الأسلوب الشمالي في الووشو

الأسلوب الشمالي في الووشو

إعداد: د.يحيى فوزي

 

بعد إنشاء الاتحاد الدولي للووشو (الكونغ فو) في سنة 1990 بالعاصمة الصينية بكين، قامت اللجنة الفنية للاتحاد بالتعاون مع الاتحاد الصيني للووشو بوضع المجموعات الحركية الإجبارية للأسلوبين الشمالي والجنوبي ولأساليب الزانة والرمح والسيف الطويل والسيف العريض وتايجي. وقام الاتحاد الدولي بتعميم هذه المجموعات على جميع الدول الأعضاء وأرسل عددا من المدربين الصينيين إلى العديد من الدول والمناطق لشرح هذه المجموعات.

وفي سنة 1991، أقيمت بطولة العالم الأولى للووشو في بكين. وبعد مرور خمس سنوات، أضاف الاتحاد الدولي للووشو ثلاث مجموعات أخرى لأسلوب السيف الجنوبي وأسلوب الزانة الجنوبي وأسلوب سيف تايجي، وبذلك صارت بطولات الأساليب (تاولو) تتشكل من عشر مجموعات حركية.

وفي سنة 1997، قرر الاتحاد الدولي للووشو أن تقام بطولات العالم المقبلة في الأساليب بنظام المجموعات الاختيارية وليست الإجبارية، وهو النظام الذي يتبعه الاتحاد الصيني للووشو في البطولات داخل الصين، بشرط يؤدي اللاعب بعض الحركات الصعبة التي تقررها اللجنة الفنية لكل أسلوب (وهو نفس النظام المتبع في رياضة الجمباز). كما قرر الاتحاد الدولي للووشو، لأول مرة، إقامة بطولة عالمية للبراعم والناشئين وأن يتم التركيز فيها على أساسيات الووشو.

لذلك، قرر الاتحاد الدولي للووشو أن يصدر خمسة كتب حول أساسيات الأساليب العشرة السالفة الذكر، وقام بتقسيم الكتب إلى ثلاثة مستويات، حيث تضمن الكتابان الأول والثاني المستوى المبتدئ، والكتابان الثالث والرابع المستوى المتوسط، بينما خصص الكتاب الخامس للمستوى المتقدم.

وحرص الاتحاد الدولي للووشو على أن تحتوي الكتب الخمسة على كافة الحركات الأساسية للأساليب العشرة، وعلى التدرج في مستوى المهارات من السهل إلى الصعب، ومن البسيط إلى المعقد بحيث يضمن لجميع من يسعى  إلى ممارسة رياضة الووشو  أن يلم إلماماً دقيقا وشاملا بأساسيات الووشو، حتى تكون لديه قاعدة قوية وصلبة، تمكنه من أن يقوم بأداء جميع مهارات الووشو بسلاسة وإتقان وبراعة.

ونظرا لأن الكتب الخمسة مكتوبة باللغة الصينية وتعد كنزا ثمينا لمحبي الووشو، سنقوم بشرح هذه الأساليب.

                     خصائص الأسلوب الشمالي

الأسلوب الشمالي هو أحد أساليب الووشو. وهومأخوذ من أساليب أخرى متعددة، منها ملاكمات تشا، وهوا، وهوه، وباو، وهونغ، وملاكمة شاولين وغيرها. وتم تشكيله على أساس أخذ أغلب أساسيات هذه الأساليب السالفة الذكر.

وعلى مدار عشرات السنين، تم تنقيح هذه الأساسيات لوضعها كنوع أساسي في مباريات الووشو، كما تم تقسيم محتوى الأسلوب الشمالي إلى عدة أقسام، منها مجموعات حركية إجبارية، ومجموعات اختيارية للبطولات، ومجموعات كبيرة إجبارية  للبطولات، ومجموعة مدخل الشمالي، وملاكمة الناشئين (تشيننيان تشيوان)، وملاكمة البراعم (شاونيان تشيوان) وغيرها.

