الحضض الصيني يتحدى التصحر

تصحر الأرض معضلة كبيرة تواجهها الصين، وعلى رأس أولويات أعمال بناء البيئة الإيكولوجية الصينية. تصحر الأرض لا يهدد البيئة الإيكولوجية فحسب، وإنما أيضا يؤدي إلى الفقر في المناطق الصحراوية، حيث تبتلع الصحراء ساحة البقاء والتنمية لأبناء الأمة الصينية، وتعرقل مسيرة بناء مجتمع الحياة الرغيدة، مما يعوق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للصين. لكل هذا، أصبحت جهود الوقاية من التصحر وحث خطى معالجة مشكلة التصحر، وكبح توسع الصحراء على رأس أولويات أعمال تحسين البيئة في المناطق الصحراوية وضمان حياة كريمة للناس.

في يومي الرابع والعشرين والخامس والعشرين من سبتمبر عام 2016، عقدت في مدينة دهلينغها بولاية هايشي في مقاطعة تشينغهاي، ندوة حول الوقاية من التصحر ومعالجة التصحر وتطوير البيئة الإيكولوجية الخضراء في هايشي، كما أقيم معرض لمنتجات حوض تشايدام من الحضض الصيني. بعد تبادل الرأي والمناقشات، أثنى الخبراء المشاركون على الجهود التي تبذلها الحكومة في السنوات الأخيرة للوقاية من التصحر ومعالجته وتطوير أعمال بناء البيئة الإيكولوجية الخضراء. وأكد الخبراء أن النهج الذي تسلكه ولاية هايشي في تنمية صناعة جديدة استنادا إلى ظروفها الواقعية، وهي صناعة الحضض، لمعالجة مشكلة التصحر وتخفيف الفقر قد أصبح نموذجا لحل هذه المشكلة في أنحاء الصين. وأوضح الخبراء أن هذا النهج يساعد الناس في التعرف على الصحراء واستخدامها ويحقق حلم تحويل المناطق الصحراوية إلى واحات.

تقع ولاية هايشي الذاتية الحكم لقومية منغوليا في شمال شرقي هضبة تشينغهاي- التبت بمقاطعة تشنغهاي، وتبلغ مساحتها ثلاثمائة وعشرين ألف كيلومتر مربع، تحتل 4ر44% من مساحة المقاطعة. تغطي صحراء ولاية هايشي 76% من مساحة الصحراء في المقاطعة، و6ر29% من مساحة الولاية. في السنوات الأخيرة، تعكف حكومة ولاية هايشي على بناء نظام بيئي إيكولوجي يتمثل في "الجمع بين إغلاق سفوح الجبال لحمايتها مع غرس الأشجار فيها، والبناء الإيكولوجي والتنمية الخضراء"، لتحقيق التوازن بين حماية البيئة والتنمية الاقتصادية، وتعتبر زراعة الحضض الصيني صناعة رئيسية لزيادة دخل الفلاحين في حوض تشايدام ودفع التنمية الخضراء في ولاية هايشي.

 حوض تشايدام من أكبر المواقع التي تنتج ثمار الحضض الصيني. ويتميز هذا الحوض بطول فترة سطوع الشمس كل يوم، والفارق الكبير في درجة الحرارة بين الصباح والمساء. هذه الظروف الطبيعية مناسبة لنمو الحضض الصيني الذي يتميز في حوض تشايدام بالثمار الكبيرة والجودة العالية والطعم الحلو. وبسبب هذه الظروف الجيدة، تعمل حكومة الولاية على تنمية الزراعة الخضراء وخاصة زراعة الحضض.

