العلاقات
الصينية العمانية 00من تاريخ زاهر إلى مستقبل باهر

بمناسبة
الذكرى الرابعة والعشرين لإقامة العلاقات الدبلوماسية
بين جمهورية الصين الشعبية وسلطنة عمان التقى الوفد
الإعلامي الصيني مع سفير الصين لدى سلطنة عمان تشاو
شيويه تشانغ ليتحدث حول العلاقات بين الصين والسلطنة،
فأخذنا في رحلة ممتعة طافت أركان هذه الصلات الميزة
بين البلدين.
يقول
السفير تشاو00لقد مضت أكثر من سنة على وصولي إلى سلطنة
عمان الجميلة كسفير للصين لدى السلطنة وخلال هذه الفترة
شعرت بحسن ضيافة الشعب العماني وكرمه وشهامته ولمست
المشاعر الخاصة التي يكنها العمانيون تجاه الشعب الصيني،
ذلك الشعب الذي يشعر بالاعتزاز والفخر عندما يكون الحديث
عن سلطنة عمان انطلاقا من الاتصالات الودية بين البلدين
عبر التاريخ برغم بعد المسافات، فقد كان طريق الحرير
البري وطريق البخور البحري خلال القرن السادس الميلادي
وشاجا ربط الشعبين، يشهد على ذلك العديد من الوثائق
والسجلات الكثيرة المتاحة. وأقول إنني عندما كنت أستعد
لهذا اللقاء وجدت أن أبعاد وأعمال التبادلات التاريخية
بين البلدين تفوق ما كنت أعرفه وقد خرجت من ذلك بعدد
من الحقائق التي يمكن تلخيصها في النقاط التالية :بافي
التعليم
أولا،
أن التبادلات الصينية العمانية بدات في تاريخ مبكر، ففي
القرن الأول الميلادي بعث الرحالة الصيني الشهير بان تشاو
رسولا اسمه قان ينغ إلى منطقة غرب آسيا بما فيها الجزيرة
العربية في إطار رحلة كان مخطط لها أن تتواصل إلى الإمبراطورية
الرومانية غير أن الفرس هولوا له المخاطر التي قد يتعرض
لها في الطريق فعزف عن خطته وتوقف بالجزيرة العربية
الأمر الذي أتاح لقان ينغ فرصة لاستكشاف المنطقة وهكذا
ظهر لأول مرة في السجلات الصينية كلمة "عامان"
التي هي "عمان" اليوم.بافي
التعليمبافي التعليم
في عام 304 ورد في السجلات الصينية
وصف دقيق لصناعة السفن في منطقة الخليج 00 يستخدم الصناع
عسل النخيل صمغا بدلا من المسامير الحديدية ويشدون
ألواح السفن الخشبية بأمراس من سعف النخيل مما يزيد السفن
متانة ورسوخا. هذا الكلام يقدم برهانا على أن التعارف
والتبادل بين الصين وعمان قد وصل إلى درجة نشيطة في ذلك
الوقت.بافي
التعليمبافي التعليم
ويسجل
المؤرخ العربي المشهور أبو الحسن المسعودي في مؤلفه <<مروج
الذهب>> أنه في القرن السادس الميلادي كانت السفن
التجارية الصينية ترسو بشكل دائم في موانئ منطقة الخليج
بما فيها موانئ من عمان والبحرين والبصرة.بافي
التعليمبافي التعليم
ثانيا، كثافة التبادلات بين الصين
وعمان قديما، في الفترة ما بين القرنين السابع والتاسع
الميلاديين ، وهي الفترة التي أسس فيها سول الله محمد
(ص) وخلفاؤه الإمبراطورية العربية القوية برزت أسرة تانغ
الملكية في أقصى شرق الأرض فتهيأت السبل لمزيد من التبادلات.
