أحمد أسامة هارون دارس ومدرس في جامعة بكين للغابات

أحمد هارون (اليمين) في حوار مع الزميل محمد إسماعيل

 

أحمد أسامة هارون

دارس ومدرس في جامعة بكين للغابات

الباحث أحمد أسامة هارون مهندس معماري، حاصل على درجة الماجستير في تصميم المناظر الطبيعية من قسم التصميم العمراني بجامعة القاهرة. وهو عضو هيئة التدريس في جامعة مصر الحديثة، ويدرس حاليا، بمنحة صينية، في كلية المناظر الطبيعية في جامعة بكين للغابات، التي قال إنها أعرق جامعة لعلوم الغابات في قارة آسيا، وتضم كلية المناظر الطبيعية فيها نخبة من رواد الحفاظ على البيئة في الصين.

قال أحمد هارون: "عندما وصلت إلى الصين لأول مرة في سنة 2010، بدأت أتعلم اللغة الصينية، وهي لغة جميلة نطقها سهل. وبالممارسة داخل المجتمع الصيني، أستطيع حاليا أن أتحدث بالصينية، خاصة مع الأستاذ المشرف على أطروحتي لنيل درجة الدكتوراه وهو البروفسيور وانغ شيان وانغ، نائب عميد كلية المناظر الطبيعية بالجامعة ونائب رئيس الجمعية الصينية لتصميم المناظر الطبيعية. البروفيسور وانغ أيضا أستاذ زائر في جامعات بأستراليا وهونغ كونغ، ويعد شخصية علمية كبيرة ويقدم لي كل العون في دراستي. درست في السنة الأولى مجموعة من المقررات الدراسية، وفي السنة الثانية بدأت في إعداد أطروحتي ، فقدمت مشروعا لها وتم الاتفاق على أن يكون عنوان الأطروحة هو "المقارنة في أساليب التنمية باستخدام المناظر الطبيعية في مصر والصين". وقد قمنا بعمل دراسة لعدد من البحيرات في مصر وفي الصين من أجل التوصل إلى طرق تنمية مستدامة للبحيرات في البلدين، والاستفادة من الخبرات الدولية في تطوير البحيرات اقتصاديا. والتنمية المستدامة مفهوم شامل يتضمن تنمية المجتمع، وتنمية البيئة، وتنمية الاقتصاد وتنمية الموارد الطبيعية."
الصين رائدة في التنمية المستدامة
قال الباحث أحمد هارون إن الصين تعتبر رائدة في التنمية المستدامة، حيث تسعى إلى تعظيم القيمة الاقتصادية للبحيرات والمناظر الطبيعية بتحويلها إلى منتجعات ومزارات سياحية تحقق دخلا اقتصاديا.
أضاف: "شاركت البروفيسور وانغ في أكثر من مسابقة عالمية لتطوير البحيرات، وفزنا في واحدة من تلك المسابقات لتطوير بحيرة في الصين. وقد جاءت مشاركتنا في هذه المسابقة في إطار اهتمام الصين بربط الحياة العملية بالحياة النظرية من خلال مشاركة الجامعات والكليات في المشروعات والبحث العلمي والأبحاث المتصلة بالمشروعات، مثل تطوير البحيرات."
تنمية بحيرة قارون بالفيوم
وقال هارون: "لدعم التعاون العلمي بين الصين ومصر، قررنا عمل أبحاث لتنمية البحيرات في مصر، ووقع الاختيار على بحيرة قارون بمحافظة الفيوم، وهي أكبر بحيرة مالحة في مصر." واضاف هارون أنه حاليا في زيارة لمصر في مهمة علمية لجمع معلومات حول البحيرة، والتواصل مع الهيئات المسؤولة عن البحيرة في مصر مثل محافظة الفيوم، ووزارة البيئة المصرية، ووزارة الزراعة، ووزراة الري والموارد المائية.

وقال: "وجدنا دعما قويا من جامعة مصر الحديثة. وقد أعددنا بحثين علميين؛ الأول تم عرضه أمام مؤتمر المنظمة الأوروبية لمصممي المناظر الطبيعية والذي عقد مؤخرا في أستونيا. تناول البحث مقدمة لتنمية بحيرة قارون المصرية بالفيوم، وقد أشاد به أعضاء المؤتمر المشاركين من جنسيات مختلفة. البحث الثاني تم عرضه أمام مؤتمر "جودة الحياة.. نحو مستقبل أفضل" الذي عقد في مصر يوم 12 مارس 2012. وهناك بحث ثالث تتم مراجعته حاليا في جامعة بكين للغابات سيتم نشره في دورية معهد ويسكس بإنجلترا قريبا، وهو أيضا حول تنمية بحيرة قارون من الناحية الاقتصادية."
سألته عن كيفية تنمية بحيرة قارون فقال: "بحيرة قارون تتوفر لها كافة الإمكانيات، فهي مصدر للثروة السميكة والمنتجات السياحية وغيرها. وفي الفترة الحالية التي تحتاج فيها مصر إلى تنمية مجتمعات جديدة، فإن البحيرات بها إمكانيات مؤهلة لخلق مجتمعات جديدة جاذبة للسياحة، وهناك تجربة مدينة الجونة بالبحر الأحمر التي أصبحت مصدر دخل لمصر."
وقال هارون إن مصر بها بحيرات كثيرة مثل بحيرة ناصر وبحيرة البردويل وبحيرة قارون، وكلها تقع بالقرب من مناطق بها بنية تحتية. بحيرة قارون مثلا، من أهم مناطق الطيور المهاجرة في العالم. في شمال هذه البحيرة المحمية "وادي القطران الطبيعية" وهي مدرجة في قائمة التراث الثقافي الإنساني لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، فهذه البحيرة لديها إمكانيات كبيرة تجعلها مؤهلة لتحقيق عائد اقتصادي واجتماعي بواسطة اتباع منهجية معينة وخطوات محددة، وذلك بالاستعانة بالموارد البشرية الموجودة بالبحيرة وإعدادهم وتأهيلهم لتطوير وتنمية الحرف اليدوية المرتبطة بالبيئة، وإعداد شباب منطقة البحيرة ليكونوا قادرين على العطاء من خلال إقامة المدرسة الثانوية السياحية الموجودة هناك، والتي تقوم إيطاليا حاليا بإعادة هيكلتها لاستقبال الطلاب من شباب منطقة البحيرة.

