تساو ون شيوان
أول صيني يفوز بجائزة أندرسن لأدب الطفل

في الرابع من إبريل 2016، وخلال حفل افتتاح الدورة الثالثة والخمسين لمعرض بولونيا الدولي لكتب الأطفال في إيطاليا، أعلن المجلس الدولي لكتب الشباب فوز الكاتب الصيني تساو ون شيوان بجائزة هانس كريستيان أندرسن الدولية لعام 2016، التي تُمنح للمتميزين في أدب الطفل، ليصبح السيد تساو أول صيني يفوز بهذه الجائزة. هذا الفوز، الذي جاء بعد أربع سنوات من فوز الأديب الصيني موه يان بجائزة نوبل للأدب في عام 2012، أظهر للعالم قوة الأدب الصيني وحيويته. لقد جعل تساو ون شيوان العالم يقرأ أدب الطفل الصيني.

في عام 1956، تأسس المجلس الدولي لكتب الشباب وجائزة أندرسن الدولية؛ الجائزة الأكثر تأثيرا في مجال أدب الطفل بالعالم، والتي تحمل لقب "نوبل أدب الطفل". تهدف الجائزة إلى تشجيع وتقدير الكتاب والرسامين الممتازين في مجال أدب الطفل في كل العالم. ويحق للكاتب أو الرسام الحصول على هذه الجائزة مرة واحدة فقط، لتقدير مستواه الأدبي وإسهامه في أدب الطفل، ما يجعلها بمثابة "جائزة الإنجاز مدى الحياة" لكُتاب أدب الطفل. جائزة أندرسن ليست مالية، وإنما عبارة عن وسام ذهبي منقوش عليه صورة رأس الكاتب والشاعر الدنماركي هانس كريستيان أندرسن وشهادة تقدير.

 

من حقول الريف إلى جامعة بكين

نشر الموقع الرسمي لجائزة أندرسن تعريفا موجزا للسيد تساو ون شيوان، جاء فيه: ولد تساو في ريف الصين، ودرس في جامعة بكين، ويعمل حاليا بتدريس الأدب الصيني وأدب الطفل. كان فقيرا في صغره، دفعته عاطفته الجياشة وتقديره للجمال إلى كتابة عمله الأدبي الأول، ((بيت من القش))، الذي نشر في عام 1997 وحصل على العديد من الجوائز، منها أعلى جائزة صينية لأدب الطفل- جائزة أدب الطفل المتميز. يتميز أسلوبه بالسلاسة والشاعرية، ويصف اللحظات الصادقة والحقيقية، بل والحزينة، في الحياة. أما عمله ((عباد الشمس البرونزي)) الذي نُشر في عام 2005، فيحكي قصة فتاة في المدينة تبحث عن الانتماء في الريف، وسلسلة "دينغدينغ دانغدانغ" التي نشرت في عام 2012 تحكي قصص شقيقين مصابين بالعته المنغولي (متلازمة داون) يعيشان في قرية صينية.

ولد تساو ون شيوان في يناير عام 1954 في قرية صغيرة في مدينة يانتشنغ بمقاطعة جيانغسو، وتذوق مشاكل الحياة في طفولته، فشحذت عزيمته. قال في كتابه ((الطفولة)): "تقع بلدتي في شمالي مقاطعة جيانغسو وتشتهر بالفقر. كانت أسرتي تعيش في فقر مدقع، فحُفر الفقر في ذاكرتي. أكلت النخالة والعشب الأخضر. أتذكر أنني كنت أقطع العشب الأخضر على ضفة النهر لتطبخه أمي في مقلاة حديدية بدون زيت، متظاهرة بأنها تطبخ الكراث."

في سبتمبر عام 1974، التحق تساو ون شيوان بقسم علم المكتبات في جامعة بكين، وكان الطالب الوحيد من مدينة يانتشنغ الذي التحق بهذه الجامعة في ذلك الوقت. بفضل نبوغه في الكتابة والأدب، انتقل للدراسة في قسم اللغة الصينية بالجامعة. وبعد تخرجه، عمل في جامعة بكين، وهو حاليا أستاذ بقسم اللغة الصينية فيها، ومشرف على طلاب الدكتوراه، وعضو المجلس الوطني لرابطة الكتاب الصينيين، ونائب رئيس جمعية كتاب بكين، وأحد رؤساء تحرير المواد الدراسية للغة الصينية للمرحلة الابتدائية التي تصدرها دار الشعب للنشر التعليمي. من أعماله ((بيت من القش)) و((عباد الشمس البرونزي)) و((الختم الناري)) و((الماعز لا يأكل العشب في الجنة)) و((الحقول الحزينة)) و((شجرة البرتقال الحلو)) وغيرها. ومن أعماله الأكاديمية ((بحوث عن ظواهر أدب الثمانينات في الصين)) و((تفسير فلسفي للأدب والفن)) و((باب الرواية)) وغيرها. تُرجم الكثير من أعماله إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية واليابانية والكورية وغيرها، وحصل على جائزة أدب الطفل المتميز في الصين، والجائزة الذهبية لجائزة سونغ تشينغ لينغ للأدب، والجائزة الوطنية للكتب، والجائزة الحكومية للنشر في الصين، وجائزة أفضل مؤلف مسرحي لجائزة الديك الذهبي، وجائزة هوابياو (المسلة الصينية) الصينية للفيلم، وجائزة الفراشة الذهبية لمهرجان طهران الدولي للفيلم، وغيرها من أكثر من أربعين جائزة هامة.

