"الحياة السعيدة" أول مسلسل صيني ناطق بالعربية

إذاعة الصين تنتج أول عمل فني بأبطال صينيين وأصوات مصرية الدراما تقدم للمشاهد العربي الحياة العصرية في الصين قوان روي: المسلسل يبرز حقيقة الخلاف بين الأزواج الجدد والحموات د. تشن دونغ يون: في الطريق أفلام سينمائية وأفلام كرتون وأعمال أدبية جديدة عادل صبري بعد سنوات طويلة من الانتظار، سيشاهد العرب خلال أسابيع المسلسلات والأفلام الصينية ناطقة باللغة العربية. بعض المسلسلات ستكون ناطقة باللغة العربية الفصحى وأخرى باللهجات المحلية، مثل المصرية والشامية ولهجة المغرب العربي وشمالي أفريقيا. هذا المشروع أطلقته وزارة الثقافة الصينية في عام 2012، ضمن خطة واسعة النطاق، تستهدف تقديم الفنون الصينية إلى العالم. فحاجز انتشار اللغة الصينية، ظل مانعا كبيرا حال دون وصول الفنون الصينية إلى الثقافات الأخرى، كما أدركت الصين أن اللغة ليست المانع الوحيد، وإنما هناك أيضا سيطرة شركات الإنتاج الدولية على سوق تجارة الأفلام والمسلسلات ومنتجات الكرتون. جاءت المبادرة الرسمية في إطار خطة كبيرة، تستهدف تحويل عشرات المسلسلات والأفلام الروائية وأفلام الكرتون الصينية إلى أعمال فنية ناطقة بالعربية، ليفهمها العرب من جميع الأطياف والأعمار، أسوة بما ستنفذه الصين في عدد من دول ومناطق العالم الناطقة باللغات الإنجليزية والفرنسية والبرتغالية واللغات الأفريقية. المبادرة الصينية تحولت إلى واقع هذه الأيام، حيث تباشر إذاعة الصين الدولية إنتاج أول مسلسل صيني ناطق باللغة العربية، مع عدد من الخبراء المصريين العاملين في هذا المجال. العمل الذي تشرف عليه إذاعة الصين الدولية، لن يكون الأخير، بعد أن أثبتت التجارب الأولى لعمليات "الدبلجة" سهولة تنفيذ المشروع، مع قبول الممثلين المصريين لتلك الأعمال، وسهولة اجتياز حاجز اللغة. قال المشرف على تنفيذ التجربة الأولى، قوان روي (صلاح)، المدير الإقليمي لإذاعة الصين الدولية في الشرق الأوسط: "صعوبة الترجمة من الصينية إلى العربية، حالت لسنوات طويلة دون وصول الفنون الصينية إلى البلدان العربية. كما يندر وجود المترجمين المحترفين في الصين والبلدان العربية القادرين على تبسيط النصوص الأدبية، وجعلها سهلة، عند عرضها كترجمة نصية على شاشات التلفاز أو السينما. وقد جعلت تلك الصعوبات الإعلام الصيني لا يصل إلى الجمهور العربي بسهولة. كما أن الأعمال التي تبث في محطات التلفزيون المحلية وقنوات محطة التلفزيون الصينية المركزية، لم تستطع حقيقة أن تعبر عما يجري في الصين من تطورات اجتماعية وثقافية، ولا تعكس التحول الكبير في صناعة السينما والفيديو والكرتون في الصين." عادات متشابهة ذكر قوان روي أن الصين بدأت خطتها في "دبلجة" الأعمال الفنية التلفزيونية والسينمائية منذ عدة أشهر، ووضعت أولويات تعكس ما يحدث في الصين، وتضمن أن يقبل على مشاهدتها العرب، خاصة أن المجتمع العربي، متشابه إلى حد كبير في العادات الاجتماعية