الخطة الخمسية الثالثة عشرةتوفر فرصة تاريخية للتعاون الصيني العربي

وو سي كه

يعتبر الصينيون شهر مارس موسم ترعرع كل الكائنات. في هذا الشهر، الذي يرمز إلى الأمل الجديد، تم عقد الدورتين، أي الدورة السنوية الرابعة للمجلس الوطني الثاني عشر لنواب الشعب وللمجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي الثاني عشر للشعب الصيني. في هذه الدورة من المجلس الوطني الثاني عشر لنواب الشعب، سوف تتم الموافقة على الخطة الخمسية الثالثة عشرة (2016-2020) للتنمية الوطنية الاقتصادية والاجتماعية (مسودة)، مما يعطي مسؤولية هامة لهذه الدورة. وفي الوقت نفسه، جذبت هذه الخطة أنظار العالم لأن قوة تأثير الصين تتزايد مع تنمية اقتصادها السريعة وتعاظم حجمها الاقتصادي. وبينما يشهد العالم تباطؤا في التنمية الاقتصادية، تظل الصين القوة الدافعة الهامة للاقتصاد العالمي. وفي هذه المرحلة الحاسمة، سيكون السؤال الذي يشغل العالم هو: ما هو اتجاه التنمية الصينية الاقتصادية بقيادة الخطة الخمسية الثالثة عشرة؟

تعد فترة تنفيذ الخطة الخمسية الثالثة عشرة مرحلة حاسمة لبناء مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل، كما أنها فترة هامة للتخلص من "فخ الدخل المتوسط". تدرك الخطة الخمسية الثالثة عشرة التغيير الجذري لظروف التنمية الداخلية والخارجية، لتتوافق مع الوضع الاقتصادي الطبيعي الجديد وتعزز مفاهيم التنمية الجديدة الخمسة، الابتكار والتنسيق والتنمية الخضراء والانفتاح والمشاركة، لضمان بناء مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل، وتحقيق هدف "المئويتين" الثاني والحلم الصيني للنهضة العظيمة للأمة الصينية. لذا، على الحكومة الصينية التمسك بأعمال التنمية واعتبارها المهمة الأولى، كما عليها دفع التنمية العلمية ومواجهة التحديات وإصلاح "جانب العرض"، ورفع فعلية الإنتاج لتحرير وتطوير قوة الإنتاج باستمرار، لكي يحافظ الاقتصاد الصيني على التنمية بسرعة متوسطة الى عالية، وإعداد القوة الجديدة للتنمية، وتثبيت القاعدة للاقتصاد الحقيقي، ودفع تحسين مستوى الإنتاج الاجتماعي. وعلى أساس التنمية المتوازنة والشاملة والمستدامة، تهدف الخطة الخمسية الثالثة عشرة إلىمضاعفة الناتج المحلي الإجمالي ومتوسط دخل الفرد بحلول عام 2020، بالمقارنة مع مستوى عام 2010، وتحقيق التوازن بين المؤشرات الاقتصادية الرئيسية، والرفع الملحوظ لجودة الإنتاج والأرباح. على أن يرتفع مستوى حياة الشعب ارتفاعا ملحوظا، وتكون أنظمة الخدمة العامة في مجالات التوظيف، والتعليم، والثقافة والرياضة، والضمان الاجتماعي، والسكن أكثر اكتمالا، والارتقاء بمستوى تكافؤ الخدمات العامة. بالإضافة إلى ذلك، يعد تحسين البيئة الإيكولوجية بشكل عام من أهداف الخطة الخمسية الثالثة عشرة.

إن الخطة الخمسية الثالثة عشرة هي خطة الفترة الحاسمة لبناء مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل، وهذا هو هدف "المئويتين" الأول، والهدف الهام لتحقيق نهضة الأمة الصينية. وقد قال الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى: "إن الأفكار تسبق الأفعال في التنمية، وهي تحكم الأوضاع العامة والمشاكل الجذرية والاتجاهات في المستقبل وطويل الأمد." لذا، تتخذ الخطة الخمسية الثالثة عشرة مفاهيم التنمية الجديدة الخمسة كموضوعات رئيسية لها، وسوف تتجسد مفاهيم التنمية الجديدة تلك في أعمال التنمية الصينية في السنوات الخمس القادمة.