مساحة مزارع الحضض في ولاية هايشي حاليا خمسمائة ألف مو (الهكتار يساو 15 مو)، وتم بناء قاعدتين لزراعة الحضض وتصنيعه. كما تم إنشاء أكثر من ثلاثين سلسلة إنتاج لخمسين نوعا من منتجات الحضض، فتشكلت منظومة إنتاج متعددة الوظائف، تشتمل على الزراعة والإدارة والتصنيع والبيع. ولاية هايشي حاليا هي ثاني أكبر منطقة مصدرة للحضض في الصين ومنطقة نموذجية للزراعة. يبلغ إنتاج ولاية هايشي من الحضض ستين ألف طن سنويا، قيمتها المتكاملة نحو ستة مليارات يوان (الدولار الأمريكي يساوي 7ر6 يوانات)؛ ويتم تصدير حوالي ثمانمائة أو تسعمائة طن منه إلى الخارج، تحقق عائدا يصل إلى 794ر10 ملايين دولار أمريكي. يصل عدد الشركات والمؤسسات المنخرطة في نشاطات تجارية متعلقة بالحضض ألفا وأربعمائة، كما أن 8361 أسرة ريفية تمارس أعمالا متعلقة بالحضض، تحقق كل منها دخلا سنويا يصل إلى ستة آلاف يوان في المتوسط.

تطوير زراعة وتصنيع الحضض والنباتات الطبية الأخرى، أدى إلى زيادة دخل الفلاحين في ولاية هايشي، كما تم تشكيل نظام إيكولوجي يضم نقاطا تجريبية ويتميز بالهيكل المعقول والفعالية الاقتصادية العالية.

الحضض الصيني ساهم في حدوث تغيرات كبيرة بولاية هايشي، ليس أقلها أن الصحراء صارت واحات، وإنما أيضا أن أبناء الولاية حققوا الثراء عن طريق زراعة الحضض، كما أن هايشي وجدت طريقا جديدا فعالا لتحقيق التوازن بين معالجة مشكلة التصحر وتطوير الصناعات وإثراء الفلاحين.

ليو شو، نائب رئيس الجمعية الصينية للعلوم والتكنولوجيا، ومستشار قسم التصحر لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، ومستشار فريق خبراء معالجة التصحر في الصين، قال: "هناك صناعة تسمى بصناعة الصحراء، أول من قدمها كان العالم الصيني المشهور تشيان شيويه سن الذي اعتبرها مكونا هاما للثورة الإنتاجية السادسة. صناعة الصحراء تعني تنمية الزراعة والصناعة في الصحراء على أساس الخصائص الجغرافية للصحراء، واستخدام التقنيات الحديثة، سعيا إلى تحقيق التناغم بين الإنسان والطبيعة ودفع تنمية الاقتصاد الدوري وخدمة الناس." زراعة الحضض في صحراء ولاية هايشي تتفق مع سمات صناعة الصحراء، وهي في الحقيقة تطبيق للثورة الإنتاجية السادسة. حققت هايشي إنجازات كبيرة في هذا المجال، وتلعب دورا نموذجيا ورائدا في مجال معالجة مشكلة التصحر وتنمية الصناعة الخضراء في الصين.

ندوة هايشي للوقاية من التصحر ومعالجته وتنمية الصناعات البيئية الخضراء الأيكولوجية، والتي شاركت فيها ((الصين اليوم))، ألقت الضوء على جهود هايشي في نشر التقنيات الجديدة في غرس الغابات، وبناء نقاط تجريبية لنشر تقنيات غرس الغابات ومكافحة الجفاف، والتي أدت إلى بناء منظومة لتعميم التقنيات على مستويات الولاية والبلدة والمحافظة. وفي عام 2016، نجحت هايشي في استصلاح مليون وثلاثمائة ألف مو من الصحراء عن طريق غرس الأشجار والأعشاب، فوصلت نسبة تغطية الغابات في هايشي إلى 5ر3% من مساحتها. في الوقت نفسه، تقوم الولاية بغرس الأشجار والسياجات النباتية على جانبي خط تشنغهاي- التبت الحديدي، فتضمن بذلك سلامة السكة الحديدية ويجعلها ممرا أخضر جميلا على هضبة تشينغهاي- التبت.