المحرضون على انتحار الرهبان في مناطق التبتيين

المحرضون على انتحار الرهبان في مناطق التبتيين

هوا تسي

في رده على أسئلة حول انتحار رهبان شبان في مناطق تبتية، قال رئيس مجلس الدولة الصيني ون جيا باو، الذي يعبر عن رأي الحكومة والشعب الصيني: "لا نؤيد إزعاج وتخريب التناغم الاجتماعي بهذه الأعمال المتطرفة. هؤلاء الرهبان شبان أبرياء، وقد شعرنا بحزن شديد لإقدامهم على هذا التصرف." الرهبان الذين انتحروا شبان في العشرينات من العمر، وأنهوا حياتهم بطريقة مفجعة، بينما كانوا على مشارف أجمل فترات حياتهم، مما صدمنا وأحزننا جميعا. لقد بذلت الحكومة المحلية وجيرانهم من المواطنين أقصى جهودهم لإطفاء الحريق وإنقاذ الرهبان، ولكنهم لم يستطيعوا إنقاذ حياة بعض الشبان.

لقد التقطت قوى الانفصال الخارجية وبعض وسائل الإعلام الأجنبية حوادث انتحار الرهبان بطريقة شديدة التطرف، حيث سارعت ببث صور مواقع الانتحار وصور الرهبان في حياتهم اليومية ومعلومات عنهم، كما نشرت بعض المنظمات قيمة تعويضات الرهبان بالتفصيل في قضية الانتحار. أما الدالاي لاما، الذي يتشدق دائما بأنه يدعو إلى "اللا عنف"، لم ينبس ببنت شفة للمطالبة بالامتناع عن قتل النفس مرة أخرى، وإنما شارك في إضراب عن الطعام، وأعلن دعمه لقضية الانتحار، في "مراسم بوذية خاصة" أقيمت في محافظة دارمسالا الهندية. بل وصل الأمر بالبعض إلى وصف الرهبان المنتحرين بالأبطال وطالبوا بإقامة نصب تذكاري لهم. وكتب البعض مقالات اعتبروا فيها أن قتل النفس يتفق مع البوذية. الحقيقة أن تصرفات هؤلاء الأشخاص ووسائل الإعلام سعت إلى جذب الأنظار لهذه القضية. ومؤخرا، أثنى رئيس ما يسمى بحكومة التبت في المنفى في بيان له، على الرهبان المنتحرين، وقال: "ما قام به هؤلاء الرهبان يعتبر احتجاجا شديدا على الوعد المزعوم ببناء جنة الاشتراكية والحفاظ على خصائص وتقاليد قومية التبت." وربط بين انتحار الرهبان والاضطهاد العرقي والاضطهاد الديني والانقراض الثقافي وغيره من القضايا السياسية، مما زاد من تأثير قضية الانتحار.

في المقابلة الصحفية المشار إليها أعلاه، قال ون جيا باو: "نطبق نظام الحكم الذاتي الإقليمي القومي في التبت. ورغم أن منطقة التبت شهدت تقدما اقتصاديا واجتماعيا كبيرا في السنوات الأخيرة، إلا أنها مازالت متأخرة نسبيا عن المناطق الصينية الداخلية. لذا نفذت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني إجراءات إيجابية، تشمل وضع وتطبيق خطة جديدة لإسراع تنمية التبت ورفع مستوى حياة الفلاحين والرعاة بشكل رئيسي. التبت تحتاج إلى تنمية اقتصادية، مع إيلاء الاهتمام لحماية بيئتها الإيكولوجية وتقاليدها الثقافية. نحترم حرية الاعتقاد الديني لمواطنينا من قومية التبت، فعقيدتهم الدينية تحميها القوانين الصينية. علينا أن نتعامل مع مواطنينا من قومية التبت على أساس المساواة والاحترام ونحسن أعمالنا بشكل مستمر." لا تختلف أحوال مناطق التبتيين خارج منطقة التبت الذاتية الحكم عن أحوال هذه المنطقة. ولم تشهد منطقة التبت ومناطق التبتيين خارجها اضطهادا دينيا. تخصص الدولة أموالا كثيرة لحماية وإصلاح المعابد ذات التاريخ العريق، وتقدم خدمات الضمان الاجتماعي والصحي للرهبان، كي يمارسوا عبادتهم في طمأنينة. في الحقيقة، مثل هذه الأشياء كثيرة. ولاية آبا الذاتية الحكم لقوميتي التبت وتشيانغ بمقاطعة سيتشوان التي وقعت فيها حوادث الانتحار، فيها 24 معبدا للبوذية التبتية و5226 راهبا مسجلا. معابدها نظيفة ومرتبة والتماثيل البوذية ولوحات تانغكا البوذية والصور الجدارية في هذه الولاية جميلة ومهيبة، ويعيش كل أصحاب العقائد الدينية فيها في سلام. إن القوى الانفصالية لا تضن بحياة الشبان من أجل اختلاق قضية "الاضطهاد الديني" ذا التأثير السلبي الشديد على الحكومة الصينية. وتهاجم السياسات الصينية الدينية والعرقية في منطقة التبت الذاتية الحكم والمناطق التبتية الأخرى، وتنكر حقيقة التقدم والتطور الاجتماعيين في التبت والمناطق التبتية الأخرى والتحسن المستمر لحياة مواطنيها، مما جذب اهتمام الرأي العام العالمي ودفع تدويل "قضية التبت" لتحقيق "استقلال التبت".

