العدد الأول من عام 2002
 

من الثمانينيات إلى الآن .. سياسة الإصلاح والانفتاح

م- موضوع الحديث إلى الأبد

إن سياسة الإصلاح والانفتاح الصينية التي بدأت تطبق عام 1978 هي ثورة ثانية للصين، وقد أرست هذه السياسة علاقة وثيقة وحميمة بينها وبين مصير كل صيني، وأفسحت دورا عظيما جدا للتطور الصيني، وبفضلها تعاظمت القوة الشاملة للصين، فقفزت لتحتل المرتبة السابعة في العالم من حيث الاقتصاد. ومنذ البدء في تطبيق هذه السياسة ومجلة "الصين اليوم" تولي ذلك عظيم اهتمامها، كيف لا، وهذه السياسة كما قلنا ثورة أخرى ستغير معالم الصين القديمة. فمجلتنا إذن تواكب مراحل هذه السياسة وتقدم إلى القراء المقالات الوافية عن كل مرحلة من مراحل تطورها. وبفضل ذلك تمكن عدد كبير من القراء الأجانب من الاطلاع على سياسة الإصلاح والانفتاح الصينية.

أعمال المقاولة العائلية

في أواخر السبعينيات، ومع بداية تطبيق الصين لسياسة الإصلاح والانفتاح، بدأ تطبيق نظام تحديد حصص الأعمال الزراعية الشاملة على أساس العائلة بالريف الصيني. وبفضل هذا الإصلاح الريفي سار الاقتصاد الصيني في الطريق السليم للتطور التدريجي. وفي ذلك الوقت أرسلت مجلة "الصين اليوم" مراسلها إلى مقاطعة آنهوي، أول مقاطعة في الصين طبقت نظام تحديد حصص الأعمال الزراعية الشاملة على أساس العائلة، ليعود للقراء الصينيين والأجانب بمعلومات وافية عما يجري هناك من إصلاح.

قال لاو تشن: "أتريد أن تعرف كيف يعمل رئيس فرقة الإنتاج بعد تحقيق نظام تحديد حصص الأشغال الزراعية الشاملة على أساس العائلة؟ أريد أن أعرفك كيف كان يعمل رئيس فرقة الإنتاج في السابق. كنت رئيس فرقة إنتاج أيضا، وكانت تقلقني أشياء كثيرة مثل ترتيب الأعمال الزراعية، وكيفية ذهاب الكومونيين إلى الحقول، ومن منهم سيذهب؟ وماذا يعمل في اليوم التالي؟ كان على أن أفكر جيدا في هذا الأمر. يبدأ العمل عادة في الصباح، فبعض الفرق الإنتاجية يتجمع على صوت الصفارة وبعضها الآخر على صوت الجرس. وكنت في بعض الأحيان أطرق الجرس مرات ولا أرى أحدا، وكان ذلك يزعجني كثيرا".

فسألته: ألا يزال هذا معمولا به إلى اليوم؟م

م_ لم يعد من داع لذلك، فكل شىء مرتب وعلى ما يرام.

م_ ألا يزاول رئيس فرقة الإنتاج العمل؟

_ إن لدى رئيس فرقة الإنتاج مهمة رئيسية: إبرام اتفاقيات لمدة سنة واحدة مع الكومونيين في بداية السنة الجديدة، وحث الكومونيين على إنجاز المهمة المحددة للدولة في بيع الحبوب والقطن والزيت والحيوانات والبيض والدواجن وغيرها بعد الحصاد أو في الأوقات المحددة، ونقل تعليمات الحكومة للكومونيين وبالمقابل توصيل اقتراحات الكومونيين وآرائهم وطلباتهم إلى الحكومة الشعبية، والترتيب المعقول لاستعمال المياه والأبقار، وإرشاد الكومونيين في زراعة الأرض بطريقة علمية، ومساعدة العائلات التي تعذر عليها القيام الجيد بالإنتاج، وتنظيم الكومونيين في القيام ببعض الأعمال الأخرى، وتسوية النزاع بين أفراد العائلة، وحل الشقاق بين الجيران، ودفع تنظيم النسل وغيرها من الأعمال.

م- من مقالة "أخبار الريف بمقاطعة آنهوي (2)" العدد 11 عام 1981.

