الصين يمكن أن تتجاوز الفقر

 

الصين هي أول دولة نامية حققت الأهداف الإنمائية للألفية للأمم المتحدة  بتخفيض معدل الفقر المدقع قبل الموعد النهائي الذي كان محددا له عام 2015. انخفض عدد الفقراء في الصين من 836 مليون فرد في عام 1987 إلى 156 مليونا في عام 2010. وهكذا تم انتشال سبعمائة مليون فرد من هاوية الفقر، وفقا لإحصاءات البنك الدولي. وتشير البيانات الصينية الرسمية إلى أنه في نهاية عام 2015، انخفض عدد الفقراء في المناطق الريفية إلى 75ر55 مليونا، وتهدف الصين إلى القضاء على الفقر بحلول عام 2020، عندما تُحقق هدفها بالوصول إلى مجتمع الحياة الرغيدة.

إنجازات الصين الملحوظة في تقليل الفقر تُعزى بشكل كبير إلى تنميتها الاقتصادية الشديدة السرعة منذ انتهاج سياسة الإصلاح والانفتاح. خلال ثلاثة عقود؛ من سنة 1978 إلى سنة 2007، بلغ متوسط النمو السنوي للاقتصاد الصيني 10%، وارتفع متوسط نصيب الفرد بالمناطق الريفية من الناتج المحلي الإجمالي من 134 يوانا (الدولار الأمريكي يساوي 7ر6 يوانات) إلى 4140 يوانا، ومن ثم انخفضت نسبة الريفيين الذين يعيشون في فقر مدقع من 7ر30% إلى 6ر1% من إجمالي سكان المناطق الريفية.

وخلال تلك الفترة، حل نظام المسؤولية التعاقدية الأسرية المرتبطة بالإنتاج محل الكوميونات. وقد أدى تطبيق هذا النظام إلى إشعال حماسة الفلاحين للإنتاج وتوسيع الاستخدام الفعال للأرض. وتدريجيا، صارت السوق هي التي تحدد أسعار المنتجات الزراعية، وتكاثرت المشروعات على مستوى القرى والبلدات، مما خلق فرص عمل جديدة ودخولا أعلى. إضافة إلى ذلك، تدفق إلى المدن مائتا مليون ريفي حيث يمكنهم الحصول على أجور أعلى.

ومع انفتاح البلاد على العالم الخارجي، زادت الصادرات من المنتجات كثيفة العمالة. وسُمح للشركات الخارجية والاستثمارات الأجنبية بدخول السوق الصينية، مما خلق المزيد من فرص العمل للعمال المهاجرين.

في نفس الوقت، استثمرت الحكومة الصينية في تحسين البنية التحتية بالمناطق الفقيرة، وطورت مشروعات لتسريع نمو الاقتصاد المحلي. كما أنها أيضا أقامت منظومة توأمة تقدم بمقتضاها المناطق الساحلية الغنية مساعدتها ومشورتها لنظيراتها الأقل نموا في داخل البلاد لمساعدتها على التخلص من الفقر. وتم تشجيع المجتمع المدني ككل للمشاركة في جهود تخفيف الفقر.

حاليا، سرعة نمو الاقتصاد الصيني أقل مما كان. وتسعى الصين إلى نمط تنمية مستدام يحقق التناغم بين  نمو الاقتصاد والموارد والبيئة. وفي المناطق التي تعاني من الفقر وشح الموارد، تشجع الحكومة على تطوير الصناعات الخضراء والأعمال التجارية الصديقة للبيئة، مثل تربية المواشي والسياحة، مما يخلق فرص عمل محلية. وتقوم الحكومة من حين لآخر بتقييم تلك الجهود لترى ما إذا كانت تحقق تقدما في أهداف التنمية الاقتصادية المرغوبة وحماية البيئة وتقليل الفقر.

  في الماضي، كانت مناطق الفقراء في الصين كثيفة ومتجاورة، وهو الوضع الذي تغير حاليا. أسباب الفقر أكثر تعقيدا، والفقراء متناثرون في مناطق مختلفة، ومن ثم أطلقت الحكومة المزيد من الإجراءات الأكثر استهدافا وبتدابير محددة لمساعدة الناس ذوي الظروف والاحتياجات المختلفة. تتضمن تلك الإجراءات إقامة دورات تدريبية للفلاحين، إما لمساعدتهم على أن يجدوا عملا أو لتحسين كفاءتهم الزراعية. الحكومة الصينية تولي أيضا اهتماما بالرعاية الصحية والتعليم والموارد عندما تضع معايير جديدة لخط الفقر، في مسعى منها لمنع عودة الفقر.

إن أعمال الصين وإنجازاتها تمثل مساهمتها العالمية لتقليل الفجوة بين الفقراء والأغنياء، وجعل العالم قرية كونية متناغمة وسعيدة.