الخطة "الخمسية الثالثة عشرة" تظهر مسؤولية الصين كدولة كبيرة
حظيت الجلسة الكاملة الخامسة للجنة المركزية الثامنة عشرة للحزب الشيوعي الصيني، و"مقترحات اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني بشأن صياغة الخطة الخمسية الثالثة عشرة (2020-2016) للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية" (المقترحات اختصارا)، باهتمام العالم، وأثارت تفاعلات على نطاق واسع في خارج الصين.
باعتبارها أكبر دولة نامية وثاني أكبر اقتصاد في العالم، ترتبط الصين مع العالم بعلاقة متينة غير مسبوقة. إن تنمية الصين لا تتعلق بمصير الأمة الصينية في المستقبل فحسب، وإنما أيضا بتنمية العالم.
وضعت الجلسة الكاملة الخامسة خطة واضحة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في الصين خلال السنوات الخمس المقبلة، باعتبارها مرحلة حاسمة لتحقيق بناء المجتمع الرغيد الحياة على نحو شامل. وفي الوقت نفسه، تتطلع بلدان العالم من خلال التعاون مع الصين، للحصول على مزيد من فرص التنمية والاستفادة من تنمية الصين والإصلاحات الجارية فيها.
مسؤوليات كبيرة
قبل ثلاث سنوات، قال الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، شي جين بينغ، أثناء مقابلة مع صحفيين من بلدان مختلفة، على هامش الجلسة الجديدة للأعضاء الدائمين باللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني: "إن رغبة الشعب في الحياة الكريمة هي هدف جهودنا." خلال هذه السنوات الثلاث، شهدت الصين إنجازات عظيمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، تطبيقا لمفهوم "التنمية من أجل الشعب، وثمار التنمية للشعب".
طرحت المقترحات هدفا محددا حول تحقيق المجتمع الرغيد الحياة على نحو شامل، وهو الحفاظ على معدل نمو اقتصادي يتراوح بين المتوسط والمرتفع، ورفع مستوى وجودة معيشة الشعب، ورفع جودة وكفاءة المواطنين، ومستوى التحضر الاجتماعي، وتحسين البيئة الإيكولوجية بشكل عام، ودفع تشكيل النظم في المجالات المختلفة لتكون أكثر نضجا. وقد رأى العالم مسؤوليات الصين، باعتبارها دولة كبيرة، في تعزيز التعاون العالمي من أجل مكافحة الفقر، وتطبيق خطة التنمية لما بعد عام 2015. قالت هيلين كلارك، مديرة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: "الصين أخرجت شعبها من هوة الفقر، بسرعة غير مسبوقة في التاريخ. ندعو مختلف البلدان لتشارك في خبرات الصين حول مكافحة الفقر."
وفقا للمقترحات، ستغطي فوائد الإصلاح بالصين كل فرد من أبنائها، وليس معظمهم. وستغطي أجيالا عديدة، وليس هذا الجيل فقط. قال الاقتصادي الأسترالي قوا تشينغ شيانغ، إن الخطة الخمسية الثالثة عشرة أظهرت مبدأ "التنمية من أجل الشعب، ومعتمدة على الشعب، وثمار التنمية للشعب"، وتمثل دليلا أعلى لروح الديمقراطية الشعبية.
كما وضعت الخطة مهام تحقيق بناء المجتمع الرغيد الحياة على نحو شامل ومكافحة الفقر والمساواة في التمتع بثمار التنمية، في مكانة هامة، مما أظهر عزم الصين على تحسين رفاهية الشعب بشكل شامل ومستمر.
التنمية المبتكرة تأتي بفرص جديدة
طرحت المقترحات لأول مرة مفاهيم التنمية الخمسة التي تتمثل في "الابتكار والتنسيق والتنمية الخضراء والانفتاح والمشاركة". ووضعت التنمية المبتكرة في الموقع الرئيسي، دليلا على شجاعة وعزم الصين على الإصلاح الذاتي وتعديل الهيكل الاقتصادي وتحويل نمط التنمية، على خلفية دخول الاقتصاد الصيني الوضع الطبيعي الجديد. في عصر العولمة الاقتصادية، في الوقت الذي مزجت الصين تنميتها المبتكرة مع العالم، تأتي تنمية الصين بفرص جديدة للعالم.
"الدول القوية في العالم، تكون تنمية قوتها الوطنية مرتبطة بتطورها في العلوم والأفكار، أما الدول التي تهمل علومها، فليس لها نصيب." لقد استفاد العالم من اختراعات الصين الأربعة في العصر القديم، ولعبت الصين دورا كبيرا في تطور حضارة العالم، بثمارها الوفيرة في علوم الفلك والحساب والزراعة والطب وغيرها من المجالات. حاليا، في الابتكار العلمي فإن الصين تتحول من مرحلة أن تتبع عيرها الى مرحلة أن تتبع غيرها وتصاحب غيرها وتتقدم غيرها، ما يشكل نمطا جديدا في الابتكار المشترك.