تغيرات الحياة

حدد شو أن لاي رئيس مجلس الدولة الراحل المواضيع التي ينبغي لمجلة "الصين اليوم" أن تغطي أخبارها، ورأى أن تركز على الحياة العامة في بناء الاشتراكية. ومنذ الخمسينيات ومجلة "الصين اليوم" متقيدة بهذا التوجيه من البداية حتى النهاية. وأصبح لها ميزة خاصة، وهي تغطية الأخبار المتعلقة بالمسائل الاجتماعية والاقتصادية من زاوية الحياة. ففي النصف الثاني من الثمانينيات قدمت مجلة "الصين اليوم" سلسلة من المقالات حول موضوع "طريق الحياة"، تناولت مسيرة حياة 24 فردا عاديا بدءا من ولادتهم إلى طفولتهم إلى التحاقهم بالمدرسة فمرحلة الشباب فالكهولة فالشيخوخة.

إن إعادة تجميع عائلة جديدة من عائلتين فقدت كل منهما أحد ركينها الأساسيين - الأب والأم - ليس أمرا سهلا في أي مجتمع، وخاصة في المجتمع الصيني. وثبات رابطة العائلة يؤدي إلى تقليل نسبة الاستقلالية بين أفرادها؛ فالتقييد والتدخل المتبادل بين أفرادها يعتبران وسيلة لازمة لصيانة العائلة. وكذلك الحال بالنسبة للتعامل بين الأولاد ووالديهم المتزوجين من جديد.

قبل تزوجنا من جديد فكرنا في الحواجز النفسية التي قد تظهر عند ولدي وولدها، فحددنا بعد النقاش أن نبقي وضع العائلتين كما كان عليه في الماضي، فيسكن ولدي في بيت، وولدها في بيت آخر، أما نحن فنسكن في هذين البيتين بالتناوب، واتفقنا على أنه لا داعي إلى أن نغير الطريقة التي ينادينا بها هذان الولدان. في المجتمع الصيني تعتبر كيفية مناداة الفرد فردا آخر أمرا هاما بين أفراد العائلة وبين الأقرباء، وهذا مختلف عما في المجتمع الغربي. فحسب العرف الاجتماعي يجب أن ينادي الولد زوجة أبيه "ماما"، وزوج أمه "بابا"، لكننا تجاوزنا هذه الأعراف بعد تزوجنا، فولدي يناديها "العمة"، وولدها يناديني "العم".     

م- من مقالة "إعادة بناء الحياة" العدد 8 عام 1989 بقلم شن سو رو.

تغطية الأخبار المتلاحقة عن الإصلاح

من أواخر الثمانينيات إلى أوائل التسعينيات في القرن العشرين قدمت مجلة "الصين اليوم" سلسلة من المقالات حول موضوع نهر اليانغتسي والمقاطعات والمناطق الذاتية الحكم والبلديات، وغطت أخبار 30 مقاطعة ومنطقة ذاتية الحكم وبلدية تديرها الحكومة المركزية مباشرة (باستثناء بلدية تشونغتشينغ التي لم تكن بلدية في ذلك الوقت) داخل بر الصين الرئيسي وحول نهر اليانغتسي خارج الصين. وتناولت موضوعات هذه المقالات الأحوال الأساسية لهذه المقاطعات والمناطق الذاتية الحكم والبلديات ومزاياها وأحوالها في مجال التطور الاقتصادي ومواردها السياحية .. الخ. وقد حققت هذه المقالات نتائج جيدة نسبيا؛ فاعتمادا على المعلومات التي قدمتها قام عدد من التجار الأجانب بالاستثمار في بعض هذه المقاطعات والمناطق الذاتية الحكم والبلديات أو أسسوا شركات فيها.

في عام 1998، وبمناسبة الذكرى العشرين لتطبيق الصين سياسة الإصلاح والانفتاح، قدمت مجلة "الصين اليوم" سلسلة من المقالات التي تستعرض هذا التغيير بصورة شاملة نسبيا.

