المسنون في التجمعات السكنية
تشن يي فنغ تعتني بالمسنين
فنغ يوان جي
يقضي المسنون النهار في دار الرعاية ويرجعون إلى بيوتهم في المساء

ليو شيا لينغ تشارك في النشاطات
نشاط القراءة في دار الرعاية النهارية

العاملون في دار الرعاية النهارية يعدون الطعام للمسنين
هو روي لي
تتصدر الصين دول العالم في عدد المسنين، وسرعة زيادتهم. منذ عام 1980، يزداد عدد المسنين في الصين سنويا بنسبة 3%. عدد المسنين في بر الصين الرئيسي حاليا أكثر من مائتي مليون نسمة، أي نحو سُبع إجمالي السكان، ويزداد عدد الذين تتجاوز أعمارهم ثمانين سنة بنسبة 4ر5% سنويا. برغم ذلك، عدد مرافق خدمات المسنين الحكومية في الصين حاليا حوالي أربعين ألفا، تضم مليونا وتسعين ألف سرير، تكفي لإيواء 5ر0% فقط من إجمالي كبار السن في هذا البلد.
في النهار فقط
السيدة ليو شيا لينغ، التي جاوزت السبعين بأربع سنوات، تعيش بمفردها في تجمع بايوانتشوانغ الغربي في بكين. يعتبر تجمع بايوانتشوانغ الغربي تجمع مسنين، فحسب الإحصاء السكاني العام السادس في سنة 2010، وصل عدد سكان تجمع بايوانتشوانغ الغربي 4754، منهم 1636 فردا أعمارهم فوق ستين سنة، بنسبة 34% من إجمالي السكان، بينما بلغ عدد السكان الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة نحو أربعمائة فقط. كل يوم، وبعد أن تؤدي الرياضة الصباحية لتنشيط جسدها وعقلها، تتناول السيدة ليو الفطور ثم تتجه إلى دار الرعاية النهارية للمسنين، حيث تشارك في نشاط الأشغال اليدوية النسيجية. يقام هذا النشاط مرة واحدة كل أسبوع، ومع ذلك حققت السيدة ليو تقدما كبيرا بفضل توجيهات المرشدين لمدة سنة، والآن يمكنها أن تصنع ألعاب الأطفال بأشكال متنوعة. قالت السيدة ليو: "في الشتاء الماضي، قدمت بعض دمى بابا نويل صنعتها بنفسي كهدية إلى أصدقاء، وبفضل المشاركة في أنشطة أشغال النسيج، أشعر بأنني شابة مفعمة بالحيوية والقدرة الإبداعية. هذه الأنشطة تنشط العقل." كانت السيدة ليو تعاني من خرف الشيخوخة قبل سنة، ولكنها الآن حالتها البدنية جيدة وتتحرك بمرونة.
مع الزيادة السريعة في عدد المسنين، إضافة إلى حقيقة أن الصين دخلت "مجتمع الشيخوخة" قبل أن تصبح دولة متقدمة، تظل "الرعاية المنزلية" النمط الرئيسي لرعاية المسنين. من أجل إثراء حياة المسنين، أقيمت في بكين 5305 دور رعاية نهارية للمسنين خلال سنة 2010، منها دار بايوانتشوانغ لرعاية المسنين. تتكون دار بايوانتشوانغ من قاعة للنشاطات الرياضية مساحتها 50 مترا مربعا، وعدة غرف صغيرة منفصلة ومطبخ لإعداد وجبة الغداء لنزلائها. يتجمع المسنون في الصباح للتدرب على أنشطة مختلفة، مثل أشغال النسيج والرسم والقراءة التعبيرية والتصوير الفوتوغرافي والعلاج النفسي الخ. بعد الظهر، يقومون بنشاطات ترفيهية مثل لعب الورق والشطرنج الصيني. قال لي فو رونغ، المتقاعد عن العمل قبل اثنتي عشرة سنة: "أعمل في مكتب التجمع منذ أن خرجت إلى التقاعد. نقوم بنشاطات متنوعة ونتبادل الحديث مع المسنين الآخرين كل يوم، وأشعر بأن حياتي غنية بالسعادة."
يعمل في دار بايوانتشوانغ للرعاية النهارية للمسنين مديرة الدار وعاملة واحدة، يقومان باستقبال المسنين وترتيب نشاطاتهم في الدار وتحضير وجبات الطعام التي تناسب أذواقهم، وأحيانا القيام بالتدليك وقياس ضغط الدم لهم.
