التجارة الإلكترونية للمنتجات الصينية
لوه يوان جيون
أصبحت التجارة الإلكترونية للبضائع الصينية أمرا شائعا. قبل أيام اشترى أحمد، وهو صاحب محل ملابس في شارع لبنان بالقاهرة، خمسين قطعة ملابس خريفية من إحدى شركات الملابس الصينية في مدينة قوانغتشو، عن طريق الإنترنت. في السابق، كان السيد أحمد لا بد أن يذهب بنفسه ليشتري بضاعته، ولكنه الآن يستطيع إتمام الصفقة كلها وهو في بيته. قال عن ذلك: "هذا يجعلني أوفر ثمن تذكرة السفر، إضافة إلى أنني أحصل على الملابس بأسعار أرخص مما لو كنت قد ذهبت بنفسي إلى قوانغتشو."
راجت تجارة البضائع الصينية على الإنترنت وتفوقت بدون وسطاء وأصبح هذا التفوق ملموسا. مثلا، تكلفة لعبة باربي المصنوعة في الصين هي دولار أمريكي واحد (الدولار الأمريكي يساوي 2ر6 يوانات)، ولكنها تباع في أسواق وول مارت في الولايات المتحدة الأمريكية بعشرة دولارات أمريكية تقريبا. قال أحد مسؤولي موقع للتجارة الإلكترونية: "يصل الفارق بين سعر السلعة الواحدة في السوبر ماركت في أمريكا وسعرها على الإنترنت إلى أكثر من عشرة أضعاف. ومع وجود مواصلات متقدمة، لا يحتاج وصول البضائع إلى وقت طويل، وهو أمر مقبول ومشجع للمشترين."
وبينما تواجه الصادرات التقليدية "شتاء قاسيا"، تتطور التجارة الإلكترونية الصينية عبر الحدود بشكل ملحوظ. مدينة إيوو في مقاطعة تشجيانغ هي أكبر سوق للبضائع الصغيرة في العالم، وتسوق سلعها إلى مختلف أنحاء العالم، وتتطور فيها التجارة الإلكترونية العابرة للحدود سريعا. وفقا للبيانات المعنية، تم في النصف الأول من العام الحالي إرسال حوالي مائة وخمسين ألف طرد بريدي في المتوسط يوميا من إيوو إلى مختلف أنحاء العالم، بما فيها طرود جوية وطرود عاجلة وغيرهما، وكلها تتم بوسيلة التجارة الإلكترونية. قال يانغ قوه شيون، نائب مدير اللجنة الاستشارية الصينية لتكنولوجيا المعلومات: "في إيوو يبلغ عدد البائعين عبر الإنترنت إلى الخارج مائتين وثلاثين ألفا. في عام 2012، ازداد حجم صفقاتهم شبكة ((علي بابا)) بنسبة 400%، وعلى شبكة ((دونهوانغ)) بنسبة%45.
وفي شانغهاي، أكبر ميناء للتجارة الخارجية في الصين، تتطور التجارة الإلكترونية العابرة للحدود بصورة سريعة. حسب معطيات من جمارك شانغهاي، في عام 2012، بلغ عدد الطرود البريدية خمسة وسبعين ألفا وستمائة طرد في المتوسط يوميا من وإلى شانغهاي. وبلغ عدد الطرود المرسلة إلى الخارج ثلاثة وستين ألفا وثمانمائة طرد، أي بنسبة خمسة وثمانين في المائة من الإجمالي. على المستوى الوطني، وفقا للإحصائيات، فإنه خلال السنوات الخمس الماضية، كان معدل زيادة الصادرات الصينية أقل من عشرة في المائة. ولكن في نفس الوقت، برز تطور التجارة الإلكترونية العابرة للحدود. في عام 2012، وصل حجم صفقات التجارة الإلكترونية إلى تريليوني يوان، بزيادة خمسة وعشرين في المائة مقارنة مع العام السابق. بجانب ذلك، تُسوق مؤسسات صينية صغيرة ومتوسطة سلعها عبر التجارة الإلكترونية إلى الخارج مباشرة، الأمر الذي يساعدها في رفع أرباحها إلى ثلاثين أو أربعين في المائة بعد أن كان يتراوح بين 5%-10% بطريقة التسويق القديمة.