(ليو قوي شيان، عجوز عمرها أكثر من ستين سنة. قبل ثماني عشرة سنة افتتحت مطعما، فأصبحت بذلك أول صاحبة مطعم خاص في بكين بعد تطبيق الصين سياسة الإصلاح والانفتاح. واليوم يتناثر هذا النوع من المطاعم في مختلف أرجاء العاصمة الصينية.)

استخدمت غرفة من بيتي مكانا للمطعم الذي أداره أفراد أسرتي بأنفسهم. وعندذاك واجهت كثيرا من الصعوبات، أولها الافتقار إلى رأس مال، فاقترضت مئات اليوانات من الأصدقاء؛ وثانيها نقص المواد الخام اللازمة حيث كانت بلادنا تطبق سياسة الاقتصاد المخطط ونظام الحصص التموينية في ذلك الوقت، ولا يمكننا الحصول على أكثر من حصتنا التموينية المقررة. والمعروف أن المطعم يحتاج إلى كثير من اللحم والبيض والسمك والخضر، وهذا كله كان يباع بنظام الحصص التموينية داخل المدينة، فلم يكن أمامنا إلا أن نذهب إلى الريف لشراء المواد المطلوبة. كنت أستيقظ في الساعة الرابعة صباحا للذهاب إلى الريف، وأقضي نصف يوم للحصول على المواد المطلوبة لتحضير وجبة عشاء ليوم واحد.

وجذب مطعمنا كثيرا من الصحفيين الصينيين والأجانب. وبفضل مقالاتهم في مختلف المطبوعات تزايد عدد زبائننا، وكان من بينهم سفراء ومستشارون من 74 دولة. وأصبح من الضروري الحجز في مطعمنا مقدما لكثرة الزبائن، وكانت مدة الحجز تتجاوز الشهر أحيانا.

مضت ثماني عشرة سنة على إقامة مطعمنا الخاص، تطورت أعمالنا خلالها تطورا كبيرا. عمري الآن خمس وستون سنة، ولدينا رغبة في شراء سيارة خاصة لتوصيل الطلبات إلى البيوت.

م- من مقالة "قصتي" العدد 12 عام 1998

خطبة بانتشان لاما

منطقة التبت ذات الحكم الذاتي في الصين وحدة إدارية على مستوى المقاطعة، لا تختلف عن غيرها من الوحدات الإدارية الصينية على مستوى المقاطعة، ولكنها تشد اهتمام العالم منذ سنوات عديدة بسبب تاريخها وموقعها الجغرافي الخاص. ومنذ أن تأسست مجلة "الصين اليوم" وهي تهتم بتغطية أخبار هذه المنطقة بحماسة كبيرة جدا، فكتبت حول كافة الأنشطة والأحداث الهامة هناك، مثل قمع الفتنة التي أثارتها مجموعة من الأوساط العليا هناك، والذكرى الأربعين للإصلاح الديمقراطي بالتبت، والذكرى الخمسين لتحرير التبت السلمي، والتغيرات الهائلة التي طرأت على أحوال أهالي التبت في مجال الحياة الاقتصادية والثقافية، وركزت على تغطية أخبار بانتشان لاما. وقد تركت هذه المقالات آثارا إيجابية داخل الصين وخارجها، لا سيما تلك المقابلة الصحفية بين مجلية "الصين اليوم" وبانتشان لاما في التبت، والمقابلة الصحفية بين مجلة "الصين اليوم" وبانتشان لاما في بكين، ورحلة بانتشان لاما إلى منطقة شيكانغ والتبت، وحديث بانتشان لاما عن "استقلال التبت" المزعوم، والنشاطات الدينية لبانتشان لاما، والتعازي من الصين كلها بوفاة بانتشان لاما، وتولي بانتشان لاما من الجيل الحادي عشر (عمره ست سنوات) منصبه. وقد سجلت مجلة "الصين اليوم" الخطبة التالية لبانتشان لاما:

