مع تطور اللياقة البدنية
الصينيات يستعرضن عضلاتهن

خلال ثمانية عشر شهرا فقط، استطاعت الشابة تشيان شياو شياو، المولودة في تسعينات القرن العشرين، أن تغير ملامح بنية جسدها بشكل ملحوظ. قالت: "كنت نحيلة شاحبة، الآن، أريد أن أقول إن الفتاة لا ينبغي أن تقلق من زيادة عضلات جسدها. العضلات مفيدة جدا لنا وتمنحنا قواما أجمل. أذهب إلى صالة رياضية أربع مرات كل أسبوع لأمارس تمرينات تقوية عضلات الصدر والبطن والظهر والساقين. حاليا، أفضل ما أفعله كل يوم هو ارتداء الملابس الرياضية الجميلة والذهاب إلى الصالة الرياضية مع أصدقائي."

مفاهيم تغيرت

الممثلة تشو وي تونغ هي أول نجمة صينية عرضت صورة لعضلات بطنها على الإنترنت، وقد أعربت عن رغبتها في تصوير مقاطع فيديو لتعليم حركات تقوية عضلات البطن. وعندما عرضت الممثلة يوان شان شان صورة عضلات بطنها على الإنترنت، نالت تأييد وتقدير مستخدمي الشبكة العنكبوتية، وساعدت على نشر التوعية بأهمية اللياقة البدنية وأثارت حماسة جماهيرية للياقة البدنية.

من المعروف أن تقديس الجسد نشأ في الغرب، وقد سعى عدد كبير من الأعمال الفنية التي يرجع تاريخها إلى اليونان القديمة لإبراز ما يسمى بالنسبة الذهبية في جسم الناس وتقاسيمه وقوة عضلاته. بينما كان الصينيون في العصور القديمة يؤكدن على أن الجسد يحتاج إلى العناية وليس إلى تقوية العضلات.

كانت معايير جمال المرأة في الصين قبل ألفي سنة تركز على ملامح الوجه، وفي الفترة ما بين القرن الثالث والقرن السادس الميلادي، كان الصينيون يهتمون بالسمات الذاتية المميزة والجمال الطبيعي، وفي الفترة من القرن السادس إلى القرن العاشر كانت السمنة هي معيار جمال الأنثى، وفي الفترة من القرن العاشر إلى القرن الرابع عشر كان الجمال الطبيعي ورشاقة المرأة من أهم مقاييس الجمال، واستمر ذلك في الفترة من القرن الرابع عشر إلى القرن العشرين. كان تغير معايير الجمال في كل فترة من تاريخ الصين مرتبطا بالبيئة الاجتماعية حينذاك.

وقد شهدت السنوات الأخيرة تغيرا كبيرا في مقاييس الجمال عند الصينيين، تماشيا مع تقدم العصر وتطور المجتمع. بعد عشرات السنين من التنمية الاقتصادية السريعة، لم يعد الصينيون يكتفون بالثراء المادي، وإنما أيضا يسعون إلى الارتقاء بجودة الحياة.

التقنيات تغير حياة اللياقة البدنية

التطور الهائل في استخدام الإنترنت من خلال الهاتف النقال أتاح للناس مزيدا من الفرص لإبراز خصائصهم وملامحهم الشخصية. يعرض البعض على مواقع الإنترنت صورهم وهم يمارسون التمرينات البدنية أو صور عضلاتهم، تعبيرا عن اهتمامهم بالصحة وسعيهم إلى مستوى حياة أفضل.

يمكن، من خلال استخدام برامج التواصل الاجتماعي مثل "ويتشات" و"ويبو" وتطبيقات الهاتف النقال، تسجيل وعرض عدد الخطوات وخريطة الركض. تطور الإنترنت في السنوات الأخيرة يوفر وسيلة لازدهار اللياقة البدنية ويساعد المهتمين بالصحة والقوام المتناسق على إظهار جمالهم.

انتشار الإنترنت عبر الهاتف النقال وتطور تطبيقات الهاتف النقال يقدمان فرص وقوة متحركة لمن يمارسون تمرينات اللياقة البدنية.

انضمت السيدة تشانغ يانغ إلى مواقع التواصل الاجتماعي المهتمة باللياقة البدنية عبر "ويتشات"، حيث يعرض البعض صورهم وهم يمارسون تمرينات اللياقة البدنية ويتبادلون تجاربهم وخبراتهم مع الآخرين. ويقدم أحد مواقع الدردشة الجماعية مساعدة خاصة لأعضائه عندما يسافرون إلى مدن أخرى، حيث يصحبهم المحليون هناك إلى صالات رياضية محلية لممارسة التمرينات البدنية بالمجان.

وعندما زارت تشانغ يانغ مدينة ووهان حاضرة مقاطعة هوبي في عام 2014، ساعدتها الطالبة لي لو من جامعة ووهان في الدخول إلى صالة رياضية وممارسة التمرينات البدينة بالمجان. التقطت الفتاتان صورة تجمعهما، ونشرت لي لو هذه الصورة على ويتشات، وكتبت تحتها تعليقا قالت فيه: "يسرني أننا التقينا بفضل اللياقة البدنية، أتمنى أن أحافظ على العضلات القوية بعد عشر سنوات. أشكر اللياقة البدنية التي تساعدنا في الحفاظ على الصحة والجمال."