الحكومة تشجع الصادرات عبر الإنترنت
في نهاية أغسطس هذا العام، نشر مكتب مجلس الدولة الصيني ((آراء تنفيذ سياسات دعم صادرات التجزئة للتجارة الإلكترونية عبر الحدود)) التي أصدرتها وزارة التجارة وأجهزة حكومية أخرى، تطالب بتنفيذ هذه الآراء في المناطق المناسبة منذ الأول من أكتوبر عام 2013. طرحت ((الآراء)) ستة إجراءات ملموسة، بما فيها إنشاء نمط جديد للفحص الجمركي لصادرات التجارة الإلكترونية، تمكين المشترين والبائعين من تقديم المعلومات المعنية على الإنترنت؛ إنشاء آلية لمراقبة وفحص صادرات التجارة الإلكترونية؛ دعم استلام العائدات وتسوية الصرف للشركات؛ تشجيع البنوك وأجهزة الدفع لتقديم خدمات الدفع للتجارة الإلكترونية عبر الحدود؛ وتطبيق السياسات الجمركية المناسبة لصادرات التجارة الإلكترونية؛ إقامة نظام الائتمان لصادرات التجارة الإلكترونية.
ستنفذ السياسات المذكورة في شانغهاي وتشونغتشينغ وهانغتشو ونينغبوه وتشنغتشو، وهي المدن التي أتمت تجربة لتقديم خدمات اجتياز حاجز أو معيار التجارة الإلكترونية عبر الحدود.
وقد أوضح مسؤول من وزارة التجارة أن الهدف الرئيسي لإصدار ((الآراء)) هو حل المشاكل الحقيقية للتجارة الإلكترونية عبر الحدود، والتي تشهد تطورا سريعا خلال السنوات الأخيرة. وفقا لنمط التجارة الحالي، فإن نظام الإدارة والسياسات واللوائح والقوانين والظروف الجارية لا تواكب متطلبات تطورها؛ إلى جانب ضرورة توفير دعم تطور صحي وسريع لصادرات التجارة الإلكترونية.
حاليا، تتكون التجارة الإلكترونية عبر الحدود من نمطين تجاريين: شركات إلى شركات (B2B) وشركات إلى مستهلكين (B2C). في نمط B2B، فإن الإعلانات ونشر المعلومات هما المحتويان الرئيسيان للتجارة الإلكترونية، حيث تتم الصفقة واجتياز الحاجز عبر الإنترنت، وهو نمط يتبع التجارة التقليدية ويعد ضمن جمارك التجارة العامة. وفي نمط B2C، تتصل الشركات الصينية بمستهلكين أجانب مباشرة، وتبيع السلع الاستهلاكية الشخصية، وفي مجال النقل، تستخدم الطرود الجوية الصغيرة والطرود البريدية والطرود العاجلة وغيرها، مع مراعاة التصريح الجمركي، وضمن قطاع البريد وشركات البريد السريع، ومعظم هذه السلع لا تحصى في تسجيل الجمارك.
قال مسؤول معني: "مع التطور السريع للتجارة الإلكترونية عبر الحدود، باتت السياسات الحالية غير ملائمة لها، مما يزيد من صعوبات إجراءات الجمارك والفحص والدفع والضريبة"، مضيفا أن نشر ((الآراء)) يتناسب مع تطور الوضع والمتطلبات الحقيقية.
بعد إصدار ((الآراء))، بدأت وزارة التجارة وثماني أجهزة أخرى مراقبة وإرشاد تنفيذ السياسات في المناطق المعنية لضمان تنفيذها واستكمالها. بجانب ذلك، وإزاء سياسات واردات التجارة الإلكترونية عبر الحدود والمسائل المعنية، فإن الأجهزة المعنية ستبذل جهودها في دراسة السياسات اللاحقة، حسب متطلباتها الحقيقية.