وقال أحمد هارون: "حسب الدراسات والأبحاث التي أجريناها في الصين وفي مصر، توصلنا إلى أن أقرب الأماكن المؤهلة للتنمية السريعة وخلق مجتمعات جديدة تحقق عوائد اقتصادية واجتماعية هي البحيرات المصرية، خاصة بحيرة قارون والبحيرات المرة بالإسماعيلية وبحيرة ناصر في جنوب أسوان لأنها قريبة من المجتمعات المخططة".
وقال هارون إنه شارك في مشروع تنمية بحيرة شيانمن في الصين، موضحا أن هذه البحيرة التي تبلغ مساحتها 14 كيلو مترا مربعا، يأتيها زوار من خارج الصين يبلغ عددهم 50 مليون سائح سنويا. وقال إن هناك تقاربا بين مصر والصين في التجارب الاجتماعية والإنسانية في ظل العلاقات والتعاون التاريخي بين البلدين.

طالب وأستاذ

قال الباحث أحمد هارون إنه يعمل مساعدا لأستاذه الصيني في جزء من الأبحاث، وفي نفس الوقت يقوم بتدريس التصميم المعماري وتاريخ العمارة المصرية والحضارة المصرية للطلاب الصينيين في مرحلة البكالوريوس بجامعة بكين للغابات، كما يشارك في تدريس جزء من مادة الدراسات البصرية لطلاب الماجستير الصينيين. وقال: "الصين تستقبل أساتذة من كل دول العالم لتدريس طلابها.
وعن القواسم المشتركة والتشابه بين العمارة المصرية والصينية، قال هارون: "هناك قواسم مشتركة، مثل الأشياء الإنسانية التي تؤدي إلى تصميم العمارة. والصينيون، كونهم أصحاب حضارة وثقافة قديمة كانت لديهم مجموعة من المفاهيم مثل "الخصوصية". ولديهم نفس تقاليدنا، ولهذا ذهبت إلى الصين. وقد سألني أحد الأساتذة الصينيين: لماذا جئت إلى الصين، فقلت بدون تردد لأنها دولة عريقة في الثقافة، وهي دولة قريبة جدا من تقاليدنا المصرية، وخاصة في العلاقات العائلية والإنسانية والاحترام الأسري وهذا ينعكس على العمارة الصينية. وكما كان يوجد في بيوت المصريين القديمة السلاملك والحرملك، كان في بيت الصينيين قديما أماكن خاصة للأب وللضيوف ولأفراد الأسرة، بخلاف الأماكن الخاصة بالزوج والزوجة. أيضا نجد المجتمعات الصينية تشبه المجتمعات المصرية. الحدائق المصرية نابعة من الزراعة،  والحدائق في الصين نابعة من حبهم للطبيعة. مفهوم تصميم البيت في الصين يقوم على أساس مجموعة العلاقات الأسرية داخل هذا البيت، مثل تصميم البيت في مصر.
400 جامعة في الصين
قال أحمد هارون إن الصين فيها نحو أربعمائة جامعة، أغلبها  جامعات متخصصة فهناك جامعة متخصصة على سبيل المثال في الاتصالات وجامعة متخصصة في الميكانيكا، ويمكن أن نستفيد من هذا التخصص في جامعات مصر. والجامعات في الصين ليست كلها تابعة لوزارة التعليم، فهناك جامعات تابعة لوزارة التجارة وأخرى تابعة لوزارة الزراعة

وقال: تعلمت من الصينيين حب وإتقان العمل والنظام. التخصص وراء نجاح الصين، ففي البداية تخصصوا، كتجربة، في إنتاج ألعاب الأطفال وحققوا نجاحا. لم يقولوا إنهم سيبدأون بإنتاج طائرة أو سيارة لكنهم بدأوا بالتخصص، ولتحقيق ذلك أقاموا كليات وجامعات لخدمة هذه التخصصات. في الصين، ليس لديهم حرج في الاستعانة بالأجانب لتعليم طلابهم. هناك أشياء كثيرة يمكن أن نتعلمها من الصينيين، وخاصة العمل الجماعي في مجال البحث العلمي تحديدا. والصين ترحب بالاستعانة بالباحثين وبالخبرات الأجنبية، خاصة من الدول العربية.