إن استراتيجية التنمية الصينية ذات المفهوم الإبداعي، بما فيها تبسيط الإجراءات الإدارية وتخويل الصلاحيات إلى السلطات الأدنى، واستراتيجية منطقة التجارة الحرة، و"الإنترنت +"، كلها ستفيد العالم في المستقبل، وتساعد على كسر الحواجز، وتسهيل الربط بين الشركات الأجنبية والسوق الصينية، وتدفع ولادة أوضاع وأنماط جديدة للصناعات.
حاليا، يقوم كثير من الكيانات الاقتصادية بعملية التعديل الهيكلي. وتكمن في مسيرة هذا التعديل على نطاق العالم، كثير من نقاط التوافق والنمو لصالح الصين والعالم. إن التعاون بين الصين والعالم في المجالات الجديدة، مثل الابتكار العلمي وحماية البيئة والأدوية والطب والتنمية المستدامة والتحول الحضري، يواجه أفقا واسعا مثل تعاونهما في المجالات التقليدية، بما فيها الطاقة النووية والفضاء والطيران وصناعة السيارات.
على سبيل المثال، افتتح أكثر من ألفي شركة صينية في ألمانيا التي تتخذ تقنيات التصنيع كأساس للدولة، وقدمت مجموعة من الشركات الصينية مثل هواوي ولينوفو، لمواطني ألمانيا، "منتجات بالتقنية الصينية" ذات جودة مرتفعة وسعر منخفض، كما وفرت كثيرا من فرص العمل. إن الصين باعتبارها شريك تعاون ممتازا، حظيت بالتقدير والإعجاب من بلاد العالم.
الوفاء بوعد التنمية الخضراء
تمثل التنمية الخضراء أحد المفاهيم الخمسة للتنمية في فترة الخطة الخمسية الثالثة عشرة. هذا وعد بـ"تحسين رفاهية الشعب وتعزيز التنمية الشاملة للإنسان"، كما أنه تطلع عارم لـ"رؤية المواطنين الجبال الخضراء والمياه الصافية وتعميق الذاكرة الجميلة للموطن".
إن عملية بناء الحضارة الإيكولوجية مرتبطة بمصالح الشعب، ويعتمد عليها مستقبل الأمة. اتخدت الصين قرارا صحيحا في القضية الهامة التي تتمثل في تحقيق العلاقة المتناغمة بين التنمية الاجتماعية والاقتصادية وحماية البيئة، وأظهرت عزمها في مواجهة التحديات المكثفة بالأفعال الواقعية.
وباعتبارها ممثل الدول النامية، تسعى الصين منذ وقت طويل لدفع المفاوضات الدولية حول قضية تغير المناخ، وجعلت من نفسها مثالا بإعلان تعهدها بخفض الانبعاثات، ولعبت دورا حاسما في معالجة قضية تغير المناخ.
في شهر يونيو 2015، صاغت الصين وثيقة حول إجراءاتها الطوعية في تخفيض الانبعاثات، وقدمتها إلى سكرتارية تغير المناخ التابعة للأمم المتحدة، جاءت في الوثيقة أن الصين تستهدف تحفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي بواقع 60 إلى 65 بالمائة بحلول عام 2030، بالمقارنة بعام 2005، وفي الحقيقة أن الصين قد حققت تخفيض استهلاك الطاقة بنسبة 9ر29 % وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 8ر33% لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2014.
أن طرحت الصين"أهداف 2030"، ليس ممارسة إلزامية لها فحسب، باعتبارها واحدة من دول أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، وإنما أيضا تعبير الصين أمام العالم عن عزمها على السير في طريق التنمية الخضراء والمنخفضة الانبعاثات، ما يبرز مسؤولية الصين كدولة كبيرة. يتطلع الناس أن تلعب الصين دورا نشيطا أكثر في قضية معالجة تغير المناخ في مؤتمر تغير المناخ المنعقد في باريس هذا العام.
أشار العالم الأمريكي روي موريسون، أول من عرّف مفهوم الحضارة الإيكولوجية بوضوح، إلى أنه ليست هناك دولة غير الصين يمكنها قيادة العالم على طريق التنمية المستدامة. وقال: "هذا الأمر يمثل تحديا هائلا بالنسبة لأي دولة أو حكومة أو مجتمع، ويحتاج حكمة بالغة. إنه ليس اختبارا لقدرة الحكومة في الحكم فقط، وإنما يمثل أيضا تحديا لنظام المجتمع، كما يمثل حجر الزاوية للأمة والحضارة في تشكيل قوة متحدة لمواجهة التحديات بالصبر والتفاؤل."
النجاح المشترك في ظل الوضع الطبيعي الجديد
في عصر ما بعد الأزمة، ما زال اقتصاد العالم بحاجة إلى طريق طويل نحو الانتعاش. إن طريق تنمية الصين الذي أوضحته المقترحات، يزيد الثقة بانتعاش الاقتصاد العالمي. وقد قالت جريدة ليزيكو الفرنسية في افتتاحية لها: "مصير اقتصاد الصين يتعلق بمصير اقتصادنا بشكل وثيق."