قال يانغ يي هان، الرئيس التنفيذي لإحدى منصات التجارة الإلكترونية عبر الحدود: "لا شك أن نشر السياسات التشجيعية، سيحسّن ويحل المشاكل التي تواجهها التجارة الإلكترونية عبر الحدود، مثل اجتياز السلع للحواجز التقليدية، واسترجاع أثمان البضائع، وستسهم في إزالة عوائق شركات التجارة الإلكترونية عبر الحدود. تنفيذ السياسات الفعالة وارتفاع شهرة البضائع التي تصنع في الصين، سيدفعان التطور السريع للتجارة الإلكترونية عبر الحدود في السنوات القادمة."
المستقبل
تستطيع التجارة الإلكترونية عبر الحدود أن تحسّن الروابط الوسيطة. تطورها السريع، إلى حد ما، من شأنه أن يدفع استمرارية تفوق صنع في الصين في ناحية التكاليف، ويزيد قدرة المنافسة الدولية للبضائع الصينية الصنع. يسوق البائعون سلعهم إلى الخارج مباشرة، ويزيد أرباحهم من عشرين إلى ثلاثين في المائة عما يكسبون في التجارة التقليدية. التطور السريع لهذا النوع من التجارة يساعد على إنشاء ماركة محلية مسجلة، ذلك أن تكلفة إنشاء الماركة الجديدة عبر التجارة الإلكترونية عبر الحدود أقل من نظيرتها في التجارة التقليدية. في التجارة الخارجية التقليدية، تباع السلع إلى مشترين خارجيين، ويقوم ممونون محليون بصنع هذه السلع، ولكن لا تكون لديهم ماركة مسجلة. المستهلكون الأجانب يعرفون الماركات الأجنبية فقط. ولكن في مجال التجارة الإلكترونية، يتصل التجار عبر الفضاء الإلكتروني بالمستهلكين الخارجيين مباشرة، الأمر الذي يساعد في رفع شهرة الماركة الصينية ويساهم في تحقيق حلم إنشاء ماركة صينية دولية للشركات التي تتمتع بقوة الصنع والبحث.
تطور التجارة الإلكترونية السريع سيحسّن سلسلة الصناعات، بما فيها التسويق واللوجستيات. قال شن دي فان، مسؤول التجارة الدولية لموقع علي بابا: "اللوجيستية يمثل حلقة ضعف في التجارة الإلكترونية عبر الحدود." تجارة التجزئة عبر الحدود، ومن المصنعين إلى المستهلكين مباشرة يعني إزالة كل حلقة وسطى، فيحتاج الأمر إلى اللوجيستية الفعالة ووسائل الدفع وغيرهما من الخدمات السريعة.
ومع التطور السريع للتجارة الإلكترونية، فإن نمط اللوجيستية الذي يعتمد على الطرف الثالث، لا يقنع بعض أقطاب التجارة الإلكترونية، فيتجهون إلى تأسيس قاعدة الخدمات اللوجيستية لتحقيق السيطرة على كل سلسلة العرض تدريجيا. تستثمر، وشبكة تاوباو وسونينغ وجينغدونغ وغيرها من أقطاب التجارة الإلكترونية، أموالا كثيرة في مجال الخدمات اللوجيستية.
يعزز التطور السريع للتجارة الإلكترونية عبر الحدود بناء مراكز تخزين أكثر خارج الصين. قال فو يان فنغ، المدير العام للشركة التكنولوجية الشبكية المحدودة في مدينة رويآن: "من الصعب على تجار التجزئة لقطع غيار السيارات وورش تصليح السيارات أن يتسوقوا السلع مباشرة، وحجم الصفقة هو بضعة آلاف فقط، فلا تريد المصانع تجارة صغيرة. ولكن، عبر الإنترنت، يستطيع الزبائن وصغار التجار أن يجدوا شركات قطع غيار السيارات في مقاطعة تشجيانغ للتسوق المباشر." وإذا تم إرسال قطع غيار السيارات هذه إلى مشترين عبر النقل الدولي السريع، فستكون تكاليفها عالية جدا. وعلى العكس، إذا أنشأت الشركة مراكز تخزين خارج الصين، وجمعت طلبات التجزئة معا، تستطيع تحقيق تسليم المنتجات وتقديم خدمات ما بعد البيع محليا.