العمارة الصينية تخطف ألباب البشر شاب صيني يراقص ناطحات السحاب والمتاحف على طريق الحرير
العمارة الصينية تخطف ألباب البشر
شاب صيني يراقص ناطحات السحاب والمتاحف على طريق الحرير
العمارة الصينية لها مذاق فني خاص، تتميز بثرائها الفني والتاريخي، وخصوصيتها الشديدة في كل مكوناتها الفنية. هذا التميز جعلها قليلة الانتشار خارج المحيط الجغرافي، شديدة الارتباط بها، بينما أصبحت مؤشرا على وجود الحضارة الصينية في المناطق التي تتواجد بها، كما يبرز ذلك في المدن والأحياء الصينية المنتشرة في أنحاء العالم. مع التطور الحديث في البناء المعماري، أصبحت المدن الصينية أكثر جذبا لفنون العمارة من أنحاء العالم، فها نحن أمام "عش الطيور" الملعب الأوليمبي الشهير، الذي صممته شركة فرنسية، وأضيفت إليه لمسات صينية خاصة، ومئات من ناطحات السحاب التي انتشرت في شانغهاي وبكين وتيانجين، تبدو أوروبية الطراز، وتحمل لمسات صينية خاصة تبرز أن هناك بصمة صينية وراء قصة البناء الكبير.
احتفت الصحافة العربية هذه الأيام بالتطور الحديث في العمارة الصينية، التي تغزو العالم على يد أبناء الصين الذين يبدعون في فنون العمارة، المنتشرة في ربوع البلاد، وانتقلت آثارها إلى ما وراء البحار في كل من كندا والولايات المتحدة الأمريكية، وتدخل على مهل إلى الدول العربية التي كانت مشروعاتها حكرا على الشركات الغربية الكبرى. نشرت مجلة ((العربي))، التي تصدر في الكويت الشهر الماضي، ملحقا خاصة عن أبراج مارلين مونرو. ولتلك الأبراج عبر عنها مصممها، المعماري الصيني يان سونغ ما.
ذكرت ((العربي)) أن تاريخ العمارة وهندستها يرتكز تاريخيا على شغل الفراغ. فالمساحتان الأفقية والعمودية، هما الملعب الذي تتحرك فيه كرة الخيال العلمي الهندسي لتحرز هدفها بإنشاء معلم معماري اعتيادي أو فذ. وقالت مجلة ((العربي))، المتخصصة في عمل استطلاعات مصورة، إن الإنسان شغوف منذ الأزل بناطحة السحاب، فشيد الأهرامات، على اختلاف ارتفاعاتها وهيئاتها، وأعلى "الباغودات" في الشرق الأقصى للسكن وأماكن العبادة، وأقام الأبراج مائلها وشاهقها، بأكثر من خامة وشكل، حتى أصبحت الأبراج علامة من علامات المدن والدول. وذكرت المجلة أن البشر بعد أن استبد بهم جنون العظمة على الأرض تفننوا في بناء ناطحات السحاب، حتى بات بناء البرج أمرا عاديا. فما عاد السؤال عن طوله بقدر ما أصبح التساؤل عن شكله وتقنيته.
مبنى مارلين مونرو
ذكرت ((العربي)) أنها بعد أن تحدثت في عدد سابق عن برج سكني دوار تستضيفه مدينة دبي بدولة الإمارات العربية، فهي تتابع نشر صيغة معمارية جديدة، تأتي من الشرق الأقصى، اعتبرتها المجلة نجحت في التفوق على منافستها في سوق التصميمات الهندسية. صاحب هذه التجربة هو المعماري الصيني يان سونغ ما، وقد نفدت نسختها الأولى فبيعت في لمح البصر، مما دعا أصحاب المشروع إلى بناء توأم مجاور لها وليمثل الاثنان معا ما عرف على المستوى الشعبي للناظر إليهما ببرجي مارلين مونرو، نظرا للهيئة الجسدية الرشيقة لقوام المبنى الملفوف الذي يحاكي للوهلة الأولى جسد وثياب الممثلة الأمريكية الشقراء الراحلة مارلين مونرو.
