هاينان .. جزيرة المعمرين

شياو قوان

في التاسع من سبتمبر كل عام وبمناسبة حلول عيد تشونغيانغ (عيد المسنين الصيني، في اليوم التاسع من الشهر التاسع حسب التقويم القمري الصيني) يفتتح مهرجان ثقافة العمر المديد بنانشان في مدينة سانيا. في حفل افتتاح هذا المهرجان عام 2001 تم توزيع شهادات تقدير على نجم العمر المديد بنانشان وأفضل عشرة معمرين بمقاطعة هاينان، التي يوجد بها أكثر من 20 ألف معمر كلهم فوق سن التسعين، وهذا يجعل المقاطعة بحق جزيرة المعمرين.

حماسة المسنين

في الربع الأخير من العام الماضي أقيمت نشاطات اختيار نجم العمر المديد بنانشان وأفضل عشرة معمرين بمقاطعة هاينان، وقد شارك فيها المسنون بحماسة عالمية، ومنهم مسن عمره 96 عاما من محافظة تشنغماي، قطع مسافة 5ر2 كيلومتر ماشيا على قدميه لتسجيل اسمه للاشتراك في الاختيار، واتجه بنفسه إلى مكتب التسجيل بالطابق الثالث لمبنى الإدارة الواقع بمركز المحافظة، سأله الناس: لماذا أتيت هنا لتسجيل اسمك بنفسك، ولم تطلب من أولادك أن يأتوا نيابة عنك؟ قال هذا المسن: لو لم افعل ذلك كيف اثبت أنني مسن في صحة جيدة.

ومسن آخر عمره 100 سنة من جامعة هاينان، بعد تسجيل اسمه كان يتصل بمكتب التسجيل كل يوم تليفونيا مستفسرا عن نتيجة الاختيار، وأخيرا عرف أن الحظ لم يحالفه في الاختيار لأنه يعرج قليلا نتيجة كسر في عظام رجل إثر سقوطه على الأرض عندما كان عمره 98 سنة، فغضب المسن بضعة أيام مثل طفل.

المسنة وو نيوي قو البالغة من العمر 96 سنة، من محافظة تشنغماي، والتي تستطيع تجفيف الدخن تحت أشعة الشمس وتحمل أثقالا، بعد أن أختيرت ضمن أفضل عشرة معمرين بمقاطعة هاينان طارت فرحا، ونقلت خبر فوزها إلى كل الأقرباء والأصدقاء مثل فتاة صغيرة.

في التعليق على هذه النشاطات قالت سوي تشي يان نائبة رئيسة اتحاد النساء بمقاطعة هاينان إن معايير اختيار نجم العمر المديد بنانشان وأفضل عشرة معمرين بالمقاطعة مرتفعة نسبيا، حيث يشترط أن يتجاوز العمر 90 سنة وأن تكون الذراعان والساقان سليمة وملامح الوجه متناسقة والسمع والبصر جيدا والعقل والجسد سليما والحركة منطلقة مع قدرة على معالجة شئون الحياة اليومية اعتمادا على الذات والاشتغال بأعمال في حدود الاستطاعة مع القدرة على الحديث والتمتع بالأخلاق والسمعة العالية والعلاقات الودية بين أفراد الأسرة والجيران والاهتمام بالأعمال الخيرية الاجتماعية.

المعمرون المشوقون

"السعادة مثل بحر دونغهاي الواسع والعمر المديد مثل جبل نانشان الشاهق"، وهذا يعني أن السعادة تأتي مع العمر المديد، وهذا هو الموضوع الرئيسي لثقافة العمر المديد بالصين، ومن اجل تطوير هذه الثقافة يقام في التاسع من سبتمبر كل عام وبمناسبة حلول عيد تشونغيانغ مهرجان ثقافة العمر المديد بنانشان بمدينة سانيان.

في صباح عيد تشونغيانغ استقل المعمرون ومن بينهم نجم العمر المديد بنانشان وأفضل عشرة معمرين بمقاطعة هاينان سيارة خاصة إلى جبل نانشان. بعد أن ترجلوا من السيارة أحاط بهم السائحون من كل جانب لالتقاط الصور معهم، فصورة تذكارية مع معمر وفي مناسبة عيد تشونغيانغ تجلب بلا شك الحظ السعيد.

بدأ المعمرون يومهم هذا بتناول الفطور معا في جو ودي، كان منهم زوجان تجاوز عمرهما المائة سنة، وبعد ذلك تمشوا إلى مبنى يوانتشي بجبل نانشان حيث جلسوا في الرواق الطويل أمام المبنى انتظارا لاستلام شهادات التقدير، دهش بعضهم لرؤية صورهم المكبرة التي التقطها المصورون لهم في بيوتهم قبل ذلك، والحقيقة أنها من أكثر من 50 صورة للمعمرين فوق سن الخامسة والتسعين عرضتها الدورة الأولى لمعرض صور المعمرين بمقاطعة هاينان الذي افتتح في نفس اليوم.