لقد عبر رجال الدين البوذي عن انزعاجهم الشديد لحوادث الانتحار. قال البوذا الحي جيا دنغ، نائب رئيس الجمعية البوذية لمقاطعة سيتشوان: "علينا أن نحذر من تحول البوذية التبتية إلى التطرف الديني. إن حوادث انتحار البوذيين المتسلسلة تؤدي إلى الشكوك والاشمئزاز في المجتمع. إذا استمر البعض في ممارسة السياسة الدينية وإهمال النظام الديني والتعاليم الدينية، فإنهم بذلك يدفعون تطور البوذية التبتية إلى قوة معارضة لتطور المجتمع، وسوف تتحول البوذية التبتية إلى التطرف الديني، وتتخلى عن مكانتها في المجتمع الحديث."

التطرف الديني، وفقا لبعض الخبراء، هو "التصرفات التي تحمل آراء متطرفة أو تحاول فرض الرأي بأساليب متطرفة، وترتبط تلك التصرفات بالدين." التطرف الديني ورم خبيث في المجتمع الدولي الحديث، إذا لم تتم السيطرة عليه وإزالته سيلحق ضررا كبيرا بأمن الوطن واستقرار المجتمع. بالنسبة للبوذية التبتية، إذا لم يتم منع الأعمال المتطرفة مثل حوادث الانتحار، أياً كان الهدف منها، فإن هذه الأعمال سوف تدفع البوذية التبتية إلى التطرف الديني. القوى الانفصالية لزمرة الدالاي لاما، تستغل أعمال التطرف، مما يشوه صورة البوذية التبتية في المجتمع ويضر بالعلاقة الطبيعية بين البوذية التبتية والأنظمة الاجتماعية القائمة، ويؤثر على أفكار البوذيين، وخاصة الشبان منهم، ويعرقل التطور الطبيعي للبوذية التبتية.

ما فتئت زمرة الدالاي ترفع شعار المحافظة على التقاليد والثقافة التبتية وحماية حرية الاعتقاد الديني للبوذية التبتية، لكنها تقف وراء حوادث العنف والإرهاب في منطقة التبت والمناطق الصينية الأخرى التي يعيش فيها أبناء قومية التبت. في اليوم الرابع عشر من مارس عام 2008، وقعت حوادث عنف إجرامية شديدة في منطقة التبت والمناطق الأخرى التي يعيش فيها أبناء قومية التبت، نجمت عنها خسائر كبيرة في أرواح وممتلكات أبناء الشعب. ومنذ عام 2009، طفق "مرشدون" من الرهبان، رافعين راية "اللا عنف"، يحرفون في تفسير الكتب البوذية المقدسة ويشجعون على التطرف الديني، وبدءوا بإنهاء حياة الرهبان الشباب. ولما قوبلت حوادث الانتحار بمعارضة من رجال الدين المحليين وأبناء الشعب، ولم يؤيدهم أحد، عز عليهم أن يعود الاستقرار الاجتماعي، وقد ضاعت عليهم فرصة توسيع نفوذهم، فهاجموا مخفر شرطة واعتدوا على شرطي، بينما كان الشعب الصيني يحتفل بعيد الربيع، من أجل جذب اهتمام وسائل الإعلام، وزيادة الضغط على الحكومة الصينية المركزية. أمام المؤامرات التي تحيكها القوى الانفصالية، نريد أن نسأل: هل يتخلى الدالاي لاما و"الإدارة المركزية لقومية التبت" عن التظاهر بالتصرف السلمي وما يسمى بـ "الطريق الوسط" و"اللا عنف"، ويتحول إلى طريق العنف الذي تجلى في "مؤتمر الشباب التبتي"؟. عموما، أياً كان ما يقولون وما يفعلون، مازلنا نثق بأن قومية التبت قومية ممتازة، متسامحة ومسالمة، وتسعى إلى التناغم الاجتماعي والتنمية الاجتماعية، مثلها مثل القوميات الصينية الأخرى وكل شعوب العالم، لذلك لن تنال أعمال العنف تأييدا شعبيا ولن تحقق مآربها البغيضة.