الصين والحلم الأولمبي
عندما تنطلق دورة الألعاب الأولمبيةالصيفية الحادية والثلاثون، هذا الشهر، في مدينة ريو دي جانيرو بالبرازيل، يكون قد مضى اثنان وثلاثون عاما على أولمبياد لوس انجليس 1984، حيث فازتأول ميدالية أولمبية ذهبية لها. قبل تأسيس الصين الجديدة عام 1949، أقيمت أربع عشرة دورة أولمبية شاركت الصين في ثلاث منها فقط بلاعبين هواة. ولكن ما إن ولجت الصين ساحة الأولمبياد رسميا حتى ثبتت أقدامها وتفوقت على بلدان ذات تاريخ أولمبي طويل. تدخل الصين أولمبياد ريو وفي جعبتها أكثر من مائتي ميدالية أولمبية ذهبية. في أولمبياد بكين 2008، فازت الصين بالمركز الأول في قائمة الميداليات الإجمالية، وفي أولمبياد لندن عام 2012، احتلت الصين المركز الثاني في ترتيب الميداليات الذهبية والميداليات الإجمالية.
لقد حققت الصين، باستضافتها أولمبياد 2008، حلم أجيال من الصينيين، وعززته بالنجاح في طلب استضافة الأولمبياد الشتوية لعام 2022. وقدمت الصين للعالم أبطالا حُفرت أسماؤهم في سجلات الشرف الأولمبي، وحققت اختراقات في رياضات لم يكن لها تاريخ معروف في الصين، ومنها حمل الأثقال وألعاب القوى.
الأربعمائة رياضي الذين يمثلون الصين في أولمبياد ريو يحملون على عواتقهم آمال وأحلام مليار وأربعمائة مليون صيني، ويتطلع إليهم العالم للتمتع بأدائهم المميز، خصوصا في سباقات كرة الطاولة وكرة الريشة والجمباز والرماية ورفع الأثقال والغطس.
تدرك الجهات الصينية المعنية التحديات الجمة التي تواجه الوفد الأولمبي الصيني في ريو، خاصة فرق التوقيت وترتيب الجدول الزمني للسباقات. ولهذا، بدأت الصين في عام 2014 برامج تدريبية للاعبين حسب التوقيت والنظام التنافسي والجدول الأولمبي في ريو، واستعانت بعدد من المدربين الأجانب.
يعتز الصينيون بالروح الأولمبية التي يجسدون شعارها "أعلى وأسرع وأقوى" في كافة مناحي حياتهم، فعندما اختاروا لأولمبياد بكين شعار "عالم واحد، حلم واحد" كان ذلك تعبيرا عن التضامن والصداقة والسلام والتناغم. هذه القيم هي المبادئ التي تنتهجها الصين في علاقاتها مع البلدان الأخرى. وانطلاقا من هذه المبادئ التي تضمن التعايش السلمي وحسن الجوار، جاء رفض الصين القاطع للبيان الصادر عن ما يُسمى بمحكمة التحكيم الدائمة بشأن جزر بحر الصين الجنوبي في الأول من يوليو 2016.
وقد كان رد الحكومة الصينية، تعليقا على البيان، لا لبس فيه برفضه ودحضه، إذ أكد على أن جزر بحر الصين الجنوبي تتكون من جزر دونغشا وشيشا وتشونغشا ونانشا، وأن نشاطات الصينيين في بحر الصين الجنوبي ترجع إلى ما قبل أكثر من ألفي سنة. كما أن الصين هي أول دولة اكتشفت واستغلت وأطلقت الأسماء على جزر بحر الصين الجنوبي والمياه التابعة لها، وأول دولة مارست السيادة وسلطة الدولة باستمرار بشكل سلمي وفاعل، ما أسس سيادتها الإقليمية والحقوق والمصالح المعنية لها في بحر الصين الجنوبي.
إن لجوء الفلبين، من جانب واحد، إلى التحكيم يتعارض مع نص وروح إعلان الصين ورابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) سنة 2012 حول سلوك الأطراف في بحر الصين الجنوبي، والذي ينص على حل النزاعات من خلال المفاوضات المباشرة بين الدول المعنية.
إن الصينيين بروحهم الأولمبية المتسامحة يتمسكون بإقامة علاقات ودية بين مختلف شعوب العالم وتنحية الخلافات والسعي معا للتعاون في نقاط الاتفاق التي تحقق مصلحة الجميع.