أحب هنا أن أقول إن المشكلات التي تذكرونها إما أنها لم تظهر قط، وإما أنها حدثت في التبت على درجات مختلفة، ولكن تم حلها، أو تجرى الآن عمليات تصحيحها. والسياسات التي تتبعها الحكومة المركزية في التبت جيدة، تقتنع بها الجماهير الشعبية. إن البناء في التبت يجري الآن على قدم وساق. أرجو من هؤلاء الناس، الصينيين منهم أو الأجانب على السواء، أن يقللوا من التنديدات ويكثروا من المساعدات. إن القاعدة الاقتصادية في التبت ضعيفة، لقد قدمت الحكومة المركزية لها مساعدة مالية بلغت 12 مليار يوان من عام 1952 حتى اليوم، كما أسسنا - أنا ونغابو نغوانغ جغمي - صندوق تنمية التبت من أجل تنمية الاقتصاد، أليس الأفضل أن تزيدوا من مساعدة التبت؟ لقد قلت لأبناء قومية التبت المغتربين في الخارج: "قلتم إنكم قد أعددتم كثيرا من الخريجين الجامعيين في الخارج، فإذا كنتم تحبون موطنكم التبت حقا، فدعوهم يعودوا إلى الوطن للاشتراك في بناء التبت، علما أن في التبت أربع جامعات تخرج سنويا مئات الطلبة. نحن نرحب بعودة الخريجين الجامعيين إلى الوطن. ولكن يجب أن نقول لهم بوضوح إن الرواتب لدينا ليست عالية، فرواتبهم ستكون كرواتب أمثالهم من قوميتي هان والتبت، وسيأكلون تسامبا (دقيق الشعير والفول وغيرهما مشويا، وهو يؤكل بديلا عن الخبز لدى أبناء قومية التبت)، ويعيشون في مساكن عادية. الناس هنا في هضبة التبت يعملون من أجل بناء التبت غير مبالين بالمشقات. ولكن مثيري الفتن الذين لا يصلحون للقيام بأعمال جادة يقودون المظاهرات في الشوارع، ويختلقون الإشاعات بعد أن تمتلئ كروشهم لحما وخمرا دون حياء أو خجل. فنحن أبناء التبت نقول لهؤلاء المخربين: لا تتصرفوا تصرف السيد الذي يسرف في نقد الرماة وهو نفسه لم يصب الهدف قط". 

م- من مقالة "حديث بانتشان عن "استقلال التبت" المزعوم" العدد 1 عام 1988

عودة هونغ كونغ إلى حضن الصين

في عام 1840 استخدم المستعمرون البريطانيون الأفيون لإضعاف صحة الشعب الصيني وتسميم روحه، واستخدموا المدافع والأساطيل لفتح أبواب الصين بالقوة، وشيئا فشيئا احتلوا منطقة هونغ كونغ كلها. لم يعترف الشعب الصيني ولا الحكومات الصينية السابقة كلها بالمعاهدات غير المتكافئة التي فرضتها بريطانيا على الشعب الصيني الذي ظل منذ الاحتلال البريطاني لهونغ كونغ يخوض نضالا عنيدا لاستعادة هونغ كونغ وغسل العار وتحقيق وحدة الدولة. ولكن هذا كان حلما في الصين القديمة. في الأول من يوليو عام 1997 تحققت أخيرا عودة هونغ كونغ إلى حضن الصين بعد أن صارعت الأمة الصينية من أجلها أكثر من 150 سنة. وفي هذا اليوم غسل العار الذي لازم الأمة الصينية مائة سنة. واستمرت مجلة "الصين اليوم" خلال سنوات طويلة تهتم بتغيرات هونغ كونغ، وقامت بتغطية الكثير من أخبارها. ففي عام 1997 وحده نشرت عددا كبيرا من المقالات ذات القيمة العظيمة، وحددت بابا خاصا بعنوان "التحدث عن تاريخ هونغ كونغ"، وعرفت القراء بأسلوب سلس مبسط أصل مسألة هونغ كونغ وغير ذلك من القضايا المتعلقة بها.

لم تستغرق مراسم التوقيع على الإعلان المشترك حول مسألة هونغ كونغ بين الصين وبريطانيا أكثر من 15 دقيقة، بينما استغرقت المفاوضات من أجل التوصل إلى توقيع هذه الاتفاقية فترات طويلة وشاقة. وقد حضر مراسل مجلة "الصين اليوم" هذه المراسم بنفسه، وكتب عنها تقريرا صحفيا ميدانيا بعنوان "15 دقيقة ذات مغزى تاريخي عظيم".