الأسلوب الشمالي هو نوع من شكل الامتداد والانبساط، تتميز حركاته بالخفة والرشاقة، والقوة المميزة بالسرعة، وإيقاع واضح. ويتميز الأسلوب الشمالي أيضا بالوثب والقفز، والانتقال ما بين الحركات القصيرة والطويلة، والتماوج ما بين الارتفاع والهبوط، والانقضاض والدحرجة والدوران، والحركات المركبة. كل ذلك بهدف الارتقاء بالقدرات البدنية والفنية للفرد، وتطوير وظيفة القدرات الجسمية بصورة أفضل.

وتتطلب المهارات الأساسية في الأسلوب الشمالي عدة أمور هامة، فينبغي أن تكون ضربات اليدين سريعة، وأن يكون البصر حادًا ثاقباً، وأن يكون الجسم رشيقا، والوقفات ثابتة ومتينة، وأن تكون روح اللاعب مفعمة بالحيوية والنشاط، ولديه عزيمة قوية، وأن يعمل جهازه التنفسي بصورة جيدة، وطاقة كبيرة، وأن تكون لديه قوة مناسبة وقدرة عضلية، وذهن صاف، وأن يكون هناك ترابط بين الهجوم بالأطراف الأربعة.

وفي ما يلي شرح تفصيلي للنقاط السابقة:

1- سرعة ضربات اليدين

يشير ذلك إلى ضربات اليدين في الأسلوب الشمالي بحيث تكون اللكمة مثل الشهاب، وليس فقط في القبضة وإنما أيضاً أثناء تلويح الذراع، يجب أن تؤدى اللكمات بسرعة كبيرة وبخفة وبقوة، فضلاً عن أن راحة اليد تعد منطقة تركيز للقوة (انفجار القوة)، مع ضرورة إحكام رسغ اليد أثناء أداء الحركة.

2- حدة النظر

نتحدث هنا عن حركات العينين أثناء أداء الأسلوب الشمالي، حيث ينبغي أن لا تتحرك العينان بشكل منفرد، وإنما مع حركات اليدين والرجلين، ومع الشكل الرئيسي للجسم.

3- رشاقة الجسم

تتطلب حركة الجسم في الأسلوب الشمالي أن يكون الجذع مرنا مثل مرونة الثعبان ورشاقته، حيث أن حركات الأسلوب الشمالي تتضمن العديد من مهارات الإغلاق والدوران والانبساط والتقصير والالتواء والميل والانبطاح وغيرها. كل هذه التغيرات التي تطرأ على شكل الجسم وحركته يكون منبعها والمسيطر عليها هو الخصر، لذلك يجب أن يتحرك الخصر مثلما يتحرك الثعبان، وأن يماثله في المرونة. عند أداء مهارات الأسلوب الشمالي يجب أن يتلوى الجسم برشاقة مثل رشاقة الثعبان ويتحول في الأداء بين الالتواء والتعرج. وهذا يتطلب زيادة في عنصر المرونة، وأيضاً تقوية الفقرات القطنية والعجزية كي يتم أداء المهارة مصحوبة بالمرونة والصلابة.

 

4- رسوخ وثبات الوقفة

يجب أن تتميز الوقفات والتحركات في الأسلوب الشمالي بما يطلق عليه (القدم الملتصقة بالأرض)، فضلا عن أنها يجب أن تكون رشيقة وخفيفة الحركة وثابتة.

إذا لم تكن الوقفة راسخة فإنها ستؤدي إلى تشويش اللكمة، وإذا لم تكن الخطوة سريعة ستؤدي إلى بطء ضربات اليدين. وتعد مهارات القدمين (الركلات) في الأسلوب الشمالي من الضروريات الهامة والمهارات الأساسية، ذلك يجب عند أداء أي مهارة (ركلة) أن تكون حركات القدمين خفيفة ورشيقة وتشبه في ثباتها ورسوخها (الوتد) الذي يثبت في الأرض، مع ملاحظة عدم رفع القدم وعدم زحزحة كعب القدم.