أخذ هؤلاء المعمرون في البحث بأنفسهم عن صورهم الواحد بعد الآخر، وبعضهم لم يجد صورته، ومنهم الواحدة بحثت عن صورتها مرتين، ولم تجدها فقالت غاضبة: لماذا لا تعرض أي صورة لي، وقد التقط المصورون صورا لي في بيتي. ونظرت نحو المصورين مثل طفلة قائلة: التقطوا صورة لي مرة أخرى. فاندفع المصورون حولها، وقالوا: ابتسمي آبو (جدتي)، لنلتقط صورة لك وسنكبرها. هذا جذب بعض المعمرين، فقالوا: التقطوا صورا لنا. جلس هؤلاء المعمرون فوق معقد طويل أمام الرواق الطويل بصورة مرتبة، ومنهم زوجان، وأمام الكاميرا تكلمت الزوجة مع زوجها همسا باتزان وشكل طبيعي، ووضع الزوج زهرة على خد زوجته خجولا كأنهما زوجان شابان.

المعمرون الشباب

اصطف هؤلاء المعمرون بالترتيب دون مساعدة لتسلم شهادات التقدير تحت قيادة أكبرهم سنا، 111 سنة، وعلما بأن أصغرهم عمره 90 سنة.

جرت مراسم توزيع شهادات التقدير حسب الأعراف الدولية، أولا وزعت شهادات التقدير لـ39 معمر ممتاز بمقاطعة هاينان، وبعد ذلك وزعت شهادات أفضل عشرة معمرين بمقاطعة هاينان، وأخيرا وزعت شهادة نجم العمر المديد بجبل نانشان.

هو كاي يوان من أبناء قومية لي بقرية سيما الواقعة على سفح جبل نانشان، واختير نجم العمر المديد بجبل نانشان لأنه يتمتع بصحة بدنية جيدة برغم أن عمره 111 سنة والعلاقة بين أفراد أسرته المكونة من ستة أجيال ودية. في البداية انتظر تسلم شهادته مع المعمرين الآخرين، ولكن الجميع تسلم شهادات التقدير إلا هو، ثم ألقي ممثل أفضل عشرة معمرين بمقاطعة هاينان كلمة، فأحس بأنه قد نسي، وبدا عليه علامات التعجل، وأخيرا دعي لاستلام شهادة نجم العمر المديد بجبل نانشان له مع باقة من الزهور ورزمة النقود المغلفة بالورقة الحمراء، وجلس هذا المعمر النشيط بملابسه السوداء وسط منصة الاجتماع ليلتقط المصورون صورا له.

وبعد ذلك رجع وجلس على مقعد أمام المنصة لمشاهدة العروض الفنية للأطفال، ووضع شهادة التقدير وباقة من الزهور جانبا، وأمسك رزمة النقود المغلفة بالورقة الحمراء في يديه فقط، وأخذ يلمسها كأنه يخمن كمية النقود فيها، ثم فتحها، وسحب نصف النقود وعدها وبعد ثواني أعاد وضعها مسرورا، وأخيرا دفنها في جيبه، وبدأ يشاهد العروض الفنية.

الكد وسعة الصدر سر العمر المديد

تشير المعلومات إلى أن مفتاح العمر المديد لجميع المعمرين الذين حصلوا على شهادات التقدير هو الكد والصدر الواسع طول حياتهم، ومنهم هو كاي يوان، الذي يشتغل بالزراعة وصيد الحيوانات البرية طول حياته. جسده قوي، ويعالج شؤون حياته اليومية بنفسه برغم أن عمره 111 سنة، وحتى الآن يمشي أكثر من كيلومترين ذهابا وإيابا إلى متجر حفيده لتجاذب أطراف الحديث مع الآخرين كل يوم.

ومنهم فو تشاو تشينغ، البالغ من العمر 99 سنة، من دينغآن، واسمه اسم لمثقف. كان محاسبا بفرقة إنتاج في شبابه. والآن يقرأ الجرائد والكتب كل يوم، ويستطيع الذهاب إلى السوق، ويحكي "الرحلة إلى الغرب" و"الممالك الثلاث" بصوت مدوي وتعبير حماسي.

ومنهم فو لي هوا، المعمرة الظريفة الصافية الذهن. العودة إلى مسقط رأسه في ونتشانغ من هايكو بالسيارة العامة شيء سهل وعادي لها، وهي مولعة بإلقاء النكت التي تتعلمها من الإذاعة التلفزيون.

ومنهم هان وو جيه، البالغة من العمر 96 سنة، وهي معمرة نظيفة مرتبة. وتمشي عدة كيلومترات برشاقة وأناقة لزيارة أولادها وأحفادها، وكل يوم تلعب الورق مع الآخرين، وتذهب إلى البنك دائما بنفسها لتدخر الأموال التي يهديها إليها أولادها وأحفادها لتفيد من فوائد الادخار. في يوم مشاركتها في مراسم توزيع شهادات التقدير تجولت في المتاجر أثناء الوقت الفراغ  مثل مسنة عمرها 60 سنة.

ومنهم وانغ يوي ياو، البالغ من العمر 93 سنة، نائب رئيس السابق للمجلس السياسي الاستشاري للشعب الصيني بمدينة تشيونغهاي، وهو أكبر مسؤول حكومي بينهم، وهذا المعمر النشيط مواطن مغترب عاد إلى الصين من إندونيسيا، واشتغل بالتعليم بالصين، ويهتم بقضية التعليم الصيني طول حياته، ويقوم بالرحلات السياحية وزيارة أقربائه وأصدقائه، وفي شيخوخته جمع تبرعات قيمتها أكثر من مليون يوان للاعتمادات المالية التعليمية لمسقط رأسه، فهو معمر ذو أخلاق وسمعة عالية. 

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

Return to top