكذلك تعزيز التطور السليم للإسلام. وتوصل الحاضرون إلى توافقات، تبعها العديد من المبادرات المشتركة.

وعلى مدى سنوات متتالية عُقدت بنجاح الدورات الثامنة والتاسعة والعاشرة لمسابقة الوعظ

الديني، والتي ساهمت في تشجيع الجمعيات الإسلامية المحلية في الصين على إقامة

نشاطات الوعظ الديني المختلفة. وعلى مدار الخمس سنوات أيضاً، تم بنجاح إقامة الدورات

التاسعة والعاشرة والحادية عشرة لمسابقة "تلاوة القرآن" في مختلف أنحاء البلاد، والتي

ساهمت في إعداد جيل جديد من المقرئين.

 وبناء على طلب الشخصيات الدينية في شينجيانغ، ساندت الجمعية الإسلامية الصينية ودعمت الجمعية الإسلامية في شينجيانغ في تأليف ونشر كتاب بعنوان "أساسيات الإسلام"، وتم بعد ذلك تداوله في مساجد شينجيانغ. وبالتعاون مع معهد شينجيانغ للعلوم الإسلامية، تم نشر ثلاثة كتب تراثية، وهي: "تفسير الجلالين"، "شرح العقيدة الطحاوية" وكتاب "الاختيار لتعليل المختار"، كهدية من الجمعية الإسلامية الصينية لرجال الدين في شينجيانغ. كما قامت الجمعية، بالتعاون مع دار النشر الوطنية، بترجمة ونشر كتاب باللغة الويغورية بعنوان "أجوبة من القرآن"، وغيرها من سلاسل الكتب الثقافية والتي وصلت عددها إلى سبع كتب، وتم تحريرها وتنسيقها لعمل مجلد من جزئين بعنوان "مختارات من القرآن والحديث" و"سلسة أساسيات الإسلام". وسوف تتم ترجمة هذه الأعمال إلى اللغات الصينية والويغورية والقازاقية والقرغيزية، وقد تم بالفعل إصدار النسخة الصينية والنسخة الويغورية لها. كما تعاونت الجمعية مع دار الشعب للنشر في شينجيانغ لإعادة ترجمة النسخة الويغورية لمعاني القرآن الكريم، وأعمال تراثية أخرى. بالإضافة إلى ذلك، تم نشر مراجعات جديدة لترجمة معاني القرآن الكريم التي قام بها الأستاذ محمد مكين ما جيان، على شكل ترجمة مقابلة باللغتين العربية والصينية. كما تم نشر السلسلة الخامسة من "تجميع خطب الوعظ". كما شاركت الجمعية في مراجعة وتمويل إصدار أربعة أجزاء من "أحاديث سنن أبي داوود"،  كما نشرت "تلخيص مجمع لندوة حوار حول  الفكر الإسلامي الوسطي".

ثانيا: النشاطات الخيرية

في عام 2012، أطلقت الجمعية الإسلامية الصينية الحملة الخيرية "رمضان لإكرام

 المسنين ومساعدة المحتاجين"، ووصل حجم التبرعات فيها إلى ثلاثة ملايين ومائتين وعشرة آلاف يوان (الدولار الأمريكي يساوي 8ر6 يوانات)، تم التبرع بها لثلاث وعشرين دار مسنين ومستشفى وطني في أربع عشرة مقاطعة ومنطقة ذاتية الحكم، وكان لها تأثير إيجابي كبير.

ومنذ عام 2013، وبالتعاون مع الجمعيات الإسلامية في مقاطعات تشينغهاي، خنان، خبي وقويتشو، تم بنجاح إقامة الحملة الخيرية "رمضان لإكرام المسنين ومساعدة

المحتاجين"، وتم جمع مليونين وأربعمائة ألف يوان من التبرعات، وُزِعت بالتساوي

على المحتاجين الصينيين من المسلمين وغير المسلمين.

كما شاركت الجمعية في العديد من الأنشطة الخيرية الأخرى، شاركت مع جمعية الصليب الأحمر الصينية في تقديم ست عربات عمل في ست مناطق مختلفة في شينجيانغ.

وفي شهر رمضان، ساهمت في تقديم المساعدات للمحتاجين في مسجد دونغتشيمن في بكين. وبعد وقوع زلزال في منطقة لوديان بمقاطعة يوننان، جمعت التبرعات لإعادة إعمار المساجد التي تأثرت بالزلزال. كما شارك بإيجابية في أعمال مصلحة الدولة للشؤون الدينية في مقاطعة قويتشو للتخفيف من حدة الفقر.

قادت الجمعية الإسلامية الصينية العديد من أعمال الأنشطة الخيرية، حفزت من خلالها

 المجتمع الإسلامي في الصين للقيام بالأنشطة الخيرية، والتي من خلالها نشرت روح

الإسلام السمحة في المجتمع.

ثالثا: إرشاد المسلمين الصينيين لأداء فريضة الحج

منذ عام 2102 حتى 2016، قدمت الجمعية الإسلامية الصينية خدمات الحج لأكثر من سبعين ألف مسلم، وخدمات العمرة للآلاف غيرهم. وقد حازت أعمال الجمعية في خدمات الحج على ثناء واعتراف القيادة المركزية في الصين. كما عبرت المملكة العربية السعودية عن تقديرها لمستوى منظمات الحج الصينية، واعتبرتها في صدارة المنظمات من حيث تحسن مستوى الخدمات الطبية. حيث عملت الجمعية على توسيع نطاق الفحوص الطبية للحج، وأعمال الإجراءات الوقائية من الأوبئة، والاتصال بلجنة التخطيط الوطنية لتعزيز الإرشاد الصحي، وإرسال الخبراء لتعزيز قوة الفريق الطبي والعمل على زيادة عدد الأطباء والأدوية. هذا إضافة إلى خدمات الحصول على التأشيرة وعمل وجبات الطعام الموحدة ورفع مستوى أماكن الإقامة ووسائل النقل، وغيرها من الخدمات.

