الاقتصاد الصيني من خلال الحقائق

خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي، التي عقدت في واشنطن في الفترة من 12 إلى 16 إبريل 2016، توقع أحدث تقرير حول آفاق الاقتصاد العالمي أن ينمو الاقتصاد الصيني بمعدل 5ر6% في عام 2016، أي أعلى بنقطتين مئويتين من تقديرات سابقة، وبمعدل 3ر6% في عام 2017. وقد أوضحت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، أن رفع توقعات نمو الاقتصاد الصيني جاء بفضل صياغة الحكومة الصينية سلسلة من السياسات التحفيزية لدفع الاقتصاد.

في نفس الفترة، أعلنت المصلحة الوطنية الصينية للإحصاء البيانات والحقائق الاقتصادية للربع الأول من سنة 2016، والتي كشفت عن زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 7ر6% على أساس سنوي. البيانات والحقائق التي أُعلنت، تضمنت عددا من النقاط الإيجابية اللافتة للانتباه. أولا: استمرار التحسن في الهيكل الصناعي؛ ففي الربع الأول من العام، زادت القيمة المضافة للصناعة الثالثة (الخدمات) بنسبة 6ر7%، ووصل نصيب الصناعة الثالثة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 9ر56%، أي أعلى بنقطتين مئويتين عن العام السابق. وفي ذات الوقت، هناك إمكانيات هائلة لتطور الصناعة الثالثة، مع اتجاه رأس المال الأجنبي إلى إضافة المزيد من الاستثمارات. لقد أصبح حجم الاستثمارات في برامج الخدمات ضعف رأس المال المستخدم في مشروعات التصنيع. وهناك العديد من المجالات في حاجة ماسة إلى خدمات مؤهلة، ومنها قطاع رعاية المسنين، قطاع الرعاية الصحية، قطاع الترفيه، وقطاع السينما والتلفزيون. إن ذلك يوفر فرصا تجارية هائلة لرأس المال المحلي والأجنبي.

ثانيا: أن قطاع التصنيع التقليدي شهد تطورا جوهريا. في الربع الأول من العام، شهدت الصناعات الاستراتيجية الناشئة نموا بنسبة 10%، وحقق قطاع التكنولوجيا العالية نموا بنسبة 2ر9%، وقطاع تصنيع المعدات بنسبة 5ر7%. فضلا عن ذلك، حافظ إنتاج السيارات التي تعمل بالطاقة الجديدة على نمو سريع بمعدل أكثر من 80%. تحقق النمو السريع أيضا في قطاعات الأجهزة الطبية، المنتجات الإلكترونية الذكية، ومعدات حماية البيئة، وزادت مبيعات التجزئة عبر الإنترنت بنسبة 8ر27%.

في ذات الوقت، تحول الاقتصاد الصيني بشكل أولي إلى نمط التنمية المنخفضة الكربون والخضراء، مع انخفاض استهلاك الطاقة لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من العام بنسبة 3ر5% على أساس سنوي. ويرجع هذا الإنجاز رئيسيا إلى التخلص من عدد كبير من الصناعات الكثيفة الاستهلاك للطاقة، في إطار تنفيذ الإصلاح الهيكلي لجانب العرض وعملية تقليل المخزون الفائض والطاقة المفرطة.

في الأول من مايو 2016، تم إلغاء ضريبة المبيعات وتعميم ضريبة القيمة المضافة لتشمل قطاعات الإنشاءات والعقارات والمال وخدمات الحياة. ومن المتوقع أن تقل الضرائب هذا العام خمسمائة مليار يوان (الدولار الأمريكي يساوي 5ر6 يوانات) بسبب هذا الإجراء الجديد. وسيكون المستفيد الأكبر هو قطاع خدمات الحياة، الذي سيتمتع بتخفيض يصل إلى 40% من ضرائبه الإجمالية.

الأكثر من ذلك، أنه في ظل عملية التحول الحضري، نشأت إمكانيات تنمية هائلة، خاصة في المنطقتين الوسطى والغربية. بحلول سنة 2030، ستصل نسبة الحضر في الصين إلى 70%، ما يعني أن عددا ضخما من سكان الريف سوف ينتقلون إلى المناطق الحضرية، وهذا سيجلب فرصا استثمارية في قطاع العقارات وإنشاءات البنية التحية، وأيضا تحديث هيكل الاستهلاك المناسب لعادات سكان الحضر الذي يأتون من المناطق الريفية.

وبالنسبة لجذب الاستثمار الأجنبي، يمكن أن نخلص إلى نفس النتائج. في الربع الأول من العام جذبت المنطقة الوسطى 66ر6 مليارات دولار أمريكي، والمنطقة الغربية 93ر3 مليارات دولار أمريكي من رأس المال الأجنبي، بزيادة سنوية قدرها 8ر17% و4ر17% على التوالي.

لقد دفع تطبيق مبادرة الحزام والطريق الاستثمار والتجارة بين الصين والدول الواقعة على امتداد الحزام الاقتصادي لطريق الحرير البري وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين.

الصين من أكبر عشرة شركاء تجاريين لأكثر من مائة دولة في العالم. في عام 2015، وبرغم أن الناتج المحلي الإجمالي للصين كان يعادل 16% فقط من الإجمالي العالمي، تجاوزت مساهمة الصين في الاقتصاد العالمي 25%. هذا هو الاقتصاد الصيني بالحقائق والأرقام.