د. أميمة زيدان، الحاصلة على جائزة "المساهمة البارزة في تعليم الصينية": الصينيون المسلمون يحتاجون مزيدا من الترجمات الدينية

د. أميمة زيدان، الحاصلة على جائزة "المساهمة البارزة في تعليم الصينية":

الصينيون المسلمون يحتاجون مزيدا من الترجمات الدينية

 

في سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة وألف تخرجت الطالبة أميمة غانم زيدان في قسم اللغة الصينية بكلية الألسن في جامعة عين شمس، واحتلت المرتبة الأولى بين زملائها وزميلاتها في الدراسة، وبعد ذلك بثلاث سنوات، حصلت على درجة الماجستير في اللغة الصينية، وفي سنة 1991، حصلت على درجة الدكتوراه. عملت معيدة في قسم اللغة الصينية بجامعة عين شمس، ثم مدرسة مساعدة، فمدرسة، ثم أستاذة مساعدة حتى حصلت على درجة الأستاذية في سنة 2008. في سنة 2007، أسندت إليها رئاسة قسم اللغة الصينية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة قناة السويس المصرية، وقد شغلت هذا المنصب حتى سنة 2011.

خلال هذه المسيرة الأكاديمية الحافلة، ترجمت، وشاركت في ترجمة، أكثر من عشرين كتابا من العربية إلى الصينية أو العكس، منها ثلاثة عشر كتابا إسلاميا. كرمتها مؤسسات صينية ومصرية تقديرا لجهودها في مجال الترجمة وتعليم اللغة الصينية.

في مقابلتها مع ((الصين اليوم))، قالت أ. د. أميمة زيدان إنها عاشقة للترجمة، وإنها عازمة على المضي قدما في الطريق الذي أحبته، وأكدت أن المسلمين في الصين مازالوا في حاجة إلى ترجمة المزيد من الأعمال الإسلامية إلى لغتهم الصينية.

     ((الصين اليوم)): عندما التحقت بقسم اللغة الصينية في جامعة عين شمس، لم يكن ثمة إقبال كبير على تعلم الصينية، فماذا كان دافعك؟
د. أميمة زيدان: التحقت بقسم اللغة الصينية في سنة 1979 وكان عدد دارسي اللغة الصينية قليلا للغاية. كان عدد طلاب دفعتي 11 طالبا فقط، وعدد طلاب الدفعة التي قبلنا سبعة فقط. اخترت اللغة الصينية لأن قسم اللغة الصينية كان جديدا في جامعة عين شمس، فقد أعيد افتتاحه مرة أخرى بعد إلغائه في سنة 1962، وكانت دفعتي هي ثالث دفعة بعد إعادة افتتاح القسم. كانت الصين بالنسبة لنا بلادا بعيدة، لا نعلم عنها شيئا، فتشوقت لمعرفة المزيد عنها ودراسة ثقافتها وتاريخها ولغتها، فقررت أن ألتحق بقسم اللغة الصينية، ربما لهذا تفوقت وكنت الأولى على دفعتي. حبي للغة الصينية جعلني أجتاز كل صعوباتها.

     ((الصين اليوم)): متى كان أول لقاء لك مع الصين وجها لوجه؟

د. أميمة زيدان: كان ذلك في سنة 1984، عندما ذهبت لجمع المادة العلمية لرسالة الماجستير. وقد أمضيت هناك عاما كاملا؛ في معهد اللغات ببكين (جامعة اللغات والثقافة حاليا). وقد ساعدني أساتذتي الصينيون كثيرا في إعداد المادة العلمية.

أكثر ما لفت نظري في الصين، آنذاك، حب الصينيين للعمل والتزامهم الصارم بالمواعيد. ومع هذا الاجتهاد في العمل والانضباط، توقعت بأن هذا الشعب سوف تصبح له مكانة عالية.

كانت حياة الصينيين بسيطة جدا، وتجلى ذلك في بيوتهم وأثاثها. كانوا لا يحبون الأطعمة الغربية تماما. وقد عقدت مقارنة، في ذهني، عندما ذهبت إلى الصين للمرة الثانية في سنة 2001 ومكثت ثلاثة أشهر فقط، فوجدت أن الصين تغيرت كثيرا.

((الصين اليوم)): هل التغير الكبير الذي طرأ على الصين انعكس على الشعب الصيني؟
د. أميمة زيدان: في سنة 1984، كان الصينيون يتعاملون مع الأجانب بحذر شديد. في 2001، لاحظت أنهم يتعاملون مع الأجانب بثقة واطمئنان. ولاحظت تغير ملابسهم ومنازلهم، ورأيت في المدن الصينية متاجر تبيع منتجات بماركات عالمية مشهورة. صارت المرأة الصينية أكثر انفتاحا على الخارج، وتغير مظهرها كثيرا. صارت الشخصية الصينية أكثر طموحا وجرأة وإقداما. ولكن على الجانب الآخر، فقد الصينيون كثيرا من تراثهم الصيني وتأثروا كثيرا بالعالم الخارجي. وقد دهشت للإقبال الشديد من الصينيين على مطاعم الوجبات السريعة الغربية،
وهذا لم يكن يحدث من قبل.

