العرب يرقصون على أنغام صينية إسراء تفوز بمسابقة كأس السفير الصيني التاسع للغناء
وسط حالة الفوران والأحداث السياسية الساخنة التي تعيشها بعض الدول العربية، قد لا يخطر على بال من يراقبون الأحداث من الخارج أن هناك حياة أخرى يعيشها الشباب العربي؛ حياة يملؤها المرح والبهجة، ورغبة في الإقبال على أفضل ما في الحياة بالمشاركة في الأحداث الثقافية والرياضية ومشاهدة العروض الفنية والراقصة. لذا، ليس غريبا أن تقام على حواف ميدان التحرير في القاهرة، الذي يشهد المليونيات، في مسرح "ساقية الصاوي" بحي الزمالك الذي يبعد عن ميدان التحرير نحو 800 متر، حفلات فنية يشارك فيها شعراء ومطربون، من المصريين. وكم من مرة نظمت المؤسسات الثقافية والتعليمية الصينية لقاءات عديدة بين شباب الصين ومصر، عن طريق المركز الثقافي الصيني والمكتب التعليمي الصيني في القاهرة، وجمعت طلابا من البلدين من جامعات الأزهر والقاهرة وعين شمس وقناة السويس والفيوم. وعرض متحف محمود مختار التابع لوزارة الثقافة المصرية، والذي يقع في الطريق إلى ميدان التحرير والأوبرا المصرية، لوحات فنية لأشهر الفنانين الذين زاروا الصين وعادوا بعد أن سجلوا بريشتهم عشرات الصور الرائعة التي تعبر عن الطبيعة والبشر والتراث الصيني. وبينما كانت الأحداث تتصاعد، انتاب البعض مخاوف من أن تشهد الدورة التاسعة بالمركز الثقافي الصيني بالقاهرة نهاية العام المنصرم، انخفاضا في عدد المشاركين والمشاهدين فإذا بها تشهد إقبالا منقطع النظير.
جاء شباب العرب تعكس أرواحهم الرغبة الجامحة في الحياة، والاستمتاع بالموسيقى، والسعي القوي للتفوق، بإجادة اللغة الصينية بل والغناء باللهجات المحلية لبعض القوميات الصينية.
تشجيع حار
دوت الهتافات العالية، فكل فريق جاء يهتف لجامعته أو مجموعته، وفي نفس الوقت يستمع بما سيغني به الآخرون. وسط التصفيق الحاد وفرحة الشباب، بدأ الحفل بفقرة للمدربة جو يون تشين، وهي رقصة "الطاووس"، التي تعد من أشهر الرقصات الشعبية في مقاطعة يوننان الصينية. وقدمت ثماني عارضات رقصات مختلفة، ثلاثة منهن قصصن تجاربهن خلال الدورة، حيث إن الرقص الصيني، يعتبر أحد الفنون التي تعبر عن الثقافة والتاريخ الصيني، والذي توجد منه أنواع متعددة ومختلفة، منها ما يرتبط بالقوميات الصينية، وأخرى ترتبط بالأعياد والمناسبات، لافتين إلى أن ارتباط الإنسان بالطبيعة يتجسد من خلال بعض الرقصات المميزة.
اشترك في المسابقة طلاب أقسام اللغة الصينية في جامعات ومعاهد مصر المختلفة منها الأزهر، عين شمس، القاهرة ، قناة السويس، مصر للعلوم والتكنولوجيا، والمعهد العالي للغات والترجمة وطلاب المركز الثقافي الصيني بالقاهرة، بالإضافة إلى طلاب من قسم اللغة الصينية بجامعة الفيوم والذي اشترك في المسابقة للمرة الأولى في الدورة الأخيرة .
حضر المسابقة السيد لي ليان خه، الوزير المفوض بالسفارة الصينية لدى مصر، والسيدة وانغ جين إيه، حرم سعادة سفير الصين لدى مصر، والدكتورة تشين دونغ يون، المستشارة الثقافية في سفارة الصين لدى مصر، ومدير المركز الثقافي الصيني بالقاهرة، السيد ليو شيه بينغ، ونخبة من أساتذة اللغة الصينية بمصر وخبراء صينيون في الإعلام. في البداية رحب السيد ليو شيه بينغ بالحضور، وأوضح أن عدد دارسي اللغة الصينية في مصر يزداد عاما بعد عام، كما يحرص الطلاب على المشاركة في الأنشطة والمسابقات المختلفة التي تتعلق باللغة والثقافة الصينية، وتمنى للمتسابقين النجاح والتوفيق فى المسابقة.
