بشهادة شاهد من أهلها

التبت تغيرت

تشانغ شيوي ينغ

في مدينة نانجينغ، حاضرة مقاطعة جيانغسو بشرقي الصين، التقت ((الصين اليوم)) مع جي مينغ نان جيا، نائب عمدة مدينة لاسا حاضرة منطقة التبت الذاتية الحكم، الذي تحدث عن التغيرات التي شهدتها التبت منذ تحريرها سلميا في سنة 1951، وجهود الحكومة الصينية في الحفاظ على ثقافة وتراث التبت وتطور التعليم فيها، وغيرها من الموضوعات.

السيد جي مينغ نان جيا المولود في سنة 1954، كان يعمل ووالده، بجانب البانتشن لاما العاشر، الذي رحل في سنة 1989.

فيما يلي تفاصيل حوارنا معه:

((الصين اليوم)): كواحد من سكان مدينة لاسا، ما هي التغيرات التي شهدتها التبت منذ أن تبنت الصين سياسة الإصلاح والانفتاح؟

جي مينغ نان جيا: إذا تحدثنا عن معيشة الناس، فلا بد من أن نشير إلى تنوع أطعمة الناس. قديما كان شراب شعير الهضاب والرز اللزج والشاي بالزبد الأطعمة الرئيسية لأهل لاسا، وكانت الخضراوات واللحوم قليلة. الآن، يأكلون الرز اللزج والشاي بالزبد في الصباح فقط، بينما الأسرة العادية في لاسا حاليا تطبخ ثلاثة أو أربعة أنواع من الطعام للغداء والعشاء. ومع ارتفاع دخول الناس، لم يعد تناول الطعام في المطاعم أمرا مكلفا. لم يكن الفلاحون يأكلون الأرز، ولكنهم تعودوا الآن على تناول الأطعمة المصنوعة مما يأتي من مناطق الصين الداخلية من قمح وأرز. كانت الخضراوات في لاسا تأتي من المناطق الصينية الأخرى، ولكن بفضل التقنيات الحديثة، يأكلون حاليا خضراوات تزرع في منطقتهم.

وبالنسبة للملابس، صار شباب التبت يرتدون ملابس تحمل ماركات صينية وأجنبية مشهورة. وتقريبا كل أسرة في التبت لديها سيارة، فمتوسط امتلاك الأفراد للسيارات في التبت أعلى من المعدل الوطني. وبعض الأسر الثرية في التبت لديها أكثر من سيارة.

صارت لاسا أكثر نظافة وانتظاما، ولم تعد قراها بائسة، بل بُنيت فيها بيوت جديدة مزودة بالأجهزة الحديثة. بعض القرى تستخدم غاز الميثان، وتخلت عن الحطب وروث الحيوانات.

((الصين اليوم)):اختيرت لاسا ضمن قائمة "المدن الصينية الأكثر سعادة" خلال الأربع سنوات الماضية. ما تفسيركم لذلك؟

جي مينغ نان جيا: لا بد أن نقول إن حياة الناس في التبت، شهدت، ومازالت تشهد، تطورا كبيرا في الفترة الأخيرة. في سنة 2011، وصل متوسط دخل الفرد من فلاحي ورعاة التبت إلى أكثر من ستة آلاف يوان (الدولار الأمريكي يساوي 3ر6 يوانات) بزيادة 3ر20% عن سنة 2010، وتجاوز متوسط دخل الفرد القابل للإنفاق في المناطق الحضرية 17000 يوان. في مجال الرعاية الاجتماعية، تغطي مظلة التأمين الصحي كل أبناء التبت حاليا، ويتمتع سكان الحضر بتأمين الشيخوخة، الذي نعمل على تنفيذه في المناطق الريفية والرعوية. كما أن نظام ضمان الحد الأدنى للمعيشة يغطي كل سكان الحضر والريف الذين يعانون من صعوبات معيشية.

((الصين اليوم)): ماذا عن التنمية الاقتصادية للتبت في السنوات الأخيرة، وما هي خططها المستقبلية؟

جي مينغ نان جيا: حققت التبت منجزات ضخمة في تنمية اقتصادها في السنوات الأخيرة، ففي سنة 2011 بلغ إجمالي الناتج المحلي لمنطقة التبت 583ر60 مليار يوان، بزيادة قدرها 9ر93 ضعفا مقارنةً مع سنة 1959، التي بدأ فيها تطبيق الإصلاح الديموقراطي للتبت. في سنة 2011، بلغ دخل الموازنة العامة للتبت 47ر5 مليارات يوان، 5ر48 ضعفا مقارنةً مع سنة 1959، وتجاوز الدخل المالي لثلاث من محافظات تابعة لمدينة لاسا مائة مليون يوان، كل على حدة وهذا أمر نادر في تاريخ التبت. تطورت وسائل النقل والمواصلات بسرعة كبيرة في مدينة لاسا، فبالإضافة إلى سكة حديد تشينغتسانغ (تشينغهاي- التبت)، بدأ العمل في إنشاء خط حديدي يربط بين لاسا وشيكاتسي، وسيبدأ بناء خط آخر بين لاسا ولينتشي. في سنة 2011، بدأ تشغيل أول طريق سريع في التبت؛ بين لاسا ومطار كونغكا. الفضل في كل هذا يرجع إلى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصينية وإستراتيجية التنمية الكبرى للمناطق الغربية. في سنة 2011، بدأت الحكومة الصينية تقديم دعم أكبر لتنمية المناطق المتوسطة النمو، ومنها التبت. وحسب المعلومات التي كُشف عنها في "ندوة الأعمال الخامسة بشأن التبت"، من المتوقع أن يصل إجمالي الدعم المالي لمنطقة التبت خلال فترة الخطة الخمسية الثانية عشرة للتنمية إلى ثلاثمائة مليار يوان، مقارنة مع مائة وعشرة مليارات يوان في فترة الخطة الخمسية الحادية عشرة. إضافة إلى زيادة الاستثمار في التبت، تقدم الحكومة الدعم للتبت بأساليب مختلفة، من خلال توفير التقنيات الحديثة لها وتزويدها بالتقنيين والمتخصصين وتوسيع أسواقها وتنفيذ المشروعات فيها.