 

((الصين اليوم)): لديك سجل حافل من الترجمات بين اللغتين الصينية والعربية. نرجو إلقاء مزيد من الضوء على جهودك في هذا المجال.

د. أميمة زيدان: أنا أعشق اللغة الصينية وقد وجدت فيها نفسي، فعندما أريد أن أروح عن نفسي، أتوجه إلى الكتب الصينية وأقرأ فيها. الحقيقة أنني دخلت إلى عالم الترجمة منذ سنة 1984. منذ ذلك الوقت حتى الآن، أقوم سنويا بترجمة كتاب أو كتابين على هامش مهرجان المسرح التجريبي في مصر. في سنة 2004 ترجمت كتاب "من مؤلفي المسرح الصيني المعاصر.. دراسة نقدية"، وفي سنة 2005 ترجمت كتاب "نصوص تجريبية من المسرح الصيني"، وفي 2006 كتاب "المسرح الصيني الجديد"، وفي 2007 كتاب "من نصوص الدراما الصينية.. مختارات من أعمال تشاو يانو مينغ"، وفي 2008 ترجمت الجزء الأول من كتاب "نقد المسرح الصيني المعاصر" للمؤلف تيان بن شيانغ، وفي 2009 ترجمت الجزء الثاني من كتاب "نقد المسرح الصيني المعاصر" للمؤلف تيان بن شيانغ، وفي 2010 ترجمت الجزء الأول من كتاب "دراسات حول المسرح الصيني في التسعينات" للمؤلف لين هاي بوا، وفي 2011 ترجمت الجزء الثاني من كتاب "دراسات في المسرح الصيني خلال القرن العشرين" للمؤلف فو تشين. والآن، أقوم بترجمة كتابين آخرين.

خلال زياراتي إلى الصين، ذهبت إلى أماكن تجمعات المسلمين، ولاحظت أنهم في حاجة شديدة إلى الكتب الدينية المترجمة، ولهذا قمت بترجمة أعمال دينية كثيرة من اللغة العربية إلى اللغة الصينية، منها كتاب "خواطر قرآنية" للداعية عمرو خالد، كتاب "أصول المنهج الإسلامي" للدكتور عبد الرحمن بن عبد الكريم العبيد، كتاب "كيف تطيل عمرك الإنتاجي؟" للدكتور محمد بن إبراهيم النعيم، كتاب "كيف تنجو من كرب الصراط" للدكتور محمد بن إبراهيم النعيم، كتاب "كيف ترفع درجتك في الجنة" للدكتور محمد بن إبراهيم النعيم، كتاب "مقومات الداعية الناجح" للدكتور علي بن عمر، كتاب "كيف تستغل يوما من رمضان" للشيخ خالد بن عبد الرحمن الدرويش، كتاب "الآداب الرمضانية" للشيخ خالد بن عبد الرحمن الدرويش، كتاب "فن صناعة الفرص الذاتية" للشيخ خالد بن عبد الرحمن الدرويش، كتاب "على خطى الحبيب" للداعية عمرو خالد، كتاب "الدعاء المختار" للشيخ أحمد بن إبراهيم السيد الهاشم، كتاب "أحكام وحكم الحج" للدكتور علي بن عمر بادحدح، كتاب "رسائل إلى المرأة في الحج" للشيخ مازن بن عبد الكريم الفريح.

إضافة إلى كل ذلك، قمت بمراجعة ترجمة بعض الكتب مثل "المسرح التجريبي الصيني" للمؤلف تشانغ تشونغ نيان، وكتاب "قصص من تاريخ الصين القديم.. تعرف على تاريخ 5000 عام: نحو قراءة ميسرة للتاريخ الصيني" للمؤلف يين شه لين وتشانغ جيان قوه، كتاب "اليشم" للمؤلف شيانغ يونغ، كتاب "قطرات من ثقافة المروحة الصينية" للمؤلف تشو يو تشي.

وشاركت في إعداد كتاب "الصين بين الماضي والحاضر"، وكتاب "المبسط في قواعد اللغة الصينية"، وكتاب "أوراق حضارية معاصرة"، وقاموس "مصطلحات العصر:صيني- عربي، عربي- صيني".

