الإنسان أولا

الإنسان أولا

 

عقدت في شهر مارس سنة 2012، الدورة الخامسة للمجلس الوطني الحادي عشر لنواب الشعب، والمجلس الوطني الحادي عشر للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، والتي يطلق عليهما اختصارا (الدورتان). على مدى عشرات السنين، ظلت "الدورتان" السنويتان منبرين هامين للصينيين، للتعبير عن آرائهم ومناقشة الشؤون السياسية. الحكومة الصينية من جانبها، تنظر إلى المقترحات التي يقدمها نواب المجلس الوطني وأعضاء المؤتمر الاستشاري السياسي باعتبارها سياسات محتملة. ولهذا فإن الدورتين لهما أهمية سياسية كبيرة، وتجتذبان اهتماما متزايدا من كافة أنحاء العالم، باعتبارهما فرصة لفهم أفضل للصين.

وقد أشار استطلاع للرأي، أجري عبر شبكة الإنترنت، قبيل انعقاد دورتي هذا العام أن أكثر القضايا التي تشغل الصينيين هي الضمان الاجتماعي، توزيع الدخل والإدارة المجتمعية. وقد ظلت هذه القضايا، خلال معظم السنوات العشر الماضية، تتصدر برامج الدورتين.

خلال  العام الماضي، تحققت إنجازات كثيرة، فقد ارتفع الحد الأدنى للأجور في 21 مقاطعة ومدينة مركزية، وارتفع حد الإعفاء لضريبة دخل الفرد، مما ساهم كثيرا في تضييق الفجوة بين المناطق الحضرية والمناطق الريفية ووسع الطبقة الوسطى. وفي ذات الوقت، شرعت الحكومة تتخذ إجراءات لتخفيض ضرائب ورسوم الشركات المتوسطة والصغيرة الحجم لضمان تطورها السليم والزيادة المطردة لرواتب العاملين. وساهمت الحكومة أيضا في إنشاء عشرة ملايين وحدة سكنية لأصحاب الدخول المنخفضة.

الأكثر من ذلك، تمتد مظلة الضمان الاجتماعي الشامل تدريجيا لتغطي الصينيين في كافة مجالات الحياة. في هذا العدد، نلقي الضوء على الضمان الاجتماعي وحياة سكان التجمعات السكنية الحضرية. إن التحسن في نوعية حياة الناس يعكس إنجازات الصين في مجال الإدارة المجتمعية.

تحقق الصين أعلى معدل تنمية في العالم حاليا، وقد حققت التصنيع في نحو أربعين سنة، بينما استلزم الأمر في بعض الدول الأوروبية ثلاثة قرون. المهمة الرئيسية للحكومة الصينية حاليا هي  القضايا المتعلقة بحياة الناس. وعلى خلفية الانكماش الاقتصادي في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وتراجع الطلب الخارجي على المنتجات الصينية، كان من الضروري أن تركز الدورتان على القضايا الاقتصادية،  وفي مقدمتها كيفية تحويل نمط التنمية الاقتصادية، التخلص من الاعتماد على الأسواق الخارجية، الاستثمار المحلي، وحفز الاستهلاك الداخلي.

 في رده على الأسئلة التي تشكك في الإصلاح السياسي بالصين ومسيرتها الديمقراطية، قال هو آن قانغ، مدير مركز دراسة الحالة الوطنية بجامعة تشينغهوا، وعضو لجنة الخبراء للخطة الخمسية الثانية عشرة: "التجارب التاريخية والأنظمة الوطنية المختلفة تنتج أشكالا مختلفة من الديمقراطية. ليس هناك  شكل عالمي للديمقراطية. العالم فيه أكثر من ألفي مجموعة عرقية وأكثر من مائتي دولة. لقد تشكلت أشكال مختلفة للديمقراطية. الثابت هو المعيار الذي نقيمها به، وهو تحديدا ما إذا كان شكل الديمقراطية يناسب الظروف المعينة والتاريخ والثقافة والنظام السياسي للدولة."

هناك علاقة وثيقة بين التطور في مستوى حياة الناس والديمقراطية، الأول يحدد الثاني. في السنوات الأولى لتطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح في الصين، كان توفير الاحتياجات الضرورية للناس وإعطائهم مزيد من الحرية لتنمية الاقتصاد أولوية قصوى. وفي المرحلة الحالية للتنمية، صار بناء الاقتصاد وتنسيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مقدمة الأعمال. تهتم الحكومة بتحسين أحوال الناس، من حيث توفير فرص العمل والسكن والتعليم والرعاية الصحية.

من معالم ديمقراطية الصين على المستوى القاعدي، الإدارة الذاتية داخل التجمعات السكنية، حيث تكون اللجان المنتخبة لتلك التجمعات مسؤولة عن إدارة شؤونها. وتشجع الصين أيضا السكان على إقامة منظمات ذاتية أخرى والمشاركة في إدارة الشؤون العامة داخل التجمعات السكانية من أجل إبداع بيئة حياة أفضل. بهذه الطريقة، سوف تؤدي ديمقراطية الصين إلى تحسين حياة الناس، وتمهد الطريق لتغيرات مستقبلية. وعندما يتكون هيكل اجتماعي يتسم بضيق الهوة بين الدخول، ستكون الديمقراطية الصينية مستعدة للتطور إلى مرحلة جديدة.