مفهوم تطوير الابتكار من أهم مفاهيم التنمية الجديدة الخمسة. تشير الخطة الخمسية الثالثة عشرة إلى أنه يجب وضع التنمية على أساس الابتكار لتشكيل الهيكل الجديد للابتكار، وتحقيق مزيد من التطورات المعتمدة على الابتكار. تؤكد الخطة الخمسية الثالثة عشرة على القيام بإصلاح جانب العرض، ورفع فعالية وجودة نظام العرض، وتسريع التحول من القوة الدافعة القديمة إلى القوة الدافعة الجديدة، ودفع الإنتاج بالقوة الدافعة الجديدة لتشكيل "محركين" للإنتاج والتنمية الاقتصادية. وسوف يسعى الاقتصاد الصيني إلى إطلاق العنان للطلبات الجديدة وخلق العروض الجديدة ودفع التكنولوجيا الجديدة والصناعات الجديدة عن طريق تحسين توزيع عوامل الإنتاج وحفز الإبداع في الأعمال. ومن أجل لعب الدور الرائد للابتكار التكنولوجي، تخطط الصين تنفيذ دفعة من المشروعات التي تهم مستقبل الدولة، وبناء منصة أساسية للابتكار تتخذ المختبرات على مستوى الدولة قاعدة لها.

إن مفهوم تنسيق التنمية مفتاح للتنمية. لابد أن تعمل الصين على رفع قدرة التنسيق والتوازن أثناء فترة الخطة الخمسية الثالثة عشرة. ويجب توسيع مجال التنمية بالاهتمام بالتنسيق. سوف تعمل الصين على تعميق التنمية الكبرى لمنطقة غربي الصين، ودفع إصلاح القواعد الصناعية القديمة في شمال شرقي الصين، وتحقيق النهضة للمنطقة الوسطى، ودعم تنمية شرقي الصين لتلعب دورا رائدا للمناطق الأخرى.

إن مفهوم التنمية الخضراء هو الأمل المشترك لجميع الناس. في فترة الخطة الخمسية الثانية عشرة، كانت الصين تعمل على توفير الطاقة وتخفيض الانبعاثات الملوثة، وبناء أسلوب الإنتاج والاستهلاك المتصف بتوفير الطاقة والصديق للبيئة، وحققت تقدما كبيرا. لكن، ما زالت الصين تواجه مشاكل البيئة بشكل عام، فتضع الخطة الخمسية الثالثة عشرة بناء الحضارة الإيكولوجية في مكانة بارزة. سوف تواصل الصين أعمالها في توفير الطاقة وتخفيض الانبعاثات الملوثة، وتحسين هيكل الطاقة، والارتقاء بتقنية استخدام الطاقة، وتحسين نظام استخدام الطاقة بشكل دوري، وتنمية الاقتصاد المنخفض الكربون، كما ستسعى الصين إلى معالجة مشاكل البيئة لحمايتها وإصلاحها، وبناء نظام الحضارة الإيكولوجية وتقوية البناء القانوني للحضارة الإيكولوجية.

إن مفهوم التنمية المنفتحة هو الطريق الوحيد لتحقيق التنمية. سوف تعمل الصين على بناء النظام الجديد للانفتاح على الخارج. إن مبادرة "الحزام والطريق" تطبيق هام لسياسة الانفتاح الصينية."الحزام والطريق" يربطان المناطق الغربية والشرقية والوسطى للصين  بالدول والمناطق في قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا. سوف تفيد هذه المبادرة الصين في تحسين هيكل التنمية الاقتصادية، ودفع انفتاح المناطق الوسطى والغربية والساحلية، كما ستخلق نقطة جديدة للتنمية الاقتصادية العالمية وبناء الرابطة المشتركة للمصالح والمتصفة بالفوز المشترك للدول المعنية.

