محركات جديدة للاقتصاد
محركات جديدة للاقتصاد
أبطأت الصين نموها الاقتصادي في سنة 2011 من أجل التركيز على تعديل هيكلة الاقتصاد، ومع ذلك تجاوز معدل نمو اقتصادها معدل نمو الاقتصادات الأخرى في العالم. في سنة 2011، بلغ إجمالي الناتج المحلي للصين 1546ر46 تريليون يوان (الدولار الأمريكي يساوي 3ر6 يوانات)، بنسبة نمو سنوي بلغت 2ر9%. في الربع الأول لسنة 2011، بلغ معدل النمو للناتج المحلي الإجمالي 7ر9%، مقارنة مع الفترة نفسها من العام السابق، ثم انخفض الرقم إلى 5ر9% في الربع الثاني وإلى 1ر9% في الربع الثالث وإلى 9ر8% في الربع الأخير. هذا التراجع التدريجي في نسبة النمو كان السمة الرئيسية لاقتصاد الصين في عام 2011.
حافظت التجارة الخارجية للصين في سنة 2011 على زخم نمو سريع نسبيا، ولكنها شهدت تراجعا في الفائض. بلغ حجم تجارة الصين 6421ر4 تريليونات يوان، بزيادة سنوية قدرها 5ر22%، ولكن الفائض التجاري للصين بلغ 1ر155 مليار دولار أمريكي، أي أقل بستة وعشرين مليارا وأربعمائة مليون دولار أمريكي عن سنة 2010، وساهم بنسبة حوالي 2% في إجمالي الناتج المحلي للصين، مقارنة مع 1ر3% في سنة 2010. هذا التراجع سببه الرئيسي تباطؤ الاقتصاد العالمي الذي أدى إلى انخفاض الطلب على المنتجات الصينية.
وقد توقع البنك الدولي في تقريره حول الآفاق الاقتصادية العالمية، الصادر في الثامن عشر من يناير 2012، أن ينمو الاقتصاد العالمي في 2012 بنسبة 5ر2%، وهي نسبة أقل بأكثر من نقطة مئوية عن نسبة النمو التي توقعها البنك من قبله، وهي 6ر3%. وتوقع التقرير أيضا انخفاض نسبة نمو الاقتصاد الصيني إلى 4ر8%.
التباطؤ في الاقتصاد العالمي سوف يؤثر حتما على اقتصاد الصين الذي تحركه الصادرات. ولكن على الرغم من الصورة القاتمة للوضع الاقتصادي العالمي، تظل الحكومة الصينية من أقل الحكومات مديونية في العالم، ولديها قدرة قوية على تحفيز اقتصادها. وحسب جوستن إيفو لين، كبير الاقتصاديين في البنك الدولي، يمثل العجز الحكومي للصين 25% فقط من إجمالي ناتجها المحلي. وحتى إذا أدرجنا في الحساب الديون التي حصلت عليها الحكومات المحلية، فإن الدين العام الإجمالي للصين يمثل 45% من إجمالي ناتجها المحلي، مقارنة مع اليابان التي يبلغ إجمالي الدين العام لها ضعفي إجمالي ناتجها المحلي، وألمانيا التي يعادل الدين العام لها 83% من إجمالي ناتجها المحلي. ومن ثم، فإنه على الرغم من التباطؤ العالمي، الصين لديها مجال رحب نسبيا للسعي إلى تحفيز اقتصادها، حسبما يرى السيد لين.
من أجل ضمان فعالية هذا السعي، ينبغي على الحكومة الصينية أن تحدد لها وجهة صائبة. ثمة مجال لترقية الصناعات، وأيضا لتحسين البنية التحتية وقطاعات الرعاية الاجتماعية. وصناعة الثقافة الناشئة محرك نمو آخر يتمتع بإمكانات واعدة. وقد اقترح الحزب الشيوعي الصيني، في الدورة السادسة الكاملة للجنة المركزية السابعة عشرة التي عقدت في أكتوبر 2011، تعزيز نمو صناعة الثقافة في الصين وجعلها صناعة رئيسية للاقتصاد الوطني. في السابق، كانت الصين تركز على قطاع العقارات وصناعة السيارات لدفع نمو الاقتصاد. ولكن نمو صناعة السيارات بنسبة 6ر14% في سنة 2011 كان أقل بنسبة 2ر20% عن السنة السابقة. وقد زادت استثمارات الصين في قطاع العقارات بنسبة 20% على أساس سنوي، وزاد الحجم الإجمالي لمبيعات المساكن التجارية بنسبة 9ر4% عن سنة 2010. ومن هنا، فإن الحكومة الصينية تعكف على فصل نموها الاقتصادي عن قطاع العقارات. وقد كان لإجراءات منع الاقتصاد الصيني من الهبوط القاسي بعض التأثير.
ومن المتوقع ان تلعب صناعة الثقافة الناشئة في الصين دورا أكبر في دفع الاقتصاد. حاليا، تساهم هذه الصناعة بنسبة 3% من إجمالي الناتج المحلي. ويتوقع تشي فو لين، مدير المعهد الصيني للإصلاح والتنمية، أنه إذا ساهمت صناعة الثقافة في إجمالي الناتج المحلي بنسبة أكثر من 5% خلال السنوات الخمس القادمة، فإنها قد تضيف حجما استهلاكيا قدره أكثر من أربعة تريليونات يوان لاقتصاد الصين. برغم أن هناك فجوة، من حيث التجربة والخبرة، بين صناعة الثقافة في الصين وصناعة الثقافة في الدول المتطورة مثل الولايات المتحدة الأمريكية واليابان، إلا أن آفاقا واعدة تنتظر ذلك القطاع الصاعد.