حياة جديدة للعمال الفلاحين

                                     

                                   ليو تشيونغ

في دار العرض السينمائي بمقر شركة جينبان المحدودة للإلكترونيات الميكانيكية في مقاطعة تشجيانغ، لم يستطع السيد تشانغ هاو جيون أن يمنع دموعه بعد أن شاهد فيلم ((زلزال تانغشان))، مع مجموعة من رفاقه في العمل.

حياة سعيدة في أوقات الفراغ

شركة جينبان المحدودة للإلكترونيات الميكانيكية في مقاطعة تشجيانغ شركة متخصصة في إنتاج الإلكترونيات الميكانيكية التي تصدر للخارج. يعمل فيها أكثر من ألف فرد، جاء معظمهم من مقاطعات الصين المختلفة. السيد تشانغ هاو جيون، ابن مقاطعة آنهوي البالغ من العمر اثنتين وثلاثين سنة، والذي عمل في مقاطعات فوجيان وجيانغسو وتشجيانغ لمدة اثنتي عشرة سنة، لم يكن يفعل شيئا في وقت فراغه سوى النوم وتجاذب أطراف الحديث مع زملائه في العمل. بعد أن انتظم السيد تشانغ في عمله بشركة جينبان قبل سنتين، صار يشاهد الأفلام ويستعير الكتب ويشارك في النشاطات الترفيهية ويمارس الرياضة البدنية في ملعب كرة السلة وصالة كرة الطاولة بهذه الشركة.

قال تشانغ هاو جيون إنه لم يكن من قبل يشاهد أو يسمع أخبار الوطن والعالم، ولكن وقت فراغه من العمل حاليا مفعم بالنشاطات: مشاهدة البرامج التلفزيونية، قراءة الكتب، لعب كرة السلة أو كرة الريش أو الشطرنج ومشاهدة الأفلام.

لماذا أقامت شركة جينبان للإلكترونيات الميكانيكية قاعة عرض سينمائي بها؟ قال وو مينغ فانغ، رئيس مجلس إدارة الشركة إن العمال القادمين من الريف ليست لديهم خلفية ثقافية جيدة، ويكسبون رزقهم بأعمالهم الجسمانية، ويختلف نمط حياتهم عن نمط حياة أهل المدن، لذا يشعرون بالغربة في المدينة. وقد لا يرى البعض علاقة بين تطور الشركة وحياة العاملين بها، ولكن الحقيقة هي أن جودة حياة العاملين تدفع تطور الشركة. إذا وفرت الشركة مجالات للعاملين بها لقضاء أوقات فراغهم، فإنها تثري حياتهم وتجعلها أكثر سعادة، مما يحفزهم على العمل والاجتهاد في شركتهم.

تعاني بعض المدن في السنوات الأخيرة من نقص العمال الريفيين الذي ظلوا لفترة طويلة قوة عمل رخيصة ومتوفرة. في السابق، كانت المؤسسات والشركات هي التي تختار من يعمل بها من هؤلاء العمال، ولكن حاليا العمال هم الذين يختارون الشركات للعمل بها، والسبب هو أن العمالة الريفية الفائضة بدأت تتجه إلى الصناعات غير الزراعية. وإذا لم تنتبه الشركات وترفع رواتب العاملين وتوفر لهم بيئة حياة مناسبة ستشتد حالة نقص القوة العاملة في المدن أكثر.

لقد واجهت اليابان من قبل عدم التوازن في القوة العاملة، عندما كانت العمالة الزراعية تحتل 50% من إجمالي قوة العمل، وقد أدى نقص العمالة في الصناعات المختلفة إلى التخلي عن تنمية صناعات المعالجة والتصنيع التي كانت تعتمد على العمالة الرخيصة في اليابان.

لذا، نقترح على المؤسسات والشركات أن توفر ملاعب ومكتبات ومواقع ترفيهية مجانية أو محدودة التكلفة للعاملين بها، وتنظيمهم لمشاهدة الأفلام وحضور الحفلات وغيرها من النشاطات الترفيهية لتوفير فرص مناسبة لهم لقضاء وقت الفراغ.

مساعدة نفسية

لقد لاحظت شركات عديدة، مثل شركة جينبان، أنها تجني فقط أرباحا كثيرة من خلال اجتهاد العاملين بها، وأدركت أهمية الاهتمام بحياة العاملين، خاصة العمال القادمين من الريف.

الآنسة سوه ما تعمل منذ ثلاث سنوات في مجموعة كانغناي بمدينة ونتشو بمقاطعة تشجيانغ، وهي شركة خاصة لإنتاج الأحذية الجلدية، تسعون في المائة من العاملين بها ليسوا من أبناء ونتشو، ومتوسط العمر لهم 24 سنة. هذا يعني أن الشبان الذين ولدوا بعد ثمانينات أو تسعينات القرن الماضي هم قوة العمل الرئيسية في هذه الشركة.

