محتويات العدد 11نوفمبر (تشرين الثاني)  2003 

دور القوى الأجنبية في الشرق الأوسط بعد غزو العراق وردود فعل دول الإقليم

سفير د. محمد نعمان جلال

مستشار الدراسات الاستراتيجية

يهتم العالم بأسره بالتطورات في منطقة الشرق الأوسط عامة ومنطقة الخليج بوجه خاص منذ غزو الولايات المتحدة للعراق.  وهذا الاهتمام رغم أنه قديم تاريخياً لأن هذه المنطقة كانت دائماً موضع اهتمام دولي لموقعها الاستراتيجي ولمخزون الطاقة فيها، إلا أنه تزايد في إطاره التدخلي من القوة العظمى الوحيدة المهيمنة على مقدرات السياسة الدولية بعد اختفاء الاتحاد السوفيتي وكتلته الاشتراكية. وهكذا يتراج

ولقد تجلى الاهتمام العالمي في ندوة عقدتها جامعة كراتشي في باكستان بالتعاون مع المؤسسة الألمانية هانز سايدل من 25-27 أغسطس 2003م، وشارك فيها خبراء وأساتذة من جميع الجامعات ومراكز الأبحاث الاستراتيجية في باكستان، كما شارك أساتذة من الجامعة اللبنانية ومدير مركز الدراسات الاستراتيجية بسوريا وخبراء  ومتخصصون من إيران ومن تركيا.  كما شاركتُ في الندوة بصفتي أحد المتخصصين في الشئون الاستراتيجية وبالقضايا الآسيوية. وهكذا يتراج

وقد برز في اتجاهات الندوة عدة حقائق هامة ارتبطت كما عبر عن ذلك السيد مشاهد حسين وزير الإعلام الباكستاني السابق وعضو مجلس الشيوخ الباكستاني حاليا والذي ألقى كلمة الافتتاح موضحا من واقع المستندات والمقالات والتصريحات الأمريكية هيمنة الاتجاهات اليمينية المتشددة على السياسة الأمريكية والتي تحالفت مع الاتجاهات اليهودية المتطرفة ومع دعاة الامبراطورية، وأن المحصلة النهائية لتحالف هذه القوى الثلاث سياسات معادية للعرب والمسلمين سواء في دمغ العرب والمسلمين بالإرهاب أو الضغط على الدول العربية والإسلامية ونحو ذلك. وهكذا يتراج

ودعا السيد مشاهد حسين لضرورة بلورة سياسة إسلامية أكثر فعالية ووصف منظمة المؤتمر الإسلامي بأنها منظمة ضعيفة، وطرح في نهاية كلمته تساؤلين أولهما هل ينبغي الاعتراف الباكستاني بإسرائيل؟ وهل يجب أن تشارك باكستان بقوات في العراق؟  وأجاب على السؤالين بالنفي، وأن هذا سيضر بمصالح باكستان وعلاقاتها العربية والإسلامية رغم أن عدم الاستجابة لهذين الطلبين سيؤثر على علاقات باكستان مع الولايات المتحدة. وهكذا يتراج

وكانت مداولات المؤتمر تدور حول مواقف الولايات المتحدة وتدخلاتها ومصالحها والتي لخصها عدد من الباحثين بأنها تستهدف تحقيق ثلاثة أهداف:  تأكيد الهيمنة الأمريكية على العالم من خلال الهيمنة على الشرق الأوسط بدءاً من العراق، تأمين البترول العراقي الذي هو ثاني أكبر احتياطي عالمي بعد السعودية وأن السيطرة عليه وعلى بترول السعودية بعد السيطرة على آسيا الوسطى يضمن القوة العالمية للولايات المتحدة، أما الهدف الثالث فهو تأمين إسرائيل. وهكذا يتراج

وعن ردود فعل دول الإقليم فقد أشار عدد من المتحدثين للدور الإيراني واحتمالات التصادم مع المواقف الأمريكية. وإن أوضح الكثيرون أن السياسة الإيرانية براجماتية ولن تصل إلى مثل هذا التصادم وأنها أبدت تعاوناً مع الولايات المتحدة في أفغانستان لتلاقي مصالحهما ضد الطالبان والقاعدة.  كما أبدت مرونة تجاه التدخل الأمريكي في العراق، بل تعاونت مع فصائل الشيعة المؤيدة من إيران مع الولايات المتحدة.  أما تركيا فقد أبرز المتحدث التركي رمضان جوزان من جامعة أنقرة، أن الحكومة التركية لم تكن جادة في التعاون مع الولايات المتحدة، وأن الشروط التي قدمتها للسماح للقوات الأمريكية عبر أراضيها كانت شروطاً يستحيل قبولها مثل طلب 30 مليار دولار كتعويضات-السماح للقوات التركية بالتواجد في شمال العراق-السماح للشركات التركية بنصيب في عمليات الأعمار ومن هنا تعثرت المفاوضات واعترض البرلمان التركي وهذا الاعتراض أظهر حيوية الديموقراطية التركية وعزز من هيبة وسمعة تركيا لدى أوربا والدول العربية في حين أن ذلك أدى إلى توتر مع الولايات المتحدة. وهكذا يتراج