مع المجتمع الصيني. ونوه إلى أن تشابه العادات وراء اختيار العمل الأول للدبلجة، حيث وقع اختيار اللجنة المكلفة من إذاعة الصين الدولية بترجمة تلك الأعمال الفنية، على مسلسل "جين ليانغ وحياته السعيدة". أوضح قوان روي أن العمل الأول الذي سيشاهده العرب بلغتهم يتعلق بالتغيرات الحديثة في المجتمع الصيني على المستويين الاجتماعي والمادي. فالمسلسل يناقش ثلاث قضايا رئيسية تواجه الأسر الصينية حاليا، وهي الطفل الوحيد للأسرة، بعد أن كانت الأسرة الواحدة تضم عدة أبناء؛ دور المرأة الأم والحماة في حياة الأبناء، حيث كانت الحموات يتمتعن بسطوة كبيرة على الزوجات، وعلاقة الزوج بالزوجة، في عصر زادت فيه معدلات الطلاق وأصبحت زوجة الأب موجودة في كثير من حياة الأبناء بالصين. والقضية الثالثة تتعلق بالفوارق المادية والحضارية التي ظهرت مؤخرا بين سكان المدن الكبرى، خاصة في الشرق، والآخرين الذين يعيشون في المناطق الريفية أو الواقعة في غربي البلاد، التي لم تتحول بشكل كامل إلى مستوى المدنية الحديثة السائدة في الساحل الذهبي الشرقي للبلاد. صراع الأجيال وقال قوان روي إن المسلسل يدور حول طبيب شاب متخصص في أمراض النساء اسمه جين ليانغ يبحث عن معنى السعادة، بعد زواجه من المراسلة الصحفية مي شياو، والتي تريد أمها أن تقيم ابنتها وزوجها في بيتها، حتى لا تعيش بعيدا عن ابنتها، بينما ترى أم جين أنها أولى بأن يقيم معها ابنها وزوجته، باعتباره الرجل الوحيد في الأسرة. وتظهر الأحداث العلاقات الخشنة التي تبدأ بين الآباء بسبب تعدد حالات الطلاق والزواج بين الآباء، وممارسة زوجة الأب دورا على الطرفين. وخلال حلقات المسلسل تتداخل الشخصيات والأحداث ليتعرف الجمهور عن قرب على الفوارق الكبيرة بين ثقافة الأبناء القادمين من الريف عن المدن، ونزوع الرغبات الفردية على الأبطال، بحيث تدفع كثرة المشاكل كل فرد إلى ضرورة التفكير في تحديد معنى السعادة لديه، فيحدد مصيره بنفسه ويختار طريق السعادة الذي يحدده لنفسه، وليس ما يرسمه له الآخرون. استقبل قوان روي، في القاهرة في شهر مايو 2012، رئيسة الوفد الصيني المشرفة على "دبلجة" المسلسل، هان مي، نائبة مدير إدارة غربي آسيا وشمالي أفريقيا بإذاعة الصين الدولية، وقال إن مخرجة العمل وانغ شياو يان، التي حضرت مع الوفد الصيني، أصرت على أن تظل أعداد الحلقات الصينية كما هي. وبذلك ستتم ترجمة أربعين حلقة متصلة من المسلسل، مدة كل منها أربعون دقيقة. وأكد قوان روي أن ترجمة العمل تتم بالكامل في إدارة القسم العربي بإذاعة الصين الدولية في بكين، ويقوم فريق مصري، بتحويلها إلى لغة مصرية بسيطة يفهمها كل العرب. ومن المقرر الانتهاء من العمل في منتصف شهر يونيو 2013، على أن تعرض في القنوات العربية، خلال الفترة المقبلة. الكرتون والسينما من ناحية أخرى، تقوم الدكتورة تشن دونغ يون، المستشارة الثقاقية بسفارة الصين في مصر، بإجراء مشاورات مع عدد من الشركات المصرية المتخصصة في أعمال