في مايو سنة 2007، أسست مجموعة كانغناي "مركزا لتبادل الآراء بين سكان ونتشو الجدد (المنتقلين إلى ونتشو)" من أجل تقديم الخدمات للعمال الريفيين لحل مشاكلهم النفسية. يمكن للعاملين أن يتصلوا بالخط الساخن للمركز أو أن يتوجهوا إليه مباشرة لطرح مشكلاتهم على المتخصصين النفسانيين به حول عملهم وحياتهم.

الآنسة سوه ما ابنة الثلاثة وعشرين ربيعا، التي تنتمي لقومية التبت في مقاطعة تشينغهاي، تعرضت لقصة حب فاشلة فصارت تشرد بذهنها أثناء عملها وتراجع أداؤها في العمل وقلت جودة المنتجات التي تصنعها. لاحظت ذلك جين رونغ تشيو، مسؤولة الورشة بالشركة والتي تعمل في "مركز تبادل الآراء بين سكان ونتشو الجدد"، فشجعتها على المشاركة في عرض بالمهرجان الفني للعاملين بمجموعة كانغناي. لن تتوقع سوه ما أن تنجح في هذا المهرجان إلى هذا الحد وتنال تصفيقا حارا وإعجابا، أهلها لتنضم إلى الفرقة الفنية لمجموعة كانغناي، فنالت إعجابا واسعا في حفل عيد الربيع الذي قدمته فرقتها الفنية. هكذا خرجت من ظلال قصة الحب الفاشلة وصارت أكثر ثقة بنفسها.

قالت جين رونغ تشيو إن أفراد الجيل الجديد من العمال الريفيين أكثر ثقافة من أفراد الجيل السابق، كما أن قدراتهم في الدراسة والتعلم واستخدام المنشآت الحديثة أعلى، ولكن قدراتهم النفسية والروحية في مواجهة الصعوبات ضعيفة، و"مركز تبادل الآراء بين سكان ونتشو الجدد" أسس من أجل مساعدة هؤلاء العمال.

المسؤولية الاجتماعية

الاهتمام بحياة العمال في وقت الفراغ وتحسين بيئة العمل والاهتمام بالصحة النفسية للعمال مسؤولية اجتماعية أساسية للشركات.

بدأت ثقافة المسؤولية الاجتماعية للشركات في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية في ثمانينات القرن الماضي، عندما بدأت رياح العولمة تهب، وتعرضت بعض الشركات، التي أهملت مسؤولياتها الاجتماعية، لأزمات شديدة، ومن بينها شركة ليفايس (LEVIS)، التي واجهت انتقادات لتشغيلها أطفال في مصانعها بجنوب شرقي آسيا. كما اتهمت بعض الشركات العابرة القارات بأنها تمتص دم وعرق العمال.

في تسعينات القرن الماضي، كانت بعض شركات الغزل والنسيج بالمناطق الساحلية بجنوب شرقي الصين تهتم بمصالحها وتتجاهل حقوق العاملين بها ومستهلكي منتجاتها. فوضعت الجمعية الصناعية الصينية للغزل والنسيج نظام إدارة المسؤولية الاجتماعية لمؤسسات الغزل والنسيج وتقرير الاستدامة في الصين – المبادئ التوجيهية لمصانع الغزل والنسيج، فأوضحت لشركات الغزل والنسيج معالم طريق التنمية الاجتماعية بالأسلوب الاقتصادي. وبإرشاد هذا التقرير، بدأت الشركات الاهتمام بحياة وبيئة معيشية لعمال وغيرهما من المسؤوليات الاجتماعية، وبزغت ثقافة تحمل المسؤولية الاجتماعية في الصين، وشرعت القطاعات الصناعية الأخرى تضع مناهجها الاجتماعية بالاستفادة من هذا التقرير.

لقد صار العمال من مواليد ثمانينات وتسعينات القرن الماضي قوة العمل الرئيسية في الصين، وهذا الجيل الجديد من العمال الريفيين يهتم بأجواء العمل السعيدة وتحقيق قيمته الذاتية في العمل، مقارنة مع الجيل السابق من مواليد ستينات وسبعينات القرن الماضي، وذلك يتطلب من المؤسسات الاهتمام بوضع آليات تشجيع للعاملين ومنحهم فرص التطور. مع التنمية السريعة للمؤسسات الصينية، عليها أن تولي اهتماما أكبر للعوامل الاجتماعية وأن تهيئ بيئة طيبة للعاملين في عملهم وحياتهم.

 

 

 

عمال ريفيون يزورون إكسبو شانغهاي بتنظيم شركتهم