رابعا:  توسيع نطاق التبادلات الودية

في السنوات الأخيرة، وتحت توجيه ودعم مصلحة الدولة للشؤون الدينية، تعمقت العلاقات

والتبادلات الودية بين الجمعية الإسلامية الصينية ودول غربي آسيا وشمالي أفريقيا وجنوبي آسيا وجنوب شرقي آسيا، وصولاً إلى آسيا الوسطى وجنوب شرقي أوروبا، وتم بذلك فتح آفاق جديدة للتعاون الدولي والأنشطة الدولية.

في الفترة من 2012 إلى 2013، شاركت الجمعية الإسلامية الصينية في العديد من

الأنشطة الثقافية الدينية، في تركيا وماليزيا والسعودية. وأرسلت الجمعية عدة وفود وممثلين للمشاركة في المؤتمر الرابع لزعماء الأديان العالمية والتقليدية، كما شاركت في المؤتمر الدولي الثامن والعشرين والتاسع والعشرين للتضامن الإسلامي والذي عُقد في

 إيران، كما شاركت في مؤتمر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية والذي عُقد في مصر، وغيرها من المؤتمرات الدولية حول حوار الحضارات والأديان.

استطاعت الجمعية من خلال الزيارات الودية لأعضائها إلى دول متعددة إقامة علاقات ودية مع كل من تشاد، تايلاند، الهند، بنغلاديش، بلغاريا، أوزبكستان، قيرغيزستان والمملكة المتحدة، وغيرها من الدول والمنظمات الإسلامية.

خطة عمل الجمعية الإسلامية الصينية

حول خطة عمل الجمعية الإسلامية الصينية خلال السنوات الخمس المقبلة، قال الرئيس

الجديد للجمعية الإسلامية الصينية: "أولا، يجب علينا مواصلة تعميق تفسير القرآن الكريم، وتعزيز فكر الإسلام الوسطي بشكل لا لبس فيه ضد التطرف." وأشار إلى أنه يجب إفساح المجال أمام دور القيادات من الأئمة في اللجنة الإسلامية، وكذلك تعزيز نشر الفكر الإسلامي في البلاد، والبحث في الدين الإسلامي عن كل ما يدعو إلى الاستقرار وتناغم المجتمع، وتحقيق متطلبات العصر والتنمية في إطار الشريعة، وبما يتوافق مع الثقافة الصينية التقليدية.

وأشار إلى أن الجمعية ستسعى لترسيخ مبادئ الاعتدال ومحاربة التطرف، وما يترتب عليه من آليات للتعاون الدولي. وستعمل الجمعية على نشر صوت الصين في المجتمع الإسلامي الدولي.

ومن ناحية أخرى، تسعى الجمعية إلى مواصلة تعزيز عمل مجلس الأئمة الديني، على أساس الالتزام بقدر ما يسمح به القانون للقيام بأنشطة دينية جيدة. وحماية المصالح المشروعة للمجتمع الإسلامي والمسلمين، ودعم الحزب والحكومة لاتخاذ إجراءات صارمة ضد الأنشطة غير المشروعة والإجرامية. وستسعى الجمعية إلى تثقيف وتوجيه الغالبية العظمى من جماهير المسلمين إلى فهم صحيح العلاقة بين الدين وقانون الدولة، والعمل على سيادة القانون، مع رفع الوعي السياسي والمعرفة الدينية والسلوكيات الأخلاقية. وبذلك تتمكن الجمعية من إعداد جيل جديد على مستوى عالٍ من الأئمة والمعلمين.

كما أشار يانغ فا مينغ، إلى أن الجمعية سواصل تعزيز مستوى المؤسسات الخدمية للحج، والحفاظ على المستوى الدولي الذي وصلت إليه الصين في الحج، حتى تنشر صورة جيدة عن المسلمين الصينيين في العالم. وستسعى الجمعية لمواصلة دعم مبادرة "الحزام والطريق"، لتعزيز التبادل والتعاون الدوليين، لتعميق أواصر الصداقة بين المسلمين الصينيين والمسلمين حول العالم. وكذلك مواصلة تعزيز الثقافة الإسلامية وتعزيز العمل البحثي البنّاء، مع التركيز على الإعلام الجديد.

وستعمل الجمعية لمواصلة تعزيز التطور السليم للتربية الإسلامية، وتعزيز التعليم الديني والانتقال من الطرق التقليدية إلى التعليم الحديث، وكذلك تحسين مستوى التعليم في المساجد والمدارس الدينية لتكون مكملة لبعضها البعض. وستقوم الجمعية ببناء المعاهد الدينية، التي تشتمل على ثلاث درجات علمية، هي: الليسانس والماجستير والدكتوراه، وبذلك يمكن للجمعية إعداد جيل جديد عالي المستوى من المسلمين الصينيين، الذين يمكنهم في نفس الوقت تلبية متطلبات التنمية الاجتماعية المعاصرة.