وحول الموقف السوري تحدث د. فيصل كلثوم مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بدمشق فأكد أن تقديرهم أن الضغوط الأمريكية على سوريا هدفها سياسي ولا يتوقع أن تحدث مواجهة عسكرية لأن الخسائر على الولايات المتحدة ستكون كبيرة فمكانة سوريا وعلاقاتها العربية والدولية تختلف عن وضع النظام العراقي السابق المعزول والمكروه.  وتحدث عن المرونة السورية وما تتسم به سياستها من طابع براجماتي وعقلاني كما أشار لسياسة الإصلاح والانفتاح التي يقودها الرئيس بشار الأسد. وهكذا يتراج

وعن الموقف الفلسطيني أبرز المتحدثون الصعوبات المتزايدة أمام الحركة الفلسطينية والقيادة الفلسطينية، كما شككوا في مصداقية الموقف الأمريكي والإسرائيلي من خارطة الطريق. وهكذا يتراج

أما عن رد فعل باقي دول الإقليم للغزو الأمريكي البريطاني للعراق فقد برزت خمسة اتجاهات كما أوضحتها في دراستي التي قدمت للمؤتمر. وهكذا يتراج

الأول:  دول عربية انتقادية للسياسة الأمريكية في إطار الشعارات والمبادئ.

الثاني: دول عربية حركية في انتقادها للسياسة الأمريكية مع نصح لها بعدم غزو العراق والتعاون السري المحدود بحكم الضرورة. وهكذا يتراج

الثالث: دول عربية تعلن رفضها للغزو وتتعاون من خلال تواجد القواعد والقوات الأمريكية على أراضيها. وهكذا يتراج

الرابع:  دول عربية طرحت مبدأ الرفض للغزو ثم انكفأت على مشاكلها وقضاياها ذات الأولوية بل أبدى بعضها تعاوناً واضحاً في مقاومة الإرهاب. وهكذا يتراج

الخامس: دول عربية ساندت الغزو بقوة وفتحت لها القواعد التي استخدمت للانطلاق ضد العراق سواء بالغزو البري أو الطائرات ومراكز العمليات. وهكذا يتراج

وباختصار يمكن القول بأن المفكرين الاستراتيجيين ومراكز الأبحاث والجامعات مشغولة أيما انشغال بما يحدث في هذه البقعة الهامة من قبل القوى الأجنبية، ويكاد يتفق الجميع على أن الضعف والتشتت العربي هو الذي قاد إلى تبديد عناصر القوة العربية وأدى إلى تحويل المنطقة إلى أرض للصراع والسيطرة ومن ثم لم تعد عضواً فاعلاً في المجتمع الدولي يحسب لها حساب. وهكذا يتراج

وفي نهاية هذا العرض السريع أود أن أشير إلى عدد من الملاحظات الختامية: وهكذا يتراج

الملاحظة الأولى:  هو اهتمام دولة مثل باكستان بمتابعة التطورات في منطقة الشرق الأوسط للعديد من الاعتبارات التي تربط بين الأمن في جنوب آسيا وأمن الشرق الأوسط فضلاً عن ترابط المصالح بين الطرفين ناهيك عن الدور الريادي الذي تقوم به الولايات المتحدة في المنطقتين وهو دور متصاعد بصورة دائمة. وهكذا يتراج

الملاحظة الثانية:  ظهور حالة من الواقعية بين السياسيين وبين المفكرين والباحثين  في كل من منطقة الشرق الأوسط وجنوب آسيا وقد تجلت تلك الواقعية في المناقشات والطروحات والمداخلات التي قدمها المشاركون ولم يشذ عن ذلك سوى مداخلة واحدة قدمها عميد كلية التجارة بجامعة كراتشي وقد تركزت على موضوع الثورة الإسلامية كوسيلة للرد على الضعف العربي وفي جنوب آسيا وأكد أن الثورة الإسلامية قادمة لا محالة وأنها وسيلة رد للكرامة. وهكذا يتراج

الملاحظة الثالثة:  بروز اللوبي الإسرائيلي في السياسة والفكر في باكستان وهو لوبي مازال في طور النمو والاتساع ولكنه اتسم بالجرأة والصراحة في التعبير عن ضرورة إقامة علاقات مع إسرائيل، وهذا يعني أن السياسة الواقعية هي تبادل المصالح وتبادل التأييد وأن المثل والمبادئ أصبحت في تراجع في النظرة الواقعية لمواقف الدول. وهكذا يتراج

الملاحظة الرابعة: ترتبط بزيارة رئيس الوزراء شارون للهند ودورها في تعميق التعاون العسكري والاستخباراتي والتكنولوجي فضلاً عن الاقتصادي.  وهكذا يتراجع المؤيدون للعرب وتكتسب إسرائيل أرضاً جديدة باستمرار. وهكذا يتراج

ولاشك أن كل هذه التطورات تحتاج لمتابعة ويقظة من جانب العرب. وهكذا يتراج

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

ساحة الحوار

دور القوي الأجنبية في الشرق الأوسط بعد غزو العراق وردود فعل دول الإقليم

هل يعود سارس؟

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.