شرحت المجلة مفاتن المبنى الذي صممه المعماري الصيني مبينة أن سعر الشقة التي تشرف على محيط البرجين في مدينة تورنتو الكندية بيعت بنحو 2ر4 ملايين دولار أمريكي، وهو سعر زهيد إذا عرفنا أنها تطل بنحو 180 درجة على بحيرة بديعة، وأن خيولا عربية منحوتة للفنان التشيلي فوانشيسكو جازيتوا تستقبل القاطنين عند بوابة برج مارلين مونرو، أو مشروع ميسيساجوا، وهو الاسم الرسمي للبناء. وحطت ((العربي)) قصة المشروع، بأنه ظهر للوجود بعد الإعلان عن مسابقة للتصميم الحضري في 28 نوفمبر 2006، وإعلان فوز المشروع في 28 مارس 2007، ولأربع سنوات بعدها، أخذ البناء يتصاعد ليصل إلى 56 طابقا، بيعت بين عشية وضحاها. ودفع النجاح إلى تدشين البرج الثاني بارتفاع 50 طابقا، بشرفات زجاجية وأربعة مواقف للسيارات، كما يمكن للمشتري أن يضع اللمسات الأخيرة، كبصمة شخصية لمساحة نحو ألف متر مربع، في تصميم يجمع غرف نوم رئيسية فسيحة، وغرفتي نوم للضيوف والأطفال ومكتبة وصالة طعام، ومرافق والأهم غرفة "جاليري" تمثل مسرحا منزليا.
تتبعت المجلة أعمال المصمم يان سونغ ما في بكين، مؤسس شركة " MAD" وهي حروف تعني بالإنجليزية "مجنون"، ولكنها تشير في الواقع إلى إبداع لشاب معماري، وهو ما لا يقف عند حدود أبراج مارلين مونرو، بل يصل إلى متحف أوردوس، الذي يظهر للرائي مثل موجة رملية في صحراء "غوبي" الصينية الشهيرة التي قطعتها قوافل طريق الحرير قديما. قالت المجلة في تقريرها المصور: "ها هي الموجات الرملية تصل إلى أوروبا لا تحمل الشاي والتوابل والحرير ولكنها تحمل فكرة التواصل الإنساني بين الثقافات وهو ما جعل المتحف أيقونة مميزة، ليس فقط بتصميمه، ولكن بقيمته العملية، حيث تحمي الألواح المحيطة به مقتنيات المتحف من قسوة البيئة المحيطة شتاء، وتتناغم في الوقت نفسه مع البنايات المحيطة ليصبح مثل كهف أو ملجأ أمين لثقافة خالدة، دون أن يُحرم العاملون فيه من بيئة داخلية حديثة وفضاءات مريحة مضيئة كافية."
البساطة والإعجاز
دعت المجلة القراء إلى تأمل تلك الصور المنشورة في الاستطلاع باعتبارها درسا في بلاغة البساطة، وهي البلاغة التي نفتقدها الآن ونتمناها في العمارة غدا. وأشارت المجلة إلى أن متحف مدينة أوردوس المنغولية كما صممة يان سونغ ما، يوفر فضاءات مريحة مضيئة كافية ويقدم درسا في بلاغة البساطة.
ونشرت المجلة عدة صور لأسر صينية تفترش الأرض مسترخية أمام المتحف، تستطلع فكرة البناء الشاهق الارتفاع البسيط الفكرة، الرائع التصميم، الذي يثير في النفس السكينة والهدوء، ويضيف للبناء شموخا وقوة يواجه بها قوة التيارات الهوائية وصلابة الزمن الذي مر قبل ذلك على المكان، وسيمر على المبنى الذي صمم إبداعا من أجل الخلود.