البنات أفضل حظا
بدأت العروض التي قدمها الطلاب والتي تضمنت أغاني صينية متنوعة. وحصلت على المركز الأول الطالبة إسراء حبيب، وهي طالبة بكلية الألسن في جامعة عين شمس، وحصل على المركز الثاني عمر حسن ومنة الله جمال، من طلاب المركز الثقافي الصيني بالقاهرة والطالب أحمد إيهاب وهو طالب بمعهد كونفوشيوس بجامعة قناة السويس. وحصل على المركز الثالث، هدير أشرف وإيمان ونوران من كلية الآداب في جامعة القاهرة، وحسام فكري وأروى وتقى محمد من جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا. كما حصل طلاب كلية الألسن على المركز الأول، في عرض الفرق الجماعية لأغنية تحت عنوان "أنا أحب بكين". وقد حصل المتسابقون الآخرون على جوائز تشجيعية. نالت العروض إعجاب الحضور من الأساتذة والطلاب والمشجعين والذين تجاوز عددهم أربعمائة شخص. وغطت المسابقة العديد من وسائل الإعلام الصينية والمصرية؛ منها وكالة شينخوا، التليفزيون المصري وإذاعة الصين الدولية.
بينت الصحف المصرية والعربية أهمية تلك المسابقات بتأكيدها على أنها تساهم في تحقيق المزيد من التبادل الثقافي بين مصر والصين، وتعميق أواصر الصداقة بين البلدين. ونوهت إلى حرص الحضور على المشاركة وسط أجواء سياسية ساخنة، رغبةً في تعميق الجوانب المعرفية بدولة الصين وما يتعلق بها من جوانب ثقافية وحضارية. كما شاهد الحضور بعض الأفلام والصور التي تبرز ما تتمتع به الصين من أماكن طبيعية مختلفة ومناظر خلابة. وعقب الحفل أقيمت مأدبة جماعية لكبار الضيوف والمتسابقين والمدعويين، لتناول بعض المأكولات الصينية في جو من الصداقة والمحبة. وقدم المركز الثقافي الصيني للأسر المشاركة في الحفل بعض الكتب كهدايا تذكارية.
ميراث تاريخي
في نهاية الحفل سجلت عدسات الكاميرات التي يحملها الأشخاص وممثلو وسائل الإعلام، لحظات السعادة التي أبداها الجميع بهذه الأمسية التي تناولت أغاني ورقصات وموضوعات شيقة أضافت إليهم الكثير من رصيدهم المعرفي عن الصين. وقام لي شيه بينغ في نهاية الحفل بتسليم المشاركين من الطلاب وعاشقي الثقافة الصينية بعض الهدايا التذكارية.
وتناولت أجهزة الإعلام المصرية شرحا لتلك المباريات الغنائية بين الشباب بتأكيدها على أن الرقصات لا تعبر عن مدلول فني فحسب، بل إنها ميراث تاريخي يعكس الثراء الذي تتمتع به الفنون القومية في الصين. وعرضت شرحا بينت فيه أن للبوذية والكونفوشية والطاوية أقوى التأثيرات على الأدب الشعبي الصيني، وبالأخص الرقص الفلكلوري الصيني. ويعتمد الرقص الفلكلوري الصيني بشكل كبير على الأغاني الشعبية وفن الدمى والأساطير، وفي الغالب يحكي قصصا عن الطبيعة الإنسانية والأحداث التاريخية والأسطورية، الحب، والخوارق، أو القصص التي تشرح الظواهر الطبيعية. وكانت تلك المفاهيم واضحة في رقصة "الطاووس"، التي افتتحت مهرجان الأغنية الصينية. ومع تأثر الشباب المصري بتلك الأعمال، نظم المركز الثقافي الصيني بالقاهرة دورة تدريبية للرقص الشعبي الصيني، استمرت ثلاثة أسابيع، انتهت في مطلع العام الجاري. وكان المركز قد استقدم مدربين صينيين خصيصا إلى القاهرة، لتدريس وتعليم الرقص الصيني للشباب المصري، لتحقيق التبادل الفكري والثقافي بين دولتين كل منهما تتمتع بحضارة كبيرة على مر العصور.
وشددت الصحف العربية في تقاريرها على أن الفنون الصينية، هي مزيج بين الفن القديم والمعاصر، والتي تعتمد في الأساس على السهولة والبساطة والتناغم في الحركة، إضافة إلى أنها تقوم على الأغاني الشعبية، معتمدة في ذلك على القصص والأحداث الخاصة بالحضارة الصينية، حيث تأثرت الفنون الصينية بشكل كبير، بالأسر الحاكمة والفلاسفة الذين أثروا في حضارتها.