بعد حصوله على جائزة أندرسن، قال تساو ون شيوان: "لقد وظفت الثروات المتنوعة في الصين، فهذه الثروات لا تمتلكها أي دولة أخرى. إن الشقاء الذي شهدته بلادي يعد ثروة لا تنضب للكتابة."

 

جائزة أندرسن لكاتب صيني لأول مرة

ضمت لجنة التحكيم لجائزة أندرسن مُحَكَمين من عشر دول، منها الصين والأرجنتين والبرازيل والدنمارك. كان من بين المحكمين السيدة وو تشينغ الأستاذة في جامعة الدراسات الأجنبية ببكين، وهي ابنة بينغ شين، أشهر كاتبة لأدب الطفل في الصين. كانت وو تشينغ العضو الوحيد في اللجنة من آسيا وأول عضو من الصين منذ إنشاء جائزة أندرسن. قالت وو تشينغ إن أمها بينغ شين كانت تحكي لها في طفولتها كثيرا من قصص أندرسن، وإنها قامت بترجمة عدد كبير من الأعمال الأدبية، ولهذا رشحتها المؤسسات الصينية المعنية بأدب الطفل لعضوية لجنة تحكيم الجائزة.

وقد أفصحت وو تشينغ عن تقديرها لتساو ون شيوان، قائلة إنه لا حاجة أن تتحاشى التصريح بتقديرها له لتجنب شبهة كونه من أبناء وطنها، فروايات تساو ون شيوان تتوفر فيها معايير جائزة أندرسن. لا تقتصر أعماله على الحكايات البريئة الجميلة للأطفال، بل تشتمل أيضا على الحياة والحكمة والتاريخ. واتفق كافة أعضاء لجنة التحكيم على أن أدب الطفل لا يجعل الأطفال يعيشون في خيال جميل فحسب، وإنما أيضا يُعرّفهم بالأحوال الواقعية. إن أعمال الأستاذ تساو ممتازة، وعلى سبيل المثال، فإن سلسلة "دينغدينغ دانغدانغ" تحكي قصة المعاقين. وفي روايتيه ((البقر البرونزي)) و((عباد الشمس)) موضوعات كثيرة من التاريخ والعناية والمحبة بين الناس والشعور بالمسؤولية عن الآخرين.

((بائعة الكبريت)) و((الحورية الصغيرة)) وغيرهما من حكايات أندرسن للأطفال لا تنتهي بخاتمة لطيفة جميلة. وعندما تحدث تساو ون شيوان عن مفهومه الإبداعي، قال إن أدب الطفل ليس أدبا يعطي الأطفال السعادة فقط، وإنما أيضا يمنحهم البهجة الفكاهية والبهجة التراجيدية. أكثر من 80% من الأعمال في تاريخ أدب الطفل في العالم تراجيدية، والقوام الرئيسي لحكايات أندرسن للأطفال هو التراجيديا. وقال السيد تساو: "الركائز الهامة في كتاباتي هي الأخلاق وتقدير الجمال والرحمة."

 

قوة جديدة لأدب الطفل

حقق تساو ون شيوان شهرة عالمية بأعماله الممتازة، ولكنه غير راض عن وضعه، بل يحمل شعورا ساميا بالمسؤولية، ويحرص على مواصلة المساهمة في قضية أدب الطفل في الصين. في يناير عام 2014، أسس تساو ون شيوان "مركز تساو ون شيوان لأدب وفنون الطفل" بالتعاون مع دار الشعب للنشر التعليمي ودار تيانتيان للنشر، وتولى تساو ون شيوان منصب مدير المركز.

