قناة "الصين العربية" من الولادة إلى المنافسة

 

شباب العرب يديرون أول قناة إخبارية صينية باللغة العربية

برج العرب في دبي يحتضن إرسال قناة CCTV العربية

سوريات وتونسيات يعملن بشغف مع الصينيين لخدمة المشاهدين

                                             استطلاع:عادل صـبري

احتفى الوسط الإعلامي الصيني بحلول العام الرابع لبدء انطلاق قناة الصين الدولية باللغة العربية. أصبحت القناة العربية، الواقعة في الطابقين الأول والثالث بمقر محطة التلفزيون الصينية المركزية (CCTV العربية) في البناية رقم 11 في شارع فوشينغ الرئيسي بالعاصمة الصينية بكين، محط أنظار الزائرين والمسؤولين العرب، وبخاصة الإعلاميين. خلال زيارة قصيرة للقناة تستطيع أن تتعرف على كل ما يدور فيها، فإمكاناتها مازالت بسيطة أمام ما يتوفر لغيرها من القنوات الناطقة باللغات الأخرى، ومع ذلك تجد العمل فيها مثل خلية النحل. فهناك تجد النشاط المكثف من الصحفيين والمراسلين والمراجعين والمخرجين ومنفذي الهواء. الكل حريص على المشاركة، في إظهار البرامج في أحسن صورة، في ظل منافسة دولية على جذب المشاهدين العرب، وأجواء يسيطر عليها الإعلام الغربي بخاصة، ومئات القنوات التابعة لشركات ورجال أعمال، والتي تبث على الأقمار الاصطناعية عدا القنوات الرسمية التي تبث إرسالها على الشبكات الأرضية. منذ الساعات الأولى لانطلاق القناة، الموجهة لثلاثمائة مليون عربي في اثنتين وعشرين دولة عربية، اعتُبرت جسرا هاما لتعزيز الاتصال والتفاهم بين الصين والبلدان العربية. وقدمت القناة خدمة عربية جديدة للتلفزيون الصيني  وفق معايير جودة عالية.

الحكاية من البداية

بدأت القناة أعمالها ببث مباشر لمدة أربع ساعات يوميا، يعاد بثها ست مرات يوميا، وتحولت خلال ثلاث سنوات إلى العمل على مدار الساعة، لتذيع نشرات الأخبار بالإضافة إلى برامج ثقافية وخدمية وترفيهية، تشتمل على تسعة برامج رئيسية أهمها "الحوار" و"نافذة على الصين" و"أفلام وثائقية" و"فنون صينية"، وأدخلت عليها مؤخرا المسلسلات التلفزيونية وتعلم اللغة الصينية والحرف والسياحة في الصين والأخبار الاقتصادية والصين والشرق الأوسط.

تنوع البرامج استلزم من الإدارة الصينية أن تستعين بالعديد من الإعلاميين العرب، وهو أمر لم يكن سهل المنال في بلد يفضله رجال الأعمال ويقبل عليه الدارسون بكثرة بينما لا تتوفر فيه الكثير من الكوادر القادرة على تشغيل قناة تلفزيونية بطريقة احترافية. في بداية التشغيل، استعانت إدارة القناة بالكثير من الصحفيين والإعلاميين العرب المقيمين في بكين، ولجأت مؤخرا إلى توظيف عدد من الإعلاميين المستقدمين من تونس والجزائر وسوريا ومصر، بجوار زملائهم المقيمين في بكين والشباب الصيني من خريجي كليات وأقسام اللغة العربية بالجامعات الصينية الكبرى. وتستطيع أن تتعرف على وجوه نجوم القناة من المذيعين من الجنسيات المختلفة؛  فأصبح من المألوف أن ترى المذيعة الصينية فنغ يون شيان تعمل مع صديقتها المصرية، نهى الإبياري، المذيعة ومحررة المراجعة بقناة CCTV العربية. وسبق لنهى أن عملت محررة أخبار في وكالة الأنباء الصينية (شينخوا) وقطاع الأخبار بالتلفزيون المصري في القاهرة. وتشاهد وسط المجموعة كثيرا من المذيعات الصينيات المحترفات ومن بينهن المذيعة يو يان لي التي تخرجت في قسم اللغة العربية بجامعة الدراسات الدولية ببكين عام 2007، وبدأت العمل في القناة العربية لمحطة التلفزيون الصينية المركزية منذ انطلاقها في شهر يوليو 2009، وتقدم برنامج "الفنون الصينية". وتحظى المذيعة يو يان لي بقبول كبير لدى الجمهور وبثناء خاص من الإعلاميين الصينيين لاجتهادها وحبها لمهنتها.وتأتي المذيعة أو شياو لا، الحاصلة على شهادة الماجستير في الآداب العربية عام 2005  من جامعة الدراسات الأجنبية ببكين على قائمة المذيعات ذوات الخبرة بالمشاهدين العرب، حيث تشتهر بولعها بالسفر والاكتشافات، فعملها السابق منحها فرصة للسفر إلى كل من مصر والإمارات العربية المتحدة وسنغافورة ورومانيا وألمانيا وكينيا وتنزانيا وكمبوديا وكثير من المدن الصينية، وعندما عادت إلى عاصمة الصين بكين التحقت بالقناة كي تقدم برنامج "السياحة في الصين". ويمكنك أن ترى الإعلامية التونسية خولة جبري كمذيعة للأخبار وهي حاصلة على الشهادة الجامعيّة في تكنولوجيا السمعيات والبصريات والسينما، من جامعة منوبة التونسية. ويعمل الإعلامي السوري محمود البوشي كمذيع للأخبار ومقدم برامج في القناة بجوار مواطنته رفاه الخطيب. وبدأت رفاه الخطيب حياتها المهنية في سنة 2003 مع إذاعة الجمهورية العربية السورية كمذيعة في إذاعة دمشق. ومن الوجوه المألوفة على شاشة القناة العربية الشاب تشانغ بو، الحاصل على  ليسانس اللغة العربية بكلية اللغة العربية في جامعة الدراسات الدولية ببكين، وسبق له العمل في مصر وقطر ومحطة التلفزيون الصينية المركزية.