على سبيل المثال في عام 879 اندلعت في جنوب الصين انتفاضة
فلاحية واستولت قوات الانتفاضة على مدينة كانتون (قوانغتشو
حاليا) وألحقت خسائر فادحة بتجارة واقتصاد كانتون
وقد امتد أثرها السلبي إلى عمان التي تبعد عن الصين بآلاف
الكيلومترات حتى أفلس عدد كبير من التجار العمانيين الذين
كانوا يتاجرون مع الصين، وهذا دليل على كثافة التبادل
التجاري بين البلدين آنذاك وعلى أن ظاهرة العولمة الاقتصادية
التي بدأ الحديث عنها في السنوات الأخيرة عاشتها الصين
والعمان قبل 1000 سنة.بافيبافي
التعليمبافي التعليم التعليم
ثالثا، أن التبادلات والنشاطات بين
الشعبين والتواصل بين هاتين الحضارتين القديمتين قد تعمق
عبر التبادل التجاري بين البلدين. فابتداء من أسرة
تانغ في أسرة سونغ بشكل خاص أقبل أفراد الطبقة العليا
من المجتمع على استهلاك البخور فكانت الصين تستورد كمية
كبيرة من البخور وحسب إحصاء التجارة الخارجية الصينية
في عام 1077 بلغت كمية البخور التي وصلت إلى ميناء كانتون
174 طنا جاء معظمها من ظفار العمانية التي تلقب بشاطئ
العطور ولذلك سمى الطريق البحري بين عمان وجنوب الصين
"طريق البخور" وعبر هذا الطريق جاء التجار العمانيون
إلى الصين بالكتان والقطن والصوف والسجاد والمنتجات الحديدية
بالإضافة إلى اللبان العماني ومن خلال هذه المنتجات عرف
الشعب الصيني على عامان وشعبها. وكانت سفن هؤلاء التجار
تحمل في رحلة العودة الحرير والخزف والكافور والمسك وغيرها
من المنتجات الصينية ومعها بالطبع حضارة الصين القديمة
إلى أعماق المجتمع العماني وإلى الآن تتناثر الآثار الصينية
في القلاع والحصون العمانية. وتشير الوثائق التاريخية
إلى أن الطليعة الأولى من العرب الذين استوطنوا الصين
جاءوا من منطقة صحار وتزوجوا من الصينيات وبنوا
المساجد التي مازال بعضها باقيا تخدم المسلمين المحليين،
وترجع أصول المسلمين في كانتون ومدينة تشيوانتشو إلى هؤلاء
التجار واليوم هناك عشر قوميات مسلمة في الصين يبلغ عددهم
نحو 20 مليون نسمة والقوميات المسلمة الصينية عضو حيوي
في الأسرة الصينية الكبيرة التي تتكون من 56 قومية
ويمكن القول بأن التجار العمانيين القدامى ساهموا مساهمة
هامة في نشأة القوميات المسلمة الصينية.بافي
التعليمبافي التعليمبافي التعليم
واذكر
هنا تاجرا من أهل صحار اسمه الشيخ عبد الله كان يسكن في
مدينة كانتون يتولى منصب رئيس هيئة الشؤون الخارجية (مثل
القنصلية حاليا) وعاش الشيخ عبد الله في كانتون عشرات
السنين وتراكمت ممتلكاته الخاصة إلى عدة ملايين "مين"
و"المين" هو وحدة العملة في عهد أسرة سونغ الملكية
ولكي ندرك حجم هذه الثروة نشير إلى أن الإيرادات السنوية
لبلاط أسرة سونغ من التجارة الخارجية كانت مليوني "مين"
وهذا يعني أن ممتلكات الشيخ عبد الله الخاصة فاقت إجمالي
إيرادات التجارة الخارجية السنوية لبلاط أسرة سونغ، وتفيد
السجلات بأن إمبراطور أسرة سونغ منحه مرتبة "جنرال"
وعند مغادرته لكانتون عام 1072 أهداه الإمبراطور حصانا
أبيض مع سرجا فاخرا، فكان هذا شرفا غير مسبوق، والشيخ
عبد الله قدم مساهمة بارزة في التبادل الودي بين الصين
وعمان.ببافي
التعليمvافي التعليم
رابعا، أن التبادل الرسمي في قديم
الزمان بين الصين وعمان له خصائص فريدة، ففي القرن الخامس
عشر الميلادي وعندما كان التبادل بين البلدين في أوج ازدهاره
قام البحار الصيني الشهير تشنغ خه بسبع رحلات بحرية خلال
30 عاما من 1405 إلى 1433 بأمر من الإمبراطور الصيني وطوال
هذه الفترة زار أسطوله أكثر من 30 بلدا في جنوب شرقي آسيا
وجنوب آسيا وغربي آسيا وشرقي إفريقيا بما فيها ظفار العمانية
وعدن اليمنية ومكة المكرمة وفي عام 1421-1422 وصل تشنغ
خه في رحلته السادسة إلى ظفار وفي عام 1425 وصل
في رحلته السابعة إلى ظفار مرة ثانية وحينما عاد إلى الصين
صحبه مبعوث خاص من حاكم ظفار قيل إن اسمه على ووصل أسطول
تشنغ خه إلى بكين عام 1433 وبقي هذا المبعوث في بكين إلى
عام 1436. هذا فقط أحد أوجه التبادل الرسمي بين البلدين
والذي وصل القمة.ببافي
التعليمvافي التعليم
ورافق
تشنغ خه في رحلاته البحرية عدة مترجمين للغة العربية مما
سهل له التغلب على المصاعب اللغوية ومعرفة الأوضاع الحقيقية
لما وراء البحار. وبسبب تذليل المصاعب اللغوية سجل تشنغ
خه الملامح الحقيقية لظفار.بvvبافي
التعليافي التعليم
وقد تواصلت التبادلات الودية بين
الصين وعمان تطورها خلال نحو 1500 سنة من أسرة هان
إلى أسرة مينغ.بافي