مساعدة من المجتمع
السيد فنغ يوان جي، البالغ من العمر اثنتين وثمانين سنة، يقيم في تجمع بايوانتشوانغ الغربي، ويتناول يوميا وجبة الغداء التي تتكون من اللحوم والخضراوات، في دار الرعاية النهارية للمسنين، مقابل عشرة يوانات. السيد فنغ أجرى عمليتين لاستئصال أورام سرطانية، وزوجته مريضة منذ سنوات. قال: "الحالة الصحية لي ولزوجتي لا تسمح بالمشاركة في نشاطات اجتماعية كثيرة. نقيم في بيتنا ويعتمد كل منا على الآخر في الحياة. ابني في منتصف العمر، وهو مشغول بعمله وأسرته، ويزورنا في نهاية الأسبوع. أنا وزوجتي نفهم ظروفه ونقدرها. كنت أريد إحضار مدبرة منزل تعتني بنا، ولكنها طلبت غرفة نوم مستقلة مزودة بتلفزيون، ولم نستطع تلبية مطلبها. لنا جار يساعدنا. تقدم لنا الحكومة كوبونات وجبات طعام مجانية مما يخفف عنا جزءا من الأعباء المعيشية، ونشعر بالرضا عن حياتنا." منذ عام 2010، يحق للمسن الذي جاوز الثمانين من العمر الحصول شهريا على كوبون استهلاك قيمته مائة يوان، يمكن أن ينفقها في المطاعم وصالونات الحلاقة وشركات الخدمات المنزلية المجاورة. في سنة 2010، بلغت تكلفة هذه الكوبونات في بكين 3ر4 مليارات يوان.
السيد فنغ يوان جي يزور الحدائق العامة في بكين دائما، مستفيدا من البطاقة الحكومية التي يركب بها المواصلات العامة ويدخل الحدائق مجانا. في عام 2010، بدأت حكومة بكين توزيع "بطاقة المعاملة التفضيلية" لمن تجاوزت أعمارهم 65 عاما. بهذه البطاقة، يمكن للمسن ركوب 969 خط أوتوبيس وزيارة 1782 موقعا سياحيا على مستوى A في بكين مجانا. حسب الإحصاء، يتمتع 140 مليون مسن في بكين بهذه الخدمات التفضيلية.
قام مركز الخدمة لتجمع تشانلانلو بمسح للتعرف على الخدمات التي يحتاجها المسنون في بيوتهم، وينظم متطوعين من طلاب الجامعات كل أسبوع أو أسبوعين لزيارة المسنين في بيوتهم وتقديم الخدمات لهم، مثل قراءة الكتب والصحف لهم والتحدث معهم. حسب أحد العاملين بالمركز، تغطي هذه الخدمات من 70% إلى 80% من المسنين المقيمين في التجمع.
في تجمع شينهوا بشارع تشانلانلو فريق من تسعة متطوعين مسنين يقوم بزيارة ومساعدة 145 من المسنين الذين لا عائل لهم، ويشمل ذلك العديد من المهام مثل مرافقتهم إلى المستشفى وغسل الفراش وشراء الصحف والحليب والخضراوات لهم.
مستقبل دور رعاية المسنين
من المتوقع أنه في نهاية سنة 2012 سيكون في كل تجمع ببكين دار رعاية نهارية للمسنين. ولكن عدد المسنين الذين يفتقدون تماما القدرة على الاعتناء بأنفسهم يزداد بسرعة، فقد وصل إلى 36ر10 ملايين، إضافة إلى 9ر18 مليون مسن يفتقدون جزئيا قدرة الاعتناء بأنفسهم. الصين حاليا بها عدد كبير من المسنين يحتاجون إلى رعاية متخصصة وخدمات تمريض متواصلة.
دار ليوفانغنانلي لرعاية المسنين متخصصة في استقبال المسنين المتقدمين في العمر، الذين يأتي بهم ذووهم في الصباح ويعودون لأخذهم في المساء. الدار بها أطقم تمريض متخصصة تقدم للنزلاء خدمات التدليك والمساعدة في تعاطي الدواء ومراقبة حالتهم الصحية. التكلفة الشهرية للفرد في هذه الدار 820 يوانا، شاملة نفقة ثلاث وجبات يوميا. أفراد فريق التمريض بهذه الدار يحملون شهادات تخصصية. للأسف، الدار بها خمسة أَسِرة فقط. تعتزم حكومة بكين إعادة توظيف عشرة آلاف من الموظفين الذين سرحوا من أعمالهم في دور رعاية المسنين بالتجمعات السكنية لتقديم مساعدات لكبار السن.
في منطقة شياوتانغشان بشمالي بكين، أنشئت "مدينة الشمس"، التي تبلغ مساحتها الإجمالية 420 ألف متر مربع وتبلغ مساحتها الإنشائية 180 ألف متر مربع، وهي أول تجمع متخصص في الصين لرعاية المسنين. تضم "مدينة الشمس" مساكن بدرجات مختلفة وستة مراكز متخصصة، منها مركز للرعاية الطبية ومركز للتعليم الثقافي ومركز للترفيه ومركز للتسوق ومركز للخدمات المنزلية ومركز للتبادل الدولي.
قال وانغ فو شيان، مدير أكاديمية البحوث التعليمية للمعهد المهني للأعمال الاجتماعية في مدينة تشونغتشينغ: "دور رعاية المسنين في التجمعات السكنية ليست جمعيات خيرية. لتطوير دور رعاية المسنين لا بد أن تسير على طريق التصنيع، وتشكيل آلية خدمات ذاتية وإدارة ذاتية، وتشجيع مشاركة الأطراف المتعددة في بناء دور رعاية المسنين، حتى تصبح صناعة متميزة تحقق تنمية مستدامة وتخلق بيئة حياة سعيدة للمسنين."