وقد أشار شي جين بينغ إلى أن الفهم الجيد للوضع العام لتنمية الصين والعالم، مقدمة ضرورية لصياغة الخطة. ينبغي أن ندرك أن تنمية الاقتصاد الصيني دخلت الوضع الطبيعي الجديد، وأنه قد اندمج في اقتصاد العالم. تحت هذا الإرشاد، كانت المقترحات مفعمة بالرؤية العالمية.
بعد دخول اقتصاد الصين إلى مرحلة "الوضع الطبيعي الجديد"، بدأت الدورة الجديدة للانفتاح على قدم وساق. أكدت المقترحات على تحسين التخطيط الاستراتيجي للانفتاح، وذلك يشمل "التخطيطات الثلاثة" التي تتمثل في المناطق المنفتحة، والتجارة الدولية، والاستثمارات الدولية. وأظهرت للعالم فرصا جديدة لمشاركة الصين في إنشاء ممرات التعاون الاقتصادي الدولية والحدائق الصناعية في خارج الصين. وقال تشيمين تانغ، رئيس مركز دراسات الصين وآسيان بمعهد بانيابيوات للإدارة في تايلاند: "الصين الأكثر انفتاحا في أنظمتها، ستوفر مزيدا من الفرص لبلدان العالم في مجال المنتجات والخدمات والاستثمارات."
لقد أعلنت الصين هدفها بإنجاز بناء مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل بحلول عام 2020، وهذا يحتاج إلى معدل نمو اقتصادي سنوي أعلى من 5ر6% في السنوات الخمس المقبلة. بفضل مرونة الاقتصاد الصيني والإمكانيات الكامنة لنموه، يسود العالم الخارجي التفاؤل بقدرة الاقتصاد الصيني على مواصلة النمو في المستقبل بسرعة تتراوح بين المتوسطة والمرتفعة.
من المتوقع، خلال السنوات الخمس المقبلة، أن تستورد الصين منتجات قيمتها عشرة تريليونات دولار أمريكي من الولايات المتحدة الأمريكية، بينما سيتجاوز حجم الاستثمارات الصينية في الخارج خمسمائة مليار دولار أمريكي، وسيتجاوز عدد السياح الصينيين في الخارج خمسمائة مليون فرد. كل ذلك دليل على الاتجاه المتفائل للاقتصاد الصيني، ويمثل خبرا هاما لاقتصاد بلدان العالم، ويزيد الثقة والأمل الجديد للاقتصاد العالمي.
البرامج التي طرحتها المقترحات، مثل "الحزام والطريق"، و"صنع في الصين 2025"، والإنترنت +"، وغيرها من البرامج التطبيقية، حظيت بصدى عالمي واسع النطاق. قال تشنغ يونغ نيان، رئيس مركز دراسات شرقي آسيا بجامعة سنغافورة الوطنية، إن مبادرة "الحزام والطريق" رفعت صورة الصين كدولة كبيرة مسؤولة. كما قارن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بين المشروع الفرنسي "الصناعة المستقبلية" والخطة الصينية "صنع في الصين 2025". ويرى أنهما يمثلان اتجاه تنمية الاقتصاد لهذين البلدين في المستقبل.
ترسم المقترحات خارطة التحول النمطي في تنمية الصين، وتعطي شعوب العالم أملا في تحقيق الأحلام وبناء المستقبل. السكك الحديدية الصينية عالية السرعة ستربط بين طرق أوروبا وآسيا وأفريقيا، والشركات الصينية للتكنولوجيا العالية ستهبط على الأراضي الأوروبية والأمريكية، وتتجه رؤوس المال الصينية إلى خارج البلاد للاستثمارات والشراء. إن الصناعة الصينية والمعدات والتقنيات الصينية، ورؤوس الأموال الصينية تسير على طريق التنمية المنفتحة المشرقة. كل ذلك يجعل المزيد من الدول ترى في الحلم الصيني فرصا لتنميتها الذاتية، ما يعزز الرغبة في بناء المصير المشترك.
في فترة "الخطة الخمسية الثالثة عشرة"، مازال العالم يتطلع للاقتصاد الصيني، في تعديل الهيكل الاقتصادي وارتفاع مستوى تحقيق التنمية المستدامة، ليكون محرك الانتعاش الاقتصادي العالمي. تنمية الاقتصاد الصيني تتفق مع تنمية الاقتصاد العالمي، وتسعى الصين لتوسيع رقعة مصالح العالم المشتركة، للاندماج في العالم بشكل مستمر، وتحقيق النجاح المشترك مع البلدان الأخرى.
وكما قال شي جين بينغ: "تنمية الصين تكمن في تيار تنمية العالم، كما ستأتي للتنمية العالمية المشتركة بحيوية وفرص أكثر.".