     ((الصين اليوم)): يبدو أن هناك ترجمات كثيرة من الصينية إلى العربية ومن العربية إلى الصينية، فلماذا يشعر القارئ العربي بندرة الأعمال المترجمة من الصينية؟

د. أميمة زيدان: بالفعل هناك نقص في الترجمة من الصينية، والسبب هو ندرة المترجمين المحترفين، وقلة الذين يجيدون اللغة الصينية في الدول العربية. وهذا لا يرجع فقط إلى عدم إتقان اللغة الصينية وإنما إلى الافتقار إلى حرفية الترجمة. لا يكفي فقط أن يجيد المترجم اللغة الصينية، وإنما ينبغي له أن يكون على وعي ودراية كبيرة بالثقافة الصينية، لأن هناك الكثير من المصطلحات والعبارات يكون مدلولها مرتبطا بثقافة الشعب. وهناك بعض المصطلحات تندثر وتظهر مصطلحات جديدة اقتصادية واجتماعية. هذا يجعل الكثيرين غير متحمسين للترجمة. كما أن الناشرين يفتقرون إلى الجرأة لنشر وترجمة الأعمال الأدبية الصينية، لأنهم ينظرون إلىالربح المادي، ويخشون من أن لا يكون هناك إقبال كبير على تلك الكتب.
((الصين اليوم)): كيف يمكن التغلب على هذه المشكلة، وزيادة عدد الكتب المترجمة؟

د. أميمة زيدان: نحن في كلية الألسن نفكر في إنشاء بعض الدورات في الترجمة المتخصصة، لأن الطالب عندما يتخرج قد يجد نفسه غير قادر على القيام بكل أنواع الترجمات، فنوفر له ما يساعده في التخصص في مجال معين عن طريق هذه الدورات. وسوف نقيم برنامجا للترجمة المتخصصة في "وحدة رفاعة الطهطاوي" بكلية الألسن لتقديم دورات متخصصة في الترجمة.

((الصين اليوم)): يوجد العديد من معاهد كونفوشيوس في الدول العربية، فكيف تنظرين إلى تجربة معاهد كونفوشيوس؟
د. أميمة زيدان:
تجربة معاهد كونفوشيوس لتعليم اللغة الصينية تجربة جيدة جدا، فهي تساعد على نشر الثقافة واللغة الصينية في العديد من الدول. وهي تعد خطوة جيدة للتواصل بين الشعبين العربي والصيني، من خلال ما توفره من دورات تعليم للغة الصينية، ليس فقط لدارسي اللغة الصينية، بل لأي شخص يريد تعلم الصينية، وأيضا تقيم العديد من النشاطات الثقافية والترفيهية والرحلات إلى الصين.

((الصين اليوم)): من خلال تجربتك، ما هي العوائق التي تواجه دارسي اللغة الصينية من الطلاب العرب؟

د. أميمة زيدان: أكثر من مشكلة، منها أن اللغة الصينية ليس لها حروف هجائية، والطالب العربي يعتمد دائما على الحروف الهجائية في تعلم اللغات الأجنبية. الصعوبة التي تواجه الطالب الذي يدرس الصينية هي أنه لا مفر له من حفظ مقاطع الكتابة الصينية، بدون أن يوجد ما يساعده على هجاء المقطع الذي لا يعرفه. المشكلة الثانية هي النغمات في اللغة الصينية، والتي تحتاج إلى تدرب جيد حتى يتعود الطالب على معرفة النغمات وكيفية نطق الكلمات. هناك أيضا صعوبة كتابة المقاطع الصينية والتي تحتاج إلى الإعادة والتكرار المستمر. إضافة إلى ذلك، مناهج تدريس اللغة الصينية لا تشتمل على كثير من الجوانب الثقافية الصينية، وأعتقد أنه من المفيد أن يكون هناك مقرر دراسي خاص بالثقافة الصينية لكي يتعرف الطالب على ثقافة الشعب الصيني. ولكن بالرغم من هذا، الإقبال كبير على تعلم اللغة الصينية.

((الصين اليوم)): في سنة 2011، كرمتك الصين، ضمن نخبة من المثقفين المصريين. نرجو إلقاء الضوء على هذا التكريم.

د. أميمة زيدان: بدأ الأمر بأن طلب المركز الثقافي الصيني بالقاهرة مني إرسال قائمة بالأعمال التي قمت بترجمتها، وبعد ذلك تم تكريمنا يوم 26 يناير عام 2011، في قاعة نجيب محفوظ بمؤسسة الأهرام. هذا التكريم قدمته الحكومة الصينية لنا تقديرا لجهودنا في مجال ترجمة ونشر الأعمال الأدبية الصينية بالعربية. كان لهذا التكريم أثر كبير في نفسي، فهذا يدفعنا إلى زيادة النشاط في هذا المجال.

والحقيقة، أنه تم تكريمي أيضا في سنة 2010 من جانب الصين بمنحي جائزة "المساهمة البارزة والتميز في مجال تعليم اللغة الصينية"، من المكتب الوطني لتعليم اللغة الصينية في الصين.