العدد 3 مارس(آذار) 2002

بلدة يونلينغ نحو الحداثة والتقدم بجهود حكومتها ومواطنيها

بقلم الكاتبة تشي جيوان

يونلينغ بلدة صغيرة، وتقع في غربي شمال محافظة جينغشيان بمقاطعة آنهوي، ويبلغ إجمالي مساحتها 43 كيلومترا مربعا، وتقع في موقع بين جبل سيقو وجبل يونلينغ الذي يبلغ طوله من الجنوب إلى الشمال 30 لي (لي واحد يساوي نصف كيلومتر)، وعرضه من الشرق إلى الغرب 5 لي، وتتميز بكثرة تلالها المتناثرة هنا وهناك، ونالت لقب "امرأة جميلة داخل السحاب والجبل داخل الضباب".

اكتسبت يونلينغ شهرتها من الضابط يه تينغ الصيني الكبير الذي اشتهر خلال حرب المقاومة ضد اليابان (1937-1945) يه تينغ، وقبل ستين عاما قاد يه تينغ فيلقا من الجيش ليقاتل ببسالة ضد الجيش الياباني المعتدي، وحتى الآن يأتي إليها عدد كبير من الناس من أجل التعرف على هذه الحقبة من التاريخ. في مايو عام 2001 زار الرئيس الصيني جيانغ تسه مين الموقع القديم الموجود في يونلينغ الذي كان يعيش ويكافح منه يه تينغ في تلك السنين، وأتاحت هذه الزيارة فرص جديدة لتطورها.

في أوائل عام 2002 أتيت إلى يونلينغ، ورأيت التغيرات الجديدة التي طرأت لفلاحي يونلينغ.

قصص جماعات أبناء القرى

الحرفة الرئيسية لأهالي بلدة يونلينغ هي الزراعة، ويعد الأرز من أهم المحاصيل الزراعية في البلدة. في أوائل الثمانينيات بدأت الصين تطبيق سياسة الإصلاح في الأرياف، وحولت من نظام الملكية الجماعي التقليدي السابق إلى نظام مسئولية المقاولة القائمة على العائلات الفلاحية إزاء الإنتاج الأسري تدريجيا، أي من العمل المشترك على الأرض الجماعية في الماضي إلى أن تعمل كل وحدة على الأرض المقاولة لنفسها اتخاذ العائلة وحدة إنتاجية.

نشط نظام مسئولية المقاولة القائمة على العائلات الفلاحية إزاء الإنتاج مبادرة من الفلاحين في مجال الإنتاج إلى حد أقصى، ولكنه في الوقت نفسه سبب مشكلة، وهي أن العائلات تواجه نقصا في الأيدي العاملة الكافية خلال موسم النشاط الزراعي، وأخيرا قد حلت هذه المشكلة نهائيا بفضل تنظيم جماعات أبناء القرى. الآن تشكل أكثر من 3000 عائلة فلاحية في 9 قرى بيونلينغ 84 جماعة لأبناء القرى، وخلال موسم النشاط الزراعي يرتب الفلاحون في نفس الجماعة إنتاجهم حسب الحالات المحددة للعائلات المختلفة، ويساعدون العائلات التي يعوزها نقص في الأيدي العاملة على العمل بلا مقابل، ومن أجل ارتفاع فعالية العمل وتخفيض جهد العمل يستأجرون الآلات الزراعية الصغيرة الطراز معا بمبلغ مشترك، ويستخدمونها في الحرث والزراعة والحصاد في الحقول الزراعية لكل العائلات.

يرتفع مستوى المكننة لزراعة يونلينغ تدريجيا، وبالنسبة للفلاحين البذارة والحصادة الخ من الآلات الزراعية ليست غريبة، ولا يرفع تعميم الآلات الزراعية فعالية الإنتاج الزراعية للغاية فحسب، بل يقتصد في استخدام الأيدي العاملة أيضا، ولا يرتبط الفلاح بالعمل في الأرض طول أيام السنة بعد ذلك. الآن يشتغل عدد قليل من الفلاحين بعمل الحراثة والزراعة، ويتحول معظمهم إلى إنتاج الأعمال الجانبية، وأصبح عدد غير قليل منهم عائلات متخصصة في مجال تربية دودة الحرير و البط والسمك الخ، وبعضهم يؤسس شركات فيها أو يمارس التجارة، ونظرا لمسألة وجود العدد الكبير من الأيدي العاملة الفائضة فيها قد أسست حكومة بلدة يونلينغ شركة لخدمات العمل بصورة خاصة، ونظمت الفلاحين ليعملوا في خارج البلدة بصورة منظمة.