5- الهمة العالية

هذا يعني ضرورة توفر الهمة والنشاط أثناء أداء الأسلوب الشمالي، وأن يبذل اللاعب المزيد من الطاقة والنشاط أثناء أداء المهارات، وأن يكون مفعما بالنشاط والحيوية وأن يكون ذهنه صافيا.

6- التنفس العميق

حيث يجب أن يتنفس اللاعب تنفساً عميقا، بما يتناسب مع سعته الحيوية، وأن يكون منبع التنفس من منطقة (دانتيان)، وهي نقطة أسفل سُرة البطن بحوالي 3 سم، لأن التنفس عند أداء مهارات الأسلوب الشمالي له علاقة بالجَلَد والتحمل، كما أن له علاقة أيضا بحفز النشاط والطاقة.

إضافة إلى التنفس العميق في الأسلوب الشمالي، هناك ثلاث طرق أخرى هي الرفع، والحمل، والتجميع. وبالتالي هناك أربع طرق للتنفس يطلق عليها (تي، توه، جيوي، تشن).

في حالة الفرد العادي، عند التحول من حركة منخفضة الى حركة مرتفعة يجب أن يستخدم في هذه الحالة طريقة (تي)، وهي الشهيق العميق. وأثناء أداء شكل مرتفع ليشكل منه شكلا منخفضا لحركة ساكنة تُستخدم طريقة (توو) أي التحمل، وعند استخدام حركات سريعة وقصيرة المدى يجب استخدام طريقة (جيوي) أي التجميع، وعند التحول من حركة مرتفعة إلى حركة منخفضة تستخدم في هذه الحالة طريقة (تشن).

هذه الطرق المتعددة في التنفس يتم اختيار أي منها وفقا لنوع الحركة، وأيضا أثناء الانتقال من حركة إلى أخرى، وفقا للمتطلبات الأساسية لبداية ونهاية الحركة وما يتناسب معها من أساليب التنفس الأربعة.

7- القوة الملائمة

استخدام القوة في الأسلوب الشمالي يجب أن يكون بصورة مناسبة. فإذا كانت الطاقة (القوة) غير مناسبة، فان ذلك سيؤدي إلى أداء الحركات بتيبس وبمرونة غير كافية. ويجب عند أداء مهارات الأسلوب الشمالي تجنب القوة الصلبة الغاشمة، ويجب التأكيد على الأداء بقوة مناسبة.

8- مهارة القدرة العضلية

في الملاكمة الشمالية، يجب أن تؤدى الحركة بمهارة تامة. والمهارة، أي "قونغ" في اللغة الصينية تشير هنا إلى القوة والسرعة والتحمل والمرونة والدقة وغيرها من أنواع اللياقة البدنية، لذلك فان إتقان المهارة من المتطلبات الهامة والرئيسية لأداء المهارة في الأسلوب الشمالي. يجب أن تصل نوعية المهارة إلى قمة الكمال والإبداع. والشرط الهام أيضاً هنا هو توحيد المقاييس للشروط اللازمة لتعزيز وتقوية مستوى المهارة في التدريبات وفي المباريات.

9- الدمج بين طرق الهجوم الأربع

تشير هذه العبارة إلى أقسام المهارات الهجومية في الأسلوب الشمالي، حيث أن محتويات الأسلوب لا تخرج عن أربعة أنواع لمهارات الهجوم الأساسية، وهي الركل، واللكم، والطرح، والإمساك.

وعلى لاعب الأسلوب الشمالي أن يكون ماهراً وملماً بأساسيات هذه الطرق الأربع، مع ضرورة الحزم والاهتمام الشديد عند أداء كل حركة، فلا ينبغي مثلا الخلط بين مهارة الركل إلى الأمام بكعب القدم ومشط القدم متجها إلى الأعلى (دنغ) والركل للأمام بكعب القدم ومشط القدم متجها إلى الأمام (تشواى)، حيث يجب أن تكون الحركة واضحة وسليمة.