بعد تأسيس المركز، أنشأ المركز جائزة "عباد الشمس البرونزي" لروايات الأطفال، وبدأ طلب الأعمال، سعيا إلى تشجيع إبداع قصص الأطفال الصينية وتنشئة ورعاية المزيد من كتاب أدب الطفل ودعم إبداع ونشر روايات الأطفال الطويلة والمتوسطة. وبعد أكثر من سنة من تأسيس المركز، أقيمت الدورة الأولى لجائزة عباد الشمس البرونزي لقصص الأطفال، التي فاز بها ستة أعمال، منها ((جنرال في زقاق)) و((عندما صار أبي نجما))، وقد نشرتها كلها دار تيانتيان للنشر. وخلال هذه الدورة، برزت أسماء عدد من الكتاب الشبان المتميزين في أدب الطفل، ومنهم شي لي وتشاو لينغ وغيرهما.

في عام 2015، بدأ المركز أعمال طلب الرسوم لجائزة عباد الشمس البرونزي للكتب المصورة للأطفال من أجل دفع تطور الكتب المصورة الصينية واكتشاف المزيد من كتاب الكتب المصورة ودعم وتشجيع إبداع ونشر الكتب المصورة الممتازة.

مركز تساو ون شيوان لأدب وفنون الطفل هو أول مؤسسة صينية ذات حقوق تأليف كاملة، تتخذ كاتبا لأدب الأطفال كمحور في إدارتها. ويعتبر ذلك نوعا من الإبداع في إدارة مؤسسة ثقافية. وقد حظي المركز منذ تأسيسه بدعم مجموعة الصين للنشر ودار الشعب للنشر التعليمي. ويتخذ المركز أعمال تساو ون شيوان لأدب الطفل محورا له، ويهدف إلى خدمة الكتاب والقراء وشركاء التعاون في نشر أدب الطفل. وتشتمل أعماله على نشر الكتب وترويج حقوق التأليف في خارج الصين وتجارة حقوق التأليف للسينما والبرامج التلفزيونية والألعاب الإلكترونية والكرتون والتعليم والتدريب وغيرها، من أجل بناء نمط إدارة "حقوق التأليف الكاملة" لأدب وفنون الطفل لتساو ون شيوان وتوسيع تأثير ماركتها. منذ تأسيس المركز، تم نشر ((الختم الناري)) و((مجموعة داوانغقه للأعمال الأدبية للأطفال)) و((مجلة الحمام)) وغيرها من الأعمال الجديدة لتساو ون شيوان. أما الأعمال المشهورة للكاتب مثل ((بيت من القش)) و((عباد الشمس البرونزي)) وغيرهما، فقد تم نشرها باسم "المجموعة المختارة لأعمال تساو ون شيوان"، وقد حققت نتائج ممتازة في سوق الكتب.

بالإضافة إلى ذلك، يعمل المركز على ترويج كتب تساو ون شيوان إلى الخارج، وقد بدأ بيع حقوق التأليف لأعماله في كل العالم. على سبيل المثال، فإن مشروع "بذور الصين وزهور العالم" التعاوني الدولي للكتب المصورة لتساو ون شيوان أحدث تأثيرا كبيرا، وقد تم بيع حقوق تأليف الكتب الصوتية للمجموعة المختارة لأعمال هذا الكاتب لإذاعة الهيمالايا على شبكة الإنترنت، وتم بيع حقوق تأليف طبعة اللغة الإنجليزية لكتاب ((الزجاج الأصفر))، وتم بيع حقوق تأليف طبعة اللغة المنغولية لكتاب ((الختم الناري))، وتم بيع حقوق تأليف كتاب ((المكان البعيد)) وكتاب ((عندما هبت الريح على بلدة ووتشن، شعرت بالتعب)) لدور نشر في الهند وصربيا والدنمارك وغيرها من الدول.

حول توجه أدب الطفل الصيني إلى العالم، قال تساو ون شيوان في حوار مع كتاب أجانب متخصصين في أدب الطفل، خلال دورة عام 2015 لمعرض بكين الدولي للكتاب: "نحن الصينيين نعرف أدب الطفل في العالم معرفة جيدة ولكن أدب الطفل الصيني لا يعرفه العالم." منوها في الوقت نفسه إلى أن الفضل في توجه أدب الطفل الصيني إلى العالم يرجع إلى موه يان، لأن أعماله الأدبية جعلت الأدب الصيني يصل إلى العالمية. وقال: "بوابة الصين مفتوحة حاليا، ولكن دخول هذه البوابة يحتاج إلى وقت، والتمتع بالمناظر داخل البوابة بعد دخولها يحتاج إلى بعض الوقت أيضا. وأضاف تساو ون شيوان: "هذه البوابة لن تُغلق أبدا، وداخلها مناظر أدبية غير محدودة، ونرجو من شعوب العالم أن تدخلها وتتمتع بالمناظر داخلها."