السيدة تشانغ يويه، التي تقيم في حي تشاويانغ بمدينة بكين، قالت إن الرقص في ساحة قريبة من مسكنها كان الأسلوب الوحيد المتاح لوالدتها لممارسة التمرينات البدنية في الماضي. وبعد إتقان استخدام تطبيق للياقة البدنية على الهاتف النقال، بدأت الأم تمارس المشي السريع، وصارت تمشي عشرين ألف خطوة يوميا، وتقارن عدد خطوات مشيها مع عدد الخطوات التي تمشيها جاراتها.

مع تطور اللياقة البدنية في الصين، بدأت بعض الشركات تستكشف مستقبل سوق اللياقة البدنية، وعملت على تطوير تطبيقات اللياقة البدنية. حاليا، تجاوز عدد تطبيقات اللياقة البدنية لمنصة متجر التطبيقات (APP STORE) ألف تطبيق. وعلى سبيل المثال، فإن تطبيق "KEEP" يجهز لمستخدميه خطط التدريب ويقدم خدمة تنبيه المستخدمين للتدريب كل يوم. ويوفر تطبيق "دونغدونغ" لمستخدميه خدمة قياس مسافة المشي والركض وحساب السعرات الحرارية المستهلكة وتسجيل المعطيات اليومية. تقنية الإنترنت عبر الهاتف النقال خلقت أسلوبا علميا وسهلا وفعالا للياقة البدنية وتساعد على تشكيل عادة ممارسة التمرينات البدنية التي صارت وعيا جماهيريا في الصين حاليا.

تعميم اللياقة البدنية

السيدة تشاو شياو تشن، البالغة من العمر واحدا وثلاثين عاما، بدأت ممارسة التمرينات البدنية قبل ثمانية أعوام. لم تتغير بنية جسدها وتتحسن صحتها فقط، وإنما أيضا صارت تعد مقاطع مصورة لممارسة التمرينات البدنية وتعرضها للجماهير. قالت: "كانت تمرينات اللياقة البدنية التقليدية تشمل الركض والسباحة فقط، ومع انتشار ركوب الدراجات واليوغا والتمارين الرياضية وتطور معدات اللياقة البدنية في الوقت الحالي، يرغب مزيد من الناس في ممارسة التمرينات البدنية وأصبحت محتويات اللياقة البدنية وأساليبها أكثر تنوعا."

في العشرين من يونيو عام 1995، أصدر مجلس الدولة الصيني ((منهاج خطة اللياقة البدنية للجماهير))، فكان ذلك إشعارا ببدء تنفيذ خطة اللياقة البدنية للجماهير في الصين رسميا، ويتمتع هذا المنهاج بمغزى بارز في تاريخ تطور الرياضة الصينية، وخاصة في تاريخ تطور الرياضة الجماهيرية في الصين.

قال وانغ تيان إنه مع ارتفاع مستوى معيشة الصينيين، يرغب كثيرون في دفع تكاليف أعلى لخدمة اللياقة البدنية، ولهذا فتح صالة رياضية في منطقة سانليتون التجارية المزدهرة في بكين في يونيو عام 2015. بعد خمسة وثلاثين يوما من افتتاح الصالة، بلغ عدد أعضائها ثمانمائة فرد.

تعميم اللياقة البدنية بين الجماهير من أهم العوامل التي دفعت تطوير الرياضة الجماهيرية في الصين خلال العشرين سنة المنصرمة. في بداية عام 2009، قرر مجلس الدولة الصيني اعتبار الثامن من أغسطس كل عام يوما للياقة البدنية للجماهير. وفي فبراير عام 2011، أصدر المجلس ((خطة اللياقة البدنية للجماهير (2011- 2015) )) لوضع خطة خمسية للياقة البدنية تواكب التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وفي أكتوبر عام 2014، أصدر المجلس ((الآراء حول تسريع تطور قطاع الرياضة ودفع الاستهلاك الرياضي)) مشيرا إلى رفع "اللياقة البدنية للجماهير" إلى استراتيجية وطنية لأول مرة.

وفي السنوات الأخيرة، هيأت الحكومة الصينية ظروفا ممتازة للياقة البدنية للجماهير، ودعت العديد من المدن إلى فتح الملاعب والقاعات الرياضية العامة للجماهير مجانا أو برسوم قليلة.

اللياقة البدنية ليست حقا خاصا بالشباب وحدهم. السيدة سونغ، البالغة من العمر ثمانية وأربعين سنة، تستيقظ من نومها في الساعة السادسة صباحا، ثم تحتسي كوبا من الماء قبل أن ترتدي ملابسها الرياضية وتخرج من بيتها لممارسة رياضة الركض أو المشي السريع لمدة ثلاثين دقيقة. سونغ، التي تسمي هذا التقليد الصباحي بـ"الاستيقاظ الذاتي والتشجيع الذاتي"، قالت: "يدرس ابني في مدينة أخرى ولست مشغولة، فأود أن أولي مزيدا من الاهتمام بنفسي، ما أحتاج إليه هو الصحة والسعادة." وتقوم السيدة سونغ بالتجول بعد الغداء دائما، وهي تعشق المشي السريع والركض.

استخدام تطبيقات اللياقة البدنية في الهاتف النقال وتبادل تجارب اللياقة البدنية على مواقع التواصل الاجتماعي وتعلم تمرينات اللياقة البدنية على الإنترنت، بل وتكرار عبارة "اللياقة البدنية" في البرامج التلفزيونية، كلها تدل على أن اللياقة البدنية دخلت حياة الصينيين.