لقاء بالصدفة

قادتنا الصدفة الجميلة في زيارة القناة العربية إلى مقابلة مع الزميل جيا بنغ، رئيس الفرع الإقليمي للشرق الأوسط لمجلة ((الصين اليوم))، والذي عمل في القاهرة لمدة ثلاث سنوات، وانتقل إلى عمله كنائب لمدير القناة العربية. استقبل الزميل الصيني الوفد العربي بحفاوة صينية معهودة وأطلعنا على تطورات العمل في القناة، شارحا أهدافها ورغبته في زيادة عدد مكاتبها في البلدان العربية، كي تعمل على نقل كافة أحداث الوطن العربي إلى المشاهد العربي في كل مكان. وقال: "الهدف الأسمى للقناة هو الحفاظ على روابط أقوى مع الدول العربية، وأن تكون القناة بمثابة جسر هام لتعزيز التواصل والتفاهم بين الصين والدول العربية، وتنقية الأجواء مع العالم الإسلامي." وذكر جيا بنغ أن القناة يمكن مشاهدتها في المنطقة العربية بالشرق الأوسط وشمالي أفريقيا عن طريق قمري عرب سات بدر 6 ونايل سات 103، وفي أوروبا عبر قمر يوروبيرد 9، ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ عبر قمر تشينا 6B، وهي مفتوحة للجمهور عن طريق استخدام البث الفضائي.

منافسة دولية

تساهم القناة العربية بمحطة التلفزيون الصينية المركزية، في وضع الصين على قائمة الدول التي أطلقت  قنوات تلفزيونية ناطقة بالعربية إلى العالم العربي، والتي بدأتها من قبل كل من الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، وألمانيا، وإيران، وفرنسا، وتركيا. وبيّن جيا بنغ أن  شبكة محطة التلفزيون الصينية المركزية لديها حاليا سبعة مكاتب إقليمية خارجية في أوروبا وأمريكا الشمالية وروسيا وأفريقيا وآسيا والمحيط الهادئ والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية، ليصل عدد المكاتب الخارجية التابعة لها إلى خمسين مكتبا.

 حصلت القناة العربية بمحطة التلفزيون الصينية العربية، على حق بث إرسالها من أعلى  طوابق فندق برج العرب الفاخر في دبي. وافتتحت مقرها الإقليمي الجديد في دولة الإمارات العربية المتحدة، لتكمل القناة اللغات الست التي تبث بها شبكة محطة التلفزيون الصينية المركزية، وبذلك تعمل على مد جسور التواصل بين الصينيين والعرب. قد تكون هذه القناة هي بداية التواصل المرئي الحقيقي بين المشاهد العربي والإعلام الصيني ولكنها لم تنطلق من نقطة الصفر. فإذاعة الصين الدولية تبث برامجها بالعربية منذ نحو نصف قرن، وهناك الكثير من المجلات وعلى رأسها مجلة ((الصين اليوم))، التي تفتح آفاقا واسعة بين القراء العرب والصين. ولكن تظل القناة الوليدة نقطة تواصل هامة في تحرك الإعلام الصيني على النطاق الدولي، لتقدم وجهة النظر الأخرى للقارئ والمشاهد العربي في الأحداث الساخنة والقضايا الشائكة التي تتصاعد في العالم، وخاصة في الشرق الأوسط.