إن يونلينغ تتسع مساحتها تكون عريضة من الجنوب إلى الشمال وتضيق من الشرق إلى الغرب، ويجري نهر في وسطها، تسبب ظروفها الجغرافية غير الملائمة التي تسمى "إذا سقط المطر العادي فستمر مياهه في النهر، وإذا سقط المطر الغزير فسيفيض النهر" تتعرض البلدة للقحط والفيضان بصورة سهلة، وأساس الري الزراعي فيها ضعيف جدا. في الماضي كان يعمل الفلاحون على الأرض باستخدام البقر أو العمل اليدوي، وكانت أساليب الزراعة متخلفة، وكانوا يعملون على الأرض باستمرار خلال الفصول الأربعة، ولكن هذا كان يدر عليهم رزقا لإعالة أسرهم فقط، وكان حوالي ثلثا القرى تقريبا قرى فقيرة بلغ معدل الدخل السنوي للفرد أقل من ألف يوان، ولكن الآن يمكنني أن أرى عددا غير قليلا من الفلاحين الذين قد أصبحوا أثرياء، وينتقلون إلى المباني ذات الطابقين بسرور وفرح من مساكنهم المنخفضة السابقة والمصنوعة من الطوب اللين، وتتغير حياة الفلاحين فيها تغيرا محمودا، وقد ودعوا حياة الفقر السابقة إلى الأبد، وخطو خطوة متينة صوب الحياة الميسورة.

تتشعب الطرق في كل اتجاه

في الستينيات لم يوجد أي طريق عام بين القرى في يونلينغ، ولا بد أن يسير أبناؤها ستة أو سبعة لي على الطريق الجبلي الوعر خلال ساعتين أو ثلاث ساعات ذهابا إلى مركز بلدة يونلينغ كل مرة، وهذا كان يصرف كثيرا من الوقت والجهد، ويثير الغبار على الطرق الترابية بين القرى في الجو الصحو، ويترنح الفلاحون الذين يركبون الدراجات فوق الطرق الوعرة، وتصير الطرق موحلة في الجو الماطر، وهذه العوامل دفعت الفلاحين أن يرفعوا شكوى إلى المسئولين.

إن ترميم الطرق مسألة تتطلب حلولا سريعة من حكومة يونلينغ. فشيدت الحكومة بالتعاون مع أبناء البلدة طرقا عامة صرف عليها مبلغ من المال الذي خصصته حكومة يونلينغ والمال الذي جمعه المواطنون.

الآن قد تم بناء الطريقان الجبليان الرئيسيان اللذان يربطان القرى ومراكزها، وتصل الطرق الجبلية الحلزونية العريضة والمنبسطة إلى أبواب منازل الفلاحين، ولمعظم القرى طريق إسفلتي، وظروف المواصلات فيها سهلة، ومن أجل خلق ظروف النقل والمواصلات الأفضل لتطور اقتصاد يونلينغ منذ عام 2002 تستعد حكومة بلدة يونلينغ لتوسيع وتحسين الطرق الموجودة الآن، وتعيد ترميم الطرق الإسفلتية المهدمة من جديد خلال عامين.

تتطور الشركات التي تديرها حكومة بلدة يونلينغ

تطوير الشركات الريفية أساس لتحقق يونلينغ البلدة ذات صفة المدينة والعصرنة، وفي الماضي يكاد لا توجد فيها شركات لائقة، ولكن الآن فيها 7 شركات تديرها حكومة بلدة يونلينغ و22 شركة مملوكة للأفراد، ومنها الشركات الكبيرة النطاق نسبيا مثل مصنع المشغولات الفنية والورق والماكينات والأجهزة الكهربائية ومنجم الذهب الخ، ويعد إنتاج المصانع التي تتخذ من المنتجات الزراعية مواد خام رئيسية لها مثل مصنع الرز الممتاز والمواد الخام لورق شيوان الخ راقيا ومتطورا، وبفضل هذا ترتفع القيمة الإضافية للمنتجات الزراعية، وفي الوقت نفسه يزداد الطلب لها، وتدفع الإنتاج الزراعي إلى الأمام.

أتيت إلى مصنع يويتينغ للمشغولات الفنية لإجراء مقابلة صحفية، وكان ذلك وقت الذهاب إلى العمل، ورأيت العمال يذهبون إلى المصنع جماعات ووحدانا. بعد تحدثت مع مدير المصنع عرفت أنه كان فلاحا مائة في المائة، وكان يشتغل بالزراعة كل يوم، ولكن معيشته ليست ميسورة، وبعد أن رأى بعينيه عملية رفع مستوى المعيشة  للفلاحين في المناطق والمقاطعات الأخرى حول يونلينغ فتح عينيه على الحقيقة، وأسس مصنع المشغولات الفنية الحالي، وفي بداية تأسيس المصنع في عام 1992 له أكثر من عشرة عمال، وأنتج على أسلوب العمل باليد في الورشة، ولكن الآن له 6 مصانع فرعية وأكثر من 400 عامل وموظف. في عام 1997 صدر هذا المصنع منتجاته إلى الولايات المتحدة، ومؤخرا وقع على اتفاقية لاستمارة الطلب الطويلة الأمد مع شركة المحيط الهادئ بالولايات المتحدة، وأصبحت الشركة الوحيدة بيونلينغ من حيث تصدير منتجاتها إلى خارج الصين وتكسب العملة الصعبة.