إن التاسع عشر من ديسمبر عام 1984 يوم له معناه ومغزاه، فقد دخل هذا اليوم التاريخ من أوسع أبوابه، وسيبقى يوما من الأيام الخالدة. في الساعة الخامسة والنصف مساء جاء دنغ شياو بينغ رئيس اللجنة الاستشارية المركزية للحزب الشيوعي الصيني ولي شيان نيان وغيره من قادة الحزب والدولة إلى القاعة الغربية الكبرى بقاعة الشعب الكبرى مسرورين لحضور مراسم التوقيع على الإعلان المشترك حول مسألة هونغ كونغ بين الصين وبريطانيا. وجلس تشاو تسي يانغ والسيدة تاتشر إزاء طاولة مغطاة بقطيفة خضراء قاتمة، وأمامهما العلم الصيني والعلم البريطاني. وعندما وقعا على الإعلان المشترك حول مسألة هونغ كونغ كان السكون مخيما لا تقطعه إلا أصوات التقاط الصور من قبل عشرات الصحفيين الصينيين والأجانب. هؤلاء الصحفيون لم يقوموا بتغطية الأخبار فحسب، بل سجلوا تاريخا أغر. وبعد انتهاء التوقيع صفق وفد هونغ كونغ الذي يربو عن مئة شخص تصفيقا حارا، ووقف تشاو تسي يانغ وتاتشر، وتبادلا وثيقتي التوقيع، وتصافحا بحرارة. إن هذه الاتفاقية قد حلت مسألة استعادة الصين حقها التام في ممارسة سيادتها على هونغ كونغ، ووضعت أساسا للحفاظ على الاستقرار والازدهار في هونغ كونغ لمدة طويلة، وفتحت صفحة جديدة من العلاقات بين الصين وبريطانيا.

م- من مقالة "15 دقيقة ذات مغزى تاريخي عظيم" العدد 3 عام 1985

الاهتمام بمسيرة الديمقراطية

بعد تطبيق الصين سياسة الإصلاح والانفتاح خطا بناء السلطة في الصين خطوة كبيرة، واتسع دور المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني والمجلس السياسي الاستشاري للشعب الصيني أكثر فأكثر، ومارس المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني وظيفة الهيئة العليا لسلطة الدولة بصورة تامة، وسرع في الوقت نفسه مسيرته الديمقراطية .

منذ ثمانينيات القرن العشرين ومراسلو مجلة "الصين اليوم" يجرون مقابلات صحفية في كل دورة تعقد من دورات المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني والمجلس السياسي الاستشاري للشعب الصيني. وقد بدا من خلال هذه المقابلات أنه لا يمكن تحديث البلاد بدون الديمقراطية. ووجد الناس أن قطار الديمقراطية في الصين التي تجري فيها عمليات التحديث قد أخذ طريقه السليم وبدأ يتقدم شيئا فشيئا.

كان المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني يجيز القرار "بالإجماع" في كل مرة تقريبا، دون أي خلاف في الرأي. أما في السنة الجارية فقد حدث ما لم يتوقعه الناس، إذ لم يجدوا طيلة فترة المؤتمر أي قرار من قرارات المؤتمر قد أجيز بالإجماع، كما لم يجدوا أي شخص من قادة الدولة الجدد استطاع الحصول على جميع الأصوات في الانتخاب، والأكثر من ذلك أن بعض نواب الشعب قد صوت ضد التقرير الخاص بأعمال الحكومة أو امتنع عن التصويت عندما قدم التقرير إلى المجلس لإجازته، ومثل هذا يحدث لأول مرة في تاريخ الصين الشعبية.