إن مفهوم المشاركة في التنمية هو الهدف النهائي للتنمية. تتمسك التنمية والإصلاح بمبدأ التنمية من أجل الشعب وعلى أساس الشعب ومشاركة الشعب في ثمار التنمية. تطرح الخطة الخمسية الثالثة عشرة أنه في السنوات الخمس المقبلة، سوف تعمل الصين على مكافحة الفقر بدقة لتخلص السبعين مليون فقير في الصين جميعا من الفقر، وتعزيز الخدمات العامة في مجالات التعليم الإلزامي والتوظيف والرعاية الصحية ومعاش التقاعد لتغطية البلاد بها كاملا، وتحقيق مشاركة جميع أفراد الشعب في الضمان الاجتماعي بحلول عام 2020، وتحقيق العدل والإنصاف في المجتمع، ودفع الإصلاح في مجال القانون والتسجيل السكني وتوزيع الدخل، وتحسين نظام الديمقراطية القاعدية لضمان حقوق المشاركة للتنمية.

الخطة الخمسية الثالثة عشرة فرصة جديدة للتعاون الصيني- العربي

ترمز الخطة الخمسية الثالثة عشرة إلى دخول التنمية الصينية مرحلة جديدة للتحول والارتقاء، حيث أن الاقتصاد الصيني سوف يرتبط أكثر مع الاقتصاد العالمي، وسوف توفر هذه الخطة فرص جديدة للتعاون بين الصين والدول العربية. وفي الوقت الحالي، يقع العالم العربي في مرحلة هامة للتحول، حيث يكون السعي إلى السلام والتنمية مطلبا مشتركا للدول العربية. إن حلول المشاكل الصعبة لقضية الشرق الأوسط تكمن في التنمية، وهي الأساس والمخرج لكل المشاكل.

قام الرئيس الصيني شي جين بينغ بزيارة رسمية إلى كل من مصر والسعودية في يناير 2016، وزار المقر الرئيسي لجامعة الدول العربية، وحقق هذا التواصل توافقا مشتركا مع القادة العرب لبناء "الحزام والطريق"، الأمر الذي سوف يدفع التعاون الصيني- العربي إلى مرحلة تاريخية جديدة. في السنوات الخمس المقبلة، سوف تستورد الصين منتجات قيمتها أكثر من عشرة تريليونات دولار أمريكي، وسوف يزيد حجم الاستثمارات الصينية المباشرة في الخارج 500 مليار دولار أمريكي. يتمتع التعاون الواقعي بين الصين والدول العربية بآفاق واسعة وقوة كامنة كبيرة. سوف تكون السوق الصينية أكثر انفتاحا في المستقبل، وهذا سوف يقدم فرصا جديدة للتعاون التجاري والاستثماري بين الصين والدول العربية. سوف تعمل الصين على تحسين البيئة التجارية ودعم الشركات الصينية للقيام بالاستثمار في الخارج. سوف تعزز الشركات الصينية أعمالها للذهاب إلى الخارج، وسوف يقوم المزيد من الشركات الصينية بالتجارة والاستثمار في الدول العربية، كما أن الصين ترحب بالشركات العربية لتعمل في الصين.

طرح الرئيس شي جين بينغ في عدة مناسبات مبادرة بناء "الحزام والطريق"، وقد أنشأت الصين والدول العربية آلية للحوار السياسي الاستراتيجي، كما أقامت الصين علاقات استراتيجية مع ثماني دول عربية ووقعت على اتفاقات البناء المشترك للحزام والطريق مع ست دول عربية، بالإضافة إلى أن سبع دول عربية شاركت في أعمال تأسيس البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية. تعد الصين ثاني أكبر شريك تجاري للدول العربية، ويتميز التبادل الثقافي بين الصين والدول العربية بالتنوع.

لا شك أن التعاون بين الصين والدول العربية سوف يدفع الابتكار النظامي لدى الجانبين، وسوف يأتي إلى الجانبين بنقاط تنمية اقتصادية جديدة. على الجانبين الصيني والعربي التمسك بالفرص التي توفرها الخطة الخمسية الثالثة عشرة، لتحقيق التوافق في إطار "الحزام والطريق" ودفع التعاون بين الجانبين إلى مستوى أعلى، وبناء الرابطة المشتركة لمصالح ومصير الصين والدول العربية وخدمة الشعبين الصيني والعربي.