رأيت في يونلينغ المباني السكنية والتجارية التي تبنى الآن، وهدف بناء هذه المباني السكنية هو جذب المهاجرين من المناطق الأخرى وخلق بيئة لاستقرارهم، وتشجيع جهات مختلفة على تأسيس المصانع أو ممارسة التجارة فيها، وفي الوقت نفسه تجتذب حكومة بلدة يونلينغ رأسمالا وأشخاصا مؤهلين بصورة كبيرة عن طريقة الإيجار والمقاولة والبيع بالمزاد والمقايضة خلال سيرها في طريق ازدهارها عن طريقة تنشيط الصناعات، وهذا قد فتحت مجالات جديدة لتطور اقتصاد هذه المنطقة القديمة، وبفضله يحقق اقتصاد يونلينغ تحويله من الطراز الأحادي "نقل الدم" إلى صنع الدم بنفسه خطوة بعد خطوة.

أحلام الأطفال في هذه المنطقة الجبلية

قابلت ابن الفلاح لاو تشانغ في بيته وهو يدرس الآن في مدرسة يونلينغ الثانوية، وعندما سألته: ماذا سيفعل بعد إكمال دراسته؟ أجابني ووجهه الطفولي مفعم بالفخر وبعد الأفق إنني أتطلع إلى الالتحاق بالجامعة لأتمتع بما خارج منطقتنا الجبلية. إن الخروج من مسقط الرأس والذهاب إلى عالم خارج المنطقة الجبلية للسعي وراء لقمة العيش بعد ترعرعهم هو أحلام لعدد كبير من الأطفال في هذه المنطقة الجبلية.

مدرسة يونلينغ الثانوية مدرسة ثانوية وحيدة في بلدة يونلينغ، وتأسست في عام 1972، وكان يوجد فصل واحد في كل صف، وبلغ إجمالي عدد الطلاب فيها أقل من 50 طالبا، ولكن الآن يوجد فيها 11 فصلا، ويبلغ إجمالي عدد الطلاب فيها حوالي 600 طالبا، وقد ازداد عدد المدرسين والإداريين من سبعة أو ثمانية أفراد في بداية تأسيسها إلى 37 فردا، ويحصل معظم المدرسين فيها على شهادة فوق متوسطة وما أعلى منها. يعتز المدرسون في هذه المدرسة بأن مدرستهم قد سجلت اسمها في الطليعة في العام الماضي من حيث فحص نتائج الطلاب في كل المدارس الثانوية في كل المحافظة التي تقع بلدة يونلينغ فيها، ويتخرج منها أكثر فأكثر من الطلاب هذه المنطقة الجبلية، ويلتحقون بالمعاهد والجامعات.

بعد دخولي إلى حجرات الدرس وجدت فيها السبورات الطويلة الضيقة والمقاعد الخشبية والطاولات المخلخلة، وتسد النوافذ التي ليست مغلقة بإحكام بالبلاستيك، ولكنها لا تقي الريح الباردة، ولا بد أن يفرك المدرسون والطلاب فيها أيديهم، وينفخوا على أيديهم أيضا لتدفئ قليلا بين وقت وآخر، وهذا المشهد يجعل قلبي مثقل بالهموم.

بعد دق الجرس معلنا انتهاء الدرس خرجت من إحدى حجرات الدرس مع الطلاب، وقال لي هؤلاء الطلاب وأشاروا إلى مبنى جديد يبنى الآن بجانبنا إنه مبنى للفصول الجديدة يبنى لنا، وبعد قضاء هذه العطلة الشتوية يمكننا أن نذهب إلى الصف في إحدى حجرات الدرس الجديدة فيه.

يبنى هذا المبنى الجديد لهذه المدرسة بالمال الذي قدمته حكومة يونلينغ، ووفقا لمبدأ "التعليم أولا بين المهمات البعيدة المدى" جمعت حكومة يونلينغ مالا من جهات عديدة، وزادت الاستثمار في مجال منشآت التعليم الأساسية باستمرار لتحسن ظروف التعليم للمناطق المختلفة بها تدريجيا، وحسب الظروف الجغرافية والعناصر الموضوعية للبلدة كلها عدلت تنظيم المدارس فيها لتكون ثلاث مدارس ابتدائية وثلاث مراكز لتعليم البالغين في القرى المختلفة بها باستثناء هذه المدرسة الثانوية في البلدة.

من أجل التغلب على الفقر والتخلف يعمل الفلاحون في يونلينغ وحكومتها ويبذلون أقصى جهودهم، وقد ترك عندي الجد والاجتهاد عندهم أثرا أعمق، وأتمنى ليونلينغ ذات الجبال الخضراء المحيطة بها والسحب البيضاء مستقبل أشرق. 

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

قضايا اجتماعية
Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.