في يوم 28 مارس الماضي كان على الدورة الأولى للمجلس الوطني السابع لنواب الشعب الصيني أن تجيز قائمة بأعضاء سبع لجان متخصصة، وكان الجو هادئا عندما أجيزت قائمة أعضاء اللجان الأربع الأولى، برغم أن بعض نواب الشعب قد امتنع عن التصويت. ولكن عندما أخذت الدورة تجيز قائمة أعضاء لجنة التعليم والعلوم والثقافة والصحة وقف السيد هوانغ شون شينغ، وهو من نواب مقاطعة تايوان، يرتجل الكلام أولا، مما جعل الجو ساخنا. كان السيد هوانغ يتكلم متأثرا ويرى أن رئيس اللجنة المرشح غير مناسب لتقدمه في السن، وذلك يخالف مبدأ إحلال الشباب محل الشيوخ في القيادات، فيجب ترشيح شخص آخر يكون عمره مناسبا لهذا المنصب. ولم يكد ينته السيد هوانغ من كلامه حتى وقف نائب آخر يطلب زيادة العاملين في الطب والصحة في هذه اللجنة. وفي النهاية حصلت قائمة أعضاء اللجنة على أكثرية الأصوات القانونية وأجيزت، إلا أن ثمانية نواب صوتوا ضدها، وامتنع 69 نائبا عن التصويت.

يه شيوان بينغ (63 سنة)، ابن رئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني المارشال الراحل يه جيان ينغ، تولى منصب نائب رئيس مقاطعة قوانغدونغ منذ عام 1980، وهو رئيس المقاطعة الحالي. قال: "يجب على الذين يتولون أمثال منصبي ألا يخافوا التجريح والانتقاد من قبل الآخرين، إذ أن قيادة الحكومة تستطيع أن تعرف فيما يفكر أبناء الشعب من خلال انتقاداتهم واقتراحاتهم. إن عيوب القيادة في العمل لا تشوه صورتها ما دامت تكشفها وتقول الحق، بل إن موقفها الصحيح من عيوبها سوف يساعدها على تحقيق التفاهم مع الجماهير وكسب ثقتها. وعلينا أن نعرف أن الناس سوف يتفقون في الآراء بشأن سياسات الدولة بعد النقاش. إن الجو في الدورة الأخيرة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني كان أكثر ديمقراطية ونشاطا مما كانت عليه الدورات السابقة، وبالطبع لا نستطيع أن نقول إننا أجدنا كل شىء في بعض العمليات الدقيقة، مثل إجراءات الانتخاب، ولكن تقدمنا نحو تحقيق الديمقراطية، وعلينا أن نؤكد هذا التقدم الجديد".  

م- من مقالة "مسيرة الديمقراطية" العدد 6 عام 1988

مكافحة الفساد

إن الفساد مرض عضال موجود منذ العصور القديمة. والحزب الشيوعي الصيني لم يتساهل مع الفساد، فمنذ تأسيسه وهو يكافح الفساد حتى اليوم، وقد وضع الحزب  كثيرا من القوانين والأنظمة الفعالة ضد الفساد، وحقق إنجازات كبيرة، لكن مظاهر الفساد لا تزال تتكاثر، وله تربة خصبة للتكاثر. وزملاء مجلة " الصين اليوم" يكنون لمظاهر الفساد الكراهية الشديدة، لذلك نشروا مقالات كثيرة حول مكافحة الفساد خلال الحملة التأديبية لمظاهر الفساد، خصوصا مقالة الأستاذ الجامعي في شياو تونغ عالم الاجتماع المرموق التي جاء فيها:

        إنه لمن السذاجة وغير الصحيح أن نلقي اللوم على التأثيرات البرجوازية التي تدخل إلى البلاد عبر (( الباب المفتوح)) .. بل إن جذور المشكلة داخلية وتكمن في التربة العميقة للإقطاعية بالصين، وهي تظهر اليوم بسبب بعض الظروف الخارجية المحددة. لقد كان الفساد وسوء استخدام السلطة عامين منذ أكثر من 2000 سنة في تاريخ الصين. ويستشهد على ذلك بالمثل القائل : أي مسئول مستقيم يصبح ثريا بعد ثلاث سنوات في السلطة.

ومع انتصار الثورة وتأسيس جمهورية الصين الشعبية .. ظهر في الصين جو اجتماعي جديد سمته الإخلاص للسعادة العامة. ما زال كبار السن يتذكرون بشوق وحنين أيام الخمسينيات وأوائل الستينيات، عندما كانت شدة الحرص على الاكتساب والانانية في أدنى مستوى .. وقد شاع هذا في العالم بأسره. ولكن ذلك، على حد قول البروفيسور في، لا يعني أنه قد تم استئصال تلك ((النزعات الضارة)) التي كانت قد اختفت مؤقتا. إن (( الثورة الثقافية)) قد أحدثت فوضى شديدة في عقول الناس، ونجم عن الانقطاع عن البلدان الأخرى سنوات عديدة، تجاهل عام للشؤون الأجنبية.