الدبلجة، وتشغيل الاستوديوهات الفنية والقنوات التلفزيونية، من أجل التعرف على قدراتها، وتحديد أولويات الدبلجة، التي ترغب وزارة الثقافة الصينية في تنفيذها. قالت د. تشن: "الحكومة الصينية حريصة على تعزيز التقارب الثقافي مع الجمهور العربي، وعلى التقارب بين الثقافتين المتشابهتين في كثير من العادات والتقاليد والتراث الانساني." وفي مقابلة مع ((الصين اليوم))، قالت تشن إنها ستعمل على تقديم أعمال كرتونية منتجة حصريا في الصين، ليتعرف الأطفال العرب على اهتمامات أترابهم في الصين، بما يوجد أرضية مشتركة بين الأجيال الجديدة. وأشادت تشن بالجهود التي تمت مؤخرا بين الصين وعدد من الدول العربية، وبخاصة مصر، لترجمة النصوص الأدبية الصينية، والتي زادت بعد فوز الأديب الصيني مو يان بجائزة نوبل في الآداب لعام 2012. وذكرت أن المركز القومى للترجمة في مصر بذل جهدا كبيرا في ترجمة الكتب الصينية على مدى سنوات، وأن تلك الكتب أصبحت رصيدا معقولا لنشر الثقافة الصينية ومد جسور التواصل بين الحضارتين العربية والصينية. وأوضحت أنه يتم بحث سبل التواصل وتوقيع بروتوكولات بين الجانبين لتوفير الدعم الحكومي في برامج الترجمة المتبادلة من الصينية إلى العربية والعكس. ترجمة حديثة عن صعوبة ترجمة الأعمال الأدبية من الصينية إلى العربية، قالت الدكتورة تشن: "هناك أساليب عديدة للترجمة، وقد أجرينا مناقشات في المجلس الأعلى للثقافة بمصر للحديث عن طرق الترجمة، حيث أكد المتخصصون أن الترجمة الحرفية من اللغة الصينية صعبة ولكن من الممكن أن تتم ترجمة روح النص والمعاني بصياغة جديدة بأسلوب المترجم. وفي هذا الصدد، اتفق المركز الثقافي الصيني بالقاهرة مع الدكتورة كاميليا صبحي، رئيسة المركز القومي للترجمة بمصر، على إقامة أول ورشة للترجمة بين الجانبين خلال العام الجاري، كبداية لكثير من ورش العمل مستقبلا، تركز على الترجمة المتبادلة بين اللغتين، بما يفيد المترجمين باعتبار تلك الورش بمثابة تمرينات عملية بين المتخصصين من الجانبين في دراسة كيفيت ترجمة هذه النصوص الأدبية. الاهتمام بروح النص شجع الممثلين والمشرفين على دبلجة أول مسلسل صيني لتعديل اسمه التجاري، ليصبح "الحياة السعيدة" بدلا من الاسم الصيني المشهور به وهو "جين ليانغ وحياته السعيدة". فقد اتفق العاملون العرب في المشروع على صعوبة أن يبدأ مسلسل بهذا الاسم، ولاقتناعهم بأن البحث عن حياة سعيدة ليس حلما فقط للبطل بل لكل من شارك في المسلسل، من رموز وأشخاص، فأصبح المعنى الشائع هنا أن الجميع يبحث في رحلة الحياة عن السعادة، أو بالمعنى التجاري للمسلسل"حياة سعيدة". قد يكون المسلسل في نظر البعض فرصة لوجود أعمال جديدة تنافس الأعمال التركية المسيطرة على القنوات العربية حاليا أو المكسيكية التي ينتجها عرب من بلاد الشام مقيمون في الخارج، ولكنه في كل الأحوال انطلاقة جديدة للتقارب الثقافي بين العرب والصينيين، ونقطة ضوء في علاقات إنسانية كان الفن آخر نتاجها.