التعليمvبافي التعليم
هناك
بيت شعر صيني يقول إن الصديق يكون حميما قريبا ولو كان
في آخر الدنيا، هذا الشعر قديم ولكنه تعبير حي عن مستوى
العلاقات الراهنة بين الصين والسلطنة، فقد جرت آلاف التبادلات
التجارية والثقافية برغم بعد المسافة الجغرافية وعدم توفر
مقومات المواصلات الحديثة واليوم الظروف المتاحة لنا تقدمت
إلى حد بعيد فمن واجبنا أن نعزز التبادلات البينية ونسجل
صفحة جديدة في سجل الصداقة بين الصين والسلطنة.بابافي
التعليمvفي التعليم
ونلاحظ
اليوم بكل التقدير والإعجاب بأنه خلال 31 سنة مضت حقق
الشعب العماني المجتهد نهضة شاملة في ظل القيادة الحكيمة
لصاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم وفي نفس الوقت
شهدت الصين نموا اقتصاديا غير مسبوق منذ أكثر من 20 سنة
بعد انتهاج سياسة الانفتاح والإصلاح وفي ظروف العولمة
الاقتصادية المتنامية تزداد إمكانية وأهمية تطوير علاقات
الصداقة والتعاون بين البلدين في شتى المجالات ويولي صاحب
الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم بالغ الاهتمام والرعاية
لهذه العلاقات ويبذل جهود خاصة لتطويرها؛ ففي شهر أكتوبر
عام 1980 وتحت الرعاية المباشرة من جلالته غادرت السفينة
صحار مسقط متابعة للخط البحري القديم ووصلت إلى كانتون
في يوليو من العام التالي وبعد ذلك تبرع جلالته لإقامة
النصب التذكاري للسفينة صحار في كانتون وفي يوم 30 يناير
2001 تبرع جلالته لمتحف المواصلات البحرية الواقع في مدينة
تشيوانتشو وفي يوم 1 أكتوبر السنة الماضية لمناسبة الذكرى
الـ25 للعيد الوطني الصيني أهدى جلالته نموذجا للسفينة
صحار إلى فخامة الرئيس جيانغ تسه مين رئيس جمهورية الصين
الشعبية ويمكن القول إن سفينة صحار هي تقدير عال من جلالته
للتبادلات التاريخية بين الصين والسلطنة وتطلعاته لآفاق
مستقبلية للعلاقات الحديثة بين البلدين واعتقد أن السفينة
صحار تقف شاهدا على العلاقات التاريخية ورمزا للصداقة
بين البلدين، وفي يوم 31 أكتوبر السنة الماضية وجه الرئيس
جيانغ تسه مين رسالة خطية إلى جلالة السلطان قابوس بن
سعيد المعظم وجه له الدعوة فيها لزيارة الصين، وعلى أي
حال تهتم القيادة من كلا البلدين بأواصر الصداقة والتعاون
بينهما بالغ الاهتمام.بافي
التعليمvبافي التعليمبافي التعليم
ومنذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية
بين الصين والسلطنة عام 1978 يجرى تعاون مثمر وواسع في
المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية، وحاليا
السلطنة هي أكبر شريك تجاري للصين في غرب آسيا وشمال إفريقيا
حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 3 مليارات و300
مليون دولار أمريكي عام 2000 وأصبحت السلطنة أكبر مصدر
نفط للصين وتتبادل البلدان التأييد والتفاهم دائما
في المحافل الدولية وتتواصل الزيارات بين البلدين وإلى
اليوم زار السلطنة كل من رئيس الدولة الراحل يانغ شانغ
كون ورئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب لي
بنغ ورئيس المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني لي
روي هوان وغيرهم من القادة الصينيين، و زار الصين من الجانب
العماني كل من صاحب السمو ثويني بن شهاب الممثل الخاص
لجلالة السلطان وصاحب السمو فيصل بن على آل سعيد وزير
التراث القومي والثقافة وغيرهما من المسؤولين. والتبادلات
الشعبية بين البلدين أيضا نشيطة، لذا نقول إن التعاون
بين البلدين يمتاز بمتانة الأسس بما يبشر بمستقبل مشرق
ويشكل ويبقى نموذجا يحتذى للتعاون بين الدول النامية.
وقد انضمت الصين في يناير عام 2000 كشريك حوار لرابطة
التعاون للدول المطلة على المحيط الهندي وذلك بفضل التأييد
الثمين من السلطنة مما وفر آلية ومنصة جديدتين لتوسيع
آفاق التعاون بين بلدينا وتقدر حكومة الصين اهتمام حكومة
السلطنة بتطوير العلاقات مع الصين وموقفها الثابت من سياسة
"دولة واحدة للصين"، وتعزيز مزيد من الصداقة
وتوسيع المجالات الجديدة للتعاون بين البلدين؛ كون ذلك
لا يتفق ومصالح شعبينا الأساسية فقط بل يخدم التضامن والتعاون
بين الدول النامية كلها والصين تحرص دائما على الصداقة
التقليدية والعلاقات الودية والتعاونية مع السلطنة وترغب
في أن تبذل جهودا مشتركة مع الجانب العماني لدفع هذه العلاقات
القائمة على أسس الاحترام والمساواة والمنفعة المتبادلة
من أجل تحقيق الاستقرار والارتقاء إلى مستوى جديد.ببافي
التعليمvبافي التعليمافي التعليم