وطبيعي جدا في رأي البروفيسور في أن يحدث الانفتاح الصيني المفاجئ على العالم الخارجي والتغيرات السياسية الصينية الأخرى هزة عنيفة في أسلوب تفكير الناس. إن غياب النظام القانوني السليم إضافة إلى عدم كفاية التثقيف بالمسلك الأخلاقي المتكيف مع كل من المبادئ الماركسية والوضع الراهن قد ساهما أيضا في ظهور كثير من العادات البالية السيئة التي كشفت عن نفسها اليوم في الفساد والنشاطات غير المشروعة.

لماذا أثر الفساد في كثير من أبناء كبار الكوادر؟ يرى البروفيسور أن جانبا من الإجابة يكمن في تأثير الأفكار الصينية التقليدية المتعلقة بالروابط والالتزامات العائلية. فمعظم أولياء الأمور الصينيين يعتبرون أن من واجبهم تقديم أي شيء يساعد في تحسين حياة أولادهم ومعيشتهم المستقبلية. وتتولد المشكلة عندما تتضارب هذه الرغبة مع الواجب العام، ويسمح للأبناء ضمنيا بالاستفادة من مراكز أوليائهم. ومن الطبيعي أن تسبب هذه الحالات استياء شديدا بين أفراد الشعب.

ويضيف البروفيسور في بأنه يتوجب استئصال الفساد. ولكن القضاء على النزعات المتأصلة في النفوس منذ آلاف السنين في ليلة واحدة سيكون مجرد أمنية. والبروفيسور في يميل إلى وجهة نظر أكثر توازنا مشيرا إلى بعض الكتاب المتحيزين في الخارج الذين نشروا الكثير عن قضية الفساد واستخدموا ذلك في التهجم على الصين وسياساتها الحالية، فيقول: ((ينبغي أن لا نقف من هذه الظواهر موقف المتهاون، كما ينبغي أن نعيرها الاهتمام المناسب ونزنها بميزانها الصحيح. إن سياسة الإصلاح والانفتاح قد جلبت للبلاد فوائد ملموسة، ولا يمكن لأحد أن ينكر هذا.. بل إن الإجراءات الإدارية والتثقيف بالحقوق والواجبات، لمعالجة الفساد قد أعطت مفعولها في عموم نواحي البلاد، فأي توقف في جهود الإصلاح بسبب بعض المفاسد سيعيد عقارب الساعة إلى الوراء.))

م---  من مقالة" مكافحة الفساد والمفسدين " العدد 5 عام 1986.

الصين الجديدة .. خمسون عاما

إن تأسيس جمهورية الصين الشعبية يرمز إلى بداية عهد جديد، هذا ما قاله ماو تسي تونغ في حفل تأسيس الدولة في غرة أكتوبر عام 1949. وفي عام 1999 يكون قد مضى على جمهورية الصين الشعبية خمسون عاما. وبالنسبة لهذا الحدث العظيم قامت هيئة التحرير لمجلتنا بالتدابير الاستعدادية قبل سنة، فأضافت بابا جديدا بعنوان"الذين ولدوا مع الصين الجديدة"، ونشرت عددا خاصا حول العيد الوطني في العدد 10، وأرسلت صحفا لتغطية الأخبار من موقع التظاهرة الضخمة والمهرجان الحاشد في ساحة تيان آن من في مساء 1 أكتوبر 1999. وهذه مقتطفات من مقالة رئيس التحرير الفخري أ. أبشتاين تحت عنوان "أنا والصين الجديدة"، نقدمها لقرائنا ليروا تأثر هذا الرجل المسن الذي عايش الصين القديمة والصين الجديدة.