تهدف التبت، خلال السنوات الخمس المقبلة، إلى زيادة معدل نمو إجمالي الناتج المحلي لها بأكثر من 12%، وزيادة متوسط الدخل الصافي للفرد من الفلاحين والرعاة بنسبة أكثر من 13% سنويا.

((الصين اليوم)): لا تكف عصبة الدالاي لاما عن الزعم بأن الحكومة الصينية تطمس معالم ثقافة التبت. ما هو ردكم؟

جي مينغ نان جيا: هذه مزاعم كاذبة تماما، ودليل كذبها ما يلي:

أولا: تحرص الحكومة الصينية على الحفاظ على آثار التبت وحمايتها، وقد أعادت الحكومة افتتاح أكثر من 1700 معبد بوذي بعد إصلاحها وتجديدها. ومنذ ثمانينات القرن الماضي بلغت تكلفة إصلاح وتجديد قصر بوتالا ومعبد ساجيا ومعبد داتشاو 700 مليون يوان، تحملتها الحكومة المركزية. ومن المتوقع أن تبلغ تكلفة حماية آثار التبت في الفترة من سنة 2011 حتى سنة 2015 إلى 820 مليون يوان.

ثانيا: تسعى الحكومة الصينية إلى إنقاذ التراث الثقافي غير المادي بالتبت. لقد تحملت الحكومة تكلفة جمع وترتيب ونشر الملحمة التاريخية التبتية ((سيرة ملك قسار))، ومولت ستين مشروع تراث ثقافي تبتي غير مادي على المستوى الوطني، واعترفت بثلاثة وخمسين متوراثا للتراث الثقافي غير المادي على المستوى الوطني، وأدرجت شارع باكوه في لاسا ضمن قائمة "أشهر عشرة شوارع تاريخية وثقافية في الصين"، وسيتم إصلاح الست والخمسين دارا القديمة بهذا الشارع بتكلفة تتجاوز مائة مليون يوان. كما تم إحياء المدارس المختلفة لأوبرا التبت التي يرجع تاريخها إلى أكثر من ستمائة سنة، وتخصص الحكومة سنويا أموالا لدعم فرق أوبرا التبت وإعداد أجيال جديدة لها وإقامة واستكمال مرافقها.

ثالثا: تهتم حكومة منطقة التبت بتعزيز تنمية المرافق الثقافية العامة. حتى الآن، تم إنشاء سبع قاعات فنية جماهيرية وأربع مكتبات عامة و74 مركزا ثقافيا على مستوى المحافظة و149 محطة ثقافية على مستوى البلدة والناحية وأكثر من ثلاثمائة غرفة ثقافية على مستوى الناحية. ويجري حاليا إنشاء المركز الثقافي والرياضي بالتبت، الذي تساهم حكومة مدينة بكين في تمويله. يتكون هذا المركز من قاعة رياضية ومتحف سيجمع الآثار القيمة للتراث الثقافي التقليدي للتبت.

ليس ثمة إهمال لثقافة التبت التي يزعم البعض أنه قلق عليها، بل على العكس هناك جهود لإحياء هذه الثقافة لتجسد مزايا التبت ومستقبلها.

((الصين اليوم)): ما هي أكثر الصعوبات التي تواجه منطقة التبت؟

جي مينغ نان جيا: التبت في حاجة إلى التحول من التنمية الاقتصادية التي تعتمد على تمويل الحكومة المركزية إلى التنمية اعتمادا على الذات. لأسباب طبيعية وتاريخية، مازالت مرافق البنية الأساسية في التبت متأخرة، كما أن النقص في إمدادات الطاقة والكهرباء والمواصلات يقيد التنمية الاقتصادية للتبت.

لقد شهدت التبت في السنوات الأخيرة تطورا اقتصاديا ملموسا، وخاصة في مجال الصناعات ذات الخصائص المحلية، حيث تحظى منتجات التبت من شعير الهضاب وحيوانات الياك، والعقاقير التبتية والمياه الطبيعية، بإقبال كبير في داخل الصين وخارجها.

نقول لمن يساورهم قلق بشأن استقرار وأمن منطقة التبت، إن هذا القلق غير مبرر. ونقول لمن يريدون إظهار أن التبت مضطربة، إن معظم الحوادث التي تقع في التبت حوادث فردية تعبر عن عدد قليل للغاية من الناس. أما غالبية أهل التبت، فيتمنون أن يعيشوا حياة سعيدة في مجتمع مستقر.

العلاقة بين التبت ومناطق الصين الأخرى تقوم على أن "قومية هان تحتاج إلى الأقليات القومية، والأقليات القومية تحتاج إلى قومية هان، كما أن الأقليات القومية تحتاج إلى بعضها بعضا."