إن سرعة التطور في الاقتصاد والتكنولوجيا وحياة الشعب في الصين تثير انتباه شعوب العالم. لم تكن الصين القديمة قادرة على إنتاج الحديد والصلب وما يتفرع عنهما، فحتى رأس قلم الحبر والدبوس كانا يستوردان من ألمانيا وبريطانيا؛ وكان البترول ومنتجاته تستورد من خارج البلاد بصفة رئيسية. أما اليوم ، فالصين أكبر دولة في العالم في إنتاج الحديد والصلب والفحم والحبوب الغذائية والمنسوجات، وتحتل المرتبة العاشرة من حيث المنتجات النفطية والكيماوية، خاصة في السنوات العشرين الماضية التي بدأت فيها تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح على العالم الخارجي التي طرحها  دنغ شياو بينغ. وطرأ على الصين تغير هائل فيما يتعلق بإنتاج الأجهزة الكهربائية المنزلية كالتلفزيون والثلاجة والغسالة والهاتف و المكيف.. الخ. فقبل تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح لم تكن هذه الأجهزة الكهربائية المنزلية متوفرة إلا لعدد ضئيل جدا من الأسر الصينية. أما اليوم فقد غزت بيوت الآلاف المؤلفة من الأسر في المدن والمراكز. لقد أصبح التلفزيون الأبيض والأسود من ذكريات الماضي، وحل محله التلفزيون الملون بشاشته الكبيرة. إن 90% من أسر المدن والمراكز الصينية تمتلك الغسالة، و76% منها لديها الثلاجة، و64% منها لديها الهاتف الذي يرمز إلى ارتفاع المركز الاجتماعي، و20% منها لديها المكيف. ومع أن 4% من الأسر تمتلك الكمبيوتر، إلا أن هذه النسبة آخذة في الازدياد بسرعة كبيرة. وقليل من الأسر  لديها سيارة، لكن اتجاه الزيادة يرتفع. لقد اشترى أبناء الشعب هذه السلع الاستهلاكية بالأموال المدخرة لديهم والتي تشهد الآن زيادة سريعة. معظم هذه السلع من صنع الصين، وبعض السلع المعمرة ذات الماركة المشهورة قد دخلت الأسواق الأجنبية.

والإنجازات المذكورة أعلاه هي مجرد نماذج لما حققته الصين. والآن تواجه الصين  أيضا كثيرا من الصعوبات والمشاكل التي يأتي الفساد في مقدمتها. فبعض المسالك الأخلاقية تسوء مع التطور التكنولوجي ويعاني بعض الناس من البطالة، وتعديل نظام الرفاهية يعرض أناسا لصعوبات مؤقتة في المعيشة، كما يتزايد مع التطور الاقتصادي تلوث البيئة. ووسائل الإعلام الأجنبية تركز للأسف على هذه المشاكل والصعوبات، وتتجاهل الجهود التي تبذلها الدولة من أجل التخلص من كل هذه السلبيات.

م---  من مقالة" أنا والصين الجديدة " العدد10 عام 1999

الصين تستعد لانضمامها إلى منظمة التجارة العالمية

إن الانضمام لمنظمة التجارة العالمية يعني أن الإصلاح في الصين وانفتاحها على الخارج قد دخلا مرحلة جديدة، وأن هذه نقطة تحول جديدة لمزيد من التطور الاجتماعي الصيني. ونحن في المجلة ككل الصينيين نتابع باهتمام شديد مسألة انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية.

لقد مضى خمسة عشر عاما على بدء الصين مفاوضات الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية. وبات الصينيون مؤخرا يدركون أن عضوية منظمة التجارة العالمية تفرض التزامات لا بد أن يواجهها الصينيون. كما أن المتخصصين يركزون اهتمامهم في الفترة الأخيرة على التغيرات التي ستشهدها الصين بعد انضمامها للمنظمة، تغيرات في السياسات والقوانين والسوق والأشخاص المؤهلين. وينصح هؤلاء المتخصصون بضرورة أن تزيد الصين من استعدادها في المجالات المعنية لتتمكن من تلبية متطلبات عضويتها في منظمة التجارة العالمية. والصينيون الآن، مسؤولين ومتخصصين وعلماء ومثقفين ومواطنين عاديين، يقفون على أرض صلبة، ولم تعد رؤيتهم لانضمام دولتهم إلى منظمة التجارة العالمية مجرد تخيلات.

م---  من مقالة" الصين تستعد للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية " العدد11 عام 2001. 

 

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 


 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.